أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 10 - صـ 223

جلسة 17 من فبراير سنة 1959

برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة, وبحضور السادة: مصطفى كامل, وفهيم يسى جندي, ومحمد عطيه اسماعيل, وعادل يونس المستشارين.

(48)
الطعن رقم 1986 لسنة 28 القضائية

إثبات. خبرة. تقدير رأي الخبير.
لا يجوز للمحكمة أن تحل نفسها محل الخبير في مسألة فنية.
دفاع. ما يعتبر إخلالا بحق الدفاع.
اغفال تحقيق الدفاع الجوهري المتعلق بحالة المجني عليه بعد إصابته وقدرته على التمييز والادراك من عدمه وذلك عن طريق المختص فنيا.
لا يجوز للمحكمة أن تحل نفسها محل الخبير الفني في مسألة فنية - فإذا كان الحكم قد استند - بين ما استند إليه - في إدانة المتهمين إلى أن المجني عليه قد تكلم بعد إصابته وأفضى بأسماء الجناة إلى الشهود, وكان الدفاع قد طعن في صحة رواية هؤلاء الشهود ونازع في قدرة المجني عليه على التمييز والإدراك بعد إصابته, فإنه كان يتعين على المحكمة أن تحقق هذا الدفاع الجوهري عن طريق المختص فنيا - وهو الطبيب الشرعي -, أما وهى لم تفعل فإن حكمها يكون معيبا لإخلاله بحق الدفاع مما يتعين معه نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: (أ) المتهمون الثلاثة: قتلوا السيد المرسي جاد عمدا ومع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية وترصدوا له أمام محله حتى ظفروا به عند خروجه منه وأطلقوا عليه النار قاصدين قتله فأصابوه وأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هى أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر شرع المتهم الأول في قتل محمد السعيد الصاوي عمدا بأن أطلق عليه عدة أعيرة نارية قاصدا قتله, وخاب أثر الجريمة لسبب خارج عن إرادته هو عدم إحكام الرماية. (ب) والمتهم الثالث أيضا: أحرز بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخنا (فردا صالحا للاستعمال). وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بمقتضى المواد 234/2 من قانون العقوبات و9/1 و3 و12 من القانون رقم 58 لسنة 1949 والجدول (ب) المرفق به. فقررت بذلك. وادعت أمينه نصر جاد "أرملة المجني عليه" بحق مدني قدره قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهمين جميعا متضامنين. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضوريا عملا بالمواد 230 و231 و45 و46 و234/1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 32/2 و17 من القانون المذكور للأول والمواد 40/2-3, 41 و230 و231 من القانون المذكور للثاني والثالث والمواد 1 و9/1-3, 12 من القانون رقم 58 لسنة 1949 والجدول (ب) الملحق به للثالث بالنسبة للتهمة الثانية مع تطبيق المادتين 32/2 و17 من قانون العقوبات للثاني والثالث. أولا: بمعاقبة عبد الرحيم السيد بدر بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وبمعاقبة كل من محمد السيد بدر ومحمد السيد جاد الله بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبمصادرة السلاح المضبوط - وثانيا: بإلزام عبد الرحيم السيد بدر ومحمد السيد بدر ومحمد السيد جاد الله متضامنين بأن يدفعوا لأمينه نصر جاد مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة, وذلك على اعتبار أن المتهم الأول في الزمان والمكان سالفي الذكر. أولا: قتل عمدا ومع سبق الاصرار السعيد المرسي جاد. وثانيا: شرع في قتل محمد السعيد القناوي. وثالثا: الثاني والثالث إشتركا مع الأول في إرتكاب الجريمة الأولى بطريقي الاتفاق والمساعدة.
فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه إخلاله بحق الدفاع إذ طلب الحاضر عنهم إلى المحكمة استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته فيما إذا كان المجني عليه يستطيع الكلام بتعقل بعد إصابته بالإصابات الجسيمة التي أثبتها التقرير الطبي ونشأ عنها تهتك الرئة اليسرى وكسر مضاعف بعظمتي الفخذ الأيمن والساعد الأيسر وحدوث الوفاة نتيجة النزيف والصدمة العصبية, فرفضت المحكمة هذا الطلب بحجة أن الإصابات بعيدة عن المخ ومن ثم فلا تمنع المجني عليه من أن يتكلم مستندة في ذلك إلى ما أورده الطبيب "سيدني سميث" في كتابه، ويرى الطاعنون أن ما قاله الحكم في هذا الصدد لا يعتبر ردا سائغا ولا مانعا من إجابة الدفاع إلى طلبه.
وحيث إن الثابت من الإطلاع على محضر الجلسة أن الحاضر عن الطاعنين قد تمسك في دفاعه بطلب مناقشة الطبيب الشرعي لبيان ما إذا كان المجني عليه يستطيع التكلم بتعقل عقب إصابته بالإصابات التي بينها التقرير الطبي الشرعي مفندا أقوال الشهود فيما قرروه من أن المجني علهي قد أفضى إليهم بأسماء الجناه عقب إصابته فلم تستجب المحكمة لطلبه قولا منها بأن تشريح العنق أورى سلامة أنسجته بما في ذلك العظم اللامي والغضاريف الحنجرية وأن القلب والرئة اليمنى وعظام القبوة والمخ والسحايا وعظام القاعدة وجدت كلها بحالة سليمة وهى الأعضاء من الجسم التي إذا أصيبت قد يتعذر معها النطق, وأيدت المحكمة رأيها في ذلك بما ورد بكتاب لأحد الأطباء الشرعيين وبما اكتسبته هى من تجارب في دراستها للقضايا الجنائية, لما كان ذلك, وكان الحكم قد استند - بين ما استند إليه - في إدانة الطاعنين إلى أن المجني عليه قد تكلم بعد إصابته وأفضى بأسماء الجناة إلى الشهود, وكان الدفاع قد طعن في صحة رواية هؤلاء الشهود ونازع في قدرة المجني عليه على التمييز والادراك بعد إصابته, فإنه كان يتعين على المحكمة أن تحقق هذا الدفاع الجوهري عن طريق المختص فنيا - وهو الطبيب الشرعي -, أما وهى لم تفعل فإنها تكون قد أحلت نفسها محل الخبير الفني في مسألة فنية, ويكون حكمها معيبا لإخلاله بحق الدفاع, مما يتعين معه نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.