أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 12 - صـ 324

جلسة 7 من مارس سنة 1961

برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفى، وتوفيق أحمد الخشن، وعبد الحليم البيطاش، ومحمود اسماعيل المستشارين.

(62)
الطعن رقم 1970 لسنة 30 القضائية

(أ) حكم. تسبيبه.
جواز الإحالة فى بيان شهادة الشهود إلى أقوال شاهد آخر متفقة معها.
(ب) إثبات. شهادة. إفشاء.
لا تمنع المادة 286 أ. ج. الشاهد من الشهادة ضد زوجه أو قريبه. هى تعفيه من الشهادة إن أراد ذلك.
الإفشاء المحظور بنص المادة 209 مرافعات. شروطه.
(جـ) إثبات. اعتراف.
لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحته وقيمته. نص المادة 140 أ. ج. هو تحذير لمأمور السجن من اتصال رجال السلطة بالمتهم المحبوس دفعا لمظنة التأشير عليه لا يترتب على هذا الإتصال بذاته بطلان للاجراءات.
1 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل فى بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه منها.
2 - مؤدى نص المادة 286 من قانون الإجراءات الجنائية أن الشاهد لا تمتنع عليه الشهادة بالوقائع التى رأها أو سمعها ولو كان من يشهد ضده قريبا أو زوجا له وإنما أعفى من أداء الشهادة إذا أراد ذلك - أما نص المدة 209 من قانون المرافعات فإنه يمنع أحد الزوجين من أن يفشى بغير رضاء الآخر ما عساه يكون أبلغه به أثناء قيام الزوجية ولو بعد انقضائها إلا فى حالة رفع دعوى من أحدهما بسبب جناية أو جنحة وقعت منه على الآخر، وإذ كان الثابت مما أورده الحكم أن ما شهدت به زوجة الطاعن لم يبلغ إليها من زوجها بل شهدت بما وقع عليه بصرها واتصل بسمعها فإن شهادتها تكون بمنأى عن البطلان ويصح فى القانون استناد الحكم إلى قولها.
3 - الإعتراف فى المسائل الجنائية من العناصر التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات. أما ما يثيره الطاعن من بطلان ذلك الإعتراف بسبب مخالفته المادة 140 من قانون الإجراءات الجنائية فإنه لا جدوى له من إثارته. ذلك بأن المخاطب بهذا النص بحكم وروده فى الفصل التاسع من الباب الثالث الخاص بقاضى التحقيق من القانون المذكور هو مأمور السجن بقصد تحذيره من اتصال رجال السلطة بالمتهم المحبوس داخل السجن، ولا يترتب على هذا الاتصال بذاته بطلان ما للإجراءات، وكل ما يلحقه هو مظنة التأثير على المتهم وتقدير ذلك موكول إلى محكمة الموضوع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: فى ليلة 30 من مارس سنة 1957 - أولا - المتهمان الأول والثانى - سرقا مع مجهولين مبلغ 733 جنيها لمحمد ياقوت محمد وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليه بأن باغتوه أثناء وجوده مع المتهمة الثالثة بمسكنها واعتدى عليه بعضهم بالضرب بينما أمسك به اثنان منهم فعطلوا بذلك مقاومته وتمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من سلب نقوده وقد ترك الإكراه به أثر الجروح المبينة بالتقرير الطبى الشرعى وثانيا - المتهمة الثالثة - اشتركت بطريقى الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثانى والمجهولين فى ارتكاب الجريمة آنفة الذكر بأن اتفقت معهم على الحضور إلى مسكنها إبان وجود المجنى عليه لديها لسلب نقوده وما أن طرقوا باب المسكن حتى فتحته لهم وقد تمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمادة 314/ 1 - 2 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم الأول والثانى وبالمادة 40/ 2 - 3 و 314/ 1 - 2 من القانون المذكور للمتهمة الثالثة فقررت بذلك. وقد ادعى محمد ياقوت بحق مدنى قدره قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهمين جميعا متضامنين. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بالمواد 40/ 2 - 3 و 41 و 314/ 1 - 2 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وألزمتهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعى بالحق المدنى مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض والمصاريف المدنية. وذلك على اعتبار أن الطاعنين مع آخرين مجهولين سرقوا بطريق الإكراه الواقع على المجنى عليه حافظة نقوده وبها مبلغ 733 جنيها بأن اعتدى بعضهم عليه بالضرب لشل قوة مقاومته بينما أمسك به اثنان منهم وتمكنوا بهذه الوسيلة من سلب نقوده. فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين الثانى والثالثة وإن قررا بالطعن فى الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسبابا فيكون طعنهما غير مقبول شكلا.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث إن حاصل أوجه الطعن المقدمة من الطاعن المذكورة فى تقريرى الأسباب المقدمين منه هو أن الحكم المطعون فيه مشوب بالقصور والتناقض فى التسبيب والخطأ فى تطبيق القانون والبطلان فى الإجراءات والخطأ فى الاسناد وفى الاستدلال. وفى بيان ذلك يقول الطاعن، إن الحكم قد اعتمد من بين أدلة الثبوت على شهادة الملازم سيد سلامه مصطفى دون أن يورد مضمون شهادته واستدل بشهادة زوجة الطاعن عليه مع مخالفة ذلك للمادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية و والمادة 209 من قانون المرافعات. كما عول الحكم فى الإدانة على أقوال الطاعن التى انتزعها منه رجال الشرطة بعد أن أمرت النيابة بحبسه على خلاف حكم المادة 140 من قانون الإجراءات الجنائية. كما استند إلى أقوال رجال الشرطة المذكورين مع أن الدليل المستمد من هذه الأقوال مشوب بالبطلان، وذهب الحكم إلى أن المحضر الذى دونت فيه هذه الأقوال قد حصل قبل تحقيق النيابة وفى ذلك خطأ فى الاستدلال لأن حقيقة تاريخ المحضر أنه لا حق لتحقيق النيابة كما التفت الحكم عن الرد على دفاع الطاعن المستند إلى أن الأقوال التى صدرت عنه كانت تحت تأثير الإكراه وعول الحكم على اعتراف الطاعن الثانى للبكباشى محمد سعيد حجازى على رغم تمسك الطاعن بأن المتهم المذكور قد عذب وضرب وحصلت به إصابات ولم تحقق المحكمة هذا الدفاع، كما جزأ الحكم المعاينة وأغفل جانبا هاما تمسك به الطاعن، وهو أن المكان الذى حصل به الحادث لا يتسع لكل الأشخاص الذين ارتكبوه حسب تصوير المجنى عليه. هذا إلى أن الحكم قد اعتمد فى الإدانة على أقوال فكرى توفيق وهو أحد الأشخاص الذين سئلوا فى التحقيقات أمام النيابة دون أن يسمع أمام المحكمة أو تطرح أقواله للمناقشة. كما التفت الحكم عن الرد على ما دفع به من تلفيق الحادث من المجنى عليه لغرض فى نفسه بالنسبة إلى المتهمة الثالثة فى الدعوى ونفيه سرقة شئ من المجنى عليه المذكور وأغفل الرد على ما ساقه من شواهد تأييدا لهذا الدفاع. كما التفت الحكم عن الرد عما أثاره الطاعن من تأخير المجنى عليه فى التبليغ عن الحادث ووجود إصابات بليغة بعينه تمنعه من الرؤية مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة بالإكراه التى دين الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة مردودة إلى أصلها من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى شهادة الملازم سيد مصطفى سلامه تعقيبا على شهادة اليوزباشى فوزى النحاس بأنها لا تخرج عن مضمون شهادة هذا الأخير التى أوردها. ومن المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل فى بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه منها. وكان الطاعن لا ينازع فى سلامة هذا الإسناد وكان مؤدى نص المادة 286 من قانون الإجراءات الجنائية أن الشاهد لا تمتنع عليه الشهادة بالوقائع التى رآها أو سمعها، ولو كان من يشهد ضده قريبا أو زوجا له، وإنما أعفى من أداء الشهادة إذا أراد ذلك - أما نص المادة 209 من قانون المرافعات فإنه يمنع أحد الزوجين من أن يفشى بغير رضاء الآخر ما عساه يكون أبلغه به أثناء قيام الزوجية ولو بعد انقضائها إلا فى حالة رفع دعوى من أحدهما بسبب جناية أو جنحة وقعت منه على الآخر، وإذ كان الثابت مما أورده الحكم أن ما شهدت به زوجة الطاعن لم يبلغ إليها من زوجها بل شهدت بما وقع عليه بصرها واتصل بسمعها فإن شهادتها تكون بمنأى عن البطلان، ويصح فى القانون استناد الحكم إلى قولها. لما كان ذلك، وكان الثابت من الإطلاع على الحكم المطعون فيه أن المحكمة ذكرت بأنه لا تأخذ بعين الجد قول المتهم (الطاعن الأول) أنه ذكر ما قاله "بوحى من البوليس وهى تضع فى الاعتبار فى هذا الصدد أن هذا القول لا يصدق من جانب المتهم الأول المذكور وهو الموظف الكبير فى ديوان المحاسبة، ثم إنه قد قام هو نفسه بإخفاء زميليه المتهمين الآخرين فى التهمة فى دار حماته لغير ما سبب مقبول إلا رغبة منه فى ستر أمره وأمرهما فمصيره مرتبط بهما، ثم إنه قدم مبلغ 540 جنيها وهو أمر لم يجحده - قال بأنه أخذه من المتهم الثانى - ترى المحكمة أنه من نقود المجنى عليه المسروقة". وما أورده الحكم من ذلك سائغ فى القانون، ذلك لأن الاعتراف فى المسائل الجنائية من العناصر التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات ولها دون غيرها البحث فى صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الحيلة أو الإكراه. ومتى تحققت المحكمة أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بمالا معقب عليها - أما ما يثيره الطاعن من بطلان ذلك الإعتراف بسبب مخالفة المادة 140 من قانون الإجراءات الجنائية فإنه لا جدوى له من إثارته، ذلك بأن المخاطب بهذا النص بحكم وروده فى الفصل التاسع من الباب الثالث الخاص بقاضى التحقيق من القانون المذكور وهو مأمور السجن بقصد تحذيره من اتصال رجال السلطة بالمتهم المحبوس داخل السجن ولا يترتب على هذا الإتصال بذاته بطلان ما للإجراءات. وكل ما يلحقه هو هو مظنة التأثير على المتهم وتقدير ذلك موكول إلى محكمة الموضوع. هذا فضلا عن أنه يبين من الإطلاع على المفردات التى أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن أنه قد حضر مع الطاعن اثنان من المحامين فى التحقيق الابتدائى وكان ذلك فى تاريخ لا حق على تاريخ المحضر الذى يقول بأنه حرر عقب اتصال رجال الشرطة به وقد سمعت النيابة العامة أقواله ولم يتمسك بالبطلان بفرض التسليم بوجوده. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من بطلان استدلال الحكم بأقوال الطاعن الثانى للشاهد البكباشى محمد سعيد حجازى بدعوى صدورها منه تحت تأثير التعذيب والإكراه وقصور الحكم فى الرد على هذا الدفاع فإنه مردود بأنه لا جدوى للطاعن من هذا النعى طالما أن الحكم لم يستند إلى أقوال الطاعن الثانى المذكور. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض إلى ما أثاره الطاعن فى خصوص دلالة المعاينة فى قوله "إن القول بأن الحجرة التى وقع فيها الحادث والردهة التى أمامها لا تتسع للعدد الذى ذكره المجنى عليه مردود فقد أخذت المحكمة فى هذا الصدد بما قررته المتهمة الثالثة نفسها من أن الذين قدموا هم المتهمون الأول والثانى وآخران مجهولان معهما هما اللذان جذبا المجنى عليه وضرباه وأخذاه إلى المتهم الأول والثانى عند باب الغرفة حيث كانا يقفان عند الباب حيث أخذ منه المتهم الأول نقوده وفر مع زميله المتهم الثانى بالمسروقات وراحت المتهمة الثالثة فى أثرهم". وما أورده الحكم عن ذلك سائغ ويصلح ردا على دفاع الطاعن فى هذا الشأن. وكان لمحكمة الموضوع أن تجزئ لأدلة فتأخذ بشطر منه دون الآخر لما هو مقرر من سلطتها فى تقدير أدلة الدعوى بما لا معقب عليها فى ذلك. وكان ما يثيره الطاعن فى خصوص التفات المحكمة عن سماع الشاهد فكرى توفيق مردودا بأنه يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يطلب سماع الشاهد المذكور بل اكتفى بتلاوة أقواله ضمن من غاب من الشهود مما يعد نزولا عن طلب سماعه. وقد حققت المحكمة شفوية المرافعة بسماعها أقوال من حضر من الشهود، ولا يضير الحكم اعتماده على أقوال الشاهد المذكور بالتحقيقات الابتدائية مادامت قد طرحت على بساط البحث ودارت عليها المرافعة. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطعن من قالة القصور فى الرد على دفاعه الموضوعى مردودا بأنه من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى والرد على كل شبهة يثيرها إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت التى أوردتها. وكان الدفاع بتلفيق التهمة من وجوه الدفاع الموضوعية التى لا تستأهل ردا على استقلال. وكان سائر ما يثيره الطاعن ينحل فى حقيقته إلى جدل فى موضوع الدعوى وسلطة محكمة الموضوع فى تقدير أدلتها مما لا يقبل إثارته أمام هذه المحكمة.
لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.