أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثانى - السنة 12 - صـ 586

جلسة 22 من مايو سنة 1961

برياسة السيد محمد عطية اسماعيل المستشار، وبحضور السادة: عادل يونس، وعبد الحسيب عدى، ومحمود اسماعيل، وحسن خالد المستشارين.

(111)
الطعن رقم 317 لسنة 31 القضائية

إثبات. دفاع. شيك بدون رصيد.
(أ) طلب التحقيق. متى لا تلتزم المحكمة بإجابته. عند استحالة تحقيقه. مثال. شيك. بياناته. إثبات. صحة الاستناد إلى ما ورد عن ذلك بمحضر ضبط الواقعة عند رفض المتهم تقديم الشيك بعد أن تسلمه من المجنى عليه.
(ب) شيك بدون رصيد. جريمة المادة 337 عقوبات. أركانها. كيفية سداد قيمة الشيك: لا تؤثر فى توافرها.
1 - استحالة تحقيق بعض أوجه الدفاع لا تمنع من الحكم بالإدانة مادامت الأدلة القائمة فى الدعوى كافية للثبوت. فإذا كان ما أورده الحكم قاطعا فى الأدلة بأن المحكمة لم تأل جهدا فى سبيل تحقيق دفاع المتهم، وقد تبين لها من التحقيق الذى أجرته وجود الشيك فى حوزة المتهم الذى أبى تقديمه، ومن ثم فقد أصبح اطلاع المحكمة عليه متعذرا، فإنه لا يعيب الحكم أن يدين المتهم استنادا إلى العناصر والأدلة الأخرى المطروحة - ومنها محضر ضبط الواقعة الذى ثبت مما ورد به استيفاء الشيك كافة شروطه الشكلية والموضوعية.
2 - تعتبر جريمة المادة 337 من قانون العقوبات متوافرة الأركان بمجرد إعطاء المتهم الشيك وعلمه بعدم وجود مقابل وفاء له فى تاريخ السحب، بغض النظر عن كيفية سداد قيمته بعد ذلك.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أعطى بسوء نية شيكا للمجنى عليه على بنك مصر لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلبت عقبه بالمادتين 336 و 227 من قانون العقوبات وتوقيع أقصى العقوبة. والمحكمة الجزئية قضت حضوريا عملا بمادتى الإتهام مع تطبيق المادتين 55 و 56 من قانون العقوبات بحبس المتهم شهرا واحدا مع الشغل وغرامة عشرة جنيهات وأمرت المحكمة بوقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من صيرورة هذا الحكم نهائيا بلا مصاريف. فاستأنف المتهم هذا الحكم. والمحكمة الاستئنافية قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ الغرامة المحكوم بها أيضا لمدة ثلاث سنوات. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقضى فيه بقبوله شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى دائرة استئنافية أخرى. أعيدت الدعوى إلى المحكمة الاستئنافية وبعد أن أتمت نظرها قضت فيها حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتأييد الحكم المستأنف وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة بشقيها لمدة ثلاث سنين تبدأ من تاريخ صدور هذا الحكم. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى أوجه الطعن هو القصور فى تطبيق القانون وبطلان فى الإجراءات والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الحكم المطعون فيه دان الطاعن عن جريمة إصدار شيك بدون رصيد على الرغم مما تمسك به من عدم انطباق وصف الشيك عليه لحمله تاريخين، كما أن الحكم المذكور وهو فى معرض التدليل على صحة الإيصال المقدم من المجنى عليه والذى يتضمن استلام الطاعن للشيك نفى أن الطاعن طعن بتزوير ذلك الإيصال فى حين أن الثابت بمحضر الجلسة أنه طعن بتزوير الإيصال المذكور وكان لزاما على المحكمة أن تتخذ الإجراءات لذلك أو أن تسمح للطاعن بالطعن بالتزوير فى قلم الكتاب وفقا لنص المواد 295 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية. هذا ولم يرد الحكم المطعون فيه أيضا على دفاع الطاعن المبنى على أنه أوفى بقيمة الشيك إلى المجنى عليه فى يوم استحقاقه وهو يوم 13/ 12/ 1956 رغم أن الإيصال الذى تمسك به الشاهد المجنى عليه وتمسك به كذلك الحكم المطعون فيه يحمل نفس تاريخ استحقاق الشيك مما يحقق دفاع الطاعن وتنعدم الجريمة بهذا السداد.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله "إن المتهم اشترى بضاعة من المجنى عليه بمبلغ 225 جنيها وسدد الثمن بمقتضى شيك على بنك مصر فرع القاهرة استحقاق 13/ 12/ 1956 ولما تقدم المجنى عليه للبنك لصرف الشيك امتنع عن الصرف لعدم وجود مقابل له فأبلغ بالحادث، وقدم المتهم لمحاكمته بمقتضى المادتين 336 و 337 من قانون العقوبات، وبالجلسة دفع المتهم بأن الشيك يحمل تاريخين وأنه على هذا الأساس لا يعتبر أداة وفاء وإنما أداة إئتمان ولا ينطبق عليه نص المادتين آنفتى الذكر، بيد أن محكمة أول درجة لم تأخذ بدفاعه وقضت بإدانته استنادا إلى ما ثبت لها من الإطلاع على محضر ضبط الواقعة من أن الشيك يحمل تاريخا واحد لا تاريخين وأنه مستوف لشرائطه الشكلية والموضوعية المتفق عليها ولم يقبل المتهم هذا الحكم وطعن عليه بالاستئناف طالبا إلغاءه والحكم ببراءته تأسيسا على أن محكمة أول درجة لم تطلع على الشيك ولم تحقق دفاع المنصب على أن الشيك يحمل تاريخين لا تاريخا واحدا وإنما اكتفت بما هو ثابت فى محضر ضبط الواقعة وهو ما يتضمن إهدارا لحقوقه. وحيث إن المحكمة الاستئنافية أعلنت المجنى عليه شاهدا فى الدعوى. وطلبت منه تقديم الشيك موضوع الجريمة لتحقيق دفاع المتهم فأفاد بأن الشيك رد إلى المتهم وأنه سلمه إياه بمقتضى وصول مؤرخ 13/ 12/ 1956 وبمواجهة الأخير بهذه الأقوال أنكر واقعة الاستلام ونعى على الوصل بأنه مزور بيد أنه لم يجرؤ على الطعن عليه بالتزوير وبمضاهاة التوقيع الوارد به والمنسوب للمتهم على توقيع المتهم المعترف به والثابت فى تقرير الطعن فى الاستئناف اتضح بالعين المجردة أنهما مطابقان لبعضهما تمام التطابق مما يقطع بأن دفاع المتهم لا أساس له وأن القصد منه هو عرقلة الفصل فى الدعوى بعد ما أصبح الشيك فى حيازته بمنأى عن كل تحقيق - وأن الحكم المستأنف إذ قضى بالإدانة جدير بالتأييد". لما كان ما تقدم، وكانت استحالة تحقيق بعض أوجه الدفاع لا تمنع من الحكم بالإدانة مادامت الأدلة القائمة فى الدعوى كافية للثبوت، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه قاطعا فى الدلالة بأن المحكمة لم تأل جهدا فى سبيل تحقيق دفاع الطاعن وقد تبين لها من التحقيق الذى أجرته وجود الشيك فى حوزة الطاعن الذى أبى تقديمه ومن ثم فقد أصبح اطلاع المحكمة عليه متعذرا، فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه أن يدين الطاعن استنادا إلى العناصر والأدلة الأخرى المطروحة ومنها محضر ضبط الواقعة الذى ثبت مما ورد به استيفاء الشيك لكافة شروطه الشكلية والموضوعية. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر الجلسات أن الطاعن لم يسلك الطريق الذى رسمته المادة 295 وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية فى خصوص الطعن بالتزوير فى الإيصال الذى قدمه المجنى عليه متضمنا تسليم الشيك للطاعن، وقد ركنت المحكمة إلى التحقيق فى ذلك التزوير فأجرت مضاهاة بين التوقيع المذيل به الإيصال والتوقيع المدون بتقرير الاستئناف وانتهت إلى تطابقهما واطرحت ما قاله الطاعن بتزوير ذلك الإيصال فليس للطاعن أن ينعى بعد ذلك أن المحكمة لم تمكنه من الطعن بالتزوير وخاصة أنه لم يطلب أجلا لسلوك طريق الطعن بالتزوير. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحكمة الاستئنافية أن الطاعن أو المدافع لم يثر شيئا خاصا بسداد قيمة الشيك، ومن ثم فليس له أن ينعى على الحكم المطعون فيه عدم رده على دفاع لم يبده وهو دفاع موضوعى لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، هذا فضلا عن أن الجريمة التى دين بها الطاعن تعتبر متوافرة الأركان بمجرد إعطاء الطاعن الشيك وعلمه بعدم وجود مقابل وفاء له فى تاريخ السحب، بغض النظر عن كيفية سداد قيمته بعد ذلك.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه.