أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 10 - صـ 127

جلسة 2 من فبراير سنة 1959

برياسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: محمود محمد مجاهد, وأحمد زكي كامل, والسيد أحمد عفيفي, ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

(29)
الطعن رقم 1807 لسنة 28 القضائية

صيدلة. ما يعتبر مزاولة لها. تجزئة مخازن الأدوية البسيطة للمواد الواردة بالجدول الخامس المرافق لقانون الصيدلة. المادة 1, 93 من قانون 127 سنة 1955.
قانون. تفسيره. التفسير التشريعي. سريانه على الوقائع التي تمت قبل صدوره ما دامت لا تتجاوز تاريخ نفاذ القانون المفسر.
مثال. القانون رقم 360 لسنة 56 بتعديل بعض أحكام قانون الصيدلة.
صدر القانون رقم 360 لسنة 1956 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 127 لسنة 1955 وكان من بين ما تضمنه التعديل نص مقدمة الجدول الخامس فاستبدل بها النص الآتي: "ويشترط أن تكون هذه الأصناف داخل عبوات محكمة الغلق...... ومحظور تجزئتها في مخازن الأدوية البسيطة" ويتضح من عبارة المذكرة الإيضاحية تعليلا لهذا التعديل أن المشرع عمد إلى إصدار القانون الجديد ليفسر به القانون القديم ويفصح عن قصده الحقيقي منه, فهو بذلك قانون تفسيري لا يتضمن حكما مستحدثا, بل اقتصر على إيضاح وجلاء غموض القانون القديم وبيان قصد المشرع منه ومن ثم كان ساريا على الوقائع التى تمت قبل صدوره ما دامت لا تتجاوز تاريخ نفاذ القانون المفسر, ويكون الحكم المطعون فيه إذ دان المتهم بجريمة مزاولة مهنة الصيدلة لتجزئته مواد صيدلية بمخزنه البسيط استنادا إلى المادتين 1, 93 من القانون رقم 127 لسنة 1955 والجدل الخامس المرفق به صحيحا في القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: زاول مهنة الصيدلة بدون ترخيص. وطلبت عقابه بالمواد 1 و78 و83 من القانون رقم 127 لسنة 1955 مع تطبيق أقصى العقوبة. ومحكمة جنح الموسكي الجزئية قضت حضوريا - عملا بمواد الاتهام بتغريم المتهم خمسة جنيهات والمصادرة. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم ومحكمة القاهرة الابتدائية قضت حضوريا بتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن حاصل وجوه الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بتهمة مزاولة مهنة الصيدلة بدون ترخيص استنادا إلى أن مقدمة الجدول الخامس الملحق بالقانون رقم 127 سنة 1955 لا تبيح لمخازن الأدوية البسيطة تجزئة المواد المنصوص عليها بالجدول المذكور, فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله, ذلك أن النص جرى على أنه "لا يصرح بالاتجار في غير المواد المشار إليها بالجدول الخامس أو تجزئتها أو حيازتها في مخازن الأدوية البسيطة مما يستنتج منه بمفهوم مخالفة النص حق مخازن الأدوية البسيطة في تجزئة المواد المشار إليها في الجدول وحيازتها والإتجار فيها, يؤيد ذلك صدور قانون لاحق وهو القانون رقم 360 لسنة 1956 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 127 لسنة 1955 حظر فيه على مخازن الأدوية البسيطة حيازة هذه المواد الواردة بالجدول الخامس أو تجزئتها أو الاتجار فيها, وأشار في مذكرته الإيضاحية إلى أن النص السابق كان يجيز هذه التجزئة وأنه رؤى تدارك هذا الخطأ بإصدار القانون المعدل وكان تاريخ الواقعة في ظل القانون القديم وقبل إصدار التشريع الجديد.
وحيث إن الواقعة كما أثبتها الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه تتحصل فيما أثبته مفتش الصيدليات في المحضر المؤرخ 14 مايو سنة 1956 من أنه بالتفتيش على مخزن أدوية المتهم تبين أنه خالف المادة الأولى من قانون الصيدلة ومقدمة الجدول الخامس الملحق به بأن قام بتجزئة مواد صيدلية بمخزنه البسيط بعد أن عثر المفتش على عبوات بيكربونات الصودا وكبريتات الصودا والملح الإنكليزي وزيت الخروع والجلسرين وسائل البرافين مجزأ ومعبأ بمعرفته. وقدم الطاعن إلى المحاكمة بوصف أنه في يوم 11 مارس سنة 1956 بدائرة قسم الموسكي زاول مهنة الصيدلة بدون ترخيص, وطلبت النيابة تطبيق المواد 1, 78, 83 من القانون رقم 127 لسنة 1955 فقضى ابتدائيا بتغريم الطاعن خمسة جنيهات والمصادرة وتأيد هذا الحكم استئنافيا في 30 نوفمبر سنة 1957, ولما كانت المادة الأولى من القانون رقم 127 لسنة 1955 تنص على أنه "لا يجوز لأحد أن يزاول مهنة الصيدلة بأية صفة كانت إلا إذا كان مصريا... ويعتبر مزاولة لمهنة الصيدلة في حكم هذا القانون تجهيز أو تركيب أو تجزئة أي دواء أو عقار أو نبات طبي أو مادة صيدلية تستعمل من الباطن أو الظاهر أو بطريق الحقن لوقاية الإنسان أو الحيوان من الأمراض أو علاجه منها أو توصف بأن لها هذه المزايا" وتنص المادة 93 من هذا القانون على أن: "تعتمد الجداول الملحقة بهذا القانون وتعتبر مكملة له" وجاء بمقدمة الجدول الخامس الملحق بالقانون ما يأتي "ولا يصرح بالإتجار في مواد أخرى أو تجزئتها أو حيازتها في مخازن الأدوية البسيطة سوى ما هو مذكور في الجدول المبين بعد ويشترط أن تكون هذه الأصناف داخل عبوات محكمة الغلق ومبينا عليها اسم الصنف وكميته والثمن واسم المؤسسة الصيدلية الواردة منها وعنوانها واسم الصيدلي محضر أو مجزئ الصنف، ويشترط أن تباع في عبواتها الأصلية ومحظور تجزئتها في مخازن الأدوية البسيطة" ومن بين هذه المواد بيكربونات الصودا والملح الإنكليزي والجلسرين وزيت الخروع وسائل البرافين, وقد وردت مع أصناف أخرى بالجدول المشار إليه, وكان يبين من نص مقدمة الجدول أنه مشوب بالغموض, إذ حظرت الفقرة الأولى منها على مخازن الأدوية البسيطة تجزئة المواد الأخرى غير المبينة بالجدول مما يفيد بطريق مفهوم المخالفة إباحه التجزئة للمواد الواردة بالجدول, بينما جاءت الفقرة الأخيرة منها فقضت بحظر تجزئة هذه المواد على مخازن الأدوية البسيطة, غير أن هذا الغموض لا يحول دون تفسير النص على هدى ما يستخلص من قصد المشرع, وقد أفصح عن هذا القصد في العبارة الأخيرة التي ختم بها مقدمة الجدول, وهى تفيد حظر التجزئة على مخازن الأدوية البسيطة, ونظرا لما كان يثور من خلاف حول تفسير هذا النص رأى المشرع إصدار القانون رقم 360 لسنة 1956 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 127 لسنة 1955, وكان من بين ما تضمنه التعديل نص مقدمة الجدول الخامس فاستبدل بها النص الآتي: "ويشترط أن تكون هذه الأصناف داخل عبوات محكمة الغلق ومبينا عليها اسم الصنف وكميته والثمن واسم المؤسسة الصيدلية الواردة منها وعنوانها واسم الصيدلي محضر أو مجزئ الصنف, ويشترط أن تباع في عبواتها الأصلية ومحظور تجزئتها في مخازن الأدوية البسيطة" وجاء في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون تعليلا لهذا التعديل. "أما بالنسبة للجدول الخامس - وهو جدول المواد المصرح ببيعها في مخازن الأدوية البسيطة - فإن النص القائم يفيد جواز تجزئة تلك المواد في المخزن, مع أن هذه التجزئة لا يجوز أن تتم إلا في الصيدليات العامة أو معامل الإنتاج, ولذلك رؤى تعديل النص لإزالة اللبس الموجود فيه بالنسبة للتجزئة بحيث يصبح النص صريحا على عدم جواز تلك التجزئة بالمخازن البسيطة". ويتضح من عبارة المذكرة الإيضاحية أن المشرع عمد إلى إصدار القانون الجديد ليفسر به القانون القديم ويفصح عن قصده الحقيقي منه, فهو بذلك قانون تفسيري لا يتضمن حكما مستحدثا, بل اقتصر على إيضاح وجلاء غموض القانون القديم وبيان قصد المشرع منه ومن ثم كان ساريا على الوقائع التي تمت قبل صدوره ما دامت لا تتجاوز تاريخ نفاذ القانون المفسر - لما كان ما تقدم, فإن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة مزاولة مهنة الصيدلة استنادا إلى النصوص المتقدمة لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تأويله, ويتعين لذلك رفض الطعن موضوعا.