أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 12 - صـ 336

جلسة 13 من مارس سنة 1961

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد عطية اسماعيل، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدى، وحسن خالد المستشارين.

(64)
الطعن رقم 2617 لسنة 30 القضائية

اثبات. اقتناع القاضى الجنائى. حجية الأوراق الرسمية أمامه.
(أ) العبرة باقتناع القاضى الجنائى بناء على ما يجريه من تحقيق فى الدعوى. ومن كافة عناصرها المعروضة.
(ب) أوراق رسمية. مثال. دفتر الأحوال بالقسم. القاضى الجنائى فى حل من عدم الأخذ بالدليل المستمد منها. إن هى إلا عناصر إثبات. حجية الأوراق الرسمية. محلها فى الإجراءات المدنية والتجارية.
1 - العبرة فى المحاكمة الجنائية باقتناع القاضى بناء على ما يجريه من تحقيق فى الدعوى ومن كافة عناصرها المعروضة على بساط البحث، ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون غيره. فمتى اقتنع القاضى من الأدلة المطروحة أمامه بالصورة التى ارتسمت فى وجدانه وخلص إلى ارتكاب المتهم إياها وجب عليه أن ينزل به العقاب طبقا للقانون.
2 - دفاتر الأحوال هذه شأنها شأن محاضر جميع الاستدلالات التى يجريها مأمور الضبط القضائى، هى عناصر إثبات تخضع فى كل الأحوال لتقدير القاضى وتحتمل الجدل والمناقشة كسائر الأدلة. ومن المقرر فى المواد الجنائية أن القاضى فى محل من عدم الأخذ بالدليل المستمد من أية ورقة رسمية مادام هذا الدليل غير مقطوع بصحته ويصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى استخلصها القاضى من باقى الأدلة. أما ما جاء فى القانون عن حجية الأوراق الرسمية والأحكام المقررة للطعن فيها فمحله فى الإجراءات المدنية والتجارية حيث عينت الأدلة ووضعت قواعدها التى يلتزم القاضى بأن يجرى فى قضائه على مقتضاها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز (أفيونا وحشيشا) فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من غرفة الإتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و 2 و 33ج و 35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول 1 بندى 1 و 12 المرافق. فقررت ذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بمواد الإتهام ما عدا المادة 33ج وبدلا عنها المادة 34 بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنين وبتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المواد المخدرة المضبوطة وذلك على اعتبار أن الإحراز كان بقصد التعاطى والاستعمال الشخصى. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى الإسناد حين اعتمد فى إدانة الطاعن بجريمة إحراز المخدر بقصد التعاطى على شهادة ضابط المباحث والمخبرين المرافقين له وقت تفتيش منزل الطاعن المقول بحصوله فى الساعة السادسة والربع من صباح يوم الضبط وعثور الضابط على المخدر فى ملابس الطاعن التى كانت عليه حينذاك واستدل الحكم بدفتر أحوال مباحث قسم الجمرك على تأييد انتقال الشهود فى ذلك الوقت فى حين أن هذا الدفتر جاء خلوا من مرافقة المخبرين أو غيرهم من رجال القوة للضابط حين انتقاله لضبط الواقعة مما يقطع بعدم حضور المخبرين وقت الضبط، يؤكد ذلك ما ثبت بعد ذلك بالدفتر من أن هذين المخبرين حضرا لاستلام عملهما النهارى فى الساعة السابعة والنصف من صباح اليوم المذكور ولم يثبت به حضورهما قبل ذلك، وقد أثار الدفاع عن الطاعن هذه الواقعة غير أن الحكم التفت عنها مستند إلى ما لا مأخذ له من الأوراق مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز الجوهر المخدر بقصد التعاطى التى دين الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من شهادة ضابط مباحث قسم الجمرك والمخبرين أحمد عثمان صالح وحسن عبد الله السودانى ومن تقرير المعمل الكيميائى بمصلحة الطب الشرعى وهى أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت العبرة فى المحاكمة الجنائية باقتناع القاضى بناء على ما يجريه من تحقيق فى الدعوى ومن كافة عناصرها المعروضة على بساط البحث ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون غيره، فمتى اقتنع القاضى من الأدلة المطروحة أمامه بالصورة التى ارتسمت فى وجدانه للواقعة وخلص إلى ارتكاب المتهم إياها وجب عليه أن ينزل العقاب به طبقا للقانون. فلا تثريب على المحكمة إن هى اطمأنت إلى أقوال الشهود من أن انتقال الضابط من القسم تم برفقة المخبرين فى الساعة 6 و 15 دقيقة صباحا إلى منزل الطاعن وضبطه وتفتيشه فى حضور أولئك الشهود جميعا ولو لم يتضمن دفتر الأحوال الإشارة إلى مرافقة المخبرين للضابط فى الوقت المثبت لضبط الواقعة وهو الساعة 6 و 15 دقيقة صباحا وثبوت حضورهما لاستلام عملهما بالقسم بعد هذا الوقت - طبقا لما أثاره الطاعن فى وجه طعنه - ذلك أن دفاتر الأحوال هذه شأنها شأن محاضر جمع الإستدلالات التى يجريها مأمور الضبط القضائى هى عناصر إثبات تخضع فى كل الأحوال لتقدير القاضى وتحتمل الجدل والمناقشة كسائر الأدلة، ومن المقرر فى المواد الجنائية أن القاضى فى حل من عدم الأخذ بالدليل المستمد من أية ورقة رسمية مادام هذا الدليل غير مقطوع بصحته ويصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى استخلصها القاضى من باقى الأدلة، أما ما جاء فى القانون عن حجية الأوراق الرسمية والأحكام المقررة للطعن فيها فمحله فى الإجراءات المدنية والتجارية حيث عينت الأدلة ووضعت قواعدها التى يلتزم القاضى بأن يجرى فى قضائه على مقتضاها، وأما فى المواد الجنائية فإن ما تحويه هذا الأوراق إن هى إلا عناصر إثبات تخضع فى كل الأحوال لتقدير القاضى الجنائى كما سلف القول. ولا يقدح فى سلامة الحكم أن يكون - وهو فى معرض رده على ما دفع به الدفاع عن الطاعن فى شأن حقيقة ساعة الإنتقال لضبط الواقعة - قد عول على ما ثبت فى دفتر الأحوال فى خصوص تأييد شهادة الضابط والمخبرين فى تحديد ساعة انتقالهم - ولو لم يتضمن الدفتر الإشارة إلى انتقال المخبرين فى معية الضابط، إذ عدم الإشارة إلى ذلك لا يقطع فى نفى مرافقة المخبرين المذكورين للضابط حال الإنتقال. والتفتيش. لما كان ذلك، فإن ما ينعاه الطعن على الحكم المطعون فيه لا يكون سديدا.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.