أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثانى - السنة 12 - صـ 732

جلسة 26 من يونيه سنة 1961

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة ، وبحضور السادة : السيد أحمد عفيفى ، وتوفيق أحمد الخشن ، وعبد الحليم البيطاش ، ومحمود اسماعيل المستشارين .

(140)
الطعن رقم 502 لسنة 31 القضائية

(أ) اختلاس أموال أميرية .
نوع الشئ المختلس . لا يلزم أن يكون المال المختلس أميريا . يكفى أن يكون مملوكا للأفراد ، متى سلم للموظف بسبب وظيفته . المادة 112 عقوبات .
(ب) إثبات . قصد جنائى .
القصد الجنائى . من الأمور النفسية . للقاضى أن يستخلصه بكافة الممكنات العقلية .
(جـ) إجراءات المحاكمة .
مالا يبطلها . استجواب المتهم بحضور محاميه الذى لم يعترض .
1 - لا يشترط فى حكم المادة 112 من قانون أن يكون المال المختلس مالا أميريا ، بل يكفى أن يكون مملوكا للأفراد متى كان قد سلم للموظف بسبب وظيفته .
2 - القصد الجنائى هو من الأمور النفسية والتى قد لا تترك أثرا محسوسا يدل عليها مباشرة فيكون للقاضى أن يستخلصه بكافة الممكنات العقلية .
3 - إذا كان الثابت بمحضر الجلسة أن المحكمة استجوبت الطاعن بحضور محاميه الذى لم يعترض فلا يكون ثمة شئ يعيب الإجراءات .


الوقائع

اتهمت النيابة العامة آخرين مع الطاعن بأنهم المتهمان الأول والثانى باعتبارهما مستخدمين عموميين "فرازين بمصلحة البريد" اختلسا الكتب والمطبوعات المبينة بالمحضر والتى سلمت إليها بسبب وظيفتهما - والمتهمان الثالث (الطاعن) والرابع أخفيا هذه الكتب والمطبوعات المتحصلة عن الجناية سالفة البيان مع علمهما بذلك . وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 112/1 و 118 و 44-2 من قانون العقوبات . فقررت بذلك . ومحكمة الجنايات قضت عملا بالمادتين 112 و 44 للمتهمين الأول والثالث والرابع مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات للمتهمين الثالث والرابع وبالمادتين 304/1 و 381/1 من قانون الإجراءات الجنائية للثانى غيابيا للأول وحضوريا لباقى المتهمين أولا - بمعاقبة الأول بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنين وبعزله من وظيفته وتغريمه خمسمائة جنيه وثانيا - ببراءة الثانى مما أسند إليه وثالثا - بمعاقب كل من الثالث والرابع بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة . فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض ... الخ .


المحكمة

... وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه قال خلافا للواقع أن المتهمين لم يدفعوا أقوال الشهود بشئ فى حين أنه "أى الطاعن" وصف الشاهد أحمد حسنين عمارة بأنه مغرض وكاذب وأنه أبعد من المنزل الذى يشتغل به بعد أن شكا منه سكانه وقال عن الشاهد الثانى بدر بدر على بأنه أبلغ عن رقم السيارة التى قيل بأنها كانت تحمل الكيس الذى به المجلات والمطبوعات فظهر أن هذا الرقم لم تحمله سيارة منذ سنة 1951 مما يقطع بكذبه ، وأضاف الطاعن أنه دفع أمام غرفة الاتهام بأنه لم يقع اختلاس وقد أسفر تحقيق دفاعه عن أن المرسل إليهم أنكروا ملكيتهم للمجلات وقرروا أنهم لم يفقدوا شيئا مما أرسل إليهم فامتنع بذلك القول بأنه اكتفى فى دفع التهمة بالإنكار ، ويذهب الطاعن إلى أن الحكم مشوب بالقصور والبطلان لما سبق ، ولأنه لم يستظهر دفاعه ولم يعقب عليه فضلا عن أنه لم يتحدث عن الركن المعنوى للجريمة ولم يدلل عليه وهو يتطلب قصدا خاصا بأن يعلم الطاعن بأن المطبوعات متحصلة من جناية . وأن تلك الجناية هى جناية اختلاس وليست جنحة سرقة واكتفى فى التدليل على هذا العلم بقوله بأنه مستفاد من هربه ومن إحراقه الأغلفة فبنى قضاءه على الظن لا اليقين . ويقول الطاعن إنه يشترط لتطبيق المادة 112 من قانون العقوبات أن يكون المال المختلس أميريا ومسلما للموظف بسبب وظيفته وهو ما لم يتحقق فى هذه الدعوى ، بل افترضه الحكم افتراضا بالنسبة للمتهم الأول . وأخيرا فإن المحكمة لم تحكم طبقا للمادة 118 من القانون سالف الذكر المطلوب تطبيقها وقضت على المتهم الأول بالغرامة النسبية الواردة بها مع أنها أسقطتها عند التطبيق ، كما أنها استجوبت المتهم دون أن تنبهه إلى حقه فى عدم الإجابة أو تحصل على موافقة الدفاع على استجوابه .
وحيث إن ما أبداه الطاعن فى طعنه من تجريح لأقوال الشاهدين على الوجه الوارد بصدر الحكم ، وما تحدث به عن نتيجة سؤال أصحاب المجلات وما ادعاه من إنكار من سئلوا لملكيتها هو من قبيل الدفاع الموضوعى الذى لا يتطلب من المحكمة ردا خاصا مادام الرد مستفادا من الأخذ بأدلة الإثبات القائمة فى الدعوى ، على أن هذا الدفاع لم يرد بمحضر الجلسة فلا يحق للطاعن أن يعيب على المحكمة أنها لم تناقش دفاعا لم يبده أمامها . لما كان ذلك ، وكان ما ذكره الحكم من أن المتهمين لم يدفعوا أقوال الشهود بشئ يطابق الواقع أخذا بدفاع الطاعن بصورته الواردة بمحضر الجلسة فضلا عن أن مؤداه أن الطاعن لم يدفع أقوال الشهود بما يصلح سببا لاطراحها وعدم التعويل عليها . لما كان ما تقدم ، وكان يكفى لسلامة الحكم ما تضمنته مدوناته من أدلة على توافر أركان جناية الاختلاس بالنسبة إلى المتهم الأول الذى تلقى الطاعن عنه حيازة المطبوعات التى اتهم بإخفائها ، وكان لا يشترط فى حكم المادة 112 من قانون العقوبات أن يكون المال المختلس مالا أميريا ، بل يكفى أن يكون مملوكا للأفراد متى كان قد سلم للموظف بسبب وظيفته كما حدث فى هذه الدعوى . ولما كان الحكم قد تحدث عن ركن العلم بقوله "فلولا أنه يعرف بأنها مختلسة لما هرب ولما عمل على إحراق الأغلفة بعد أن انصرف بدر بدر على بما جمعه من المطبوعات لتبليغ رئاسته" وهذا الذى ذكره الحكم يكفى لسلامة التدليل ولا يغض من قيمته أنه بنى على الاستنتاج فإن القصد الجنائى هو من الأمور النفسية التى قد لا تترك أثرا محسوسا يدل عليها مباشرة فيكون للقاضى أن يستخلصه بكافة الممكنات العقلية ، هذا ولما كان الحكم قد أوضح أن الطاعن كان يأخذ المطبوعات من عامل البريد الذى تسلمها بسبب وظيفته وفى حقيبة من حقائب البريد وأنه كان ينزع الأغلفة عنها مع المتهم الأول عامل البريد وأنه اشترك معه فى إحراقها ، فقد دلل بذلك على علمه بأن المطبوعات متحصلة من جناية اختلاس لا من جنحة سرقة . على أنه لا جدوى لما أثاره الطاعن من القول باحتمال أن تكون المطبوعات متحصلة من جنحة سرقة مادامت العقوبة التى أوقعتها المحكمة هى المقررة لجنحة إخفاء الأشياء المسروقة . لما كان كل ذلك ، وكان لا مصلحة للطاعن فى أن يتحدث عن عدم الحكم بالرد على أن محل الحكم به ألا يكون المال المختلس قد رد قبل صدور الحكم بالعقوبة وهو ما لم يتوفر فى هذه الدعوى ، وكان لا حق للطاعن فى أن يعترض على ما قضت به المحكمة من عقوبات على المتهم الأول . ولما كان الثابت بمحضر الجلسة أن المحكمة استجوبت الطاعن بحضور محاميه الذى لم يعترض فلا شئ ثمت يعيب الإجراءات ، ومن ثم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا .