أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 10 - صـ 204

جلسة 16 من فبراير سنة 1959

برياسة السيد حسن داود المستشار, وبحضور السادة: محمود ابراهيم اسماعيل, ومصطفى كامل, , ومحمود محمد مجاهد, وأحمد زكي كامل المستشارين.

(45)
الطعن رقم 1999 لسنة 28 القضائية

(أ) دعوى مدنية. مباشرتها أمام القضاء الجنائي. تبعيتها للدعوى الجنائية. آثار ذلك.
خضوع الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي لقواعد قانون الإجراءات الجنائية المنصوص عليها فيه. م 266 أ. ج.
(ب) استئناف. حالاته. بطلان الإجراءات وبطلان الحكم.
اقتصار حالة استئناف الحكم لبطلانه على النيابة العامة والمتهم وحدهما دون المدعي بالحقوق المدنية. المواد 402, 403, 420 أ. ج.
(ج) نقض. أوجه الطعن. بطلان الحكم. شرط التمسك به أمام محكمة النقض.
أن يكون لمبديه حق استئناف الحكم ابتداء.
(د) دعوى جنائية. تحريكها. حق المدعي المدني في ذلك ومداه. اقتصاره على تحريك الدعوى الجنائية دون مباشرتها. ما يلزم عن ذلك في خصوص أثر استئناف المدعي بالحقوق المدنية.
اتصال المحكمة الاستئنافية بالدعوى الجنائية لا يكون إلا عن طريق استئناف النيابة العامة والمتهم.
(هـ) نقض. أحكام لا يجوز الطعن فيها. الأحكام الابتدائية. المادة 420 أ. ج.
1 - تخضع الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي - على ما نصت عليه الماة 266 من قانون الاجراءات الجنائية - للقواعد الواردة في هذا القانون, فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيها ما دام يوجد في ذلك القانون نصوص خاصة بها, وبذلك لا يصح الاستناد إلى ما هو مقرر في المادة 396 من قانون المرافعات.
2 - يبين من نص المواد 402, 403, 420 من قانون الاجراءات الجنائية أن هذا القانون عرض لحالة البطلان الذي يلحق الاجراءات أو يلحق الحكم وخص المتهم والنيابة العامة وحدهما باستئناف الأحكام التي تصدر مشوبة بالبطلان دون المدعي بالحقوق المدنية, ومن ذلك ما يكون قد لحق الحكم الابتدائي من بطلان بسبب عدم تبادل المذكرات والرد عليه.
3 - يشترط لجواز الدفع ببطلان الحكم أن يكون لمبديه حق استئناف الحكم ابتداء.
4 - يقتصر أثر استئناف المدعي بالحقوق المدنية على الدعوى المدنية ولا يتعداه إلى موضوع الدعوى الجنائية - حتى ولو كان هو الذي حركها - لأن اتصال المحكمة الاستئنافية بهذه الدعوى لا يكون إلا عن طريق استئناف النيابة والمتهم.
5 - لا تجيز المادة 420 من قانون الإجراءات الجنائية الطعن بطريق النقض إلا في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة - فإذا كان الطاعن لا يوجه طعنه إلى الحكم الاستئنافي, ولكنه يرمي إلى الطعن في الحكم الابتدائي بدعوى الاخلال بحق الدفاع, ولم يتمسك بهذا الدفاع أمام المحكمة الاستئنافية, فليس له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

أقام السيد/ حكيم بخيت منصور الجنحة المباشرة رقم 553 سنة 1956 أمام محكمة بندر أسيوط الوطنية على كل من السيدين عبد المنعم رفعت مراقب المراقبة الإقليمية للشئون البلدية ومحمد عزمي باشمهندس بلدية أسيوط متهما إياهما بأنهما أولا: أبلغا نيابة بندر أسيوط كذبا مع سوء القصد بالوقائع المشار إليها بعريضة الدعوى. وثانيا: قذفا في حقه ونسبا إليه وقائع كاذبة أوجبت رفع الجنحة المباشرة ضده والإساءة إليه أمام الناس ورؤسائه في الإدارة العامة للبلديات والإدارة العامة للتخطيط والإسكان ووزارة الشئون البلدية والقروية وطلب معاقبتهما بالمواد 302 و303 و705 و307 من قانون العقوبات مع الزامهما والسيد قائد الجناح عبد اللطيف البغدادي وزير الشئون البلدية والقروية بصفته مسئولا عن الحقوق المدنية بأن يدفعوا له قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادتين 304 و381 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهمين ورفض الدعوى المدنية قبلهما وقبل المسئول عن الحقوق المدنية وإلزام رافعها بمصروفاتها المدنية. فاستأنف المدعي المدني ومحكمة أسيوط الابتدائية قضت حضوريا بعدم جواز الاستئناف. فطعن الطاعن بهذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجهين الأول والثالث من الطعن هو أن الحكم الابتدائي بنى على إجراء باطل مما يجيز استئنافه رغم قلة النصاب ذلك أن المتهمين أودعوا مذكراتهم أمام محكمة أول درجة قبل إعلانها إلى الطاعن وهو المدعي بالحق المدني فلم يمكن من الاطلاع والرد عليها, وقد أثار الحاضر معه هذا الدفاع أمام المحكمة الاستئنافية فلم تأخذ به وردت عليه بأن المحكمة الابتدائية اطلعت على القضايا المطلوب ضمها وأصدرت حكمها بعد الاطلاع عليها وهو ما لم يقصده الطاعن ولا أشار إليه في دفاعه. كما أن المحكمة الاستئنافية إذ قضت بعدم جواز استئناف الدعوى المدنية لعدم قلة النصاب لم ترد على ما أثاره الطاعن أمامها من أن الاستئناف الذي قرره الطاعن في الدعوى ينصب على الدعويين المدنية والجنائية ولا ينصرف إلى حقوقه المدنية وحدها. وحيث إنه لما كانت المادة 266 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه: "يتبع في الفصل في الدعوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية الإجراءات الجنائية المقررة بهذا القانون" وبذلك تخضع الدعوى المدنية أمام القاضي الجنائي للقواعد الواردة في قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالمحاكمة والأحكام وطرق الطعن فيها ما دام يوجد في ذلك القانون نصوص خاصة بها. ولما كانت المادة 402 من قانون الإجراءات الجنائية قد بينت الحالات التي يجوز فيها للمتهم والنيابة العامة رفع الاستئناف ثم نصت على أنه: "فيما عدا هذه الأحوال لا يجوز الاستئناف من المتهم أو النيابة إلا لسبب خطأ في تطبيق القانون أو في تأويله" وقد فسرت هذه المحكمة الخطأ في القانون الوارد في المادة 402 بمعناه الواسع بحيث يشمل أيضا وقوع بطلان في الإجراءات أو الحكم, ثم جاء نص المادة 403 من قانون الإجراءات الجنائية فلم يجز للمدعي بالحق المدني أن يستأنف الحكم الصادر في الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية إذا كانت التعويضات المطلوبة لا تزيد على النصاب الذي يحكم فيه القاضي الجزئي نهائيا - لما كان ذلك - وكان يبين من نص المادتين سالفتي الذكر ونص المادة 420 أن قانون الإجراءات الجنائية عرض لحالة البطلان الذي قد يلحق الإجراءات أو يلحق الحكم وخص المتهم والنيابة العامة وحدهما باستئناف الأحكام التي تصدر مشوبة بالبطلان دون المدعي بالحقوق المدنية - ومن ذلك ما يكون قد لحق الحكم الابتدائي من بطلان بسبب عدم تبادل المذكرات والرد عليها - إذ يشترط لجواز الدفع ببطلان الحكم أن يكون لمبديه حق استئناف الحكم ابتداء وهو ما امتنع على المدعي بالحق المدني قانونا, ولا محل لما يثيره الطاعن بأن استئنافه ينصب على الدعويين الجنائية والمدنية لأن استئناف المدعي بالحقوق المدنية يقتصر أثره على الدعوى المدنية ولا يتعداه إلى موضوع الدعوى الجنائية - حتى ولو كان هو الذي حركها - لأن اتصال المحكمة الاستئنافية بهذه الدعوى لا يكون إلا عن طريق استئناف النيابة والمتهم, وبذلك يكون استناد الطاعن إلى ما هو مقرر في المادة 396 من قانون المرافعات غير صحيح. لما كان ذلك, وكان الثابت أن الاستئناف رفع من المدعي بالحقوق المدنية عن تعويض يقل عن النصاب الإنتهائي للقاضي الجزئي وهو قرش صاغ مؤقت فيكون استئنافه إذن غير جائز قانونا, ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز استئناف المدعي بالحق المدني صحيحا في القانون.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو أن الحكم المطعون فيه أخل بحق الطاعن في الدفاع ذلك أن الحاضر مع الطاعن طلب إلى محكمة الدرجة الأولى ضم قضية الجنحة رقم 1950 لسنة 1955 قسم ثاني أسيوط - والتي تشبه في موضوعها موضع القضية الحالية وقضى فيها بالإدانة - ولكن المحكمة لم تجبه إلى طلبه ولم ترد عليه. وحيث إنه لما كانت المادة 240 من قانون الإجراءات الجنائية لا تجيز الطعن بطريق النقض إلا في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة, كان الطاعن لا يوجه طعنه إلى الحكم الاستئنافي ولكنه يرمي إلى الطعن في الحكم الابتدائي بدعوى الإخلال بحق الدفاع ولم يتمسك بهذا الدفاع أمام المحكمة الاستئنافية فليس له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.