أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 10 - صـ 163

جلسة 3 من فبراير سنة 1959

برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة, وبحضور السادة: مصطفى كامل, وفهيم يسى جندي, ومحمد عطيه اسماعيل, وعادل يونس المستشارين.

(35)
الطعن رقم 1810 لسنة 28 القضائية

إثبات. المحررات. حجية الثابت بمحضر الجلسة. حكم. عيوب التدليل. خطأ الإسناد إلى الشهود والتحقيقات. إجراءات المحاكمة. تدوينها بمحضر الجلسة.
اكتساب محضر الجلسة الذي اعتمده رئيسها وكاتبها بالتوقيع عليه حجية لا يحل بعدها للمحكمة أن تطرحه وتعتمد في قضائها على ما سمعته هى دون الثابت في المحضر ما دامت هى لم تجر تصحيح ما اشتمل عليه بالطريقة التي رسمها القانون.
الحكم يكمل محضر الجلسة في الإجراءات دون أدلة الدعوى.
إذا كان ما أثبتته المحكمة من شهادة الشاهد واعتمدت عليه في حكمها يناقض الثابت على لسانه بمحضر الجلسة الذي اعتمده رئيسها وكاتبها بالتوقيع عليه - فاكتسب بذلك حجية لا يحل بعدها للمحكمة أن تطرحه وتعتمد في قضائها على ما سمعته هى دون الثابت في المحضر ما دامت هى لم تجر تصحيح ما اشتمل عليه بالطريقة التي رسمها القانون - وكان الحكم لا يعتبر مكملا لمحضر الجلسة إلا في إجراءات المحاكمة دون أدلة الدعوى التي يجب أن يكون لها مصدر ثابت في الأوراق فإن الحكم إذ قضى في جريمة - عدم تنفيذ المتهمين قرار الهدم الصادر إليهم من لجنة الشئون الهندسية القائمة على أعمال التنظيم - بالغاء الهدم استنادا إلى ما سمعته المحكمة الاستئنافية من أن الشاهد قرر أمامها أنه لا يخشى خطرا من بقاء الدور الأرضي للمنزل بعد أن هدم المتهمين الدورين العلويين وهو عكس ما أثبت بمحضر جلسة المحكمة الاستئنافية على لسان هذا الشاهد - إذ قضى الحكم بذلك يكون مشوبا بخطأ الإسناد مما يتعين معه نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بأنهم لم ينفذوا في الميعاد قرار الهدم الصادر إليهم من لجنة الشئون الهندسية القائمة على أعمال التنظيم. وطلبت عقابهم بالمواد 1 و2 و4 و6 و7 و8 و9 من القانون رقم 605 لسنة 1954, ومحكمة جنح أخميم الجزئية قضت غيابيا بتغريم كل من المتهمين مائة قرش والهدم على نفقتهم. فعارض المحكوم عليهم, وقضى في معارضتهم بتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف المتهمون الحكم الأخير. ومحكمة سوهاج الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضوريا بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بعقوبة الغرامة وإلغاء عقوبة الهدم.
فطعنت النيابة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن الطاعنة (النيابة العامة) تنعي على الحكم المطعون فيه خطأ الإسناد, إذ اعتمد في قضائه بإلغاء عقوبة الهدم على ما سمعته المحكمة من شاهد الإثبات بالجلسة (مهندس التنظيم), ومؤداه أنه لا يخشي خطرا من بقاء الدور الأرضي للمنزل بعد أن هدم المطعون ضدهم الدورين العلويين, وأطرحت المحكمة ما أثبت بمحضر الجلسة على لسان الشاهد المذكور وهو عكس ما أثبتته في حكمها مع أن العبرة هو بما أثبت بمحضر الجلسة ولا سبيل إلى إثبات عكسه.
وحيث إن واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه تتحصل في أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية قبل المطعون ضدهم بوصف أنهم لم ينفذوا في الميعاد قرار الهدم الصادر إليهم من لجنة الشئون الهندسية القائمة على أعمال التنظيم, وطلبت عقابهم بالمواد 1 و2 و4 و6 و7 و8 و9 من القانون رقم 605 لسنة 1954, فقضت محكمة أول درجة بتغريم كل منهم مائة قرش والهدم على نفقتهم, فطعن المحكوم عليهم في الحكم بالاستئناف وطلبوا إلى المحكمة الاستئنافية إلغاء الحكم المستأنف بمقولة أنهم قاموا بتنفيذ قرار الهدم بالنسبة للدورين العلويين واستبقوا الدور الأرضي لزوال الخطر المبرر للهدم وأشهدوا على صحة هذا الدفاع مهندس التنظيم المختص الذي أدلى بشهادته, وقد عرض لها الحكم المطعون فيه بقوله "وحيث إنه بجلسة اليوم سمعت المحكمة أقوال شاهد الإثبات السيد غردون يسى الذي قرر أنه لحصول خلل بالمنزل, وكان مكونا من دورين علويين, قام المتهمون بهدمهما فعلا, وإن في الابقاء على الدور الأرضي ما يجعل الخلل الذي يخشى منه تهدم البناء غير قائم. وحيث إن المحكمة استبانت من مراجعة محضر جلسة اليوم أن ما ثبت على لسان الشاهد سالف الذكر غير ما سمعته المحكمة, إذ قرر الشاهد أمام المحكمة أنه بهدم الدورين العلويين أصبح البناء في حالة لا يخشى منه أي خطر, وتعول المحكمة على ما سمعته وما دار بالجلسة, ومن ثم ترى تعديل الحكم والاكتفاء بعقوبة الغرامة وإلغاء عقوبة الهدم".
وحيث إن الثابت بمحضر جلسة المحكمة الاستئنافية أن مهندس التنظيم (غردون يسى) قد شهد أمامها بأنه "حصل انفجار في ماسورة المياه في الشارع فحدث خلل في البيت, وكان المنزل مكونا من دورين, وحررت قرار إزالة فهدم الدور الثاني والثالث ولم يهدم الدور الأول, وأخشى أن يحدث شئ إن لم يهدم الدور الأول" لما كان ذلك, وكان ما أثبتته المحكمة من شهادة الشاهد واعتمدت عليه في حكمها يناقض الثابت على لسانه بمحضر الجلسة الذي اعتمده رئيسها وكاتبها بالتوقيع عليه - فاكتسب بذلك حجية لا يحل بعدها للمحكمة أن تطرحه وتعتمد في قضائها على ما سمعته هى دون الثابت بالمحضر ما دامت هى لم تجر تصحيح ما اشتمل عليه بالطريقة التي رسمها القانون - وكان الحكم لا يعتبر مكملا لمحضر الجلسة إلا في إجراءات المحاكمة دون أدلة الدعوى التي يجب أن يكون لها مصدر ثابت في الأوراق, فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء الهدم استنادا إلى ما سمعته المحكمة يكون مشوبا بخطأ الاسناد مما يتعين معه نقضه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التي أصدرته للحكم فيها من جديد مشكلة من قضاة آخرين.