أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 21 - صـ 1014

جلسة 26 من أكتوبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمود عباس العمراوى، وعضوية السادة المستشارين/ أنور أحمد خلف، وإبراهيم الديوانى، ومحمد ماهر حسن، وحسن المغربى.

(243)
الطعن رقم 1113 لسنة 40 القضائية

(أ، ب، ج، د، هـ، و، ز، ح، ط) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره"
إجراءات المحاكمة. إثبات. "خبرة". "شهود". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محضر الجلسة.
( أ ) حق المحكمة فى الاستغناء عن سماع أحد شهود الإثبات. نطاقه؟ لها الاعتماد على أقواله فى التحقيقات الأولية. شرط ذلك؟
(ب) الطلب الجازم الذى تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه عند رفضه. ماهيته؟
للمحكمة الالتفات عن طلب استدعاء الطبيب الشرعى للمناقشة. شرط ذلك؟
(ج) عدم تدوين دفاع المتهم بالتفصيل فى محضر الجلسة لا يعيب الحكم.
(د) تعييب التحقيق الذى جرى فى المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
(هـ) سلطة محكمة الموضوع فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير؟
(و) إيراد الحكم لأقوال الشهود بما لا يتعارض مع تقرير الصفة التشريحية تنحسر به دعوى القصور فى التسبيب.
(ز) لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال شهود الإثبات والإعراض عن قالة شهود النفى.
(ح) لمحكمة الموضوع الأخذ بأقوال الشاهد ولو سمعت على سبيل الاستدلال متى اقتنعت بصحتها واطمأنت إلى قدرته على التمييز.
(ط) ليس للطاعن إثارة عدم تمييز الشاهد لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - للمحكمة أن تستغنى عن سماع أحد شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك دون أن يحول عدم سماعه أمامها من أن تعتمد فى حكمها على أقواله التى أدلى بها فى التحقيقات الأولية ما دامت أقواله فى تلك التحقيقات كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسة. ولما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن قد استغنى صراحة عن سماع أقوال الشاهدة الغائبة وأمرت المحكمة بتلاوتها فتلت، فإنه لا يحق للطاعن أن ينعى على الحكم المعطون فيه إخلاله بحقه فى الدفاع لعدم استماع المحكمة لأقوال تلك الشاهدة.
2 - من المقرر أن الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه عند رفضه هو الطلب الجازم الذى يشتمل على بيان ما يرمى إليه مقدمه، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هى التفتت عن طلب استدعاء الطبيب الشرعى للمناقشة ما دام الطاعن لم يوضح مقصده من هذا الطلب، وطالما كان دفاعه خلواً من أى مطعن على التقرير الطبى المقدم فى الدعوى.
3 - لا يعيب الحكم أن يكون دفاع المتهم غير مدون بالتفصيل فى محضر الجلسة، وإذا كان يهمه بصفة خاصة تدوين أمر فهو الذى عليه أن يطلب صراحة إثباته به.
4 - تعييب التحقيق الذى جرى فى المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم، إذ العبرة فى الأحكام هى بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التى تحصل أمام المحكمة. ولما كان الطاعن لم يطلب من المحكمة تحقيق إصاباته فلا وجه له فى النعى عليها التفاتها عن هذا الأمر الذى لم يطلبه.
5 - لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير  القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها والفصل فيما يوجه إليه من اعتراضات وما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء به فلا يجوز مجادلتها فى ذلك.
6 - إيراد الحكم لأقوال الشهود بما لا يتعارض مع تقرير الصفة التشريحية تنحسر به دعوى التناقض فى التسبيب.
7- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال شهود الإثبات وتعرض عن قالة شهود النفى ما دامت لا تثق بما شهدوا به، ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
8- لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها عما تطمئن إليه من أدلة وعناصر فى الدعوى ولها أن تأخذ بأقوال الشاهد ولو سمعت على سبيل الاستدلال متى اقتنعت بصحتها واطمأنت إلى قدرته على التمييز(1).
9- متى كان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بأن الشاهد لا يستطيع التمييز فليس له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 23 مارس سنة 1968 بدائرة قسم إمبابة محافظة الجيزة: ضرب عبد الحميد حسين عبد الحميد بعصا على رأسه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام، فقرر بذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة ضرب أفضى إلى موت قد شابه بطلان فى الإجراءات وإخلال بحق الدفاع وقصور فى التسبيب، ذلك بأن المحكمة لم تسمع شاهدة الإثبات فى الدعوى كما لم تجب الطاعن إلى طلبه بشأن استدعاء الطبيب الشرعى لمناقشته رغم إصراره على هذا الطلب وقد جاء محضر الجلسة مقتضباً فى صدد مرافعة الدفاع ولم تعن النيابة بتحقيق إصابات الطاعن كما لم تعن المحكمة بالرد على دفاع الطاعن من أن مؤدى ما أثبته التقرير الطبى الشرعى من إصابة المجنى عليه بكسر منخسف أن الآلة المستعملة فى الحادث كما يقول الشاهد النفى هى "المرزبة" أو "الشاكوش الكبير" وليست العصا كما قال شاهد الإثبات ولم تقم المحكمة برفع التناقض بين الدليلين القولى والفنى إذ شهد حفيد المجنى عليه بأن الاعتداء وقع على المجنى عليه أثناء تناوله طعام الإفطار مع أن التقرير الطبى الشرعى أثبت خلو المعدة من الطعام ولم يعرض الحكم لدفاع الطاعن بأن عاملا لدى المجنى عليه هو الذى أحدث إصاباته كما يقول شاهد النفى، وأطرحت المحكمة دفاع الطاعن بشأن تجريح أقوال سيدة مدبولى شاهدة الإثبات. وأخيرا فإن الحكم المطعون فيه عول على أقوال إبراهيم عبد الرازق سليمان باعتبار أنه بلغ ثمانى سنوات مع أنه صبى غير مميز.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الضرب المفضى إلى الموت التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها مستمدة من أقوال الشهود واعتراف الطاعن والتقارير الطبية. لما كان ذلك، وكان الثابت من الإطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن قد استغنى صراحة عن سماع أقوال الشاهدة الغائبة وأمرت المحكمة بتلاوتها فتليت وكان للمحكمة أن تستغنى عن سماع أحد شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك دون أن يحول عدم سماع أحد شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك دون أن يحول عدم سماعه أمامها من أن تعتمد فى حكمها على أقواله التى أدلى بها فى التحقيقات الأولية ما دامت أقواله فى تلك التحقيقات كانت مطروحة على بساط البحث بالجلسة وتناولها الدفاع فى مرافعته ومن ثم فإنه لا يحق للطاعن أن ينعى على الحكم المطعون فيه إخلال بحقه فى الدفاع لعدم استماع المحكمة لأقوال تلك الشاهدة. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من التفاته عن إجابة طلب استدعاء الطبيب الشرعى لمناقشته مردودا بأنه يبين من الإطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن وإن تمسك بهذا الطلب إلا أنه لم يفصح عن مراده منه، ولما كان من المقرر أن الطلب الذى تلزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه عند رفضه هو الطلب الجازم الذى يشتمل على بيان ما يرمى إليه مقدمه، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هى التفتت عن طلب استدعاء الطبيب الشرعى للمناقشة ما دام الطاعن لم يوضح مقصده من هذا الطلب وطالما كان دفاعه خلوا من أى مطعن على التقرير الطبى المقدم فى الدعوى. أما نعيه بخصوص خلو محضر الجلسة من إثبات دفاعه كاملا فمردود بأنه لا يعيب الحكم أن يكون دفاع المتهم غير مدون بالتفصيل فى محضر الجلسة وإذا كان يهمه بصفة خاصة تدوين أمر فيه فهو الذى عليه أن يطلب صراحة إثباته به. لما كان ذلك, وكان ما يثيره الطاعن فى خصوص عدم قيام النيابة بتحقيق إصابات الطاعن مردودا بأن ذلك لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذى جرى فى المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم إذ العبرة فى الأحكام هى بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التى تحصل أمام المحكمة، ولما كان الطاعن لم يطلب من المحكمة تحقيق إصاباته فلا وجه له فى النعى عليها التفاتها عن هذا الأمر الذى لم يطلبه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر من أقوال إبراهيم عبد الرازق وسيدة مدبولى أن الطاعن ضرب المجنى عليه بعصا حمراء غليظة فى سمك عرق الخشب برأسه كما أورد نتيجة التقرير الطبى الشرعى من أن إصابة المجنى عليه بالرأس رضية حيوية حديثة تنشأ من المصادمة بجسم صلب وهى جائزة الحدوث، من الضرب بعرق من الخشب وأن الوفاة تعزى إلى الإصابة وما أحدثته من كسور بالجمجمة ونزيف وتهتك بالمخ وصدمة عصبية شديدة وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها والفصل فيما يوجه من اعتراضات وما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء به فلا يجوز مجادلتها فى ذلك ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى شأن الآلة المستعملة فى الحادث لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من أقوال حفيد المجنى عليه لا يبين منها أن الإعتداء وقع بعد تناول المجنى عليه طعام الإفطار كما جاء بأسباب الطعن، فإن قالة التناقض بين أقوال الشاهد وما ورد بتقرير الصفة التشريحية من خلو معدة المجنى عليه من الطعام على فرض صحته لا تكون ولا سند لها، فضلا عن إيراد الحكم لأقوال الشهود وبما لا يتعارض مع تقرير الصفة التشريحية تنحسر به دعوى القصور فى التسبيب. أما ما يثيره الطاعن بشأن عدم أخذ الحكم بأقوال شاهد النفى وإطراحه المطاعن التى وجهها لشاهدة الإثبات، فمردود بأنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال شهود الإثبات وتعرض عن قالة شهود النفى ما دامت لا تثق بما شهدوا به و متى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر فى الدعوى ولها أن تأخذ بأقوال الشهود ولو سمعت على سبيل الاستدلال متى إقتنعت بصحتها واطمأنت إلى قدرتهم فى التمييز وكانت المحكمة قد ركنت إلى أقوال إبراهيم عبد الرازق سليمان الذى سمع على سبيل الاستدلال لبلوغه الثامنة من عمره ولم يدفع الطاعن أمام محكمة الموضوع بأنه لا يستطيع التمييز فليس له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعاً.


(1) راجع أيضا نقض جنائى السنة الخامسة عشرة صـ 679.