أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 10 - صـ 47

جلسة 19 من يناير سنة 1959

برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: مصطفى كامل، وفهيم يسى جندي، وأحمد زكي كامل، ومحمد عطيه إسماعيل المستشارين.

(13)
الطعن رقم 1683 لسنة 28 القضائية

وقاع. عناصر الواقعة الإجرامية. الإكراه وعدم الرضاء. متى يتوافران؟. بيانات أحكام الإدانة بالنسبة لهما. البيان الكافي. مثال.
خبير. تقدير رأيه من حيث صلته بالتسبيب. التسبيب الكافي. مثال.
إذا كان الحكم - في جريمة الوقاع - قد دلل على الإكراه بأدلة سائغة في قوله "أن الطاعن أمسك بالمجني عليها من ذراعيها، وأدخلها عنوة زراعة القطن فقاومته إلا أنه تمكن بقوته العضلية من التغلب عليها وألقاها على الأرض وهددها بمطواة كان يحملها وضربها برأسه في جبهتها عند مقاومتها له" فإن هذا الذي ورد بالحكم لا يتعارض مع تقرير الطبيب الشرعي الذي أثبت وجود كدم بجبهة المجني عليها وأن بنيان المتهم الجسماني فوق المتوسط وأنه يمكنه مواقعة المجني عليها بغير رضاها بقوته العضلية. أما ما ورد بالتقرير بعد ذلك من أن خلو جسم المجني عليها وخاصة منطقة الفخذ من الإصابات وخلو جسم المتهم من علامات المقاومة يشير إلى أن المجني عليها لم تبد مقاومة جسمانية فعلية في درء المتهم عنها، هذا الذي ورد بالتقرير لا ينفي أن المجني عليها استسلمت تحت تأثير الإكراه بالسلاح وهذا الفعل يكون الجريمة التي دان الحكم بها المتهم وبتوافر به ركن الإكراه وعدم الرضاء في جريمة الوقاع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: واقع......... بغير رضاها بأن أمسك بها من يديها ودفعها إلى زراعة قطن وأرقدها على الأرض وضربها برأسه في جبهتها وهددها بمطواة كان يحملها ثم رفع عنها ملابسها وأولج قضيبه فيها فأزال غشاء بكارتها. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 267/ 1 من قانون العقوبات. فقررت بذلك. وقد ادعى............. (والد المجني عليها) بحق مدني قدره مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمس سنين وإلزامه بأن يدفع إلى.............. المدعي بالحق المدني مبلغ مائة جنيه والمصاريف المدنية ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماه. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في الإسناد وشابه القصور وفساد الاستدلال، ذلك أن المحكمة إذ دانت الطاعن بمواقعة المجني عليها بغير رضاها أقامت قضاءها بثبوت ركن الإكراه على ما شهدت به المجني عليها ووالدها وما جاء بتقرير الطبيب الشرعي مع ما شاب أقوال المجني عليها ووالدها من تناقض، فقد قررا في التحقيق أن الطاعن ضرب المجني عليها برأسه في جبهتها في حين الثابت على لسان كل منهما بمحضر الجلسة أن الطاعن ضربها بمطواة في رأسها، وقد عرضت المحكمة وهى بصدد التحدث عن توافر ركن الإكراه إلى تقرير الطبيب الشرعي فقالت أن الإكراه ثابت كذلك "مما ذكره الطبيب الشرعي من أن بنيان المتهم الجسماني فوق المتوسط ويمكن للمتهم "الطاعن" مواقعة المجني عليها بغير رضاها باستعمال قوته العضلية" وهذا الذي أوردته المحكمة لا يفصح عن حقيقة رأي الطبيب الشرعي وإنما اقتطعته من تقريره فجاء مخالفا لرأيه إذ قال "ويمكن (للمتهم) مواقعة المجني عليها كرها عنها باستعمال قوته العضلية ولكنه نظرا لخلو جسم المجني عليها وخاصة منطقة الفخذ من الإصابات وخلو جسم المتهم "الطاعن" من علامات المقاومة يشير إلى أن المجني عليها لم تبد مقاومة جسمانية فعلية في درء المتهم عنها" ومفهوم ذلك أن الواقعة قد جرت وتمت برضاء المجني عليها، هذا إلى أن الطاعن أثار في دفاعه أن المجني عليها لم تذكر شيئا عن الإصابة التي وجدت برأسها إلا أمام النيابة فقط، وأن الجاموسة التي كانت تقودها وجدت مقيدة بعيدا عن الحقل الذي كان به الطاعن مما يدل على أن المجني عليها قد سارت إلى هذا الأخير برضائها واختيارها مما ينتفي معه القول بإنعدام رضائها ولكن المحكمة لم تمحص هذا الدفاع الجوهري ولم تعن بالرد عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إنه في يوم 17 من سبتمبر سنة 1956 بناحية الزارة التابعة لمركز المنشأة بينما كانت المجني عليها........... والتي تبلغ من العمر 18 سنة ترعى الجاموسة حوالي وقت الظهر أمسك بها المتهم "الطاعن" من ذراعيها وأدخلها عنوة زراعة القطن فقاومته إلا أنه تمكن بقوته العضلية من التغلب عليها وألقاها على الأرض وهددها بمطواة كان يحملها وضربها برأسه في جبهتها عند مقاومتها له ورفع ملابسها وفتح رجليها وأولج قضيبه فيها فأزال بكارتها وواقعها فعادت إلى المنزل وأخبرت والدها بالحادث" ثم أورد الحكم على ثبوت وقوع الواقعة على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال............ المجني عليها ووالدها........... والتقرير الطبي الشرعي ونتيجة التحليل، ولما كان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بشهادة الشاهد في أي مرحلة من التحقيق دون أخرى إذ المرجع في ذلك إلى اطمئنانها إلى ما تأخذ به فإنه لا تثريب عليها إن هى أخذت بأقوال المجني عليها ووالدها في التحقيق وأطرحت ما ذكراه أمامها عن كيفية إحداث إصابة الرأس، لما كان ذلك، وكان الحكم قد دلل على الإكراه بأدلة سائغة في قوله "إن الطاعن أمسك بالمجني عليها من ذراعيها وأدخلها عنوة زراعة القطن فقاومته إلا أنه تمكن بقوته العضلية من التغلب عليها وألقاها على الأرض وهددها بمطواة كان يحملها وضربها برأسه في جبهتها عند مقاومتها له" وكان هذا الذي ورد بالحكم لا يتعارض مع تقرير الطبيب الشرعي الذي أثبت وجود كدم بجبهة المجني عليها وأن بنيان المتهم الجسماني فوق المتوسط وأنه يمكنه مواقعة المجني عليها بغير رضاها بقوته العضلية. أما ما ورد بالتقرير بعد ذلك من أن خلو جسم المجني عليها وخاصة منطقة الفخذ من الإصابات وخلو جسم الطاعن من علامات المقاومة يشير إلى أن المجني عليها لم تبد مقاومة جسمانية فعلية في درء المتهم عنها، هذا الذي ورد بالتقرير لا ينفي أن المجني عليها استسلمت تحت تأثير الإكراه بالسلاح وهو ما أوضحه الحكم، وهذا الفعل يكون الجريمة التي دان الحكم بها الطاعن ويتوافر به ركن الإكراه وعدم الرضاء في جريمة الوقاع، لما كان الأمر كذلك وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتتبع دفاع المتهم والرد عليه في كل جزئية يثيرها، وكان دفاع الطاعن من أن المجني عليها لم تذكر إصابة رأسها إلا في تحقيق النيابة فقط وأن الجاموسة التي كانت تقودها وجدت مقيدة بعيدا عن حقل الطاعن. متعلقا بموضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يلزم له رد صريح خاص إذ أن الرد عليه مستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم والتي اعتمد عليها في القضاء بالإدانة.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.