أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 10 - صـ 155

جلسة 3 من فبراير سنة 1959

برياسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: محمود محمد مجاهد, وأحمد زكي كامل, والسيد أحمد عفيفي, ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

(33)
الطعن رقم 1227 لسنة 27 القضائية

(أ), (ب) تقليد وتزوير الأختام والتمغات والعلامات. جريمة المادة 206 ع. "المسئولية عنها". القصد الجنائي. ماهيته. اختلافه عن القصد الجنائي الذي تتطلبه المادة 27 من ق 224 لسنة 1951 بتقرير رسم الدمغة والمادة 229 ع بتقليد علامات البوستة والتلغراف.
القصد الجنائي في جريمة المادة 206ع قصد خاص مفترض يستلزم توافر نية الغش. المادة 27 من قانون الدمغة هى من قوانين البوليس القصد منها توقي تداول الدمغات إذا برؤ من هذه النية.
(ج) دفاع. طلب ضم قضية من حيث صلته بالتسبيب. متى لا تلتزم المحكمة بالرد الصريح عليها؟
طلب ضم قضية تدعيما لرأي قانوني للمتهم لا يقتضي ردا صريحا من المحكمة طالما أنها طبقت القانون على واقعة الدعوى تطبيقا صحيحا.
1 - يختلف القصد الجنائي الذي يتطلبه نص المادة 206 من قانون العقوبات عن القصد الجنائي الذي تتطلبه المادة 27 من القانون رقم 224 لسنة 1951, فالقصد الجنائي في المادة 206 قصد خاص هو العلم بتحريم الفعل ونية استعمال الشئ المقلد أو المزور استعمالا ضارا بمصلحة الحكومة أو بمصلحة الأفراد, وهو مفترض من التقليد أو التزوير, وعلى المتهم وحده إثبات عكس هذا القصد, أما القصد الجنائي في المادة الأخرى الخاصة بعلامات الدمغة فقصد عام هو مجرد العلم بالتقليد أو التزوير دون إذن الجهات المختصة, ولو كان ذلك لأغراض ثقافية أو علمية أو فنية أو صناعية, مما لا يتوافر به القصد الجنائي المنصوص عليه في المادة 206 من قانون العقوبات.
2 - المادة 27 من القانون رقم 224 لسنة 1951 هى من قوانين البوليس المقصود بها توقي تداول الدمغات في ذاته, دون أن يلابس هذا التداول نية الغش أو أي باعث آخر غير مشروع, يدل على ذلك المقارنه بين الألفاظ والعبارات المنصوص عليها في هذه المادة والمادة 206 من قانون العقوبات, كما يدل على ذلك أن المشرع أضاف المادة 27 من القانون رقم 224 لسنة 1951 ومثيلتها المادة 229 من قانون العقوبات لمواجهة حالة خاصة, عبر عنها في بعض المذكرات التفسيرية لهذه القوانين لم تكن تدخل في نطاق الماة 206 من قانون العقوبات, وهى تداول تلك الدمغات والطوابع, حتى ولو لم يكن صنع نماذجها مقصودا به استعمالها استعمالا ضارا بمصلحة الحكومة أو الأفراد.
3 - إذا كان الطاعن قد طلب ضم قضية تدعيما لرأيه القانوني, فإنه لا حاجة بالمحكمة إلى الرد عليه بأكثر من تطبيق القانون على واقعة الدعوى تطبيقا صحيحا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولا - قلد تمغات مصالح الحكومة بأن اصطنع بطريق الطبع أوراق التمغة على الاتساع فئة الخمسين مليما على هيئة الأوراق الصحيحة وذلك على الوجه المبين بتقرير قسم أبحاث التزيف والتزوير المرفق. ثانيا - استعمل الأوراق المزيفة سالفة الذكر مع علمه بتقليدها بأن عرضها للبيع على الوجه المبين بالمحضر. وطلبت من غرفة الإتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 206/ 3 من قانون العقوبات, فصدر قرارها بذلك. ومحكمة جنايات الاسكندرية قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام مع تطبيق المادتين 32/ 2 و17 من قانون العقوبات بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبعزله مدة تعادل ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه وبمصادرة الأوراق المزورة المضبوطة.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجه الثاني من وجهي الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون, ذلك أن الواقعة المنسوبة إلى الطاعن هى جنحة تقع تحت نص المادة 27 من القانون رقم 224 لسنة 1951 بتقرير رسم الدمغة لا تحت نص المادة 206 من قانون العقوبات, ولما كانت الجرائم المنصوص عنها في القانون المذكور جنحا لا جنايات, وكان لا يجوز رفع الدعوى بها إلا بعد الحصول على إذن مصلحة الضرائب, فإن الدعوى الجنائية تكون غير مقبولة وتحريكها بغير إذن مصلحة الضرائب يقع باطلا يترتب عليه بطلان ما تلاه من إجراءات وأحكام.
وحيث إن طوابع الدمغة وإن كانت من علامات إحدى المصالح الحكومية التي تعاقب على تقليدها المادة 206 من قانون العقوبات والمادة 27 من القانون رقم 224 لسنة 1951, إلا أن القصد الجنائي الذي يتطلبه نص المادة 206 عقوبات يختلف عن القصد الجنائي الذي تتطلبه المادة 27 من القانون رقم 224 لسنة 1951, فالقصد الجنائي في المادة 206 قصد خاص هو العلم بتحريم الفعل ونية استعمال الشئ المقلد أو المزور استعمالا ضارا بمصلحة الحكومة أو بمصلحة الأفراد وهو مفترض من التقليد أو التزوير, أما القصد الجنائي في المادة الأخرى الخاصة بعلامات الدمغة فقصد عام هو مجرد العلم بالتقليد أو التزوير دون إذن الجهات المختصة, ولو كان ذلك لأغراض ثقافية أو علمية أو فنية أو صناعية, مما لا يتوافر به القصد الجنائي المنصوص عليه في المادة 206 من قانون العقوبات, والمادة 27 من القانون رقم 224 لسنة 1951 هى من قوانين البوليس المقصود بها توقي تداول هذه الدمغات في ذاته دون أن يلابس هذا التداول نية الغش أو أي باعث آخر غير مشروع, يدل على ذلك المقارنة بين الألفاظ والعبارات المنصوص عليها في المادتين, فالشارع قد استعمل في المادة 206 عقوبات لفظ "قلد" و "زور" و "استعمل" بينما هو في المادة الأخرى قد استعمل ألفاظا أخرى غيرها هى "صنع" أو "حمل" أو "وزع" أو "عرض للبيع" مطبوعات أو نموذجات مهما كانت طريقة صنعها تشابه بهيئتها الظاهرة طوابع التمغة, كما يدل على ذلك أن المشرع أضاف المادة 27 من القانون رقم 224 لسنة 1951 ومثيلتها المادة 229 من قانون العقوبات لمواجهة حالة خاصة عبر عنها في بعض المذكرات التفسيرية لهذه القوانين لم تكن تدخل في نطاق المادة 206 عقوبات وهى تداول تلك الدمغات والطوابع حتى ولو لم يكن صنع نماذجها مقصودا به استعمالها استعمالا ضارا بمصلحة الحكومة أو الأفراد, لما كان ذلك, وكان حاصل ما تقدم أن المادة 206 عقوبات هى الأصل وهى تقضي بعقوبة الجناية على تقليد طوابع الدمغة متى كان حاصلا بنية الغش, وهذه النية مفترضة تثبت بثبوت التقليد في ذاته, أما المادة 27 من القانون رقم 224 لسنة 1951 بتقرير رسم الدمغه فهى استثناء من هذا الأصل إذ تعاقب بعقوبة الجنحة على التقليد متى كان بريئا من نية الغش وحصل بغير إذن وعلى الطاعن وحده إثبات عكس هذا القصد المفترض, وكان الحكم قد أثبت أن الطاعن قلد دمغات مصلحة الضرائب ليجريها مجرى الدمغات الصحيحة في التعامل وكان ذلك بنية الغش الذي يعتبر مفترضا لا بنية استعمالها نموذجا فنيا أو صناعيا أو تجاريا أو غير ذلك من الأغراض البريئة في الأصل والتي توجب تطبيق عقوبة الجنحة المنصوص عليها في المادة 27 من القانون رقم 224 لسنة 1951, وكان الطاعن لم يدفع أمام محكمة الموضوع بأن قصده من التزوير كان شيئا مما ذكر, وإنما قال قول عاما عاريا عن دليله لعدم انطباق المادة 206 من قانون العقوبات على واقعة الدعوى مع أنها هى الأصل المنطبق - لما كان ما تقدم, فإن الحكم إذ أعمل المادة المذكورة في حق الطاعن يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا. يضاف إلى كل ذلك أن الحكم أثبت أيضا أن الطاعن قلد العلاقة المائية المؤلفة من الهلال والنجوم الثلاثة والمطبوعة على أوراق الدمغة وهى إحدى العلامات الخاصة بالحكومة والتي يعاقب على تقليدها بالمادة 206 من قانون العقوبات, ومن ثم فلا مصلحة إذن للطاعن فيما أثاره ولا وجه لما ينعاه.
وحيث إن مبنى الوجه الأول من وجهي الطعن هو الإخلال بحق الدفاع, ذلك أن الحكم المطعون فيه استند في القول بثبوت التقليد إلى تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وهو قاصر على وصف حالة الأرقام والعبارات المطبوعة بالحبر, وكذلك العلامة المائية في الأوراق المدموغة, وكان من المتعين للقول بثبوت التزوير وحصوله في الأوراق المطبوعة أن يبين الفارق بين نوع الورق المضبوط والصحيح من ناحية الحجم والمساحة والسمط ونوع الألياف, وهل هذه الخصائص مستمدة من الأوراق الصحيحة والمضبوطة أو لا, وكذلك أن يوضح الفارق بين العلامات والعبارات والأرقام المطبوعة على الأوراق المضبوطة ومثيلاتها الصحيحة من ناحية نوع الخط وكيفية الكتابة ونوعها وأبعادها ومقاساتها وما حولها وأن يبين وجه الخلاف في كيفية طبع العلامة, وكان على المحكمة أن تجيب الطاعن إلى ما طلبه من إعادة فحص الأوراق بمعرفة الخبراء الفنيين, وقد سكتت عن طلب ضم القضية رقم 205 لسنة 1955 مسلسل ضرائب على الرغم من ارتباطها بهذه الدعوى مما يعد إخلالا بحقه في الدفاع.
وحيث إنه لما كانت المحكمة قد تناولت طلب ندب خبير آخر فرفضته وعللت رفضها بالاكتفاء بما جاء بالتقرير الفني المقدم في الدعوى وتحقيقها للتزوير بنفسها من مقارنتها بين الأوراق الصحيحة والأوراق المقلدة, فضلا عن إيرادها لملابسات الدعوى وظروفها التي استشفت منها حصول التزوير, وهو رد سائغ, وكان الطاعن قد طلب ضم القضية رقم 205 لسنة 1955 بدعوى تشابهها معها في حكم القانون, وأنه قد حكم في القضية المذكورة بعقوبة الجنحة, أي أنه طلب ضمها تدعيما لرأيه القانوني, وكان لا حاجة بالمحكمة إلى الرد عليه بأكثر من تطبيق القانون على واقعة الدعوى تطبيقا صحيحا - لما كان ما تقدم, فإن هذا الوجه يكون غير سديد.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن بأكمله على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.