أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 10 - صـ 112

جلسة 27 من يناير سنة 1959

برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة, وبحضور السادة: محمود محمد مجاهد, وأحمد زكي كامل, والسيد أحمد عفيفي, وعادل يونس المستشارين.

(25)
الطعن رقم 1763 لسنة 28 القضائية

(أ و ب) استدلال. إجراءات التحقيق التي يملكها استثناء رجال الضبط القضائي. القبض على المتهم الحاضر في جناية عند توافر الدلائل الكافية. عدم اشتراط كون الجناية متلبسا بها. المادة 34 أ. ج.
صورة واقعة لا تتوافر فيها هذه الدلائل.
مجرد كون المتهم من عائلة المطلوب القبض عليهم في جناية قتل وارتباكه عند رؤيته رجال القوة وجريه عند مناداته لا يكفي لتوافر الدلائل الكافية التي تبرر القبض على المتهم وتفتيشه.
1 - تنص المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية على أن لمأمور الضبط القضائي أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه في حالات عددها الشارع حصرا بهذه المادة ومنها الجنايات, ومؤدي هذا أن القبض جائز لمأمور الضبط القضائي سواء كانت الجناية متلبسا بها أو في غير حالة التلبس متى كان ثمت دلائل كافية على اتهامه.
2 - مجرد كون الطاعن من عائلة المتهمين المطلوب القبض عليهم في جناية قتل وارتباكه لما رأى رجال القوة وجريه عندما نادى عليه الضابط - على فرض صحة ما يقوله الشهود في هذا الشأن - إن جاز معه للضابط استيقافه, فإنه لا يعتبر دلائل كافية على اتهامه في جناية تبرر القبض عليه وتفتيشه, وبالتالي يكون الحكم إذ قضى بصحة القبض والتفتيش قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز جواهر مخدرة "أفيونا" في غير الأحوال المصرح بها قانونا وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و33 جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند رقم أ من الجدول رقم 1 الملحق به فقررت الغرفة بذلك. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضوريا تطبيقا لمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه وبمصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه بنى على إجراء باطل وأخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الطاعن دفع ببطلان القبض والتفتيش تأسيسا على أنه لم يكن في حالة تبيح لرجل الضبط القضائي ممارسة هذا الإجراء قانونا وقد رد الحكم على هذا الدفع في قوله "وحيث أن الضابط علم بأن المتهم (الطاعن) من عائلة المتهمين المطلوب القبض عليهم في جناية قتل فأراد استيقافه للتحقق من شخصيته وخشية أن يكون من المطلوب القبض عليهم أو على الأقل خشية أن يسبقه إلى البلدة ويحول دون إمكان الضابط القبض على المتهمين فجرى المتهم مما زاد في ريبة الضابط وجعله يعتقد بحق وجود دلائل كافية على اتهامه في جناية فقبض عليه فيكون بذلك القبض صحيحا", ويقول الطاعن أن هذا الذي قاله الحكم يتعارض مع الواقعة فضلا عن مخالفته للقانون فقد أكد المخبران اللذان لفتا نظر الضابط للطاعن أنهما يعرفانه جيدا وأنه لا يتجر في المواد المخدرة ولا يعرفان السبب للقبض عليه وهذه المعرفة تمنع استيقافه للتحقق من شخصيته, كما قال المخبران أن الطاعن ليس من بين المطلوب القبض عليهم, وليس الجرى - إن صح ما قاله الضابط - بسبب يجيز القبض فقد يكون وليد الخوف والرهبة ولا يمكن أن يكون بذاته دليلا كافيا على اتهام الشخص بجنايه من الجنايات, هذا إلى أن القانون قد حدد في المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية الحالات التي يجوز فيها لرجل الضبط القبض على الشخص في غير حالة التلبس وبغير إذن من السلطة المختصة, ومجرد ظن الضابط واشتباهه لا يمكن اعتباره كافيا قانونا للقبض على الطاعن ومتى كان القبض باطلا فإن التفتيش الذي ترتب عليه باطل أيضا ذلك أنه حتى لو أجيز لرجل الضبط القبض فإن التفتيش الذي تلاه يكون على خلاف ما تقضي به المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية لأنه لم يكن تفتيشا وقائيا وإنما هو تفتيش قصد به البحث عن دليل أو عن جسم الجريمة قبل وقوعها مما يخالف القانون ويعيب الحكم بالبطلان.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إن الضابط غاندي تهامي توجه إلى ناحية نقيق بدائرة مركز أولاد طوق وبرفقته المخبران كامل سلطان أحمد, وعبد الشافي حسن الدربي لضبط متهمين في حادث مقتل آمنه سند هيكل وكانوا جميعا يستقلون سيارة أوتوبيس, ولما وقفت السيارة أمام هذه البلدة نزل الطاعن من السيارة كما نزل أيضا الضابط والمخبران وكانت تبدو على الطاعن مظاهر الارتباك عند رؤيته للضابط وعلم هذا الأخير من المخبرين أن الطاعن من عائلة المتهمين المطلوب القبض عليهم فتوجه نحوه ليستوضح اسمه وبلدته إلا أنه جرى فتبعه الضابط والمخبران وتمكنوا من القبض عليه وسأله الضابط عن اسمه وقام بتفتيشه فعثر على المخدر وكان في الجيب الأيمن من الصديري وملفوفا لفة واحدة بورق أبيض وتبين أن هذا الجيب ملوث بآثار الأفيون، كما عثر معه على شفرة حلاقة وجدت ملوثة بآثار الأفيون", ثم عرض الحكم للدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه في قوله.
"وحيث إنه بالنسبة للدفع ببطلان القبض والتفتيش فإنه من المقرر قانونا أن الاستيقاف في الطريق هو أمر مباح لرجال الحفظ عند الشك في أمر عابر السبيل. ونصت المادة 34 من قانون الإجراءات على أن لمأمور الضبط القضائي أن يأمر بالقبض على المتهم الذي توجد دلائل كافية على اتهامه في الجنايات - وحيث إن الضابط علم أن المتهم من عائلة المتهمين المطلوب القبض عليهم في جناية قتل فأراد استيقافه للتحقق من شخصيته وخشية أن يكون من المطلوب القبض عليهم أو على الأقل خشية أن يسبقه للبلدة ويحول دون إمكان الضابط القبض على المتهمين فجرى المتهم مما زاد في ريبة الضابط وجعله يعتقد بحق بوجود دلائل كافية على اتهامه في جناية فقبض عليه فيكون لذلك القبض صحيحا.
وحيث إن المادة 46/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية نصت على أنه في الأحوال التي يجوز فيها القبض قانونا على المتهم يجوز له أن يفتشه وقد انقسم الرأي حول نطاق حق التفتيش المقرر بهذه المادة فذهب رأي إلى أنه حق عام في جميع الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم وذلك للبحث عن أدلة الجريمة التي في حيازته وضبطها كذلك لتجريده مما يحتمل أن يكون معه من سلاح خشية أن يستعمله في المقاومة أو الاعتداء به على نفسه، وذهب قول ثان إلى أن التفتيش الوقائي أو البوليسي هو وحده الذي يجوز لمأمور الضبط القضائي إجراؤه على شخص المتهم عند القبض عليه طبقا لنص المادة 34 من قانون الإجراءات وبعيدا عن حالة التلبس - أما التفتيش للبحث عن أدلة الجريمة وضبطها فلا يجوز في هذه الحالة، وقد جرى قضاء محكمة النقض على أنه يباح تفتيش شخص المتهم بحثا عن أدلة الجريمة لضبطها وهى في حيازته ما دام القبض عليه قد وقع صحيحا طبقا للمادة 34 إجراءات وذلك استنادا إلى عموم نص المادة 46/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ولذلك يكون التفتيش الذي أجراه الضابط بعد القبض على المتهم الطاعن وعثوره على المخدر المضبوط قد وقع صحيحا أيضا ويتعين رفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش", ولما كانت المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن لمأمور الضبط القضائي أن يأمر بالقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه في حالات عددها الشارع حصرا بهذه المادة ومنها الجنايات, ومؤدي هذا أن القبض جائز لمأمور الضبط القضائي سواء كانت الجناية متلبسا بها أو في غير حالة التلبس متى كان ثمت دلائل كافية على اتهامه, لما كان ذلك وكان مجرد كون الطاعن من عائلة المتهمين المطلوب القبض عليهم وارتباكه لما رأى رجال القوة وجريه عندما نادى عليه الضابط - على فرض صحة ما يقوله الشهود في هذا الشأن - إن جاز معه للضابط استيقافه فإنه لا يعتبر دلائل كافية على اتهامه في جناية تبرر القبض عليه وتفتيشه ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بصحة القبض والتفتيش قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقض الحكم وبراءة الطاعن.