أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 10 - صـ 23

جلسة 12 من يناير سنة 1959

برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: محمود محمد مجاهد، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطيه إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.

(6)
الطعن رقم 1655 سنة 28 القضائية [(1)]

(أ) حكم. ما لا يعيب تسبيبه.
الخطأ في بيان مكان ضبط السكين. متى لا ينال من سلامة الحكم؟
(ب) دعوى مدنية. مصاريفها. الرسوم القضائية. الجزاء المترتب على عدم دفعها في خصوص إجراءات المحاكمة من حيث الصحة والبطلان.
عدم سداد رسوم الدعوى المدنية لا يتصل بإجراءات المحاكمة من حيث الصحة أو البطلان.
1 - إذا كان الحكم لم يرتب نتائج معينة على مكان ضبط السكين - وهل كان في منزل زوج الطاعنة أو في محل عمله - ولم يورد هذه الواقعة في عداد أدلة الإدانة عند حصره لها، فيكون الخطأ في هذا البيان مما لا يؤثر في سلامة الحكم.
2 - عدم سداد رسوم الدعوى المدنية - بفرض صحته - لا تعلق له بإجراءات المحاكمة من حيث صحتها أو بطلانها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها: قتلت محمد عبد الحميد غازي عمدا بأن "طعنته بآلة حادة "سكين" في بطنه قاصدة من ذلك قتله فأحدثت به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أدت إلى وفاته. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتها إلى محكمة الجنايات لمحاكمتها بالمادة 234/1 من قانون العقوبات. فقررت بذلك. وقد ادعت عزيزه أبو شعيشع (زوجة المجني عليه) عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر بحق مدني قبل المتهمة وطلبت القضاء لها قبلها بمبلغ 500 جنيه (خمسمائة جنيه) بصفة تعويض. سمعت محكمة جنايات كفر الشيخ هذه الدعوى وقضت حضوريا بتاريخ 15 أكتوبر سنة 1957 عملا بمادة الاتهام بمعاقبة المتهمة بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وإلزامها بأن تدفع للمدعية بالحق المدني عن نفسها وبصفتها ممثلة لأولادها القصر عبد الحميد وتحيه وهدى وعزت أولاد المرحوم محمد عبد الحميد غازي مبلغ خمسمائة جنيه والمصروفات المدنية.
فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعنة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في الإسناد بأن أجرى على لسان المجني عليه أن الطاعنة طعنته بسكين في حين أنه لم يذكر إلا أنه شعر بطعنه من الخلف ثم رأى الطاعنة تفر هاربة دون أن يراها وهى تطعنه وأثبت كذلك أن السكين المستعمل في الحادث ضبط بمنزل زوج الطاعنة مع أنه ضبط بمحل عمله مع ما لمثل هذا الخطأ من اثر فى تقدير الدليل وتقول الطاعنة أن الحكم أخذ بأقوال كل من الشاهدة أمينة أبو شعيشع والمجني عليه رغم تناقضهما في تحديد موقفهما من المجني عليه عند الإعتداء كما أخذ بتقرير الطبيب الشرعي الذي رجح حصول إصابة المجني عليه بالكيفية التي ذكرها دون أن يبين هذه الكيفية التي تعددت الروايات عنها وهو لم يأت بالأدلة التي تؤكد هذا النظر. وتضيف الطاعنة أن الحكم لم يورد مؤدي أقوال الشهود الذين استند إلى أقوالهم في الإدانة ولم يبين كيف استطاعت أمينة أبو شعيشع أن تراها وهى تسدد الطعنة إلى المجني عليه في حين أنها قررت في تحقيقات النيابة أنها لم تر السكين ولم يظهر كيف شاهدت واقعة الاعتداء ما دامت لم تعلم به إلا بعد الاستغاثة التي جاءت عقب حدوثه. هذا إلى أن ما ذكره المجني عليه من أن الطاعنة طعنته في غفلة منه وما نقله الشهود عنه لا يكفي حمل الحكم الذي لم يبين الأساس الذي بنيت عليه هذه الأقوال وهل كانت وليدة المشاهدة أم الاستنتاج ولم يرد الحكم كذلك على ما دفعت به الطاعنة من أن الإصابة حصلت خطأ من يد شقيق المجني عليه. وأخيرا فقد أخطأ الحكم إذ قضى بالتعويض للمدعية عن نفسها وهى لم تدع مدنيا كما قضى لها به عن نفسها وبصفتها وصية على القصر دون أن تدفع رسوم الدعوى وهى لم تستفد من قرار المعافاة الصادر لوالد المجني عليه - باعتباره وليا شرعيا على القصر.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك وكان ما أثبته الحكم على لسان المجني عليه من أن الطاعنة غافلته وطعنته بالسكين هو مما يمكن استخلاصه عقلا من أقواله بحيث لا يمكن معه نسبة الخطأ في الإسناد إلى الحكم، ذلك بأنه لا يشترط في الدليل أن يكون صريحا دالا بنفسه على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون من الممكن استخلاصه عن طريق الاستنتاج الصحيح. لما كان ما تقدم وكان الحكم لم يرتب نتائج معينة على مكان ضبطه السكين - وهل كان في منزل زوج الطاعنة أو في محل عمله - ولم يورد هذه الواقعة في عداد أدلة الإدانة عند حصره لها فيكون الخطأ في هذا البيان مما لا يؤثر في سلامة الحكم ولما كان الحكم قد أورد مؤدي أقوال الشهود بما يكفي لحمله وكان التناقض في أقوالهم لا يعيبه مادام قد استخلص الإدانة منها بما لا تناقض فيه وكان ما أثارته الطاعنة خاصا بسكوت التقرير الطبي الشرعي عن إيضاح كيفية حصول الإصابة وعن إيراد الدليل المؤيد لما انتهى إليه من إمكان حصولها بالكيفية التي ذكرها المجني عليه وما شاب أقوال أمينة شعيشع والمجني عليه من قصور لم يكشفه الحكم ولم يناقشه - كل هذا لا يعدو أن يكون عودا إلى مناقشة الأدلة التي اقتنعت بها المحكمة مما لا يقبل من الطاعنة أمام محكمة النقض. هذا ولما كان المستفاد من الحكم أن معلومات المجني عليه وشهوده عن الاعتداء كانت وليدة الرؤية وكانت المحكمة لا تلزم بالرد على كل دفاع موضوعي للطاعنة - كدعواها أن الإصابة حصلت من يد أخ المجني عليه خطأ ما دام الرد يكون مستفادا من الأخذ بأدلة الثبوت القائمة في الدعوى ولما كان الثابت من مدونات الحكم أن المدعية طلبت القضاء لها بالتعويض فلا يغير من ذلك خلو محضر الجلسة من هذا البيان إذ أن الحكم يكمله فى هذا الشأن وكان عدم سداد الرسوم - بفرض صحته - لا تعلق له بإجراءات المحاكمة من حيث صحتها أو بطلانها فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.


[(1)] قررت محكمة النقض المبدأ ذاته في الطعنين 1080، 1081 لسنة 28 ق بجلسة 6/ 1/ 1959