أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 21 - صـ 1047

جلسة 2 من نوفمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمود العمراوى، وعضوية السادة المستشارين/ أنور خلف، ومحمد السيد الرفاعى، ومحمد ماهر حسن، وحسن المغربى.

(250)
الطعن رقم 1134 لسنة 40 القضائية

إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة". "الإثبات
بالكتابة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير المانع من الحصول على دليل كتابى".
تقدير المحكمة أن العرف والعادة فى بعض المعاملات يمنعان من الحصول على دليل كتابى موضوعى.
يصح فى العقل والقانون والاستناد إلى العرف أو العادة فى بعض المعاملات مما يمنع الحصول على دليل كتابى، وأن تقدير توافر هذا المانع من شأن محكمة الموضوع، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يكون له محل.


الوقائع:

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى 30 أبريل سنة 1966 بدائرة قسم ثان بندر المنصورة محافظة الدقهلية: حلف اليمين الحاسمة أمام المحكمة كذباً وذلك على النحو المبين بالمحضر. وطلبت عقابه بالمادة 301 من قانون العقوبات. ومحكمة قسم ثان بندر المنصورة الجزئية قضت حضورياً بتاريخ (أولاً) ببراءة المتهم مما أسند إليه (ثانياً) عدم قبول الدعوى المدنية وألزمت المدعى المدنى المصروفات. فاستأنفت النيابة العامة والمدعى بالحق المدنى. ومحكمة المنصورة الإبتدائية - بهيئة إستئنافية - قضت فى الدعوى حضورياً بقبول استئناف النيابة والمدعى بالحق المدنى شكلاً وفى موضوع الدعوى الجنائية وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وحبس المتهم خمسة عشرة يوماً حبساً بسيطاً وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم وفى موضوع الدعوى المدنية بتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المدعى بالحق المدنى المصاريف المدنية الإستئنافية. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة حلف اليمين الحاسم كذباً على عدم صدور عقد وكالة منه للمحامى المجنى عليه قد شابه خطأ فى تطبيق القانون وتأويله وقصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال ذلك بأنه أطرح دفعه بعدم جواز إثبات الوكالة بالبينة لتجاوز قيمتها حد الشهادة استناداً إلى وجود مانع من الحصول على دليل كتابى باعتبار أن العادة جرت بأن المحامى لا يوقع موكله سند الوكالة التى تتم فى فترة حجز الدعوى التى يوكل فيها للحكم لاقتصار مهمة الوكيل على تقديم مذكرة نيابة عنه، وهو ما لا يسوغ قيام المانع، وأطرح الدفع لأن هناك فسحة من الوقت تكفى لتحرير عقد مكتوب بالوكالة كما لم يورد الحكم المطعون فيه مؤدى أقوال شاهدى الإثبات التى ركن إليها فى إدانة الطاعن ورغم أن كل منها تغاير الأخرى وغير منتجة فى إثبات الوكالة هذا إلى أن استناد الحكم على المذكرة المقدمة من المحامى فى القضية المدنية هو استدلال فاسد لأنه أمر لاحق على الوكالة السابقة.
وحيث إنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه رد على دفاع الطاعن بعدم جواز إثبات الوكالة بالبينة لتجاوز قيمتها حد الشهاة وذلك بقوله: "إنه جرت العادة بوجود مانع مادى يحول دون حصول المحامى على توقيع موكله عندما تكون الدعوى محجوزة للحكم وانحصار مهمة الوكيل فيها على تقديم مذكرة وهو ما جرى عليه الحال فى الدعوى الماثلة. ومن ثم فإنه يجوز فى هذه الحالة إثبات الوكالة بالبينة والقرائن". وهذا الذى أورده الحكم سائغ فى العقل وسليم فى القانون، إذ يصح الاستناد إلى العرف أو العادة فى بعض المعاملات مما يمنع الحصول على دليل كتابى، وأن تقدير توافر هذا المانع من شأن محكمة الموضوع، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى أقوال شاهدى الإثبات فيما قاله من أن "الثابت من أقوال المجنى عليه المؤيدة بأقوال الأستاذ عصمت عبدالملك الحديدى المحامى ومصطفى رياض أن المتهم وكله فى القضية المدنية المحجوزة للحكم لتقديم مذكرة فيها وأنه دأب على التردد على مكتب المجنى عليها فى هذا الشأن". ولما كان هذا الذى أثبته الحكم له أصل ثابت فى الأوراق، وقد أكدت المحكمة اقتناعها بتقديم المذكرة فعلاً من المدعى المدنى فى القضية المدنية، وهو استدلال سليم. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الطعن يكون غير سديد، ويكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعا.