أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثانى - السنة 12 - صـ 513

جلسة أول مايو سنة 1961

برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: محمد عطية اسماعيل، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدى، وحسن خالد المستشارين.

(95)
الطعن رقم 196 لسنة 31 القضائية

(أ) تفتيش.
بياناته. تداخل مواعيد سريان أوامر تفتيش المتهم لدواع اقتضتها ظروف التحقيق، لا يعنى أنها أوامر مفتوحة غير محددة المدة.
(ب) استدلالات.
إجراءاتها. منع محامى المتهم من الحضور معه أثناء تحرير محضر جمع الاستدلالات. لا بطلان.
(جـ) حكم "تسبيبه".
قول الحكم إن المتهمين جميعا أنكروا التهمة من بعد إشارته إلى اعتراف بعضهم أمام مكتب مكافحة المخدرات وبالتحقيق. مفاد ذلك: أن الإنكار إنما كان بمجلس القضاء. لا تناقض.
1 - تداخل مواعيد سريان أوامر التفتيش التى أصدرتها النيابة العامة لضبط وتفتيش المتهم لدواع اقتضتها ظروف التحقيق وملابساته، لا يعنى أنها أوامر مفتوحة غير محددة المدة، طالما أن كل إذن منها قد صدر صحيحا مستوفيا شرائطه القانونية، ومن ثم فإن إغفال الحكم الرد على هذا الدفع لا يعيبه لأنه ظاهر البطلان.
2 - ما يقوله المتهم بشأن بطلان محضر جمع الاستدلالات بسبب أن البوليس منع محاميه من الحضور معه أثناء تحريره لا يستند إلى أساس من القانون.
3 - إذا كان الثابت من مدونات الحكم أنه أشار إلى اعتراف كل من المتهمين الأول والخامس والسادس أمام ضباط مكتب مكافحة المخدرات الذين أورد الحكم مؤدى شهاداتهم وكذلك بتحقيق النيابة، فإن ما ذكره الحكم بعد ذلك من إنكار المتهمين جميعا التهمة المسندة إليهم، مفاده أن هذا الإنكار إنما كان بمجلس القضاء.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين مع آخر حكم ببراءته، بأنهم أحرزوا مواد مخدرة "حشيشا وأفيونا" فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 1 و 2 و 33جـ و 35 و 41 من المرسوم بقانون 351 لسنة 1952 والبند 1 و 2 من الجدول المرفق. فقررت بذلك. وأمام محكمة الجنايات دفع الحاضر مع المتهم الأول ببطلان إذن التفتيش لبنائه على تحريات غير جدية ولأنه صدر بعد التفتيش لا قبله، كما دفع الحاضر مع المتهم الخامس ببطلان القبض عليه وبطلان ضبط سيارته. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بمواد الإتهام بمعاقبة كل من المتهمين (الطاعنين) بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة قدرها عشرة آلاف جنيه وبمصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة والسيارة التى استخدمت فى ارتكاب الجريمة والمضبوطة على ذمة القضية. وردت المحكمة فى أسباب حكمها على الدفعين قائلة بأنهما فى غير محلهما. فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض وقدم الأستاذ المحامى عن الطاعن الثانى تقريرا بالأسباب ولم يقدم باقى الطاعنين أسبابا لطعنهم... الخ.


المحكمة

ومن حيث إن المحكوم عليهم الأول والثالث والرابع والخامس والسادس وإن قرروا بالطعن فى الميعاد القانونى إلا أنهم لم يقدموا أسبابا لطعنهم ومن ثم فهو غير مقبول شكلا.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثانى قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مبنى الوجه الأول هو القصور والخطأ فى تطبيق القانون ذلك أن الحاضر مع الطاعن دفع ببطلان أوامر التفتيش التى استصدرها ضابط مكتب مكافحة المخدرات لتداخل مواعيد صدورها وانتهائها مما يجعلها فى حكم الإذن الفتوح. كما دفع بعدم جدية التحريات التى بنيت عليها أوامر التفتيش مستندا فى ذلك إلى أنها لم تستظهر إسم الطاعن المعروف به والمثبت بشهادة ميلاده وكذلك مسكنه، وأنه قد ورد بها أن الطاعن لم يحتفظ بالمخدرات فى مسكنه، ثم قيل بعد ذلك بضبطها به - هذا فضلا عن استحالة قيام الضابط وحده بمراقبة تسعة أشخاص أو أكثر يؤلف كل اثنين منهم عصبة مستقلة، ثم القول إنهم يؤلفون عصابة واحدة يرأسها الطاعن. كما دفع الطاعن أيضا ببطلان إجراءات الضبط وتحريز المخدرات الذى تم بمعرفة رجال مكتب المخدرات وذلك لما هو ثابت من أن محامى الطاعن قد حيل بينه وبين الحضور عن موكله، وعلى الرغم من هذه الدفوع التى أبداها الحاضر مع الطاعن أمام محكمة الموضوع وبالمذكرات المقدمة إليها، فإنها لم تعن بالرد عليها فى حكمها واقتصر ردها على واقعة اختلاف الإسم وحدها دون باقى العناصر التى بنى عليها الدفع مما جعل الحكم مشوبا بالقصور متعينا نقضه.
وحيث إن واقعة الدعوى المسندة للطاعن تتحصل بحسب الثابت من الحكم المطعون فيه أن مساعد رئيس مكتب مكافحة المخدرات بالاسكندرية علم من التحريات والمراقبة أن الطاعن الثانى "السيد ابراهيم على الشهير بكهربا" وآخرين يتجرون فى المواد المخدرة التى ينقلونها من محافظتى الشرقية والمنوفية لمدينة الإسكندرية لتوزيعها فى سيارات إحداها مملوكة للطاعن. وقد عرضت محاضر التحريات التى قام بها رجال المكتب على النيابة العامة التى أذنت - بعد إجراء التحقيق والاطمئنان إلى جدية التحريات - بالضبط والتفتيش. وقد أسفر تفتيش مسكن الطاعن الأول "على محمد أحمد الشهير بالرشيدى" عن ضبط 35 طربة حشيش وقطعة من الأفيون زنتها 306 جرامات، وقد اعترف أنه يحوزها لحساب الطاعنين الثانى والثالث والرابع وأن كلا منهم يحرز بعضا من المخدرات. وفى صباح يوم 26/ 8/ 1958 حرر محضر أثبت فيه أن الرائد يوسف محمد خضير والقوة المرافقة له قامت بتفتيش منزل الطعن الثانى فعثرت به على علبة من الكرتون بداخلها ست طرب من الحشيش ولفافتان بهما أفيون زنته 305 جرامات فوق "كومودينو" بجوار سرير كان يجلس عليه الطاعن وقتذاك. كما ضبطت كمية أخرى من المخدرات فى مسكن الطاعن الثالث والرابع "أنور السيد ابراهيم الشهير بالدكتور" "وفؤاد عبد اللطيف السيد" وقد أقر المتهمان الخامس والسادس للضابط بأنهما نقلا المخدرات إلى مسكن الأول بسيارة كان يصحبهما فيها الطاعنان الثانى والأخير وقد أيدهما هذا الأخير فيما قرراه، كما شهدت زوجة الطاعن الأول بأن الطاعنين الثانى والأخير هما اللذان أحضرا المخدرات إلى مسكن زوجها. وقد استند الحكم فى إدانة الطاعن الثانى إلى أقوال رجال مكتب مكافحة المخدرات، وشهادة زوجة الطاعن الأول بالتحقيق، وإلى تقرير المعمل الكيماوى الخاص بتحليل المواد المضبوطة، وتقرير فحص السيارة المستعملة فى الحادث، وإقرار الطاعن الأول لرجال مكتب مكافحة المخدرات على نفسه وعلى الطاعن الثانى، وكذلك اعتراف المتهمين الخامس والسادس. لما كان ما تقدم، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافعين عنه لم يدفع منهم أحد ببطلان أوامر التفتيش استنادا إلى تداخل مواقيت صدورها وانتهائها، ومن ثم فلا محل لأن ينعى الطاعن على الحكم أنه لم يرد على دفع لم يبده. لما كان ذلك، وكان بفرض صحة ما يدعيه الطاعن من أنه أثار ذلك فى مذكراته التى قدمها للمحكمة، فإن إغفال الحكم الرد على هذا الدفع لا يعيبه، ذلك لأنه ظاهر البطلان إذ أن تداخل مواعيد سريان أوامر التفتيش التى أصدرتها النيابة العامة لضبط وتفتيش الطاعن لدواع اقتضتها ظروف التحقيق وملابساته لا يعنى أنها أوامر مفتوحة غير محددة المدة طالما أن كل إذن منها قد صدر صحيحا مستوفيا شرائطه القانونية. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن وناقشه بقوله "إن المتهم الثانى (الطاعن) لم يزد دفاعا عن إنكار التهمة بغير أن يبين سببا يدعو لاتهامه، وقال الدفاع عنه إن الإذن صدر بتفتيش شخصه ومن ثم يكون تفتيش المنزل وقع باطلا. كذلك دفعوا ببطلان الإذن بالتفتيش لانعدام جدية التحريات تأسيسا على أن صحة إسم المتهم الثانى كما هو مبين بشهادة ميلاده "السيد ابراهيم الترجمان" وأن القول بأن المتهم ضمن عصابة ينفيه ما هو ثابت من أنه فى يوم 19/ 6/ 1958 تقدم الشيوى للنيابة بثلاثة محاضر أولها خاص بتفتيش المتهم الرابع وأخرى وثانيا بتفتيش المتهم الثالث وآخر وثالثها بتفتيش المتهم الثانى وشقيقه ولو كانت التحريات جدية لعمل محضرا واحدا باعتبار أن المتهمين الثانى والثالث والرابع ضمن عصابة واحدة. هذه هى الدفوع التى ساقها الدفاع عن المتهم الثانى. وقال عن الدفاع الموضوعى إنه بعد ضبط المخدرات بمنزل المتهم الأول قبض على المتهمين الثانى والثالث والرابع الصادر إذن تفتيشهم ونسب لكل منهم حيازة جانب من تلك المخدرات وقدم محاميه طلبا بتاريخ 6/ 7/ 1958 قال فيه إنه يطلب سماع شهادة كل من على مصطفى محمد وبهنسى محمد بهنسى وخشية التأثير عليهما فقد أحضرهما للنيابة وقد سئلا فى نفس يوم 6/ 7/ 1958... ... كما استشهد الدفاع بأقوال للمتهم الأول فى محضر جلسة المعارضة الأولى مفادها أن جميع المضبوطات عثر عليها بمنزله ثم وزعت على المتهمين الثانى والثالث والرابع فى مكتب المخدرات - وحيث إن إنكار المتهم الثانى لا يجديه فتيلا إزاء أدلة الإثبات السالف إيرادها القاطعة فى إدانته ولا يغير من هذا الرأى أقوال شهود نفى المتهم فهى أقوال لا تؤيدها الأوراق ولا يعول عليها لأنها أقوال جاءت متأخرة مرسلة على عواهنها غير محددة بوقائع معينة توحى بصدقها وهى لا تقوم فى وجه شهادة شهود الإثبات - والدفع ببطلان تفتيش المنزل لأن الإذن صدر بتفتيش شخص المتهم لا يسانده القانون لأن ضبط المخدر بمنزل المتهم الأول من شأنه أن يجعل الجريمة فى حالة تلبس مما يخول لمأمور الضبطية القضائية أن يفتش بغير إذن من النيابة كل من يرى أنه أسهم فى الجريمة خصوصا إذا لوحظ أن المتهمين الأول والخامس والسادس قد اعترفوا على المتهم الثانى بأنه نقل المخدرات وأخذ جانبا منها على ما سلف بيانه فهو مساهم فى جناية متلبس به لضبط المخدرات فى منزل المتهم الأول - هذا فضلا عن أن تفتيش المتهم يبيح للبوليس أن ينفذ هذا الأمر عليه أينما وجده سواء بمنزله أو بمنزل غيره ولا يكون للمتهم أن يحتج بأنه كان وقت إجراء التفتيش فى منزل شخص آخر فإن ها الدفع بحرمة المسكن إنما شرع لمصلحة صاحبه والثابت أن المخدرات كانت موجودة على الكومودينو بجوار السرير بشكل ظاهر يستلزم ضبطها لأن حالة التلبس قائمة. وحيث إن ذكر اسم للمطلوب تفتيشه غير إسمه الوارد فى بشهادة الميلاد لا يبطل إذن التفتيش مادم أن الذى حصل تفتيشه هو بذاته الذى كان مقصودا بإذن التفتيش وعدم تحرير محضر مستقل لا يبطل التفتيش لأنه وإن كان يجب على من يقوم بإجراء التفتيش أن يحرر محضرا يبين فيه المكان أو الشخص الذى حصل تفتيشه واليوم والساعة اللذين حصل فيهما التفتيش، إلا أن ذلك إنما وضع لحسن سير العمل وتنظيم الإجراءات. والقول بعدم جدية التحريات ينفيه ما هو ثابت بمحضر الشيوى المؤرخ 5/ 6/ 1958 قبل الضبط بنحو عشرين يوما من أنه تأكد من تحرياته السرية ومراقبته الشخصية أن المتهم يتجر فى المخدرات وأنه ينقلها بالسيارة رقم 7594 ملاكى الإسكندرية المملوكة له، وأكد هذه التحريات بمحضر 19/ 6/ 1958 عندما طلب تجديد الإذن بتفتيش هذا المتهم كما أكدها عندما سئل بنيابة دمنهور يوم 20/ 6/ 1958 وهذه التحريات لا شك فى جديتها بل هى أكثر التحريات جدية، وكون المتهم زعيم عصابة أو ضمن عصابة إذ أنه المستورد أو المشترى لا يفيد فى نفى التهمة ولا يغير من وضع المتهم شيئا - ولا صحة للمزاعم التى قيلت بتوزيع المخدرات على المتهمين الثانى والثالث والرابع لمجرد صدور أذونات سابقة بتفتيشهم... فالثابت من اعترافات المتهمين الأول والخامس والسابع لرجال مكتب المخدرات ومن شهادة النقيب الخشن والكونستابل الممتاز موسى عطا الله وفايزة محمد ابراهيم زوجة المتهم الأول والخطاب الذى ضبط مع عسكرى السجن عبد الرحمن محمد على ثابت من كل ذلك أن المخدرات جميعها كنت تحت سلطان المتهم الثانى وأن يده كانت مبسوطة عليها". لما كان ما تقدم، وكان الثابت منه أن الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن ورد عليه بما يفنده، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وكان الثابت مما أورده الحكم أن المحكمة اقتنعت بجدية التحريات التى بنى عليها أمر التفتيش ورأت أنها كافية لإصداره، وكان من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بأن ترد على كل نقطة يثيرها الدفاع عن وقائع الدعوى وأدلتها مادامت هى قد استوفت أركان الجريمة والأدلة القائمة على توافرها وبحثت النقط الجوهرية المرتبطة بذلك، كما أن فى تعويلها على شهادة شهود الإثبات ما يفيد أنها لم تقم وزنا لما وجه إلى أقوالهم من اعتراض. لما كان ذلك، وكان ما يقوله لطاعن بشأن بطلان محضر جمع الاستدلالات بسبب أن البوليس منع محاميه من الحضور معه أثناء تحريره لا يستند إلى أساس من القانون، كما أن ما يثيره الطاعن بشأن بطلان محضر تحريز المضبوطات لا محل له كذلك مادامت المحكمة قد اطمأنت إلى أن المادة المضبوطة لم يصل إليها أى عبث، وهذه مسألة لا معقب على رأى محكمة الموضوع فيها لتعلقها بتقدير أدلة الدعوى. لما كان ذلك، فإنه لا يعيب الحكم عدم الرد على هذا الدفع متى كان ظاهر البطلان، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى الوجه المتقدم يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجهين الثانى والثالث هو القصور وفساد الاستدلال، ذلك أن من بين ما عول عليه الحكم فى إدانة الطاعن أقوال زوجة المتهم الأول "فايزة محمد ابراهيم" فى تحقيق النيابة مع أنها قد عدلت عنها فى عريضة قدمتها لغرفة الإتهام وأصرت على هذا العدول فى التحقيق الذى أجرته النيابة بناء على طلب الغرفة وقد عزت الشاهدة أقوالها الأولى ضد الطاعن إلى ما وقع عليها من إكراه وتهديد من رجال مكتب المخدرات، وقد أثار محامى الطاعن ذلك أمام المحكمة، كما طعن أيضا فى الأقوال التى أدلت بها ابنة أخيها الطفلة التى أوحى إليها رجال البوليس بالشهادة، كما أثار الدفاع أيضا أنه من غير المعقول أن يظل الطاعن محتفظا بالمخدرات المدعى بضبطها لديه على الرغم من تحققه من ملاحقة رجال مكتب المخدرات بعد أن اكتشفوا أمره هو وباقى المتهمين وأصبحوا موقنين أنهم عرضة لمفاجأة رجال البوليس فى كل لحظة للقبض عليهم وتفتيشهم - إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع ولم يناقشه مما جعله مشوبا بالقصور وفساد الاستدلال.
وحيث إنه لما كان من المقرر أن أساس الإثبات فى المحاكمة الجنائية هو حرية محكمة الموضوع فى تكوين عقيدتها من عناصر الإثبات المطروحة على بساط البحث أمامها بالجلسة، فإنه لا تثريب عليها أن تأخذ من أقوال الشاهد بالقول الذى تطمئن إليه وأن تطرح ما عداه - سواء كان ذلك القول قد أبدى فى التحقيق الابتدائى أو أدلى به الشاهد أمامها. لما كان ذلك، وكان أخذ المحكمة بشهادة زوجة المتهم الأول التى أدلت بها فى التحقيق الابتدائى - من أن الطاعن هو الذى أحضر لزوجها المخدر - مفاده أن المحكمة قد أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بتلك الأقوال ومن ثم فلم تعول على عدولها عنها، والمحكمة فى هذا الشأن غير ملزمة ببيان سبب عدم أخذها بهذا العدول. لما كان ما تقدم، وكان ما يثيره الطاعن فى هذين الوجهين لا يعدو كونه جدلا موضوعيا حول تقدير الدليل فى الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته لدى محكمة النقض.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع هو تخاذل أسباب الحكم واضطرابها أن الحكم أورد فى مواضع عديدة منه أن المتهمين اعترفوا ثم عاد فأثبت أنهم جميعا أنكروا ما أسند إليهم، كما جاء به أن الطاعن اقتصر فى دفاعه على الإنكار، ثم عاد الحكم إلى القول بأن محامى الطاعن دفع ببطلان التفتيش لعدم جدية التحريات، ومع ذلك فإن ما أورده الحكم فى هذا الصدد لم يحط بما أبداه محامى الطاعن من دفوع عديدة موضوعية وقانونية مما يدل على أن المحكمة لم تحصل دفاع الطاعن ولم تفهمه فهم صحيحا، وآية ذلك قول الحكم إنه ليس للطاعن أن يحتج بأنه كان وقت إجراء التفتيش فى منزل شخص آخر لأن الدفع بحرمة المسكن إنما شرع لمصلحة صاحبه مع أن الطعن لم يدفع ببطلان ضبط المخدر فى منزل المتهم الأول وإنما قال فى دفاعه بأن المخدرات جميعها ضبطت لدى هذا المتهم ثم اقتطع رجال مكتب المخدرات جزءا منها ونسبوه للطاعن على خلاف الحقيقة.
وحيث إنه لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أشار إلى اعتراف كل من المتهمين الأول والخامس والسادس أمام ضباط مكتب مكافحة المخدرات الذين أورد الحكم مؤدى شهاداتهم وكذلك بتحقيق النيابة وكان ما ذكره الحكم بعد ذلك من إنكار المتهمين جميعا التهمة المسندة إليهم مفاده أن هذا الإنكار إنما كان بمجلس القضاء. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل أوجه الدفاع التى تقدم بها محامو الطاعن وخاصة ما يشير إليه فى هذا الوجه من أن رجال البوليس قد عمدوا إلى اقتطاع جزء من المواد المخدرة التى ضبطت بمنزل المتهم الأول ونسبوا حيازتها للطاعن، ورد عليها بما يفندها وذلك على النحو الذى سبق إيراده عند الرد على الوجه الأول من الطعن، فإن ما يرمى به الطاعن الحكم من دعوى التخاذل والاضطراب يكون غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه.