أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 10 - صـ 67

جلسة 20 من يناير سنة 1959

برياسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: مصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، والسيد أحمد عفيفي، ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

(18)
الطعن رقم 1701 لسنة 28 ق

(أ) تسعير جبري. جريمة الامتناع عن بيع سلعة مسعرة وبيعها بسعر يزيد على السعر المعين.
عجول التربية الحية. بيعها ممن يقوم على تربيتها بسعر يزيد على السعر المعين وامتناعه عن بيعها بهذا السعر. وجوب معاقبته. القانون رقم 163 لسنة 1950، مرسوم 31 ديسمبر سنة 51، قرار التموين 111 لسنة 1952.
(ب) عقوبة. التعدد الحقيقي مع الارتباط غير القابل للتجزئة. المادة 32/ 2 ع مدى رقابة محكمة النقض في تطبيقها.
توافر الارتباط غير القابل للتجزئية بين جريمة الامتناع عن بيع سلعة مسعرة بالسعر المعين وجريمة بيعها بسعر يزيد عليه. عدم إعمال حكم المادة 32/ 2 ع. خطأ في القانون يوجب تصحيحه من محكمة النقض.
1 - نص المرسوم بقانون رقم 163 لسنة 1950 الخاص بالتسعير الجبري وتحديد الأرباح في المادة الرابعة منه على أنه "يجوز لوزير التجارة والصناعة أن يعين بقرار منه الحد الأقصى للربح الذي يرخص به لأصحاب المصانع والمستوردين وتجار الجملة ونصف الجملة والتجزئة بالنسبة إلى أية سلعة تصنع محليا أو تستورد من الخارج إذا رأى أنها تباع بأرباح تجاوز الحد المألوف"، كما نص في المادة التاسعة منه على عقاب من باع سلعة مسعرة أو محددة الربح أو عرضها للبيع بسعر أو ربح يزيد على السعر أو الربح المعين أو امتنع عن بيعها بهذا السعر أو الربح، كما منح وزير التموين مباشرة الاختصاص المقرر لوزير التجارة والصناعة بموجب المرسوم بقانون رقم 163 لسنة 1950 وذلك بعد صدور مرسوم 31 ديسمبر سنة 1951 في شأن اختصاص وزارة التموين ثم أصدر القرار رقم 111 لسنة 1952 وأضاف عجول التربية الحية (البقري الصغير) إلى الجدول الملحق بالمرسوم بقانون رقم 163 لسنة 1950 الخاص بشئون التسعير الجبري وتحديد الأرباح، فيكون ما يثيره الطاعن من أن امتناعه عن بيع "عجول التربية الحية" بالسعر المعين وبيعه إياها بسعر يزيد عليه لا يعاقب عليها القانون أو أن إحدى الجريمتين لم تستكمل أركانها القانونية لا محل له.
2 - إذا كان ما أورده الحكم في بيان واقعة الإمتناع عن بيع سلعة مسعرة بالسعر المعين وبيعه إياها بسعر يزيد عليه يتحقق به معنى الارتباط الوارد بالمادة 32/ 2 من قانون العقوبات لأن الجريمتين وقعتا لغرض واحد وكانتا مرتبطتين ببعضهما إرتباطا لا يقبل التجزئة مما يقتضي وجوب اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما، فإن الحكم إذ قضى بعقوبة عن كل تهمة من التهمتين المسندتين إلى الطاعن يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه وتصحيحه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولا - امتنع عن بيع سلعة مسعرة "عجول" بالسعر المعين. وثانيا - باع سلعا مسعرة "عجولا" بسعر يزيد عن السعر المعين. وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و3 و4/ 1 و5/ 4 و9 و14 و15 و16 و17 و20 و21 من القانون رقم 163 لسنة 1950 والقرار رقم 180 لسنة 1955 المعدل بالقرار 138 لسنة 1952 والقرار 139 لسنة 1952 المعدل بالقرار رقم 60 لسنة 1954. ومحكمة الباجور الجزئية قضت حضوريا عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم بلا مصاريف جنائية. فاستأنفت النيابة هذا الحكم ومحكمة شبين الكوم الابتدائية قضت حضوريا وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبتغريم المتهم عشرون جنيها عن كل تهمة من التهمتين المنسوبتين إليه والمصادرة وأعفت المتهم من المصاريف الجنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشاب أسبابه القصور ذلك أن مواد القانون رقم 163 لسنة 1950 والقرارات التي استندت إليها المحكمة ليس فيها ما ينص على عقاب صاحب الماشية الذي يقوم على تربيتها متى باعها للغير مما يجعل الواقعة على فرض صحتها غير معاقب عليها... وكون الماشية مدرجة في عداد السلع التي يجوز لوزير التجارة تحديد الربح فيها طبقا للمادة الرابعة من القانون رقم 163 لسنة 1950 لا يكفي للعقاب لأن حكم هذه المادة إنما يسري على أصحاب المصانع والمستوردين والتجار ولا يسري على المنتجين، هذا إلى أن الحكم أخطأ في القانون إذ اعتبر جريمتي الامتناع عن البيع والبيع بأكثر من السعر المحدد منفصلتان كل منهما عن الأخرى رغم قيام الارتباط بينهما مما كان يتعين معه تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات والحكم بالعقوبة المقررة لأشد الجريمتين بدلا من الحكم على الطاعن بعقوبتين مستقلتين. يضاف إلى ذلك أن الحكم لم يستظهر الركن المعنوي في جريمة البيع بأكثر من السعر المقرر وهو القصد الجنائي لأن الماشية المبيعة كان بعضها لا يخضع للتسعير الجبري والبعض يخضع له ولم تفرز كل فئة عن الأخرى قبل البيع والتسليم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين الواقعة في قوله: "إن الواقعة تخلص فيما أثبته الملازم أول حمدي أبو زيد رئيس مباحث تموين المنوفية في محضره المؤرخ 20/ 11/ 56 - وشهد به أمام محكمة أول درجة من أن القصاب عبد الحميد محمد نور الدين حضر إليه وأبلغه بأنه توجه إلى المتهم واتفق معه على أن يبيعه سبعة عشر عجلا من البقر لقاء ثمن قدره ثمان وثلاثون جنيها للعجل الواحد، ولما عرض عليه أن يبيعه بالسعر الجبري وهو ثلاثة عشر قرشا للأقة رفض وطلب منه أن يصحبه لحضور عملية البيع وضبط المتهم وسلمه 550 جنيها ذكر أرقامها في محضره فوافقه وقام ومعه بعض المخبرين بالمركز وكان مرتديا الملابس البلدية وتوجه إلى عزبة المتهم بمركز الباجور وتم الاتفاق مع المتهم على أن يبيعه سبعة عشر عجلا من البقر للقصاب عبد الحميد محمد نور الدين وله باعتباره شريكه وحررا مبايعة عن أربعة عشر عجلا وسلماه 550 جنيها من ثمنها على أن يدفعا له الباقي وقدره 96 جنيها في اليوم التالي على أن يتسلما العجول الباقية وبعد إتمام البيع أبرز للمتهم تذكرة إثبات شخصيته وأفهمه بحقيقة الأمر واسترد منه المبلغ المدفوع له وهو 550 جنيها وهى بذاتها التي ذكر أرقامها في صدر محضره. ولما سأله عن سبب امتناعه عن البيع بالسعر الجبري أجابه بأنه لم يشتر العجول بالسعر الجبري حتى يبيعها كذلك وأنه ليس لديه ميزانا حتى يبيعها بالأقة وأنه قبض مبلغ 550 جنيها من ثمن البيع وسلمهما 14 عجلا واحتجز ثلاثة عجول في نظير الباقي وقدره 96 جنيها. ثم قام الضابط المحقق بعد ذلك بوزن العجول المضبوطة وهى أربعة عشر عجلا فتبين له أن اثنين منها زنة أولهما 238 والآخر زنة 250 كيلو جرام ولا ينطبق عليهما القرار رقم 90 لسنة 1954 واتصح له أن وزن العجول الاثنى عشر الأخرى 2744 أقة ثم استوقع المتهم على ذيل أقواله وأثبت أنه قام بعد ذلك ببيع العجول المضبوطة وهى أثنى عشر عجلا بالسعر الجبري فتبين أن جملة ثمنها 356 جنيها و720 مليما وبمواجهة المتهم بعد ذلك قرر أنه رفض البيع بالأقة وبالسعر الجبري لعبد الحميد نور الدين لعدم وجود ميزان لديه ولم تجر له عادة البيع بالميزان إطلاقا ثم سلمه بعد ذلك العجليين الغير خاضعين للتسعير الجبري". ثم أورد الحكم الأدلة التي استخلص منها ثبوت التهمتين في حق الطاعن وهى أقوال رئيس مباحث التموين والقصاب عبد الحميد محمد نور الدين واعتراف المتهم بالبيع ورد على ما أثاره الدفاع عن الطاعن بشأن عدم وجود ميزان لديه وأن بعض العجول لا تخضع للتسعير الجبري فقال: "إن العجول التي تبين أنها داخلة في التسعير الجبري يزيد ثمنها عن السعر المحدد لها في التسعير الجبري وهى 13 قرشا للأقة وذلك بعد استبعاد ثمن العجليين اللذين لا يخضعان للتسعير الجبري على اعتبار أن ثمنها الذي تم البيع على أساسه هو 38 جنيها لكل مما يجعل باقي الثمن المدفوع للمتهم والذي قبل البيع به يزيد على السعر الرسمي المقرر في جدول التسعيرة الجبرية". لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد بين الواقعة بما تتوافر فيه الأركان القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما أورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وكان المرسوم بقانون رقم 163 لسنة 1950 الخاص بالتسعير الجبري وتحديد الأرباح قد نص في المادة الرابعة منه على أنه "يجوز لوزير التجارة والصناعة أن يعين بقرار منه الحد الأقصى للربح الذي يرخص به لأصحاب المصانع والمستوردين وتجار الجملة ونصف الجملة والتجزئة بالنسبة إلى أية سلعة تصنع محليا أو تستورد من الخارج إذا رأى أنها تباع بأرباح تجاوز الحد المألوف". كما نص في المادة التاسعة منه على عقاب من باع سلعة مسعرة أو محددة الربح أو عرضها للبيع بسعر أو بربح يزيد على السعر أو الربح المعين أو امتنع عن بيعها بهذا السعر أو الربح، وكان وزير التموين قد منح مباشرة الاختصاص المقرر لوزير التجارة والصناعة بموجب المرسوم بقانون رقم 163 لسنة 1950 وذلك بعد صدور مرسوم 31 ديسمبر سنة 1951 في شأن اختصاص وزارة التموين ثم أصدر القرار 111 لسنة 1952 وأضاف عجول التربية الحية "البقري الصغير" إلى الجدول الملحق بالمرسوم - بقانون رقم 163 لسنة 1950 الخاص بشئون التسعير الجبري وتحديد الأرباح. لما كان ما تقدم فإن ما يثيره الطاعن من أن الواقعة لا يعاقب عليها القانون أو أن إحدى الجريمتين لم تستكمل أركانها القانونية لا يكون له محل ويتعين رفضه أما ما ينعاه الطاعن بشأن إغفال المحكمة تطبيق المادة 32 فقرة ثانية من قانون العقوبات فهو سديد في القانون ذلك بأن ما أورده الحكم في بيان الواقعة يتحقق به معنى الارتباط الوارد بالمادة 32/ 2 من قانون العقوبات لأن الجريمتين وقعتا لغرض واحد وكانتا مرتبطتين ببعضهما إرتباطا لا يقبل التجزئة مما يقتضي وجوب اعتبارهما جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما - لما كان ذلك، وكان الحكم قد قضى بعقوبة عن كل تهمة من التهمتين المسندتين إلى الطاعن فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لذلك قبول هذا الوجه ونقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه.