أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 10 - صـ 263

جلسة 2 من مارس سنة 1959

برياسة السيد مصطفى فاضل رئيس المحكمة, وبحضور السادة: مصطفى كامل, ومحمود محمد مجاهد, وفهيم يسى جندي, وعادل يونس المستشارين.

(57)
الطعن رقم 2144 لسنة 28 القضائية

إثبات. شهادة. حكم. عيوب التدليل. التناقض بين بعض الأسباب وبعضها الآخر وفساد الاستدلال.
مثال في تجزئة واقعة قدرة المجني عليه أو عجزه عن الكلام عقب إصابته.
واقعة قدرة المجني عليه أو عجزه عن الكلام عقب إصابته هى واقعة ثابتة لا تتغير ولا تقبل التجزئة - سواء أخذ بها الحكم أو نفاها - فإذا كان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت أنه اقتنع بأن المجني عليه استطاع أن يتكلم عقب الاصابة وأنه أفضى لأخيه الشاهد بأسماء الجناة واتخذ من هذه الواقعة دليل إثبات على الطاعنين, عاد وقرر في موضع آخر ما يفيد أن المجني عليه عجز عن النطق عقب الاصابة, واتخذ الحكم من هذا العجز دليل نفي للمتهمين الثاني والثالث المقضي ببراءتهما, فإنه يكون قد تناقض وشابه الفساد في الاستدلال مما يعيبه ويستوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من: 1 - محمود محمد يوسف (الطاعن الأول) و2 - أحمد محمد يوسف و3 - فوزي أحمد السيد و4 - يوسف مسلم يوسف (الطاعن الثاني) و5 - شعبان مصطفى مكي بأنهم: أولا - المتهمون الأربعة الأول - قتلوا عبد المعز صادق خضير عمدا ومع سبق الإصرار بأن عقدوا العزم على قتله واستدرجوه إلى مكان الحادث لهذا الغرض حتى إذا ما ظفروا به إنهالوا عليه ضربا بالعصى الغليظة والكوريك بقصد قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفه بتقرير الصفة التشريحية والتي أدوت بحياته. والمتهم الخامس - شعبان مصطفى مكي اشترك مع المتهمين الأربعة الأول في ارتكاب الجناية المسندة إليهم بأن اتفق معهم على ارتكابها وعلى استدراج القتيل إلى منزله وآواهم جميعا به حتى إذا ما اطمأنوا إلى خلو الطريق أخرجهم منه ووقف يراقب الطريق الموصل إلى المكان الذي إتفق على ارتكاب الجريمة فيه, فتم لباقي المتهمين قتل المجني عليه بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. وطلبت إلى غرفة الإتهام إحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 230, 231, 40/ 2, 3, 41 من قانون العقوبات, فقررت غرفة الإتهام بذلك. وادعى بحق مدني وهبى صادق خضير قبل المتهمين جميعا متضامنين بقرش صاغ واحد تعويضا مؤقتا. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضوريا - عملا بالمادتين 230, 231 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من نفس القانون بالنسبة إلى المتهمين الأول والرابع (محمود محمد يوسف ويوسف مسلم يوسف). أولا - بمعاقبة كل منهما بالأشغال الشاقة المؤبدة وبإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعي بالحق المدني وهبى صادق خضير قرشا صاغا واحدا على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات ومبلغ ثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماه. وثانيا - ببراءة كل من أحمد محمد يوسف وفوزي أحمد السيد وشعبان مصطفى مكي مما اسند إليهم وبرفض الدعوى المدنية قبلهم.
فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إنه مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه استند في إدانتهما من بين ما استند إلى أقوال الشاهد صادق وهبه خضير من أنه علم بالحادث فتوجه إلى مكان أخيه المجني عليه فوجده مصابا وسأله عمن أصابه فأخبره بأسماء المتهمين الأربعة الأولين, كذلك استند الحكم إلى ما أثبته الطبيب الشرعي في تقريره من أنه لا يوجد ما يمنع فنيا من أن يكون القتيل قد تكلم بتعقل عقب إصابته لمدة لا يمكن تقديرها, وبعد أن استند الحكم إلى هذا الدليل رأت المحكمة أن هذا الشاهد وشاهدين آخرين قد أقحموا في الاتهام المتهمين الثاني والثالث (أحمد محمد يوسف وفوزي أحمد السيد) المقضي ببراءتهما, ولكنها مع ذلك اطمأنت إلى أقوالهم بالنسبة إلى الطاعنين, ولما عرض الحكم لمركز المتهمين الثاني والثالث المحكوم ببراءتهما رأت أنها لا تطمئن إلى الأدلة المقدمة ضدهما وأن ما ادعاه الشاهد السالف الذكر صادق وهبه خضير من أن القتيل قد تكلم عقب إصابته وأنه أخبره بأسماء المتهمين إنما هو قول غير صحيح يتعين استبعاده من أدلة الدعوى, فالحكم المطعون فيه إذ قرر ذلك قد تناقض لاستناده إلى دليل بعينه ضد الطاعنين بينما استبعده لعدم وجوده ضد المتهمين الآخرين المحكوم ببراءتهما, وفي ذلك فساد في الاستدلال يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى, وأورد الأدلة على ثبوت الواقعة في حق الطاعنين (وهما المتهمين الأول محمود محمد يوسف والرابع يوسف مسلم يوسف) ومن بينها الدليل المسنمد من أقوال الشاهد صادق وهبه خضير وتقرير الصفة التشريحية, وأورد الحكم مؤدي اقوال هذا الشاهد ومؤدي تقرير الصفة التشريحية, وقال إن الشاهد المذكور قرر أنه سأل أخاه القتيل قبل وفاته فأخبره بأسماء المتهمين الأربعة الأولين, كما قال الحكم "إن تقرير الصفة التشريحية أثبت أنه لا يوجد فنيا ما يمنع أن يكون القتيل قد تكلم بتعقل عقب إصابته لمدة لا يمكن تقديرها" وبعد أن فرغ الحكم من بيان أدلة الثبوت القائمة قبل الطاعنين عرض للأدلة التي تقدم بها الإتهام ضد المتهمين الثاني والثالث وفندها بقوله "إنه عما ادعاه وهبه صادق خضير من أن القتيل تكلم عقب الحادث وأنه أخبره كما أخبر عبد الستار حمزه بأسماء الأربعة الأول من المتهمين, فإن المحكمة لا تلتفت إليه......... ومن ثم يتعين استبعاد ما قيل على لسان وهبه صادق من أن القتيل قد تكلم عقب إصابته وأخبر بأسماء قاتليه" ولما كانت واقعة قدرة المجني عليه أو عجزه عن الكلام عقب إصابته هى واقعة ثابتة لا تتغير ولا تقبل التجزئة - سواء أخذ بها الحكم أو نفاها - وكان يبين مما سلف بيانه أن الحكم المطعون فيه بعد أن اثبت أنه اقتنع بأن المجني عليه استطاع أن يتكلم عقب الإصابة وأنه أفضى لأخيه الشاهد بأسماء الجناه, واتخذ من هذه الواقعة دليل إثبات على الطاعنين, عاد وقرر في موضع آخر ما يفيد أن المجني عليه عجز عن النطق عقب الإصابة واتخذ الحكم من هذا العجز دليل نفي للمتهمين الثاني والثالث المقضي ببراءتهما, فإنه يكون قد تناقض وشابه الفساد في الاستدلال مما يعيبه ويستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والإحالة.