أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 12 - صـ 347

جلسة 13 من مارس سنة 1961

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد عطية اسماعيل، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدى، وحسن خالد المستشارين.

(66)
الطعن رقم 2621 لسنة 30 القضائية

فاعل أصلى. قتل عمد.
المساهمة فى الجريمة بطريقة أصلية. التواجد على مسرح الجريمة. مراقبة الطريق وحراسة الآخرين حتى تمكنوا من مقارفة الجريمة المتفق عليها بينهم.
إذا كان الثابت من الحكم أن الطاعن قد اتفق مع المتهمين الآخرين فبيتوا النية فيما بينهم على قتل المجنى عليه انتقاما منه لسابقة إتهامه فى قتل شقيق المتهمين وخال الطاعن منذ ثمانية شهور سابقة على الحادث فأعدوا لذلك سلاحين ناريين تسلح بهما هذان المتهمان ثم ذهبا إلى مقهى المجنى عليه يرافقهما الطاعن لمراقبة الطريق وحراستهما حتى يتمكنا بذلك من مقارفة الجريمة المتفق عليها بينهم. ولما كان الحكم قد أثبت فيما تقدم وجود الطاعن على مسرح الجريمة لشد أزر زميليه وقت إطلاقهما النار على المجنى عليهم تنفيذا لمقصدهم المشترك، فإن ما ذهب إليه الحكم من اعتبار الطاعن فاعلا أصليا فى جريمة القتل العمد والشروع فيه مع سبق الإصرار يكون صحيحا فى القانون طبقا لما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 39 من قانون العقوبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من المتهمين بأنهم: المتهمون جميعا قتلوا عمدا ومع سبق الإصرار كلا من المجنى عليهم وذلك بأن بيتوا النية على قتلهم وأعدوا لذلك أسلحة نارية وتوجهوا لمقهى المجنى عليه الأول وأطلق الأول والثانى منهما عدة أعيرة نارية على المجنى عليهم - قاصدين من ذلك قتلهم فأحدثوا بهم الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتهم وقت أن كان المتهم الثالث يقف خارج المقهى لمراقبة الطريق يشد أزر زميليه، وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى وهى أنه فى الزمان والمكان سالفى الذكر شرعوا فى قتل مجنى عليه آخر عمدا ومع سبق الإصرار وذلك بأن بيتوا النية على ذلك وأعدوا الأسلحة النارية سالفة الذكر وأطلق الأولان عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك إزهاق روحه فأحدثا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبى الشرعى وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو مداركة المجنى عليه بالعلاج والمتهمان الأول والثانى أحرزا أسلحة نارية (مسدسين) بدون ترخيص بذلك من الجهات المختصة وطلقات نارية مما تستعمل فى الأسلحة النارية سالفة الذكر بدون ترخيص بذلك من الجهات المختصة. والمتهم الأول: أحرز سلاحا أبيض (خنجر ذو وجهين) بدون ترخيص بذلك من الجهات المختصة. وقد أحالت النيابة المتهمين إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 230 و 234/ 2 من قانون العقوبات و 1 و 6 و 26 و 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3 الملحق. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بالمواد 230 و 231 و 234/ 2 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من نفس القانون بمعاقبة كل من المتهمين الثلاثة بالأشغال الشاقة المؤبدة وببراءة كل من المتهمين الأول والثانى من باقى التهم المنسوبة إليهما. فطعن المحكوم عليهما الثانى والثالث فى هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... من حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن فى الميعاد القانونى إلا أنه لم يقدم أسبابا لطعنه ومن ثم فهو غير مقبول شكلا.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثانى قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مبنى الوجه الأول من طعنه هو القصور وفساد الاستدلال ذلك أن من بين ما استند إليه الحكم المطعون فيه فى إدانة الطاعن شهادة أبو سريع إمام أحمد مع أنه لم يتعرف على الطاعن حين عرض عليه فى التحقيق وقرر أنه لم يشاهده بمكان الحادث وقت حصوله ثم عاد بجلسة المحاكمة فقرر بأنه تعرف على الطاعن من ظهره ولم يقل إن بظهره علامة مميزة تجعله لا يخطئ التعرف عليه. وقد أثار الدفاع عن الطاعن فى مرافعته ذلك للتدليل على كذب الشاهد خاصة وأن الظلام كان يسود مكان الحادث وقت حصوله، ولكن المحكمة لم تلتفت إليه واكتفت بقولها أنها قد اطمأنت لرواية هذا الشاهد التى تأيدت برواية شاهد آخر وذلك دون أن تبدى أسباب اطمئنانها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بقوله "إنه فى يوم 25 سبتمبر سنة 1957 بدائرة قسم شبرا كان قد قامت مشاجرة بين فريق المتهمين فى الدعوى الحالية وبعض أقاربهم وبين محمد السيد محمد المجنى عليه الأولى فى هذه الدعوى الحالية وبعض أقاربه وأسفرت المشاجرة عن قتل أحمد عطيه سلطان الشهير بالعمدة شقيق المتهمين الأول والثانى فى الدعوى الحالية وخال المتهم الثالث فيها وكان قد أصيب فى المشاجرة المتهمان الأول والثالث ببعض الأعيرة النارية وحرر عن ذلك الحادث الجناية رقم 202 سنة 1958 شبرا واتهم فيها محمد السيد محمد وبعض أقاربه فى قتل أحمد عطية سلطان وكان أن أراد المتهمون الثلاثة فى الدعوى الحالية الأخذ بالثأر من المجنى عليه الأول محمد السيد محمد وفريقه لقتلهم أحمد عطيه سلطان شقيق المتهمين الأولين وخال المتهم الثالث فبيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك عدتهم من سلاح وذخيرة وكان المتهمون الثلاثة يرقبون المطلوب الأخذ بالثأر منه حتى تحين لهم فرصة اغتياله وتنفيذ ما عقدوا العزم عليه وكان كل من المتهمين الأول والثانى يحمل فى يده الخنجر حتى إذا ما رأوا أن الفرصة قد حانت لتنفيذ ما أرادوا وكان ذلك فى مساء يوم 22 من أبريل سنة 1958 حوالى الساعة الحادية عشرة والنصف قبيل منتصف الليل قصد المتهمون الثلاثة محمود عطية سلطان وابراهيم عطية سلطان ومحمد عمر حسين إلى مقهى المجنى عليه محمد السيد محمد يحملون سلاحهم وقد انتهزوا فرصة انقطاع النور الكهربائى عن الحى فى ذلك الوقت ووجدوا أن الوقت ووجدوا أن الوقت مناسب لتنفيذ غرضى ظنا منهم أنهم يستطيعون إرتكاب الجريمة دون رقابة من أحد ولكن المقهى كانت مضاءة بنور الشموع، وما أن وصلوها إلا ووقف أولهم على بابها الكبير ودخل ثانيهم من بابها الصغير بينما وقف ثالثهم على الإفريز أمام المقهى لحراسة الطريق لزميليه وانهال المتهمان الأولان يطلق كل منهما عدة أعيرة نارية من سلاحه صوب المجنى عليه الأول ومن كان جالسا معه بالمقهى وهو ابنه فوزى وعامل المقهى بدر محمد السيد وأحمد السيد عربى أحد روادها فأصيب الأربعة بعدة إصابات أودت بحياتهم كما أصيب من هذه الأعيرة عقيل عبد الرحمن محمد بعدة إصابات شفى منها وكان جالسا بالمقهى وقتئذ... وكان بالمقهى وقت الحادث غير من أصيبوا كل من أبو سريع إمام أحمد وسيد محمد السيد بن المجنى عليه الأول صاحب المقهى ورأى كل منهما المتهمين وهم يقارفون جريمتهم كما تصادف حضور عبد القادر محمد حسن إلى المقهى محل الحادث وقت ارتكاب المتهمين جريمتهم وعند اقترابه من المقهى رأى كلا من المتهمين الأول والثانى يطلق إلى داخل المقهى صوب مجلس المجنى عليهم فيها عدة أعيرة نارية من طبنجة يحملها وكان كل منهما يقف
داخل أحد بابيها وكان المتهم الثالث (الطاعن) وقت إطلاقهما الأعيرة يقف لهما أمام المقهى على الرصيف لحراسة الطريق ورآهم الثلاثة وهم يهربون من مكان الحادث". واستند الحكم فى إدانة الطاعن وزميليه إلى شهادة كل من أبو سريع إمام أحمد وسيد محمد السيد وعبد القادر محمد حسين وعقيل عبد الرحمن محمد بالتحقيقات وبجلسة المحاكمة وإلى أقوال فوزى محمد السيد أحد المجنى عليهم قبل وفاته ومحضر التحريات الذى قام به الصاغ ماهر مقار والتقارير الطبية الشرعية.
وحيث إنه لما كان الثابت مما تقدم أن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه، وكان الحكم فوق ذلك قد عرض لما أثاره الدفاع من تشكيك فى أقوال الشهود بقوله "إن الدفاع عن المتهمين لما لم يجد ما يمس الأدلة القاطعة فى الدعوى حاول أن يشكك فى شهادة شهود الرؤية بمقولة إن الوقت كان ظلاما والمحكمة لا تعير هذا الدفاع التفاتا إذ فضلا عن أنه ثبت لديها أن المقهى محل الحادث كان مضاء بالشموع، فإن المحكمة تطمئن إلى شهادة شهود الرؤية فى هذا الصدد وأنهم ما نطقوا عن الهوى فيما شهدوا به أمامها من رؤيتهم للمتهمين الثلاثة بمحل الحادث وأن كلا من المتهمين الأول والثانى كانا يطلقان النار صوب المجنى عليهم وأصاباهم فعلا بينما كان يقف المتهم الثالث (الطاعن) يراقب الطريق وهذا الرد سائغ فى تفنيد دفاع الطاعن. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير قيمتها فى التدليل هو من إطلاقات محكمة الموضوع التى لها أن تأخذ بقول للشاهد فى الجلسة وإن خالف قولا آخر له فى التحقيق دون أن تكون ملزمة ببيان علة ذلك، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه يكون لا محل له.
وحيث إن مبنى الوجه الثانى هو خطأ الإسناد، ذلك أن الحكم المطعون فيه أثبت فى حق الطاعن أنه كان يراقب الطريق فى الوقت الذى كان المتهمان الآخران يطلقان النار على المجنى عليهم مع أن أحدا من الشهود لم يذكر شيئا من ذلك سوى ما قرره الشاهدان" سيد محمد السيد وعبد القادر محمد حسين" من أن الطاعن كان يقف خارج المقهى على الرصيف ولم يحصل منه اعتداء على المجنى عليهم وقد أول الحكم هذا القول بأن الطاعن كان يراقب الطريق وأسنده خطأ إلى الشهود.
وحيث إنه لما كان الثابت من أقوال الشهود بمحضر جلسة المحاكمة أن الطاعن كان يقف على إفريز الشارع خارج المقهى فى الوقت الذى كان فيه زميلاه الآخران يطلقان النار على المجنى عليهم ثم انصرفوا سويا عقب الحادث. كما شهد عبد القادر محمد حسين بما مؤداه أن الطاعن كان يقف خارج المقهى ليحمى ظهر زميليه ويذود عنهما إذا اقتضى الأمر.لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص الحقائق من كافة الأدلة المقدمة إليها - مباشرة كانت أو غير مباشرة - مادام هذا الاستخلاص لا يجافى الاقتضاء العقلى والمنطقى، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه لا يكون محل له.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث هو الخطأ فى تطبيق القانون، ذلك أن الحكم اعتبر الطاعن فاعلا أصليا فى ارتكاب جناية القتل العمد والشروع فيه مع زميليه المتهمين الآخرين مع أنه لم يقارف أى فعل مادى من الأفعال المكونة لجناية القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجناية الشروع فى القتل التى دانه بها الحكم.
وحيث إنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد اتفق مع المتهمين الآخرين فبيتوا النية فيما بينهم على قتل المجنى عليه "محمد السيد محمد" انتقاما منه لسابقة اتهامه فى قتل شقيق المتهمين المذكورين وخال المتهم الثالث (الطاعن) منذ ثمانية شهور سابقة على الحادث فأعدوا لذلك سلاحين ناريين تسلح بهما هذان المتهمان ثم ذهبا إلى مقهى المجنى عليه يرافقهما الطاعن لمراقبة الطريق وحراستهما حتى يتمكنا بذلك من مقارفة الجريمة المتفق عليها بينهم. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت فيما تقدم وجود الطاعن على مسرح الجريمة لشد أزر زميليه وقت إطلاقهما النار على المجنى عليهم تنفيذا لمقصدهم المشترك، فإن ما ذهب إليه الحكم فى اعتبار الطاعن فاعلا أصليا فى جريمة القتل العمد والشروع فيه مع سبق الإصرار يكون صحيحا فى القانون طبقا لما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 39 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان لا جدوى للطاعن فضلا عن ذلك مما يثيره فى هذا الوجه، لأن العقوبة المقضى بها عليه وهى الأشغال الشاقة المؤبدة مقررة بمقتضى المادة 235 من قانون العقوبات للشريك فى الجناية التى دين بها، ومن ثم فإن ما يثيره فى هذا الشأن غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس أساس ويتعين رفقويتعين رفضه.