أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثانى - السنة 12 - صـ 423

جلسة 4 من أبريل سنة 1961

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد عطية اسماعيل، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدى، وحسن خالد المستشارين.

(78)
الطعن رقم 1948 لسنة 30 القضائية

فاعل أصلى. مسئولية جنائية. عاهة مستديمة.
تعدد الفاعلين. اتفاق المتهمين على ضرب المجنى عليه وترصدهم له. مقتضاه: مساءلة كل منهم باعتباره فاعلا أصليا عن إصابة العاهة التى نتجت من الضرب. من منهم الذى أحدث العاهة: لا أهمية له.
إذا كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قد انتهى إلى ثبوت اتفاق الطاعنين على ضرب المجنى عليه وترصدهم له فى السوق، فإن من مقتضى ذلك مساءلة كل منهم باعتباره فاعلا أصليا عن العاهة التى تخلفت بالمجنى عليه بوصف كونها نتيجة للضرب الذى أوقعوه عليه، وذلك دون حاجة إلى تقصى من منهم الذى أحدث اصابة العاهة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من الطاعنين الأربعة وآخر بأنهم (1) ضربوا المجنى عليه عمدا بعصا على رأسه فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى نشأت عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى فقد جزء من العظم الجبهى الجدارى الأيمن من غير المنتظر أن يملأ بنسيج عظمى فى المستقبل وستبقى السحايا والمخ عرضة للإصابات الطفيفة التى ما كانت تتوفر فيها لو أنها كانت محمية بالعظام وأصبح عرضة للمضاعفات الخطيرة والإلتهابات والأنزفة السحائية والمخية والصرع وأكثر تأثرا بالتقلبات الجوية عما كان قبلها وتقلل من قدرته على العمل بحوالى 20% (عشرين فى المائة) وكان ذلك مع سبق الإصرار والترصد. (2) ضربوا المجنى عليه المذكور عمدا بعصا على يده اليسرى فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى نشأت عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى فقد جزء صغير من الطرف السفلى للسلامة الظفرية للخنصر وكسر منفصل بطرف السلامية الظفرية للبنصر والتى تقلل من كفاءته على العمل بحوالى 2% (اثنين فى المائة) وكان ذلك مع سبق الإصرار والترصد. وطلبت من غرفة الإتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمادة 240/ 1 - 2 من قانون العقوبات. فقررت ذلك. وادعى المجنى عليه بحق مدنى بمبلغ 100 جنيه على سبيل التعويض قبل المتهمين متضامنين. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بمادة الإتهام مع تطبيق المادتين 17 و 32/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهمين الأربعة الأول والمادتين 304/ 1 و 381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للمتهم الخامس - أولا - بمعاقبة كل من الطاعنين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعى بالحقوق المدنية مائة جنيه على سبيل التعويض وثانيا - ببراءة المتهم الخامس مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية الموجهة إليه. فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو خطأ فى تطبيق القانون وفساد فى الاستدلال وخطأ فى الإسناد وقصور فى التسبيب، ذلك أن الحكم المطعون فيه دان الطاعنين جميعا عن العاهة التى حدثت برأس المجنى عليه والتى حدثت بيده على أساس توافر سبق الإصرار والترصد ولم يستظهر الحكم توافر ظرف سبق الإصرار وأن المعركة السابقة التى قيل إنها كانت الدافع على الاعتداء قد انتهت صلحا - كما أن الحكم اعتمد على أقوال الشاهد فوزى عبد الله حسن من أنه رأى الاعتداء على الرغم من المجنى عليه لم يقرر فى التحقيقات أن هذا الشاهد كان موجودا وأشهد شاهدا آخر لم يؤيده، وأخطأ الحكم إذا أسند المجنى عليه أنه قرر بالجلسة أن الشاهد فوزى شاهد الإعتداء والمعتدين لأن المجنى عليه لم يقرر ذلك بل قال إن الشاهد المذكور حضر بعد الاعتداء عليه ووقوعه على الأرض ولم يشر الحكم إلى دفاع الطاعنين إذ أشهدوا شهودا أيدوهم فى أنهم كانو بعيدين عن مكان الحادث - كما استندوا فى تكذيب المجنى عليه إلى أن التقرير الطبى الشرعى جاء به إصابات الرأس من ضربة واحدة على خلاف ما قرره المجنى عليه من أن الطاعنين انهالوا عليه بالضرب ولم يشر الحكم إلى هذا الدفاع ويرد عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فى قوله "إنه لنزاع سابق بين المجنى عليه فهمى حرز الله متلقح شيخ خفراء ناحية الصعايدة من أعمال مركز الأقصر وبين المتهم الثالث خبير أحمد على محمود اعتدى بسببه الأول على الآخر بالضرب فى شهر مارس سنة 1959 وضبطت تلك الواقعة وعمل عنها تحقيق انتهى بقيدها ضد المعتدى "فهمى حرز الله وآخرين" لتعديهم على المتهم الثالث. خبير أحمد على محمود. بالضرب وذلك برقم 201 سنة 59 جنح الأقصر فقد عز ذلك على المتهم الثالث خبير وأثر فى نفسه وأصر أن ينتقم ممن اعتدى عليه وتفاعلت عوامل الحقد فى نفسه وانتوى تنفيذ ما أصر عليه من انتقام ردا لما لحقه من إهانة وأعد لذلك عدته بأن اتفق مع المتهمين الأول والثانى والرابع حجازى على محمود ونوبى صالح محمود وسليم على محمود "وهم بين أخ له وابن عم" على إيذاء المجنى عليه ولعلمهم بتردده على سوق الأقصر يوم انعقاده ضمن من اعتادوا التردد على السوق من أهالى القرى المجاورة فقد توافقوا على انتظار المجنى عليه بشارع السوق حتى إذا مر بهم نفذوا ما انتووه من اعتداء وقد كان لهم ما أرادوا إذ حدث فى يوم 21 أبريل سنة 1959 أن كانوا "المتهمون الأربعة" ينتظرون المجنى عليه بشارع السوق وما أن رأوه مقبلا نحوهم حتى بارده المتهم الثالث بالضرب بعصا على ساقة اليسرى وكان هذا إيذانا لباقى المتهمين بالاعتداء فجاءوا بدورهم يحمل كل منهم عصا غليظة وانهالوا على المجنى عليه ضربا بالعصى فأحدثوا به إصابة برأسه وأخرى بيده اليسرى فخر المجنى عليه إثر الاعتداء المبيت وجاء على الأثر فوزى عبد اللاه حسن وشاهد المتهمين الأربعة يضربون المجنى عليهم بعصيهم وما أن رآه المتهمون حتى أسرعوا بالفرار ورآهم أثناء هربهم كل من يوسف اسماعيل وعزب حسن ومحمد عبد المجيد الذين أرادوا استيضاحهم عن سبب جريهم فلم يجيبوا وقد أبلغ الحادث للجهات المختصة التى تولت التحقيق وثبت من الكشف الطبى وجود إصابة برأس المجنى عليه وأخرى بيده اليسرى وقد تخلف عن إصابتيه المذكورتين عاهتان مستديمتان يستحيل برؤهما الموضحتان بوصف التهمة". واستند الحكم المطعون فيه فى إدانة الطاعنين إلى شهادة كل من المجنى عليه فهمى حرز الله متلقح وفوزى عبد الملك حسن بالتحقيقات وبالجلسة وشهادة كل من يوسف اسماعيل وعزب حسن ومحمد عبد المجيد بالتحقيقات وإلى التقرير الطبى الشرعى. لم كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن توافر ركن سبق الإصرار والترصد ومسئولية جميع الطاعنين عن نتائج الاعتداء بقوله "وحيث إن ركن سبق الإصرار متوفر فى الدعوى ذلك أن المجنى عليه سبق أن تشاجر مع المتهم الثالث فى نفس المكان قبل هذه الحادثة بشهر وأنه قدم للمحاكمة عن تلك الواقعة فى القضية رقم 201 لسنة 1959 جنح الأقصر وأن هذا الإعتداء حز فى نفس المتهم الثالث وذويه وأصروا على الإنتقام من المجنى عليه ردا لما لحقهم من إهانة وتوافق الأربعة الأول من المتهمين على الإعتداء على المجنى عليه على الصورة السابقة وكان هذا الإعتداء نتيجة إعداد سابق وتوافق - كما أن ركن الترصد ثابت فى حق المتهمين الأربعة الأول من انتظارهم بشارع السوق الذى اعتاد الحضور إليه كل اسبوع لقضاء حوائجه وما أن رأوه حتى اعتدوا عليه تنفيذا لما اتفق عليه بينهم - وحيث إنه متى توفر ركن سبق الإصرار فى الدعوى كان كل منهم مسئولا عن فعله وفعل من توافق معه على الإيذاء". ومادام الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى ثبوت اتفاق الطاعنين على ضرب المجنى عليه وترصدهم له فى السوق فإن من مقتضى ذلك مساءلة كل منهم باعتباره فاعلا أصليا عن العاهة التى تخلفت بالمجنى عليه بوصف كونها نتيجة للضرب الذى أوقعوه على المجنى عليه وذلك دون حاجة إلى تقصى من منهم الذى أحدث إصابة العاهة لما كان ذلك، وكان يبين من الإطلاع على المفردات المضمومة أن الثابت بمحضر البوليس المؤرخ 21/ 4/ 1959 أن الإعتداء وقع أمام فوزى عبد اللاه، كما يبين منها أن فوزى عبد اللاه حسن المذكور شهد فى تحقيقات النيابة أنه رأى المتهمين الأربعة وهم يعتدون على شيخ الخفراء فهمى حرز الله ونه استغاث فلم يغثه أحد، ولما كان لمحكمة الموضوع أن تتزود لحكمها من جميع أوراق الدعوى المطروحة على بساط البحث ولها أن تأخذ بما جاء بمحضر جمع الإستدلالات، فإن ما يقوله الطاعن من أن الحكم المطعون فيه مشوب بفساد الاستدلال والخطأ فى الإسناد لا يكون له وجه - لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتتبع دفاع المتهم الموضوعى فى جزئياته والرد عليه، ذلك أن فى إيراد أدلة الثبوت ما يفيد اطراح ذلك الدفاع ضمنا كما أنها غير ملزمة بأن تشير إلى شهود النفى وتبين سبب اطراحها لأقوالهم لأن فى إيرادها لأقوال شهود الإثبات واطمئنانها إليهم ما يفيد أنها اطرحت ما جاء بأقوال شهود النفى.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.