أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
العدد الثالث - السنة 21 - صـ 1149

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ محمود عباس العمراوى، وعضوية السادة المستشارين/ أنور أحمد خلف، وإبراهيم الديوانى، ومحمد السيد الرفاعى، وحسن المغربى.

(277)
الطعن رقم 1202 لسنة 40 القضائية

( أ ) إثبات. "بوجه عام". "شهادة". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
خطأ الحكم فى تحديد نوع صلة الشاهد بالمتهم. لا يؤثر فى استدلاله. ولا فى سلامة إطراحه لأقوال الشاهد. يستوى عن هذه الصلة أن تكون بين الشاهد والمتهم أو بين الشاهد ومخدوم المتهم.
(ب) محكمة ثانى درجة. "الإجراءات أمامها". إجراءات المحاكمة. إثبات. "شهادة".
عدم التزام محكمة ثانى درجة أن تجرى تحقيقاً إلا إذا رأت لزوماً لذلك. أو لاستكمال ما كان يجب على محكمة أول درجة إجراؤه. عدم التزامها بإعادة سؤال من سمع أمام أول درجة.
(ج، د) خطأ. ضرر. رابطة السببية. مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. إثبات. "بوجه عام". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير توافر علاقة السببية". حكم. "تسببيه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(ج) تقدير الخطأ المستوجب للمسئولية الجنائية أو المدنية. موضوعى.
(د) الفصل فى توافر السببية بين الخطأ والضرر. حق لمحكمة الموضوع. بغير معقب. متى كان تقديرها سائغاً.
1 - إن خطأ الحكم فى تحديد نوع الصلة بين الطاعن والشاهد ومداها، لا يؤثر فى سلامة استدلاله، ما دامت هذه الصلة موجودة أصلا, يستوى فى ذلك أن يكون الطاعن عم الشاهد أو يعمل لدى عمه، فقيام صلته بالشاهد محقق فى الحالين، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من خطأ الحكم إذ أسند للشاهد القول بأن المتهم عمه، فى حين أنه قرر أن عمه هو صاحب السيارة، وأطرح لذلك أقواله، لا يكون له محل.
2 - من المقرر أن محكمة ثانى درجة تحكم بحسب الأصل على مقتضى الأوراق وهى لا تجرى من التحقيقات، إلا ما ترى لزوماً لإجرائه، أو استكمال ما كان يجب على محكمة أول درجة إجراؤه، ومن ثم فإن النعى على المحكمة الاستئنافية التفاتها عن إجابة الطاعن إلى سماع الشاهدين اللذين طلب إليها إعادة سماعهما يكون على غير أساس، ما دامت لم تر من جانبها حاجة إلى ذلك.
3 - إن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً، مما يتعلق بموضوع الدعوى.
4 - تقدير توافر السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها، هو من المسائل الموضوعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها، مادام تقديرها سائغاً، مستنداً إلى أدلة مقبولة ولها أصلها فى الأوراق.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 19 أبريل سنة 1968 بدائرة مركز مغاغة (أولاً) تسبب خطأ فى موت أحمد بصراوى سعد وأصابه فتحى عبد الحكيم أبو الحسن، وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم مراعاته للقوانين والقرارات بأن حاول أن يسبق بسيارته سيارة أخرى من يمينها فانحرفت سيارته إلى أقصى اليمين دون مبرر وسقطت فى ترعة الإبراهيمية فحدثت وفاة وإصابة المجنى عليهما. (ثانياً) سبق سيارته سيارة أخرى من يمينها. وطلبت عقابه بمواد القانون 449 لسنة 1955. ومحكمة مغاغة الجزئية و قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم سنة واحدة مع الشغل وعشرة جنيهات كفالة لوقف التنفيذ بلا مصاريف جنائية. عارض، وقضى فى معارضته بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابى المعارض فيه بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة المنيا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى حبس المتهم ستة أشهر مع الشغل. فطعن المحكوم عليه هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتى القتل والإصابة الخطأ، قد أخطأ فى الإسناد وشابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه أسند إلى المجنى عليه فتحى عبد الحكيم أبو الحسن أنه قال بعد الطاعن - قائد السيارة - عمه واطرح لذلك أقواله فى حين أنه قرر أن عمه هو صاحب السيارة لا قائدها وأن دفاع الطاعن قام على أساس أن السيارة رقم 523 أجرة المنيا هى التى صدمت سيارته وألقت بها فى ترعة الإبراهيمية وأن قائدها هو المسئول وحده عن الحادث ونتائجه إلا أن المحكمة دانته دون أن تبين وجه الخطأ المسند إليه. كما أنه طلب إلى المحكمة الاستئنافية إعادة سماع شاهدى الإثبات إلا أن المحكمة التفتت عن طلبه، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتى القتل والإصابة الخطأ اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها وهى مستمدة من المعاينة ومن أقوال الشاهدين أحمد سيد حسن والسيد محمد عطية، وبعد أن أورد الحكم مؤدى المعاينة وأقوال الشاهدين آنفى الذكر استظهر الحكم عنصر الخطأ وأثبته فى حق الطاعن فى قوله "إنه قد ثبت لدى المحكمة يقيناً أن المتهم قاد سيارته فى الطريق من مغاغة إلى القاهرة حتى إذا ما اجتازته السيارة رقم 523 أجرة المنيا من جهة اليسار مواصلة الطريق حاول هو استباق هذه السيارة من يسارها فلم يمكنه قائدها من ذلك فحاول استباقها من يمين الطريق مخالفاً بذلك القواعد التى استنها المشرع لصيانة سلامة الأشخاص على الطريق العامة فكان أن أدت قيادته للسيارة على هذا النحو إلى وقوع الحادث بما ترتب عليه من السقوط فى مياه ترعة الإبراهيمية ووفاة أحمد مطراوى مسعود غريقاً فى مياه الترعة وإصابة فتحى عبد الحكيم أبو الحسن نتيجة مباشرة لخطأ المتهم وعدم مراعاته لقانون المرور والقواعد الموضوعة على النحو السابق وكان المجنى عليهما يركبان معه فى السيارة". وعول الحكم فى ذلك على أقوال الشاهدين مؤيدة بأقوال سعد حسن إسماعيل قائد السيارة 320 أجرة المنيا التى كانت تسير على بعد من سيارة الطاعن. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من قالة الخطأ فى الإسناد مردوداً بأنه يبين إن المحكمة بعد أن أفصحت صراحة عن اطمئنانها إلى أقوال شاهدى الإثبات المؤيدة بأقوال سعد حسن إسماعيل من الحادث لم تقع إلا بخطأ الطاعن وحده حين حاول اجتياز السيارة التى تتقدمه من يمينها عرضت لأقوال المجنى عليه فتحى عبد الحكيم التى ظاهرت دفاع الطاعن من أن قائد السيارة 523 أجرة المنيا هو المسئول وحده عن الحادث فأطرحتها بقولها "والمحكمة لا تعول على أقوال فتحى عبد الحكيم التى ذهب فيها إلى مظاهرة دفاع المتهم وألقى تبعة الحادث على عاتق السيارة 523 أجرة المنيا للصلة بين هذا المجنى عليه وبين المتهم باعتبار أن المتهم عمه مما يدفعه لمحاولة درء المسئولية عنه" ومؤدى ذلك أن المحكمة استشفت أن هذا الشاهد على صلة بالطاعن أبعدته عن الحيدة فى أقواله بما لا يطمئن إليها فأطرحتها ورجحت عليها أقوال شهود الإثبات فى حدود سلطتها التقديرية لما كان ذلك، فإن خطأ الحكم فى تحديد نوع صلة الطاعن بالشاهد ومداها لا يؤثر فى سلامة استدلاله ما دامت هذه الصلة موجودة أصلاً، يستوى أن يكون الطاعن عم الشاهد أو يعمل لدى عمه فقيام صلته بالشاهد محقق فى الحالين ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائيا أو مدنيا مما يتعلق بموضوع الدعوى وكان تقدير توافر السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التى تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة، ولها أصلها فى الأوراق، وإذ ما كان الحكم قد خلص فى منطق سائغ وتدليل مقبول إلى أن ركن الخطأ الذى نسبه إلى الطاعن ونجم عنه الحادث يتمثل فى محاولته استباق السيارة التى أمامه من يمين الطريق. لما كان ذلك، وكان الحكم بعد إقامته الحجة على ثبوت خطأ الطاعن قد استظهر رابطة السببية بينه وبين وفاة المجنى عليه وإصابة الآخر فى بيان كاف ومقبول فإن جميع ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد وينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت محكمة أول درجة قد حققت شفوية المرافعة بسماع شاهدى الإثبات فى الدعوى، وكان من المقرر أن محكمة ثانى درجة إنما تحكم بحسب الأصل على مقتضى الأوراق وهى لا تجرى من التحقيقات إلا ما ترى لزوماً لإجرائه أو استكمال ما كان يجب على محكمة أول درجة إجراؤه، فإن النعى على المحكمة الاستنئافية التفاتها عن إجابة الطاعن إلى سماع الشاهدين اللذين طلب إليها إعادة سماعهما يكون على غير أساس ما دامت لم تر من جانبها حاجة إلى ذلك. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.