أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 10 - صـ 226

جلسة 23 من فبراير سنة 1959

برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة, وبحضور السادة: محمود ابراهيم اسماعيل, ومحمود محمد مجاهد, وأحمد زكي كامل, وعادل يونس المستشارين.

(49)
الطعن رقم 2002 لسنة 28 القضائية

(أ) هتك عرض. عدم الرضاء. ما لا يوفره.
مجرد ارتكاب فعل هتك العرض في الظلام وفي وحشة الليل وفي مكان غير آهل بالناس.
(ب) هتك عرض. الظروف المشددة. صفة الجاني. سلطته على المجني عليه. ما لا يوفرها. المادة 267/2 ع.
تكليف المتهم للمجني عليه بحمل متاعه حتى مكان الحادث.
1 - مجرد ارتكاب فعل هتك العرض في الظلام وفي وحشة الليل وفي مكان غير آهل بالناس لا يفيد أنه قد تم بغير رضاء المجني عليه.
2 - تكليف المتهم للمجني عليه بحمل متاعه من محطة سيارات مدينة حتى مكان الحادث لا يجعل له سلطة عليه بالمعنى الوارد في الفقرة الثانية من المادة 267 من قانون العقوبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: قتل ........... عمدا من غير سبق إصرار ولا ترصد بأن طرحه ارضا ووضع سلكا كهربائيا رفيعا حول عنقه ولفه ثلاث لفات وجذب طرفيه بشدة ولمدة من الزمن قاصدا من ذلك قتله فأصابه بإسفكسيا الخنق المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وتقدمت تلك الجناية جناية أخرى وهى أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر هتك عرض المجني عليه بالقوة والتهديد بأن أمسكه عنوة وطرحه أرضا وخلع عنه سرواله وأدخل قضيبه في دبره وأمنى فيه, وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادتين 234 و268 من قانون العقوبات فقررت بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمادة 234/1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم عبد الحميد أحمد محمد موسى بإعدامه شنقا. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون إذ دان الطاعن بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات على اعتبار أن الجريمة التي تقدمت جناية القتل هى هتك عرض المجني عليه بالقوة تطبيقا للمادة 268 من قانون العقوبات واستند في توافر ظرف الإكراه إلى أن الطاعن اقترف فعل هتك العرض في ظلمة الليل وفي مكان غير آهل بالسكان وإنه كانت له على المجني عليه سلطة, وما قاله الحكم من ذلك لا يؤدي قانونا إلى قيام ظرف الإكراه, فإذا ما أضيف إلى ما تقدم ما ثبت من التقرير الطبي الشرعي من أن المجني عليه متكرر الاستعمال من قديم وأنه لم توجد به آثار مادية تدل على المقاومة وأن سنه حوالي 12 سنة, فإن جريمة هتك العرض تكون جنحة منطبقة على الفقرة الأولى من المادة 269 من قانون العقوبات وتكون بالتالي الفقرة الثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات هى الواجبة التطبيق.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى في قوله: "إن الطاعن كان في القاهرة في يوم الحادث وقام بإصلاح جهاز راديو بالمحل الذي كان قد اشتراه منه وغادر ذلك المحل ومعه حقيبة وجهاز الراديو ثم استقل الأوتوبيس إلى السويس فوصلها حوالي الساعة الثالثة والنصف مساء واصطحب الغلام المجني عليه لمعاونته في حمل متاعه وسارا في طريق زراعي يبعد عن الطريق العام وكان الطاعن قاصدا الشط ليبيت فيه وعندما بلغ مكان الحادث في أرض زراعية فسق بذلك الغلام كرها ثم لف حول عنقه سلكا كهربائيا وجذب طرفه بشدة قاصدا قتله فتوفى بإسفكسيا الخنق وكان يسير في الزراعة عقب ذلك خليفه دردير حمدان فاسترعى انتباهه الراديو المغطى بقماش أبيض - وكان موضوعا عند جذع شجرة هناك - ثم شاهد الطاعن خالعا سرواله فظن أن بصحبته إمرأه فاستغاث وهرع إليه حنيدق محمود علي وأحمد مصطفى علي عبد المولى ووالده وعندئذ اكتشفوا جثة الغلام مسجاة على مقربة من الطاعن فتكاثروا عليه وكان يحاول الإفلات وأوثقوه بحبل وأبلغوا بالحادث". وتحدث الحكم عن ركن الإكراه في جريمة هتك العرض في قوله "وكان الفسق بالمجني عليه كرها ودلالة هذا مقارفته ذلك الفعل مع الغلام القتيل الذي لم تزد سنه على الثانية عشر على ما أشار إليه التقرير الطبي الشرعي في ذلك المكان الموحش وفي ظلمة الليل فلابد بداهة أن يأمر ذلك الجاني فيأتمر الغلام الحدث رهبة, وأيضا لما أحاط هذا من تلك الظروف التي ينعدم بها معنى الرضا الصحيح وذلك بالإضافة إلى صفة القتيل حينذاك فهو أجير لدى المتهم الذي له عليه سلطة - ولو كانت وقتية - وسواء أكانت تلك الظروف الموحشة من ظلمة الليل ومن مكان غير آهل بالناس أو كانت سلطة المتهم الوقتية على الغلام المجني عليه أو هما معا فالنتيجة واحدة لا تتغير في أي حال منها من أن تبعث الرهبة في نفس المجني عليه فينعدم رضاه أو في القليل تهون على المتهم (الطاعن) مقارفة فعله, وتشير المحكمة في هذا السياق إلى ما ثبت بالتقرير الطبي الشرعي من تكرار استعمال المجني عليه فليس لهذا من أثر على ما سبقت الإشارة إليه من ظروف بعدم الرضاه الصحيح لدى المجني عليه". ولما كان يكفي لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض أن يكون المتهم قد ارتكب الفعل المكون للجريمة ضد إرادة المجني عليه أو بغير رضائه وكان مجرد ارتكاب الفعل في الظلام في وحشة الليل وفي مكان غير آهل بالناس - كما قال الحكم - لا يفيد أنه قد تم بغير رضاء المجني عليه, كما أن تكليف الطاعن للمجني عليه بحمل متاعه من محطة سيارات مدينة السويس حتى مكان الحادث لا يجعل له سلطة عليه بالمعنى الوارد في الفقرة الثانية من المادة 267 من قانون العقوبات ومن ثم فإن الحكم إذ قال بتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض استنادا إلى هذه الأمور يكون قد أخطأ في القانون بما يعيبه ويوجب نقضه. لما كان ما تقدم, وكانت الواقعة على هذا الأساس تكون جناية قتل عمد وجنحة هتك عرض وكان بحث العلاقة بين هاتين الجريمتين ومدى انطباق الفقرة الثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات التي يشير إليها الطاعن في طعنه وتكشف عنها عبارات الواقعة كما أثبتها الحكم تقتضي أن يكون مع النقض الإحالة.