أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثانى - السنة 12 - صـ 590

جلسة 22 من مايو سنة 1961

برياسة السيد محمد عطية اسماعيل المستشار، وبحضور السادة: عادل يونس، وعبد الحسيب عدى، ومحمود اسماعيل، وحسن خالد المستشارين.

(112)
الطعن رقم 321 لسنة 31 القضائية

سب وقذف. حكم "تسبيبه".
(أ) العلانية. الطريق العام والمكان المطروق. جهر المتهم بفعل القذف فى حانوت كواء متصل بالطريق العام. ترديد المتهم ذلك بمكتب عمله (وهو ناظر مدرسة) فى حضور أشخاص غرباء عن مخالطيه فى عمله. تحقق العلانية.
(ب) القصد الجنائى. قصد الاذاعة وبيانات التسبيب. متى لا يلزم التحدث استقلالا عن توافره؟ إذا كان مستفادا من علانية الإسناد التى استظهرها الحكم.
1 - جهر المتهم بفعل القذف فى حانوت الكواء - وهو من أرباب الحرف الذين يفتحون أبواب محالهم للجمهور ويترددون عليه بغير تمييز، فضلا عن اتصال هذا المحل بالطريق العمومى - وترديد المتهم ذلك فى مكتب عمله (وهو ناظر مدرسة) فى حضور شاهدى الإثبات الغريبين عن مخالطيه فى عمله مما يسبغ عليه صفة المكان المطروق، هو مما تتحقق به العلانية كما هى معرفة به فى القانون.
2 - القصد الجنائى فى جريمة القذف يتوافر متى كانت العبارات التى وجهها المتهم إلى المجنى عليها شائنة تمسها فى سمعتها وتستلزم عقابها، ولا على المحكمة إن هى لم تتحدث عن قصد الإذاعة على استقلال، طالما أن هذا القصد يستفاد من علانية الإسناد التى استظهرها الحكم بأدلة سائغة.


الوقائع

أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بطريق الجنحة المباشرة ضد كل من الطاعن وأخرى متهمة إياهما بأنهما: المتهمة الثانية سبتها علنا على مسمع من المارة بالشارع بالألفاظ المبينة بصحيفة دعواها، والمتهم الأول وجه إليها ألفاظ السباب المبينة بصحيفة دعواها. وطلبت عقابهما بالمواد 302 و 303 و 306 و 308 من قانون العقوبات كما طلبت أن يحكم لها قبلهما بقرش صاغ واحدا على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة الجزئية قضت حضوريا عملا بمواد الإتهام - بحبس كل من المتهمين خمسة عشر يوما وكفالة جنيهان لوقف التنفيذ وتغريم كل منهما 20 جنيها مع إلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعية بالحقوق المدنية قرشا صاغا واحدا على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية. استأنف المحكوم عليهما هذا الحكم. والمحكمة الاستئنافية قضت حضوريا عملا بالمادتين 302 و 303 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 55 و 56 من نفس القانون بالنسبة إلى المتهم الأول - بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع أولا: بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للمتهمة الثانية وبراءتها من التهمة المسندة إليها ورفض الدعوى المدنية قبلها. وثانيا: برفض الاستئناف بالنسبة للمتهم الأول وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صدور هذا الحكم. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القذف قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه قصور فى التسبيب، ذلك بأنه لم يستظهر ركن العلانية - إذ أن العبارات موضوع الاتهام المنسوب صدورها من الطاعن إلى الشاهدين إنما صدرت فى محل أحدهما وهو كواء وفى مكتب عمل الطاعن وهو ناظر مدرسة وكلا المكانين لا يعتبر محلا عموميا، كما أنه بفرض صدور تلك العبرات من الطاعن فى حضور الشاهدين فإن قصده لم ينصرف إلى إذاعتها إذ أنه لم يكلف الشاهدين بتبليغها إلى المطعون ضدها فإذا حصلت الإذاعة بغير فعل الطاعن ودون أن يقصدها فلا تجوز مؤاخذته عنها. هذا إلى أن الطاعن أثار هذا الدفاع القانونى فى مذكرة مكتوبة قدمها إلى محكمة أول درجة وذلك إلى جانب دفاع موضوعى آخر يقوم حول تلفيق التهمة عليه لنزاع بينه وبين المطعون ضدها بسبب أجرة مستحقة عليها وإقرار هذه الأخيرة بشاكيته لها فى هذا الشأن وتوقيع الحجز على منقولاتها وفاء للأجرة المتأخرة عليها، ولم تعرض المحكمة لهذا الدفاع بشطريه والتفتت عنه المحكمة الاستئنافية مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى نقلا عن عريضة دعوى الجنحة المباشرة التى أقامتها المطعون ضدها على الطاعن ووالدته المتهمة الأخرى معه فى الدعوى والتى قضى بتبرئتها استئنافيا، بما مجمله أن الطاعن طلب من حسن أحمد بيومى ألا يدخل مسكن المطعون ضدها لأنه "يرتكب معها الفحشاء" وأن الشاهد المذكور توجه ومعه عبده محمد عبد الجواد إلى مكان عمل الطاعن طالبا منه أن يسمح له بدخول مسكن المطعون ضدها حتى آخر الشهر لأنه يقوم بمباشرة زهورها وحتى يستطيع أن يأخذ منها أجره ولكن الطاعن نبه عليه مرة أخرى بأنه يمنعه من الدخول "حتى لا يرتكب معها الفحشاء" وأن الطاعن توجه فى التاريخ نفسه إلى محل عبد الرازق على العجمى الذى يعمل فى كى الملابس وحذره أيضا من دخول منزل المطعون ضدها وذكر له أنه و "الجناينى" يرتكبان معها الفحشاء وبعد أن أثبت الحكم اطلاعه على المحضر رقم 4285/ 1955 إدارى باب شرقى الذى طلبت المطعون ضدها ضمه وأورد الأدلة على ثبوت الواقعة لديه، عرض إلى دفاع الطاعن الموضوعى ثم خلص إلى قوله "وحيث إن التهمة ثابتة قبل المتهم الأول (الطاعن) من أقوال شهود الإثبات الذين شهدوا بأن المتهم أخبرهم بعدم الذهاب إلى منزل المجنى عليها لأنهم يرتكبون معها الفحشاء وقد صدر ذلك أولا للمكوجى فى محله وهو يتصل بالشارع العمومى مما يتوفر معه ركن العلانية كما حصل فى مكتبه وعلى مسمع من عبده عبد الجواد لأن العلانية تتوفر كما جاء بالمادة 171 من قانون العقوبات بالقول الذى يجهر به علنا أو بفعل أو إيماء صدر منه علنا وأمام أشخاص أو بالطريق العام. وحيث إن ما بدر من المتهم هو قذف إذ أسند إلى المجنى عليها فعلا لو صح لأوجب احتقارها أمام الناس كما أوجب عقابها بقوله (إن المكوجى والجناينى يرتكبان معها الفحشاء) وبذلك ينطبق عقابه بالمادتين 302 و 303 من قانون العقوبات". لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القذف التى دين الطاعن بها ورتب عليها مسئوليته عن التعويض المدنى وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، ذلك بأنه أثبت فى حق الطاعن إسناده إلى المطعون ضدها فلا يعد جريمة يقرر لها القانون عقوبة جنائية، ويحط من قدرها وكرامتها فى نظر الغير فى البيئة التى تعيش فيها، وقد تم ذلك عن طريق الجهر فى حانوت الكواء - وهو من أرباب الحرف الذين يفتحون أبواب محالهم للجمهور ويترددون عليه بغير تمييز فضلا عن اتصال هذا المحل بالطريق العمومى - الأمر الذى تتحقق به العلانية كما تم فى مكتب عمل الطاعن فى حضور شاهدى الإثبات الغريبين عن مخالطى الطاعن فى عمله مما يسبغ عليه صفة المكان المطروق، ويعد القذف بذلك قد تم فى علانية كما هى معرفة به فى القانون. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائى فى جريمة القذف يتوافر متى كانت العبارة التى وجهها الطاعن إلى المطعون ضدها شائنة تمس المجنى عليها فى سمعتها وتستلزم عقابها كما هى الحال فى الدعوى، ولا على المحكمة إن هى لم تتحدث عن قصد الإذاعة على استقلال طالما أن هذا القصد يستفاد من علانية الإسناد التى استظهرها الحكم بأدلة سائغة. لما كان ذلك، وكان لا يبين من الإطلاع على محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن أو المدافع عنه قد أثار دفعا قانونيا، وكان طعنه فى هذا الشأن موجها إلى الحكم الابتدائى فليس له أن يثير هذا النعى لأول مرة أمام محكمة النقض طالما أنه لم يتمسك به أمام المحكمة الاستئنافية، وكان الدفاع بأن التهمة ملفقة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستلزم ردا خاصا لأن الرد عليها يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم. لما كان ما تقدم، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.