أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 10 - صـ 240

جلسة 23 من فبراير سنة 1959

برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة, وبحضور السادة: محمود ابراهيم اسماعيل, ومحمود محمد مجاهد, وأحمد زكي كامل, وعادل يونس المستشارين.

(52)
الطعن رقم 2025 لسنة 28 القضائية

وصف التهمة. حالات تنبيه المتهم. عند تعديل التهمة بإسناد واقعة جديدة لم ترد بأمر الإحالة. م 308 أ. ج. مثال.
تغيير التهمة من شروع في قتل عمد إلى جنحة إصابة خطأ.
نقض. المصلحة في الطعن. العقوبة المبررة. الحكم الصادر بعقوبة واحدة في تهم متعددة عملا بنص المادة 32/ 2 ع.
مثال في انتفاء المصلحة من الطعن رغم مخالفة أحكام قانون الاجراءات بشأن تنبيه الدفاع إلى تعديل التهمة.
التغيير الذي تجريه المحكمة في التهمة من شروع في قتل إلى جنحة إصابة خطأ ليس مجرد تغيير في وصف الأفعال المسندة إلى المتهم في أمر الإحالة مما تملك محكمة الجنايات إجراءه بغير سبق تعديل في التهمة عملا بنص المادة 308 من قانون الاجراءات الجنائية, وإنما هو تعديل في التهمة نفسها يشتمل على إسناد واقعة جديدة إلى المتهم لم تكن موجودة في أمر الإحالة, وهى واقعة الاصابة الخطأ التي قد يثير المتهم جدلا في شأنها, مما كان يقتضي من المحكمة أن تلفت الدفاع إلى ذلك التعديل, إلا أنه لا مصلحة للمتهم في التمسك بهذا الوجه من الطعن ما دام الحكم قد عاقبه على جريمتي الاصابة الخطأ والقتل العمد مع سبق الاصرار والترصد بعقوبة واحدة داخلة في حدود العقوبة المقررة للجريمة الثانية الواجب معاقبته عليها, ولم يستند الحكم إلى الواقعة الجديدة في ثبوت التهمة التي دان المتهم بها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من: 1 - المرسي سليمان الشربيني (الطاعن) و2 - عبد الرازق صالح صقر و3 - منصور فرحات منصور بأنهم: قتلوا عبد الحي ابراهيم موافي وشرعوا في قتل السيد أحمد سيد أحمد عمدا وذلك مع سبق الاصرار والترصد بأن اتفقوا معا على قتل المجني عليه الأول وأعدوا عدتهم لذلك وذهبوا معا لمكان الحادثة وكان المتهمان الأول والثاني يحملان أسلحة نارية (بندقيتين) وكمنوا للمجني عليهما في زراعة قطن مجاورة للطريق الذي سيمران به ثم أطلق المتهم الأول عيارين ناريين على المجني عليه الأول قاصدا بذلك قتله فأصابه بالاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وأطلق المتهم الثاني عيارا ناريا على المجني عليه الثاني قاصدا بذلك قتله فأصابه في جانبه ولم تتم الجريمة لسبب خارج عن إرادته وهو إسعاف المجني عليه بالعلاج وطلبت إلى قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 230 و231 و232 و45 و46 عقوبات - فقرر إحالتهم إليها وقد ادعى المجني عليه الثاني السيد أحمد سيد أحمد بحق مدني وطلب القضاء له قبل المتهمين جميعا متضامنين بمبلغ 100 جنيه كما ادعى ورثة القتيل عبد الحي ابراهيم موافي وهم مباركه موسى شلبي والدته ونايلة محمود اسماعيل زوجته ومحمود وسكينه وهند وفاطمة وتفيده إخوته بحق مدني وطلبوا القضاء لهم قبل المتهمين جميعا متضامنين أيضا بمبلغ 100 جنيه على سبيل التعويض, ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضوريا عملا بمواد الإتهام والمادة 234 فقرة أولى مع تطبيق المادتين 32 و17 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول أولا بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبده وإلزامه بأن يدفع لورثة عبد الحي ابراهيم موافي مبلغ 100 جنيه والمصاريف المدنية وإلزامه بأن يدفع لسيد أحمد سيد أحمد مبلغ 50 جنيه والمصاريف المدنية المناسبة وثانيا: ببراءة المتهمين الثاني والثالث مما أسند إليهما ورفض الدعوى المدنية قبلهما وذلك عملا بالمادة 50 فقرة ثانية من قانون تشكيل محاكم الجنايات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات المنصورة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى وإلزام المدعين بالحقوق المدنية بالمصاريف المدنية. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضوريا بمعاقبة المتهم المرسي سليمان الشربيني بالأشغال الشاقة المؤبدة وبإلزامه بأن يدفع للمدعين بالحق المدني ورثة عبد الحي ابراهيم موافي مبلغ 100 جنيه (مائة جنيه) والمصروفات ومبلغ 3 جنيه (ثلاثة جنيهات) مقابل أتعاب المحاماه وبأن يدفع لورثة السيد أحمد سيد أحمد مبلغ 25 جنيه (خمسة وعشرين جنيها) والمصروفات المناسبة ومبلغ 200 قرش (مائتي قرش) مقابل أتعاب المحاماة.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجه الأول هو أن إجراءات المحاكمة شابها بطلان أثر في الحكم, ذلك أن الحكم المطعون فيه أسند إلى الطاعن تهمة جديدة لم ترد في أمر الإحالة بأن نسب إليه تهم إصابة المجني عليه السيد أحمد سيد أحمد خطأ بدلا من تهمة الشروع في القتل الموجهة إليه من النيابة ودانه بهذه التهمة الجديدة واتخذ منها دليلا على ثبوت تهمة القتل العمد التي دين بها الطاعن وذلك دون أن تنبه المحكمة الدفاع إلى هذا التعديل خلافا لحكم المادتين 307 و308 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن النيابة العامة اتهمت الطاعن بأنه مع متهمين آخرين قتلوا عمدا عبد الحي ابراهيم موافي وشرعوا في قتل السيد أحمد سيد أحمد عمدا ومع سبق الاصرار والترصد بأن اتفقوا معا على قتل المجني عليه الأول وأعدوا عدتهم لذلك وذهبوا معا لمكان الحادث مسلحين بالبنادق وكمنوا للمجني عليهما في زراعة قطن مجاورة للطريق الذي سيمران به ثم أطلق الطاعن عيارين ناريين على المجني عليه الأول قاصدا قتله فأصابه بالإصابات المبينة بالتقرير الطبي وتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وأطلق المتهم الثاني عيارا ناريا على المجني عليه الثاني قاصدا قتله فأصابه في جانبه ولم تتم الجريمة لسبب خارج عن إرادته وهو إسعاف المجني عليه بالعلاج - وقضت محكمة جنايات المنصورة بتاريخ 24/ 10/ 1948 بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة المؤبدة وتعويض مائة جنيه لورثة القتيل و50 جنيها للمجني عليه الثاني سيد أحمد سيد أحمد على اعتبار أنه قتل المجني عليه عمدا ومع سبق الاصرار والترصد وشرع في قتل المجني عليه الثاني بغير سبق إصرار وطبقت المادة 32/ 2 من قانون العقوبات فقرر المتهم الأول بالطعن في الحكم بطريق النقض وقبل الطعن وأحيلت الدعوى إلى محكمة جنايات المنصورة للحكم فيها مجددا وبعد نظرها أصدرت هذه المحكمة بتاريخ 26/ 11/ 57 حكما بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة المؤبدة وتعويض مائة جنيه لورثة القتيل و25 جنيها لورثة المجني عليه الثاني تطبيقا للمواد 230/ 231/ 232/ 234/ 32/ 17 من قانون العقوبات على اعتبار أنه قتل المجني عليه الأول عمدا ومع سبق الاصرار والترصد وتسبب بإهماله في إصابة المجني عليه الثاني وأنزلت حكم المادة 32/ 2 من قانون العقوبات وحكمت بالعقوبة المقررة لأشد الجريمتين - لما كان ذلك, وكان التغيير الذي تجريه المحكمة في التهمة من شروع في قتل إلى جنحة إصابة خطأ ليس مجرد تغيير في وصف الأفعال المسندة إلى المتهم في أمر الإحالة مما تملك محكمة الجنايات إجراءه بغير سبق تعديل في التهمة عملا بنص المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية, وإنما هو تعديل في التهمة نفسها يشتمل على إسناد واقعة جديدة إلى المتهم لم تكن موجودة في أمر الإحالة, وهى واقعة الإصابة الخطأ التي قد يثير المتهم جدلا في شأنها, مما كان يقتضي من المحكمة أن تلفت الدفاع إلى ذلك التعديل, إلا أنه لا مصلحة للطاعن في التمسك بهذا الوجه من الطعن ما دام الحكم قد عاقبه على الجريمتين بعقوبة واحدة داخلة في حدود العقوبة المقررة للجريمة الثانية الواجب معاقبته عليها, وهى جريمة القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد, ولم يستند الحكم إلى الواقعة الجديدة في ثبوت تهمة القتل العمد التي دان الطاعن بها ومن ثم يتعين رفض هذا الوجه.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو القصور في التسبيب, ذلك أن الحكم المطعون فيه عوّل في الإدانة على أقوال الشاهد السيد أحمد سيد أحمد المجني عليه الثاني مع أنه لم يسمع بالجلسة ولا في التحقيق وله عدة روايات متناقضة لم يبين الحكم مؤداها وما اقتنع بصحته منها.
وحيث إن الأحكام في المواد الجنائية تقوم على أساس من حرية المحكمة في تقدير الأدلة المطروحة عليها ولها في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد في حكمها على أقوال شاهد في إحدى مراحل التحقيق ولو خالفت ما شهد به في مرحلة أخرى منه ما دامت قد اطمأنت إليه وصدقتها دون أن تطالب ببيان السبب متى كانت هذه الأقوال تؤدي عقلا إلى النتيجة التي انتهت إليها - كما هو الحال في الدعوى - لما كان ما تقدم وكان الحكم قد أحاط بواقعة الدعوى وبأدلتها واطمأن إلى سلامة هذه الأدلة, وكان تناقض الشهود لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه وكانت المحكمة - على ما يبين من محضر جلسة المحاكمة - لم تسمع الشاهد لسبب وفاته فأمرت بتلاوة أقواله بالجلسة كما تقضي المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 سنة 1957 الصادر في 19 من مايو سنة 1957, لما كان ما تقدم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل ويتعين رفضه.