أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثانى - السنة 12 - صـ 671

جلسة 13 من يونيه سنة 1961

برياسة السيد مصطفى كامل المستشار، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفى، وتوفيق أحمد الخشن، وعبد الحليم البيطاش، ومحمود اسماعيل المستشارين.

(131)
الطعن رقم 1745 لسنة 30 القضائية

(أ) دفاع. حكم "تسبيبه".
عدول الدفاع عن طلب أبداه دون إصرار عليه. لا يستأهل من المحكمة ردا.
(ب) دفاع. طلب ندب خبير.
لا تلتزم المحكمة بإجابته، متى كان الطلب لا يتصل بمسألة فنية بحتة.
(جـ) تحقيق. الإنابة القضائية.
ارتباط مصر قبل الوحدة مع دول الجامعة العربية باتفاقية خاصة بالإعلانات والإنابات القضائية، ووفق عليها بالقانون رقم 30 لسنة 1954. تولى السلطة القضائية فى إحدى تلك الدول التحقيق بطريق الإناية - طبقا للإجراءات المنصوص عليها. لا بطلان.
( د) تحقيق. الإنابة القضائية.
تسلم رئيس النيابة أوراق التحقيق من القاضى العسكرى بسوريا مباشرة - دون وساطة وزارتى العدل والخارجية. لا بطلان. علة ذلك.
(هـ) دعوى جنائية. اختصاص. طلب تسليم المتهمين.
عدم تقديم طلب التسليم. لا يسلب سلطة الإتهام حقها الأصيل فى رفع الدعوى الجنائية. ولا يحول دون تطبيق قواعد الاختصاص طبقا للتشريع المعمول به فى كل من الدولتين.
( و) عقوبة. ارتباط. مواد مخدرة.
المادة 32 عقوبات. تقدير توافر الارتباط المنوط بسلطة محكمة الموضوع. مثال لا ارتباط فيه بين تهمتى جلب الأفيون إلى مصر وحيازة حشيش بقصد التعاطى.
1 - العدول من الدفاع عن طلب أبده دون إصرار عليه، لا يستأهل من المحكمة ردا حين اطراحها له.
2 - من المقرر أنه متى كان طلب الدفاع لا يتصل بمسألة فنية بحتة، فإن المحكمة لا تكون ملزمة بندب خبير إذا هى رأت من الأدلة المقدمة فى الدعوى ما يكفى للفصل فيها دون حاجة إلى ندبه.
3 - الإنابة القضائية مظهر من مظاهر التعاون الدولى بين الهيئات القضائية، وقد حرصت الدول على تنظيم مجموعة الإجراءات التى تحكم الإنابة وما يتصل بها إيثارا منها على إرساء قواعد العدالة مع المحافظة على استقلالها وبسط سيادتها على إقليمها. وقد ارتبطت مصر قبل الوحدة مع دول الجامعة العربية باتفاقية خاصة بالإعلانات والإنابات القضائية ووفق عليها بالقانون رقم 30 لسنة 1954. فإذا كانت أوراق الإناية - فى هذه الدعوى - قد أرسلت إلى السلطات المختصة بسوريا بالطريق الدبلوماسى، طبقا للإجراءات المنصوص عليها فى المادة السابعة من تلك الإتفاقية، فإن ما يثيره المتهم من بطلان التحقيق وبطلان الإنابة التى تم بمقتضاها لا يكون له محل.
4 - لم يتطلب القانون أن يكون إرسال أوراق الإنابة بعد تنفيذها بطريق معين، وإن جرى العرف على أن يكون ذلك عن طريق وزارة الخارجية. وليس فى تسلم رئيس النيابة أوراق التحقيق من القاضى العسكرى بسوريا مباشرة دون وساطة وزارتى العدل والخارجية مساس بحق من حقوق المتهم.
5 - عدم تقديم طلب تسليم المتهمين لا يسلب سلطة الإتهام حقها الأصيل فى رفع الدعوى الجنائية، كما أنه لا يحول دون تطبيق قواعد الاختصاص طبقا للتشريع المعمول به فى كل من الدولتين، ومن ثم فإن ما ينعاه المتهم من أن السلطات القضائية المصرية لم تطلب تسليم المتهمين السوريين إليها مما يستفاد منه أنها تركت أمر محاكمتهم للقضاء السورى يكون مردودا.
6 - استقر قضاء محكمة النقض على أن تقدير توافر الارتباط المنصوص عليه فى المادة 32 من قانون العقوبات هو من سلطة محكمة الموضوع، ما لم تكن الوقائع كما أثبتها الحكم دالة على توافر شروط انطباق هذه المادة. فإذا كانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تنبئ بذاتها عن تحقق الارتباط بين موضوعى التهمتين الأوليين (وهو قيام الطاعن بجلب مادة الأفيون إلى مصر وحيازته لها بعد ورودها) وبين موضوع التهمة الثالثة (وهو حيازته مادة مخدرة أخرى هى الحشيش بقصد التعاطى )، فإن الحكم يكون سديدا فيما ذهب إليه من توقيع عقوبة مستقلة عن التهمة الأخيرة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولا - جلبا إلى الأراضى المصرية جواهر مخدرة (أفيونا) قبل الحصول على ترخيص بذلك من وزارة الصحة العمومية. وثانيا - حاز جواهر مخدرة (أفيونا) فى غير الأحوال المصرح بها قانونا.والأول ـ حاز جواهر مخدرة (حشيشا) فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما على محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 1 و 2 و 33ج و 35 من المرسوم بقانون 351 لسنة 1952 والجدول أ المرافق. فقررت بذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بالمواد 1 و 2 و 33/ 1 و 35 من المرسوم بقانون لسنة 1952 والبند 1 من الجدول أ المرفق به عن التهمة الأولى وبالمواد 1 و 2 و 33ج و 35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند 1 من الجدول المرفق به عن التهمة الثانية مع تطبيق المادة 22/ 1 من قانون العقوبات وبالمواد 1 و 2 و 34 و 35 من المرسوم بقانون 351 لسنة 1952 والبند 12 من الجدول المرفق به للأول أيضا عن تهمة إحرازه الحشيش بقصد التعاطى الموجهة إليه على حدة بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهما ثلاثة آلاف جنيه عن التهمة الأولى وبمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه خمسمائة جنيه عن التهمة الثانية وبمصادرة المواد والأشياء المضبوطة. وذلك على اعتبار أن المتهمين أولا - جلبا إلى الأراضى المصرية جوهرا مخدرا هو الأفيون قبل الحصول على ترخيص بذلك من وزارة الصحة العمومية. وثانيا - حازا جوهرا مخدرا هو الأفيون فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وأما بالنسبة لما ضبط مع المتهم الأول بمنزله من آثار ومواد وأدوات دلت على إحرازه الحشيش بقصد التعاطى فقد انتهت المحكمة إلى مساءلته عنها على استقلال باعتبارها إحرازا للتعاطى وطبقت بشأنها المواد 1 و 2 و 34ج و 35 من المرسوم بقانون 351 لسنة 1952 والبند 12 من الجدول المرفق به. فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض... ألخ.


المحكمة

... وحيث إن الوجه الأول من أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الأول مبناه الإخلال بحق الدفاع، ذلك أن المدافع عن الطاعن تمسك بسماع شهود الإثبات المقدم أدهم الأزهرى والرائد عزت ماجد والرائد محمد رفعت ولكن المحكمة لم تجبه إلى هذا الطلب أو ترد عليه فى الحكم رغم أنها اعتمدت فى حكمها على أقوال هؤلاء المدونة فى التحقيقات.
وحيث إنه لما كان يبين من الإطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الأول حضر بجلسة 10 أكتوبر سنة 1959 والتمس تأجيل نظر الدعوى فاستفسرت منه المحكمة عما إذا كانت لديه طلبات أخرى فأجاب سلبا، وكان أن أجلت الدعوى لجلسة 20/ 10/ 1959 وفى هذه الجلسة حضر الطاعن الأول ومعه المدافع عنه ولم يحضر بعض شهود الإثبات وبدئ فى نظر الدعوى وسئل الطاعن الأول عما أسند إليه وناقشته المحكمة فيما أثير قبله وبعد استجواب الطاعن الثانى وسمعت أقوال شهود الإثبات الحاضرين وناقشهم الدفاع ثم قررت المحكمة استمرار نظر الدعوى لليوم التالى لسماع شهادة المقدم عبد الفتاح الطرانيسى وإذ تعذر حضوره فى ذلك اليوم تأجل نظر الدعوى ليوم 22/ 10/ 1959 حيث حضر وسمعت أقواله ولم يبد الدفاع عن الطاعنين طلبا ما فى شأن حضور شهود الإثبات الآخرين الذين لم يحضروا وتسمع أقوالهم ثم أعقب ذلك مرافعة النيابة واستجواب المحكمة للطاعن الأول دون اعتراض من الدفاع ثم استجوبت المحكمة شاهدا آخر من شهود الإثبات هو الرائد محمود سامى نصار وناقشه الدفاع فيما عن له أن يستوضحه فيه، ثم رفعت الجلسة للاستراحة وإذ أعيدت تقدم محامى الطاعن الأول طالبا سماع أقوال المقدم أدهم الأزهرى والرائدين عزت ماجد ومحمد رفعت وتعيين خبير لمعاينة القفل الموجود بمنزل الطاعن ثم ترافع فى الدعوى تفصيلا وأبدى ما عن له من أوجه دفاع أو دفوع وناقش أقوال شهود الإثبات جميعا واختتم مرافعته دون ما إشارة تنم عن تمسكه بما أبداه قبل بدء مرافعته، لما كان ذلك وكان تصرف الدفاع عن الطاعن الأول بتراخيه فى إبداء تمسكه بسماع شهادة الشهود حين بدئ بنظر الدعوى وما أعقب إبداءه للطلب من مرافعة فى الدعوى ومناقشة لأقوال جميع الشهود ومنهم من لم تسمع شهادته، أمام المحكمة دون أن تبدر من الطاعن أو من المدافع عنه ما يكشف عن جدية طلب سماع شهادة هؤلاء الشهود إلى أن اختتم دفاعه بطلب براءة موكله مما تستبين منه المحكمة من أن الدفاع عن الطاعن الأول لم يكن جادا فى طلبه هذا الأمر الذى لم تر المحكمة معه استجابة الطلب، ولما كان هذا العدول من الدفاع عن طلب أبداه دون إصرار عليه لا يستأهل من المحكمة ردا حين اطراحها له، وبذا يكون هذا الوجه من الطعن غير سديد.
وحيث إن مبنى الوجه الثانى من الطعن هو الإخلال بحق الدفاع، ذلك أن المدافع عن الطاعن طلب تعيين خبير فنى لمعاينة القفل المضبوط فى منزل الطاعن والذى اتخذت النيابة منه دليلا على أن الطاعن قد استولى على الحقيبة الدبلوماسية يوم 3/ 11/ 1957 المحتوية على المواد المخدرة - وذلك لفحص هذا القفل وللتثبت من أنه حدثت به الآثار التى ذكرها المقدم أدهم الأزهرى أم أنه قفل آخر، ولكن المحكمة رفضت إجابة هذا الطلب ولم ترد عليه.
وحيث إنه لما كان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بندب خبير إذا هى رأت من الأدلة المقدمة فى الدعوى ما يكفى للفصل فيها دون حاجة إلى ندبه، وكان من المقرر أيضا أنه متى كان طلب الدفاع لا يتصل بمسألة فنية بحتة فللمحكمة أن تفصل فيه من واقع الأدلة المعروضة عليها فى الدعوى. ولما كان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة أثبتت ملاحظة نصها "والمحكمة اطلعت على الحرز المحتوى على القفل المضبوط - والمحكمة وجدت آثار المسامير وآثار احتكاك بالجوانب"، وكان ما أثاره الدفاع عن الطاعن بشأن القفل لا يتصل بمسألة فنية بحتة وقد بان أن المحكمة قد عاينت القفل وأثبتت بمحضر الجلسة نتيجة هذه المعاينة فلم يبد الطاعن أو المدافع عنه اعتراضا على ما أثبتته ومن ثم فلا تثريب عليها إن هى اطرحت هذا الوجه من الدفاع فى خصوص طلب ندب خبير ما دامت قد اطمأنت إلى كفاية ما تبينته للفصل فيما أثاره الدفاع عن الطاعن بشأن القفل، وبذلك يكون هذا الوجه من الطعن غير سديد.
وحيث إن الوجه الثالث من أوجه الطعن مبناه القصور فى التسبيب، وفى ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه لم يورد أقوال المقدم أدهم الأزهرى المتعددة المختلفة عن الحقيبة الكبيرة والقفل وأن الحكم المطعون فيه لم يشر إلى تعدد هذه الأقوال واقتصر على الأخذ بقول منها على أنه هو الذى وضح للمحكمة من التحقيق.
وحيث إنه لما كان من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بأن تورد كافة أقوال الشهود فى التحقيقات وأن فى بيانها لواقعة الدعوى وإيرادها للأدلة التى اطمأنت إليها واستمدتها من أقوال الشهود فى تكوين عقيدتها والتى تؤدى إلى ما رتبته عليها من إدانة الطاعن ما يكفى لسلامة حكمها، ومن ثم فلا يعيب الحكم ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه إذ أن فى إيراد الحكم لما اطمأنت إليه المحكمة من قول الشاهد ما يفيد أنها اطرحت ما عداه وهو حق مقرر لمحكمة الموضوع فى تقدير أدلة الدعوى، وبذلك يكون هذا الوجه من الطعن غير سديد.
وحيث إن الوجه الرابع من أوجه الطعن مبناه الخطأ فى القانون، ذلك أن الطاعن دفع أمام محكمة الجنايات ببطلان الإجراءات التى اتخذها البوليس يوم 10/ 11/ 1957 وما تلا ذلك من قبض وتفتيش، فقضت المحكمة برفض الدفع مع أن الثابت أن النيابة صرحت بتفتيش منزل الطاعن الكائن بحارة الزعفران رقم 34 قسم السيدة فأجرى مكتب مكافحة المخدرات تفتيش منزلين آخرين للطاعن وزعم أنه ضبط بأحدهما الجوزة ومتعلقاتها وضبط بالمنزل الثانى القفل والدخان المعسل - ولما كان التفتيش قد وقع باطلا فإن العثور على هذه الأشياء يكون باطلا أيضا ويكون استناد المحكمة فى إدانة الطاعن بتهمة إحراز وجلب المخدرات إلى نسبة القفل إليه على غير أساس.
وحيث إنه لما كان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يثر فى مرافعته أن إذن التفتيش الصادر من النيابة كان مقصورا على منزل معين للطاعن وأن إجراءات التفتيش التى قام بها رجال مكتب مكافحة المخدرات شملت منزلين آخرين لم يرخص بتفتيشهما كما لا يبين من محضر الجلسة أن الطاعن أو المدافع عنه دفع ببطلان تفتيش المنزلين المذكورين، ولما كانت الوقائع التى أثبتها الحكم لا تدل بذاتها على وقوع البطلان وكان ما يشير إليه الطاعن فى أسباب طعنه يستلزم إجراء تحقيق موضوعى يخرج عن ولاية هذه المحكمة، فلا يقبل من الطاعن إثارة مثل هذا الدفع لأول مرة أمامها، ومن ثم يكون هذا الوجه من الطعن على غير أساس.
وحيث إن الوجه الخامس من أوجه الطعن مبناه بطلان الحكم المطعون فيه ذلك أنه اعتمد فى إدانة الطاعنين على أقوال شهود لم يسمعوا أمام المحكمة اكتفاء بأقوالهم الواردة بتحقيق أجرى فى دمشق وقد دفع الطاعن ببطلان هذا التحقيق وبطلان الإنابة التى تم بمقتضاها، ذلك أن شرط الإنابة أن تصدر من رئيس الضبط القضائى إلى مرءوسيه من رجال الضبط القضائى فى حدود اختصاصهم، وأنه لا يصح لجهة التحقيق فى دولة أن تجرى تحقيقا لجهة تحقيق فى دولة أخرى، وقد قضت محكمة الجنايات برفض هذا الدفع وقالت بأن أحدا لم يعترض ولهذا تكون الإنابة صحيحة - وهو قول خاطئ لأن الطاعن لم يكن موجودا بدمشق عند إجراء التحقيق ليعترض ولأن إجراءات التحقيق وشروط الإنابة من النظام العام.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفع ردا صحيحا فى قوله "إنه عن الوجه الثالث وهو أنه لا حجية للتحقيق الذى أجرته السلطة السورية على المتهم ولا يصلح دليلا قبله على جلب وحيازة الأفيون فى 3 نوفمبر سنة 1957 وهذا الوجه مردود بحصول النيابة القضائية من سلطة التحقيق المصرية إلى مثيلتها بسوريا ولم يطعن الدفاع على هذه الإنابة وما تلها وقد تولى قاضى التحقيق تنفيذها فسمع المتهمين هناك وكل من استلزم التحقيق سؤاله ومن ثم فما جاء فيه صالح كدليل للمتهم أو عليه..." ولما كان من المقرر أنه قد يستدعى للفصل فى الدعوى اتخاذ إجراء ما يتعين القيام به فى الخارج كاعلان ورقة من أوراق المرافعات أو سماع شاهد أو استجواب متهم، ولم كانت الإنابة القضائية مظهرا من مظاهر التعاون الدولى بين الهيئات القضائية فقد حرصت الدول على تنظيم مجموعة الإجراءات التى تحكم تلك الإنابة وما يتصل بها إيثارا منها على إرساء قواعد العدالة مع المحافظة على استقلالها وبسط سيادتها على إقليمها - وقد ارتبطت مصر قبل الوحدة مع دول الجامعة العربية ومن بينها الجمهورية السورية باتفاقية خاصة بالإعلانات والإنابات القضائية ووفق عليها بالقانون رقم 30 لسنة 1954 ونظمت المادة السابعة من هذه الاتفاقية طريقة تنفيذ الإنابة القضائية , وقد نصت على أن تكون بالطريق الدبلوماسى وعلى أن تقوم السلطة القضائية المختصة بتنفيذ تلك الإنابة المطلوبة طبقا للإجراءات القانونية المتبعة لديها - وجاء بالمادة الثامنة من هذه الاتفاقية انه "يكون للإجراء القضائى الذى يتم بواسطة إنابة قضائية وفقا للأحكام المتقدمة نفس الأثر القانونى الذى يكون له فيما لو تم أمام السلطة المختصة في الدولة الطالبة" - ولما كانت الإنابة القضائية في هذه الدعوى موضوعها مواجهة المتهمين فى سوريا بأقوال محمد حنفى وعرض بعض المضبوطات على المتهمين الموجودين بالإقليم السورى واستيفاء التحقيق , وأرسلت أوراق الإنابة إلى السلطات المختصة بسوريا بالطريق الدبلوماسى لتنفيذ الإنابة - وواضح من صدر محضر التحقيق الذى باشره قاضى التحقيق العسكرى أنه إنما يقوم بهذا التحقيق فى خصوص القضية التى صدر بشأنها قرار الإنابة وهى القضية موضوع الدعوى الحالية، لما كان ما تقدم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن الوجه السادس من أوجه الطعن مبناه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، ذلك أن الطاعن دفع ما أسند إليه بأنه لا يعرف بأن فى الحقائب التى ترد من سوريا مواد مخدرة وكان يظنها بضائع مهربة كأقلام الحبر وردت المحكمة على ذلك ردا قاصرا وفاسدا.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد فى مدوناته ما يفيد أن المحكمة اطمأنت إلى أن الطاعن "ضالع مع العصابة فى جلب المخدرات وأنه عاون على هذا الجلب باستلام الحقيبة الدبلوماسية المزيفة وما فيها من مخدرات وأخرجها من الدائرة الجمركية إلى حيث يستخرج منها الأفيون ويصبح فى متناول الترويج والتوزيع" قال الحكم بعد ذلك" إن علم المتهم بأن الحقيبة تحوى مواد مخدرة ثابت مما قرره محمد بكر من أن محمد حنفى (الطاعن الأول) عندما زاره بدمشق أبلغه برغبة عميله محمد صالح فى العودة إلى تهريب الأفيون إلى مصر واتفق معه على أن يتسلمها فى المطار ويسهل خروجها منه إلى عميله محمد صالح وقد تأيد ذلك بملازمته صالح محمد صالح المتهم الثانى فى زياراته لمحمد بكر ثم لتوفيق الخالدى فى القاهرة عند ترددهما على القاهرة وهما من طرف العصابة فى دمشق"، وما قاله الحكم من ذلك سائغا وكاف فى التدليل على علم الطاعن بأن الحقائب التى ترد إليه من سوريا تحوى موادا مخدرة وعلى اشتراكه مع العصابة فى جلب المواد المخدرة إلى مصر وهى الجريمة الأولى التى دان الحكم الطاعن عنها، لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه لا يكون له أساس ولا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى تقدير وقائع الدعوى وأدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب عليه.
وحيث إن مبنى الوجه السابع من أوجه الطعن الفساد فى التدليل، ذلك أن المحكمة اعتمدت فى أسباب حكمها على ما زعمه البوليس من أن المفتاح الذى ضبط بسلة المهملات يوم 10/ 11/ 1957 كان مع الطاعن منذ يوم 3/ 11/ 1957 وبقى فى السلة مدة سبعة أيام حتى ضبطه البوليس وهذا تدليل فاسد إذ أن الثابت أن بالمكتب الذى به السلة موظفين عديدين وينظف الحجرة التى وجدت بها السلة عمال كثيرون مما لا يستقيم والقول ببقاء هذا المفتاح بالسلة مدة سبعة أيام.
وحيث إنه لما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت للأسباب السائغة التى أوردتها إلى أن الطاعن هو الذى ألقى بالمفتاح الذى وجد بالسلة واطرحت فى حدود سلطتها دفاعه بأن هذا المفتاح قد دس عليه، فإن ما يثيره فى هذا الوجه لا يكون إلا جدلا فى وقائع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا شأن لمحكمة النقض به لتعلقه بالموضوع.
وحيث إن مبنى الوجه الثامن هو الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله، ذلك أن المحكمة دانت الطاعن بتهمتى جلب المخدرات وإحرازها وأوقعت عليه عقوبة مستقلة عن كل منهما وهو قضاء خاطئ مخالف للقانون.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن انتهى إلى ثبوت تهمتى جلب المخدرات وإحرازها فى حق الطاعنين قال "إن هاتين الجريمتين نشأتا عن فعل واحد هو اتفاق على جلب المخدرات مما يتعين معه اعتبارهما جريمة واحدة فيتعين تطبيق المادة 32/ 1 من قانون العقوبات والحكم فيها بنفس العقوبة الأشد" - وأوقع الحكم فعلا على الطاعن عقوبة واحدة عن هاتين الجريمتين. ثم عرض الحكم بعد ذلك إلى ما ضبط بمنزل الطاعن الأول من آثار وأدوات استدل منها الحكم على إحراز الطاعن المذكور للحشيش بقصد التعاطى وقال الحكم عن هذه إنه "لا دخل لها فى الجريمة السابقة ولا ارتباط بينهما مما يتعين معه عقابه أيضا عنها وحدها". ولما كان قضاء هذه المحكمة مستقرا على أن تقدير توافر الارتباط المنصوص عليه فى المادة 32 من قانون العقوبات هو من سلطة محكمة الموضوع ما لم تكن الوقائع كما أثبتها الحكم دالة على توافر شروط انطباق هذه المادة، وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تنبئ بذاتها على تحقيق الارتباط بين موضوعى التهمتين الأوليين وبين التهمة الثالثة لما هو ثابت من أن موضوع التهمتين الأوليين هو قيام الطاعن بجلب مادة الأفيون إلى مصر وحيازته لها عند ورودها - وأما موضوع التهمة الثالثة وهو حيازة الطاعن لمادة مخدرة أخرى هى الحشيش بقصد التعاطى فمنفصل موضوعه عنهما، ومن ثم يكون الحكم سديدا فيما ذهب إليه من توقيع عقوبة مستقلة عن التهمة الأخيرة.
وحيث إن الوجه التاسع من أوجه الطعن مبناه الخطأ فى تطبيق القانون، ذلك أن الواقعة لا يعاقب عليها القانون فحقيبة يوم 3/ 11/ 1957 لم يعرف من استولى عليها وحقيبة يوم 10/ 11/ 1957 لم يجلبها الطاعن بل جلبتها وزارة الخارجية السورية ولم يحرزها الطاعن.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه لم يحدد الوقائع التى دان الطاعن عنها بحقيبتى 3 أو 10 نوفمبر سنة 1957 بل جعل ما وقع من المتهمين فى خلال المدة من سبتمبر إلى نوفمبر سنة 1957 الأمر الذى يبين منه أن الحكم دان الطاعن عن وقائع غير ما يجادل فيه، وقد دلل تدليلا سائغا ومقبولا على ثبوت هذه الوقائع بما تتوافر به أركان جريمتى الجلب والإحراز التى دين الطاعن عنهما ومن ثم فإن ما يثيره فى هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه العاشر هو القصور فى التسبيب، ذلك أن الحكم لم يورد الأدلة على إدانة الطاعن وعلى أنه جلب أو حاز أو أحرز جواهر مخدرة.
وحيث إنه لما كانت المحكمة قد حددت الوقائع التى دانت الطاعن عنها ودللت على ثبوت تهمتى الجلب والإحراز تدليلا سائغا كافيا مؤديا إلى الإدانة على ما سلف بيانه فى الرد على الوجهين السادس والتاسع فيكون ما ورد بهذا الوجه غير سديد.
عن أسباب الطعن مقدمة من الطاعن الثانى صالح محمد صالح.
وحيث إن مبنى الوجه الأول من أوجه الطعن المقدمة من هذا الطاعن هو الخطأ فى الإسناد، ذلك أن الحكم المطعون فيه اعتمد فى بيانه للواقعة وثبوت الاتهام بالنسبة للطاعن الثانى إلى اعتراف محيى الدين طباخه وأحمد محمد بكر وحسين بدر الحلاق مع أن ما قاله الحكم عنهم مخالف للثابت فى الأوراق إذ لم يقل واحد منهم إن الطاعن الثانى كان شريكا لهم أو ضمن عصابتهم وقد خلط الحكم بين شخصيتين متميزتين - الطاعن ووالده - وأن أقوال هؤلاء الثلاثة انصبت على والده محمد صالح. ومما يؤكد ذلك أن ضباط مكتب مكافحة المخدرات الذين سمعوا فى التحقيق وبالجلسة قرروا أنهم لم يكونوا يعلمون شيئا عن الطاعن قبل ما قيل عنه على لسان محمد حنفى وأن الكمين الذى أعد لضبط الجناة واستصدر إذن النيابة بالضبط والتفتيش لم يتناول الطاعن.
وحيث إنه لما كان يبين من مطالعة الحكم أن محيى الدين طباخه وأحمد محمد بكر وحسين بدر الحلاق قرروا فى التحقيق أقوالا تنم عن تمييز كل من شخصيتى الطاعن ووالده وقد تضمنت هذه الأقوال اشتراك الطاعن فعلا فى عصابة جلب المواد المخدرة موضوع الدعوى إذ جاء بالحكم عند رده على دفاع الطعن قوله "فقد ثبت اتصاله ( أى الطاعن الثانى) بالعصابة ومقابلته محمد بكر عند وجوده بالقاهرة نيابة عن والده فقد قرر ذلك محمد بكر بأنه حضر إليه فى الفندق وأبلغته اعتذار والده محمد صالح لاضطراره للسفر إلى أبو كبير ثم صحبه للغذاء فى مطعم خميس وقد تعرف على صورته لما عرضت عليه ضمن صور أخرى ومما جاء بأقوال توفيق الخالدى بأنه زاره مع محمد حنفى عند وجوده بالاجازة بالقاهرة وسلمه ألفا ومائتين من الجنيهات لتسليمها إلى محمد بكر فاحتجز لنفسه مائتين وأرسل الباقى مع مضيفة الطائرة فسلمته لوالده وقد اعترف محمد بكر بأنه تسلم المبلغ ثم ما شهد به المقدم سعيد رمضان أنه التقى مع محمد حنفى وأنه سلمه عند رحيله مبلغ ألف جنيه لتوصيلها إلى محمد بكر ففعل وكان يعتقد أنه من تجارة الأقلام التى يمارسها الأخير وقد وصفه ولما عرضت عليه صورته بين صور أخرى تعرف على صورته، وأما دعواه بأنه لا يعرف محمد حنفى ولم يرد إلا يوم سفره فى 10 نوفمبر سنة 1957 إذ تلقاه فى المطار كغيره من المسافرين فدعوى ينقضها أنه كان يتردد معه ويصحبه فى زياراته لمحمد بكر وتوفيق الخالدى وسعيد رمضان" - ولما كان فيما أورده الحكم من ذلك دلالة واضحة على أن المحكمة فهمت وفطنت إلى اختلاف شخصية الطاعن عن شخصية والده، ولما كان تدليل الحكم سليما مستمدا من أقوال من أشار إليهم من المتهمين والشهود فى التحقيقات - والتى لا يجحد الطاعن صحة ما أورده الحكم عنها - فيما انتهى إليه من أن الطاعن هو من قصده هؤلاء فعلا بالاشتراك فى جلب المخدرات وعلى ذلك، فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه لا يكون صحيحا ولا يرمى من إثارته إلا محاولة الجدل فى تقدير وقائع الدعوى وأدلتها مما لا تقبل إثارته أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الوجه الثانى من أوجه الطعن مبناه الفساد فى التدليل، ذلك أن الحكم المطعون فيه برر ثقته فى الاعترافات المنسوبة إلى محمد حنفى الطاعن الأول إلى ما قاله من أن أقوال المذكور فى اعترافه جاءت مطابقة لأقوال من سمعوا فى التحقيق الذى أجرى فى دمشق والذى بدأ فى 17 ديسمبر سنة 1957 أى بعد أكثر من شهر من تاريخ الاعتراف الذى صدر فى القاهره ولم يلتقى محمد حنفى بأحد ممن سئلوا فى التحقيقات المذكورة إذ كان كل منهم محبوسا، وأن ادعاء محمد حنفى بأن الأقوال التى وردت فى اعترافه أوحى إليه بها ادعاء غير صحيح إذ أن الوقائع التى وردت بالاعتراف إن هى إلا وقائع بعيدة عن علم الضابط الطرانيسى - ويقول الطاعن إن هذا الذى قاله الحكم معيب إذ الثابت أن متهمى وشهود دمشق سئلوا يوم 3 نوفمبر سنة 1957 وأن القائمقام محمد عبد المنصف توجه إلى دمشق يوم 6/ 11/ 1957 للاطلاع على التحقيق الذى أجرى مع هؤلاء هنالك وعاد يوم 10/ 11/ 1957 وقدم تقريرا لمكتب مكافحة المخدرات عن ذلك التحقيق الذى اطلع عليه - كما أن خبر التحقيق كان لدى مكتب مكافحة المخدرات بالقاهرة عن طريق الضابط السورى أدهم الأزهرى مما يدل على أن ما قاله الحكم من أن الوقائع التى ذكرها محمد حنفى فى اعترافه بعيدة عن علم المقدم الطرانيسى غير صحيح.
وحيث إنه لما كان ما أورده الحكم تدليلا على صحة اعترافات المتهم الأول محمد حنفى محمد خلف سائغا ومقبولا - وكانت المحكمة فى سبيل تكوين عقيدتها فى الدعوى قد اطمأنت إلى صدق هذا الاعتراف، فإن مجادلة الطاعن فيما اطمأنت المحكمة إليه وثقت به لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث هو بطلان الحكم المطعون فيه والخطأ فى تطبيق القانون، وذلك للأسباب المبينة بالوجه الخامس من أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الأول، مضافا إليها أن جريمة جلب المخدرات إلى مصر هى جريمة ارتكبت فى مصر - فالاختصاص بنظرها ينعقد للقضاء المصرى وهو المختص دون سواه وأن الإجراء الواجب فى حق المتهمين السوريين هو طلب تسليمهم للقضاء المصرى لمحاكمتهم وأنه لا يجوز الاكتفاء بالتحقيق معهم بطريق الإنابة للاستشهاد بأقوالهم على الطاعنين. كما يضيف الطاعن الثانى أن تنفيذ الإنابة فى سوريا وقع باطلا إذ أنها إنابة من سلطة التحقيق العادية فى مصر إلى سلطة التحقيق العادية فى سوريا ويتولاها وفق القانون العام لسوريا قاضى التحقيق العادى، ولكن الذى نفذ الإنابة حسب الثابت بالأوراق هو قاضى التحقيق العسكرى - ومن المقرر أن الإجراءات العسكرية ذات طابع إقليمى لا يعترف به فى المجال الدولى ولا تترتب عليه آثار أمام المحاكم الأجنبية عنه. كما يعيب الطاعن على تنفيذ الإنابة فى التحقيق اتصال رئيس النيابة المصرى مباشرة بسلطة التحقيق فى سوريا وتسلمه ملف التحقيق منها بعد إجراءه بغير وساطة وزارتى الخارجية والعدل، وأن هذا عيب جوهرى فى الإجراءات.
وحيث إنه لما كان ما تناوله الطاعن فى الشطر الأول من هذا الوجه قد تناولته هذه المحكمة فى ردها على الوجه الخامس من أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الأول. ولما كانت المادة 50 من قانون العقوبات العسكرى السورى الصادر بالمرسوم التشريعى رقم 61 الصادر فى 27 شباط سنة 1950 الواردة فى باب الصلاحية (الإختصاص) تنص على أنه يحاكم أمام المحاكم العسكرية أيا كانت جنسيتهم فاعلوا الجريمة والشركاء والمتداخلون إذا كان أحدهم ممن تجب محاكمته أمام المحاكم العسكرية، وجاء بالمادة 51 من القانون المذكور "أن السلطات القضائية العسكرية وحدها التى تقدر ما إذا كانت القضية من صلاحيتها أم لا - وكل خلاف يثار لدى مرجع قضائى آخر فى شأن الصلاحية يحال إليها لتفصل فيه قبل النظر فى أساس الدعوى". ولما كان اتهاما قد وجه إلى المقدم سعيد رمضان الضابط بالجيش الأول ممن يدعى محمد حنفى، وكان محيى الدين طباخة الموظف بوزارة الخارجية بالإقليم الشمالى ممن تنازلهم التحقيق فى القضية رقم 395 أساس التى يباشر التحقيق فيها القاضى العسكرى بالإقليم الشمالى فإن إجراءات تنفيذ الإنابة القضائية تكون قد تمت فى حدود القانون. وفضلا عن ذلك فإن قاضى التحقيق العسكرى قد باشر فعلا تحقيقا فى ذات الدعوى، ومن ثم فإن التحقيق الذى اجراه يعد تنفيذا للإنابة القضائية الصادرة إليه امتدادا للتحقيق الذى باشرته سلطة التحقيق فى مصر ويترتب عليه كل ما يرتبه القانون من آثار التحقيق الصحيح - أما ما ينعاه الطاعن من أن السلطات القضائية المصرية لم تطلب تسليم المتهمين السوريين إليها مما يستفاد منه أنها تركت أمر محاكمتهم للقضاء السورى فمردود بأن طلب التسليم لا يسلب سلطة الإتهام حقها الأصيل فى رفع الدعوى الجنائية كما أنه لا يحول دون تطبيق قواعد الإختصاص طبقا للتشريع المعمول به فى كل من الدولتين - أما ما يعيبه الطاعن فى شأن تسلم رئيس النيابة للتحقيق من القاضى العسكرى بالإقليم الشمالى مباشرة دون وساطة وزارتى العدل والخارجية - فإن القانون لم يتطلب أن يكون إرسال أوراق الإنابة بعد تنفيذها بطريق معين، وإن جرى العرف على أن يكون ذلك عن طريق وزارة الخارجية، وليس فى تسليم أوراق التحقيق على النحو الذى يقول به الطاعن مساس بحق من حقوقه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.