أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 21 - صـ 1059

جلسة 2 من نوفمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمود العمراوى، وعضوية السادة المستشارين/ أنور خلف، وإبراهيم الديوانى، ومحمد ماهر حسن، وحسن المغربى.

(254)
الطعن رقم 1367 لسنة 40 القضائية

(أ، ب) إثبات. "إثبات بوجه عام". "شهادة". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". أمر بألا وجه. "تسبيبه. تسبيب معيب". رشوة.
( أ ) عدم إيراد الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية الأدلة التى استخلص منها عدم وجود مرتشى حقيقى وأن نية المتهم انصرفت إلى الاحتفاظ بالرشوة لنفسه. قصور. لا يرفعه مجرد القول بأن الشاهد قرر فى التحقيق وفقاً لتقديره هو أنه لا يوجد مرتشى حقيقى وأن الجانى كان يقصد الحصول على الرشوة لنفسه.
(ب) وجوب بناء الأحكام الجنائية على الأدلة التى يقتنع بها القاضى. مستقلاً فى تحصيل عقيدته لنفسه لا يشاركه فيها غيره.
إدخال القاضى فى تكوين عقيدته بصحة الواقعة أو عدم صحتها حكماً لسواه. لا يصح.
1 - متى كان الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية، المطعون فيه، لم يورد مؤدى الأدلة التى استخلص منها عدم وجود مرتشى حقيقى وانصراف نية المطعون ضدهما إلى الاحتفاظ بمبلغ الرشوة لنفسيهما، حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها، تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالأمر، وكان لا يكفى فى بيان الدليل مجرد القول بأن الشاهد قرر فى التحقيق - وفقاً لتقديره هو - أنه لا يوجد مرتشى حقيقى فى الدعوى وأن الجانى كان يقصد الحصول على الرشوة لنفسه، ما دام أن القرار المطعون فيه لم يورد مؤدى هذه الشهادة حتى يبين وجه استدلاله بها على ما انتهى إليه، فإن الأمر المطعون فيه يكون معيب
بالقصور.
2 - إن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الأدلة التى يقتنع منها القاضى بإدانة المتهم أو ببراءته منها، صادراً فى ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلاً فى تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره، إذ لا يصح فى القانون - كما فعل الأمر المطعون فيه - أن يدخل فى تكوين عقيدته بصحة الواقعة التى أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكماً لسواه.


الوقائع:

إتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما بأنهما فى يوم 2 فبراير سنة 1967 بدائرة قسم الموسكى محافظة القاهرة: عرضا وقبلا الوساطة فى رشوة موظف عمومى ولم يتعد عملهما العرض أو القبول، بأن عرضا على كل من صبحى يوسف رئيس رابطة العاملين بالهيئة المصرية العامة لاستغلال وتنمية الأراضى ورمضان محمد أبو العينين أمين صندوقها الوساطة فى رشوة الموظف المختص بالبت فى صرف مكافأة نهاية الخدمة المستحقة لأعضاء الربطة آنفة الذكر مقابل تسليم مبلغ تسعين جنيها قبض منها المتهم الأول أربعين جنيها حالة كونهما موظفين عموميين المتهم الأول مراجع بالجهاز المركزى للمحاسبات والمتهم الثانى كاتب بهيئة التنمية واستغلال الأراضى. وطلبت من مستشار الإحالة بمحكمة القاهرة الابتدائية إحالتهما على محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 103 و104 و109/ 1 - 2. فقرر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية. فطعنت النيابة العامة فى هذا الأمر بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الأمر المطعون فيه أنه انتهى إلى أنه لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية عن جريمة عرض الوساطة فى رشوة موظف عمومى قد شابه قصور فى التسبيب ذلك بأنه اجترأ الصورة الصحيحة لواقعة الاتهام مما أدى به إلى القول بأن الموظف المرتشى شخص وهمى لا وجود له مع أن الثابت من أقوال الشهود أن المطعون ضدهما عرضا الوساطة لدى الموظف المختص بالجهاز المركزى للمحاسبات ليرشواه لقاء الموافقة على تسوية وصرف مكافأة نهاية الخدمة المستحقة لهم وهو ما لم يشر إليه الأمر المطعون فيه مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأمر المطعون فيه أنه أقام قضاءه استناداً إلى عدم توافر أركان جريمة عرض الوساطة فى الرشوة وذلك بقوله "وبما أنه إذا كان ذلك وجاء الجانى فزعم أنه وسيط لمرتشى فحصل على رشوة مع أن المرتشى وهمى غير حقيقى ولا وجود له وكان الجانى يبغى الاحتفاظ بالرشوة لنفسه كما ثبت قطعاً من التحقيق وأقوال السيد/ محمد أحمد عبد الرحمن عضو الرقابة الإدارية فيها حيث قرر أنه لا يوجد شخص معين وحقيقى يمثل المرتشى فى موضوع هذه الدعوى وإنما لجأ الجانى لهذه الوسيلة ليأخذ المبلغ لنفسه مدعياً الوساطة فى الرشوة واستبان بحق أن لا جريمة رشوة فى الموضوع لعدم توافر الأركان الواجبة لقيامها". لما كان ذلك. وكان الأمر لم يورد مؤدى الأدلة التى استخلص منها عدم وجود مرتشى حقيقى وانصراف نية المطعون ضدهما إلى الاحتفاظ بمبلغ الرشوة لنفسيهما حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانونى على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم، وكان لا يكفى فى بيان هذا الدليل مجرد القول بأن الشاهد محمد أحمد عبد الرحمن قرر فى التحقيق وفقاً لتقديره هو، أنه لا يوجد مرتشى معين حقيقى فى الدعوى وأن الجانى كان يقصد الحصول على الرشوة لنفسه ما دام أن القرار المطعون فيه لم يورد مؤدى هذه الشهادة حتى يبين وجه استدلاله بها على ما انتهى إليه، هذا إلى أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الأدلة التى يقتنع منها القاضى بإدانة المتهم أو ببراءته منها صادراً فى ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من التحقيق مستقلاً فى تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ولا يصح فى القانون - كما فعل الأمر - أن يدخل فى تكوين عقيدته بصحة الواقعة التى أقام قضاءه عليها أو بعدم صحتها حكماً لسواه. لما كان ماتقدم، فإن الأمر يكون معيباً بالقصور فى التسبيب بما يبطله ويوجب نقضه والإحالة.