أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 21 - صـ 1037

جلسة أول نوفمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ نصر الدين حسن عزام، وعضوية السادة المستشارين/ محمود كامل عطيفة، والدكتور أحمد محمد إبراهيم، والدكتور محمد محمد حسنين، وطه الصديق دنانة.

(248)
الطعن رقم 1324 لسنة 40 القضائية

(أ، ب) إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيب. تسبيب غير معيب". طعن. "المصلحة فى الطعن". عقوبة. العقوبة المبررة". ضرب.
( أ ) إمكان حدوث إصابة واحدة من الضرب مرتين. إذا كانت الضربتان فى مكان واحد.
(ب) عدم جدوى النعى على المحكمة بشأن انطباق المادة 241 عقوبات على الواقعة. ما دام قد ثبت اعتداء المتهم على المجنى عليه بالضرب. وكانت العقوبة المقضى بها تدخل فى نطاق العقوبة المقررة فى المادة 242 عقوبات.
(ج، د، هـ) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات المحاكمة. إثبات. "خبرة". "شهادة". "إثبات بوجه عام". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(ج) عدم جواز النعى على المحكمة إمساكها عن القيام بإجراء لم يطلب منها.
حق المحكمة استدعاء أى شخص لسماعه بغية كشف وجه الحق فى الدعوى. مثال.
(د) كفاية كون الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى بما يستعصى على الملائمة والتوفيق.
(هـ) المجادلة فى تقدير الدليل ومصادرة المحكمة فى عقيدتها. غير جائز أمام النقض.
1 - إن قول المجنى عليه أنه ضرب مرتين بالفأس على رأسه، لا يستتبع بالضرورة أن تحدث كل ضرب إصابة متميزة، إذ يصح أن تقع الضربتان فى مكان واحد من الرأس.
2 - لا يجدى الطاعن أن يجادل فى انطباق المادة 241 من قانون العقوبات التى آخذه بها الحكم، ما دام قد أثبت فى حقه أنه ضرب المجنى عليه ضرباً أحدث أذى بجسمه، وكانت العقوبة التى أوقعها عليه داخلة فى نطاق العقوبة المقررة لجريمة الضرب المنصوص عليها فى المادة 242 من قانون العقوبات.
3- إذا كان الثابت أن الطاعن لم يتمسك بسماع أقوال الطبيب الشرعى الذى أجرى الكشف الطبى على المجنى عليه وقام بتشريح جثته، فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة عدم سماعه، ولا عليها إن هى استمعت - على سبيل الاستئناس وفى مسائل فنية بحتة - إلى أقوال رئيس القسم الطبى الشرعى، لما هو مقرر من أن لها أن تستدعى وتسمع أقوال أى شخص ترى لزوماً لسماع أقواله ليكشف وجه الحق فى الدعوى.
4 - ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى، بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى، تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق.
5 - متى كان ما يثيره الطاعن لا يخرج عن كونه جدلاً فى تقدير الدليل ومصادرة للمحكمة فى عقيدتها، فإنه لا يجوز له إثارة ذلك أمام محكمة النقض.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما فى يوم 28/ 3/ 1966 بدائرة مركز المحلة محافظة الغربية (أولاً) المتهم الأول: شرع فى قتل عطية محمد أبو العلا بأن طعنه بآلة حادة سكينة عدة طعنات فى جسمه قاصداً من ذلك قتله فأحدث به إصاباته الموصوفة بالتقريرين الطبيين الابتدائى والشرعى وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجنى عليه بالعلاج (ثانياً) المتهم الثانى: أحدث عمداً بعبد الغنى محمد أبو العلا الإصابة الموصوفة بالتقريرين الطبيين الابتدائى والشرعى والتى تخلف لديه بسببها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى فقد عظمى كامل من عظام الجدارية اليسرى أبعاده نحو 4×7 سم. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما على محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 45 و46 و240/ 1 و234 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. وادعى عطية محمد أبو العلا مدنياً قبل المتهم الأول والمسئول عنه بمبلغ 500ج كما ادعى محمد محمد أبو العلا عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على أولاد ابنه القصر مدنياً قبل المتهم الثانى والمسئول عنه بمبلغ 500ج وذلك على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً عملاً بالمادة 241/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول والمادة 236/ 1 من هذا القانون بالنسبة إلى المتهم الثانى (أولاً) بمعاقبة المتهم الأول بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة (ثانياً) بمعاقبة المتهم الثانى بالسجن لمدة ثلاث سنوات (ثالثاً) بإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة وذلك على اعتبار أن التهمة المنسوبة إلى المتهم الأول هى الضرب الذى أحدث إصابات أعجزت المجنى عليه عن أعماله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوماً، وأن التهمة المنسوبة إلى المتهم الثانى هى ضرب أفضى إلى الموت. فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن الأول بجريمة الضرب المنصوص عليها بالمادة 241 عقوبات والطاعن الثانى بجريمة الضرب المفضى إلى الموت، قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال، ذلك بأن الحكم أخذ الطاعن الأول بالمادة 241 من قانون العقوبات فى حين أن الثابت من التقارير الطبية أن إصابات المجنى عليه أعجزته عن أعماله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً. واستخلصت المحكمة الواقعة -بالنسبة إلى الطاعن الثانى - استخلاصاً غير سائغ ولا تسانده أقوال الشهود، وعول الحكم على أقوال طبيب شرعى غير الذى أجرى الكشف الطبى وتشريح الجثة، ولم يعن برفع التعارض بين الدليل القولى المستمد من أقوال المجنى عليه عبد الغنى أبو العلا وبين الدليل الفنى.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دين الطاعنان بهما، وأقام عليهما فى حقهما أدلة مستمدة من أقوال الشهود ومن التقارير الطبية ومن أقوال رئيس القسم الطبى الشرعى بالجلسة، وهى أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان لا يجدى الطاعن الأول أن يجادل فى انطباق المادة 241 من قانون العقوبات التى أخذه بها الحكم ما دام قد أثبت فى حقه أنه ضرب المجنى عليه ضرباً أحدث أذى بجسمه وكانت العقوبة التى أوقعها عليه داخلة فى نطاق العقوبة المقررة لجريمة الضرب المنصوص عليها فى المادة 242 عقوبات، فإن ما يثيره فى هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعن الثانى لم يتمسك بسماع أقوال الطبيب الشرعى الذى أجرى الكشف الطبى على المجنى عليه وقام بتشريح جثته، فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة عدم سماعه، ولا عليها إن هى استمعت - على سبيل الاستئناس وفى مسائل فنية بحتة - إلى أقوال رئيس القسم الطبى الشرعى لما هو مقرر من أن لها أن تستدعى وتسمع قول أى شخص ترى لزوماً لسماع أقواله ليكشف وجه الحق فى الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم قد انتهى إلى أن الطاعن الثانى هو الذى أحدث منفرداً إصابة المجنى عليه عبد الغنى أبو العلا وهى الإصابة المصوفة بالتقارير الطبية والتى أفضت إلى موته. وكان قول المجنى عليه أنه ضرب مرتين بالفأس على الرأس لا يستتبع بالضرورة أن تحدث كل ضربة إصابة متميزة إذ يصح أن تقع الضربتان فى مكان واحد من الرأس، فإن دعوى التعارض بين الدليلين القولى والفنى تكون غير مقبولة، وإذ كان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملائمة والتوفيق، فإن منعى الطاعن فى هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد بينت وقائع الدعوى وأقامت قضاءها على عناصر سائغة وأدلة مؤدية إلى النتيجة التى انتهت إليها، فإن باقى ما يثيره الطاعن لا يخرج عن كونه جدلاً فى تقدير الدليل ومصادرة للمحكمة فى عقيدتها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.