أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 10 - صـ 315

جلسة 16 من مارس سنة 1959

برياسة السيد مصطفى كامل المستشار, وبحضور السادة: فهيم يسى جندي, ومحمد عطيه اسماعيل, ومحمود حلمي خاطر, وعادل يونس المستشارين.

(70)
الطعن رقم 146 لسنة 29 القضائية

(أ, ب, ج, د) غش. غش الألبان. القانون رقم 132 لسنة 1950. صلته بالقانون رقم 48 لسنة 1941.
صدور القانون رقم 132 لسنة 1950 تنفيذا للمادة 5/ 1 من القانون رقم 48 لسنة 1941.
قرار وزير الصحة رقم 102 الصادر في 7 يولية سنة 1952. ماهيته. هو قرار تفويض. شرعيته. م 2/ 2 من ق 132 لسنة 1950.
القانون رقم 522 لسنة 1955. مجال سريانه. دخول الألبان في عموم نصه.
جريمة غش اللبن ومخالفة مواصفاته القانونية. عناصر الواقعة الإجرامية. الفعل المادي. متى يتوافر؟ أثر توافره في خصوص انعطاف حكم القانون رقم 522 لسنة 1955.
1 - صدر القانون رقم 132 لسنة 1950 - بشأن الألبان ومنتجاتها - تنفيذا لحكم الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش المعدلة بالقانون رقم 153 لسنة 1949.
2 - أجاز القانون رقم 132 لسنة 1950 - في الفقرة الثانية من المادة الثانية منه - لوزير الصحة أن يصدر قرارا بالمواصفات والمقاييس الخاصة باللبن ومنتجاته, وتنفيذا لهذا التفويض التشريعي أصدر وزير الصحة قرارا رقم "102" في 7 يولية سنة 1952 في شأن المواصفات والمقاييس الخاصة بالألبان ومنتجاتها.
3 - يسري حكم القانون رقم 522 لسنة 1955 على كل من غش أو شرع في أن يغش شيئا من أغذية الإنسان أو الحيوان أو من العقاقير الطبية أو من الحاصلات الزراعية أو الطبيعية معدا للبيع أو من طرح أو عرض للبيع أو باع شيئا من هذه المواد أو العقاقير أو الحاصلات, وتدخل الألبان في عموم هذا النص.
4 - إذا أثبت الحكم في حق المتهم أنه عرض للبيع لبنا مغشوشا بنزع الدسم منه إلى ما دون الحد الأدنى للمواصفات القانونية, فإن ذلك يتوافر به الركن المادي لجريمتي الغش ومخالفة المواصفات القانونية اللتين دانه بهما, فينعطف عليه بالتالي حكم القانون رقم 522 لسنة 1955 من افتراض العلم لديه بوصفه من الباعة المتجولين.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: عرض للبيع لبنا غير موافق للمواصفات القانونية وذلك بأن كانت نسبة الدسم اثنين وسبعة من عشرة في المائة بدلا من ثلاثة في المائة. وطلبت عقابه بالمواد 2/ 1 و8 و9 من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانون 522 لسنة 1955 والمواد 2 و12 من القانون 132 لسنة 1950 والقرار الوزاري 102 لسنة 1952 ومحكمة محرم بك الجزئية قضت غيابيا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة 200 قرش لوقف التنفيذ والمصادرة بلا مصاريف. فعارض المتهم في هذا الحكم وقضى في معارضته بتأييد الحكم المعارض فيه بلا مصاريف. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة اسكندرية الابتدائية قضت حضوريا بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم شهرين مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك بلا مصاريف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي عرض لبن مغشوش للبيع المعاقب عليها بالمادة 2 من القانون رقم 48 لسنة 1941 ومخالفة المواصفات القانونية المبينة بالقانون رقم 132 لسنة 1950, قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله وشابه القصور, إذ افترض العلم في حق الطاعن أخذا بأحكام القانون رقم 522 لسنة 1955, مع أن هذا القانون مقصور على افتراض العلم في نطاق المادة 2 من القانون رقم 48 سنة 1941 دون أن يمتد أثره إلى الركن المادي للجريمة المذكورة وهو الغش الذي لا يتحقق إلا بحدوث تغيير بفعل إيجابي على الشئ ذاته, كما لا يمتد أثره إلى المادة 12 من القانون رقم 132 لسنة 1955 التي تستلزم توافر العلم لإمكان المساءله عن مخالفة أحكامه وقد أدمج الحكم الجريمتين المذكورتين معا دون أن يتحدث عن الأركان القانونية لكل منهما مكتفيا بافتراض العلم في جريمة الغش دون توضيح كيفية حصوله وبالإشارة إلى مخالفة المواصفات في الجريمة الأخرى دون التحدث عن ركن العلم فيها, مع أن كل جريمة منها مستقلة عن الأخرى ولا يغني أحد عناصر جريمة منهما عن سائر العناصر المكونة لأيهما, كما أن ما ذهب إليه الحكم من أن نقص نسبة الدسم عن مواصفات القرار الوزاري رقم 102 سنة 1952 ومخالفته تبعا لذلك نص المادة الثانية من القانون رقم 132 لسنة 1950 يجعل الفعل مؤثما أيضا طبقا للمادة 2 من القانون رقم 48 سنة 1941 تأسيسا على ما ورد بالمذكرة الايضاحية للقانون رقم 522 لسنة 1955 من أن النسبة التي حددتها الوزارة خاصة بدسم اللبن هى أدنى ما يمكن أن تصل إليه الألبان الطبيعية التي لم تعبث بها يد الانسان غير صحيح ذلك أن المذكرة الايضاحية ليست لها قوة القانون كما نادى بذلك الحكم, بل قصد بها مجرد الافصاح عن مراد الشارع عند الغموض, والحال أن القانون رقم 522 لسنة 1955 واضح لا يحتاج إلى تفسير فهو يضيف قوة جديدة إلى فقرة من بنود المادة 2 من القانون رقم 48 سنة 1941 مما لا يتعدى مداه إلى باقي مواد هذا القانون أو القوانين الأخرى كالقانون رقم 132 سنة 1950. وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن مفتش الأغذية أثبت في محضره أن شاهد المتهم وهو يعرض لبنا للبيع وقد تبين من فحص العينة التي أخذها منه أنه غير موافق لأن الدسم 2.7% بدلا من 3% ويعتبر مغشوشا بنزع الدسم وتعرض الحكم إلى دفاع الطاعن المبني على أن القانون 522 لسنة 1955 أضاف فقرة إلى المادة 2 من القانون رقم 48 سنة 1941 تنص بافتراض العلم بالغش عند التجار والباعة المتجولين, وأن ذلك يستلزم وقوع تغيير بفعل إيجابي بإضافة مادة أو بانتزاع عنصر ورد عليه بقوله "وحيث إن الفقرة التي أضيفت بالقانون رقم 522 سنة 1955 إلى المادة 2 من القانون رقم 48 سنة 1941 والتي تنص بأنه يفترض العلم بالغش والفساد إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة ومن الباعة المتجولين, إنما أضيفت بعد أن تلقى قسم مراقبة الأغذية بوزارة الصحة شكاوي عديدة من وحداته بأنحاء الجمهورية من أن بعض المحاكم تقضي بالبراءة في قضايا غش اللبن استنادا إلى نص المادة الثانية من قانون قمع التدليس والغش رقم 48 سنة 1941 وإلى أن نص المادة 2 من القانون رقم 132 لسنة 1950 بشأن الألبان ومنتجاتها تحتم لقيام المسئولية علم المخالف بركن الغش وقد قضت بعض المحاكم في قضايا غش اللبن بأن تبين نقص نسبة الدسم فيه عن الحدود المقررة لا تعني أنه مغشوش بنزع الدسم منه - المذكرة الايضاحية للقانون رقم 522 سنة 1955 - واستطرت تلك المذكرة, ولما كانت الوزارة من جانبها تحرص على المصلحة العامة من أن تضار نتيجة إفساح المجال أمام الباعة للتهرب من المسئولية تحت ستار عدم العلم, ولما كانت النسبة التي حددتها الوزارة خاصة بدسم اللبن هى أدنى ما يمكن أن تصل إليه الألبان الطبيعية التي لم تعبث بها يد الإنسان, وتحقيقا للمصلحة العامة ومحافظة على مستوى الألبان ومنتجاتها من أن تكون مجال عبث التجار والباعة المتجولين, رأي قسم مراقبة الأغذية بالوزارة أن البائع يكون مسئولا عن السلعة التي يتجر فيها وعليه أن يتثبت من مصدرها دائما فلا يجلب الألبان إلا من محلات مرخصة مستوفية الشروط الصحية ليضمن بذلك أن يعرض للجمهور ألبانا سليمة من الغش فإذا أطرأ عليها بعد ذلك عبث وانتزع من عناصرها المعتبرة فيها, فهو المسئول حتما عن ذلك, ولا يقبل منه الاحتجاج بعدم العلم, ما دام أن مستوردها الأساسي مسئول عن سلامتها, عند التوريد, ويتضح من سياق هذه المذكرة أن التعديل قد خط منهاجا جديدا يغاير التفسير القديم لقانون قمع التدليس والغش والأحكام التي صدرت بموجبه وهو ما سلكته المحكمة بالحكم المعارض فيه... وحيث إن المادة الثانية من القانون رقم 132 سنة 1950 تحظر بيع اللبن أو عرضه أو حيازته بقصد البيع إلا بالشروط والمواصفات وطبقا للمقاييس التي حددتها وخولت الفقرة الأخيرة من هذه المادة وزير الصحة حق إصدار قرارات بالمواصفات والمقاييس الخاصة باللبن وما يجب أن يحتويه من عناصر, واستنادا إلى هذا التفويض أصدر وزير الصحة بتاريخ 7 يوليه سنة 1952 القرار 102 الذي أوجب ألا تقل نسبة الدسم من لبن الجاموس عن 5.5% واللبن البقري عن 3%......" وأورد الحكم بعد ذلك مؤدي الأدلة التي استند إليها في القضاء بالإدانة وهى تقرير المعمل الكيماوي المرفق بمحضر مفتش الأغذية وشهادة المفتش المذكور أمام محكمة ثاني درجة, والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها, وما استخلصه الحكم من ذلك صحيح في القانون وتتحقق به الجريمة التي دان الطاعن بها, ذلك أن القانون رقم 132 سنة 1950 بشأن الألبان ومنتجاتها قد صدر تنفيذا لحكم الفقرة الأولى من المادة 5 من القانون رقم 48 سنة 1941 بقمع التدليس والغش المعدلة بالقانون رقم 153 سنة 1949 والتي نصت على أنه "يجوز بمرسوم فرض حد أدنى أو حد معين من العناصر الداخلة في تركيب العقاقير الطبية أو في المواد المستعملة في غذاء الإنسان أو الحيوان..." وقد أجاز القانون رقم 132 سنة 1950 في الفقرة الثانية من المادة الثانية منه لوزير الصحة أن يصدر قرارا بالمواصفات والمقاييس الخاصة باللبن ومنتجاته, وتنفيذا لهذا التفويض التشريعي أصدر وزير الصحة قراره رقم 102 في 7 يوليه سنة 1952 في شأن المواصفات والمقاييس الخاصة بالألبان ومنتجاتها, أوجب في مادته الأولى عدم نزول نسبة الدسم في اللبن البقري عن 3% - لما كان ذلك, وكان حكم القانون 522 سنة 1955 يسري على كل من غش أو شرع في أن يغش شيئا من أغذية الإنسان أو الحيوان أو من العقاقير الطبية أو من الحاصلات الزراعية أو الطبيعية معدا للبيع, أو من طرح أو عرض للبيع أو باع شيئا من هذه المواد أو العقاقير أو الحاصلات, ويدخل في عموم هذا النص الألبان, وقد أثبت الحكم في حق الطاعن أنه عرض للبيع لبنا مغشوشا بنزع الدسم منه إلى ما دون الحد الأدنى للمواصفات القانونية مما يتوافر معه الركن المادي لجريمتي الغش ومخالفة المواصفات القانونية اللتين دانه بهما وينعطف عليه بالتالي حكم القانون رقم 522 سنة 1955 من افتراض العلم لديه بوصفه من الباعة المتجولين - كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه - وبذلك فإن ما يثيره الطاعن في طعنه لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.