أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 10 - صـ 340

جلسة 23 من مارس سنة 1959

برياسة السيد حسن داود نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة: مصطفى كامل, وفهيم يسى جندي, ومحمد عطيه اسماعيل, ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

(76)
الطعن رقم 172 سنة 29 القضائية

(أ) مناجم ومحاجر. جريمة الحصول على المواد المعدنية الموجودة في باطن الأرض بدون ترخيص أو الشروع فيها. قوامها وطبيعتها الخاصة. مدى صلتها بجريمة السرقة. عدم تفرقة الشارع في وجوب الحصول على الترخيص بين مالك الأرض وغيره. المادة 64 من القانون 66 لسنة 1953.
(ب) مناجم ومحاجر. المسئولية والعقاب. مجال تطبيق حكم المادة 65 من القانون 66 لسنة 1953.
(ج) مسئولية جنائية. الإرادة الجانية. ما لا يعدم القصد الجنائي. قانون. آثار نشره.
عدم قبول الدفع بما أدخل على القانون من تعديل. علة ذلك.
1 - دل الشارع بنص المادة 64 من القانون رقم 66 لسنة 1953 أنه قصد من النصوص التي وضعها للمعاقبة على جريمة الحصول على المواد المعدنية الموجودة في باطن الأرض بدون ترخيص أو الشروع فيها إلى أن يجعل منها جريمة من نوع خاص قوامها العبث بتلك المحاجر, ولا تجمعها بجريمة السرقة سوى العقوبة, ولم يفرق الشارع في إيجاب الحصول على الترخيص بين مالك الأرض وغيره.
2 - مجال تطبيق حكم المادة "65" من القانون رقم 66 لسنة 1953 مقصور على الحالات التي لا يعاقب فيها القانون بعقوبة أخرى أشد.
3 - لا يسوغ الدفع بالجهل بما أدخل على القانون من تعديل, إذ أن ذلك مما يعده القانون داخلا في علم كافة الناس.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة إدفو: استخرج كمية الأحجار المبينة الوصف والقيمة بالمحضر بقصد استغلالها دون الحصول على ترخيص بذلك وطلبت عقابه بالمواد 1/ 46, 53/ 1, 63, 64, 65 من المرسوم بقانون رقم 66 لسنة 1953 و318 من قانون العقوبات ومحكمة إدفو الجزئية قضت حضوريا عملا بمواد الإتهام بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل والإيقاف فاستأنف وقيد استئنافه برقم 418 سنة 57 ومحكمة أسوان الابتدائية نظرت هذا الاستئناف وقضت حضوريا بقبوله شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في الحكم الأخير بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أن الحكم المطعون فيه أجرى في حقه المادتين (64) من القانون رقم 66 لسنة 1953 و318 من قانون العقوبات في حين أن الثابت من الأوراق أن الطاعن استخرج الأحجار من أرض اشتراها من الحكومة وكان يتعين تطبيق المادتين 63 و65 من القانون المذكور والأخيرة منها تقضي بعقوبة الغرامة هذا ولم يستظهر الحكم المطعون فيه القصد الجنائي إذ كان الطاعن فيما صدر منه يعتقد أنه إنما يستولى على شئ مملوك له دون غيره.
وحيث إن واقعة الدعوى تتحصل كما جاء بالحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه استئنافيا في أن الطاعن أخذ أحجارا من جبل نجع العرب وقد استعملها في البناء دون الحصول على ترخيص وأورد تأييدا لهذه الواقعة دليلا مستمدا من اعتراف الطاعن, ثم عرض الحكم لدفاع الطاعن الذي يشير إليه في طعنه بقوله "وحيث إن المتهم اعترف بالواقعة ودفع التهمة بأن الأرض التي استخرج منها الأحجار مملوكة له واستند إلى نص المادة 18 من القانون رقم 136 سنة 1949 التي تقرر أن كمية المحاجر الموجودة في الأرض المملوكة للافراد ملك لصاحب الأرض وحيث أن دفاع المتهم غير مقبول نظرا لأن القانون رقم 136 لسنة 1949 قد ألغى بنص المادة 70 من القانون رقم 66 لسنة 1953 وأن هذا القانون الأخير نص في المادة (53) منه بأنه لا يجوز لمالك الأرض الموجودة بها مواد محاجر أن يستخرج هذه المواد بقصد الاستعمال إلا بعد الحصول على ترخيص وذلك بالشروط والأوضاع المقررة في القانون.
لما كان ذلك وكانت المادة (64) من القانون رقم 66 لسنة 1953 إذ نصت على أن يعاقب بعقوبة السرقة والشروع فيها كل من استخرج أو شرع في استخراج المواد المعدنية من المناجم أو المحاجر بدون ترخيص فقد دل الشارع بذلك أنه قصد من النصوص التي وضعها للمعاقبة على جريمة الحصول على المواد المعدنية الموجودة في باطن الأرض بدون ترخيص أو الشروع فيها إلى أن يجعل منها جريمة من نوع خاص قوامها العبث بتلك المحاجر ولا تجمعها بجريمة السرقة سوى العقوبة, ولم يفرق الشارع في إيجاب الحصول على الترخيص بين مالك الأرض وغيره, ومن ثم يتعين معاقبة من يستخرج المواد المعدنية أو يشرع في استخراجها بغير ترخيص ولو كانت الأرض التي تحوي المناجم أو المحاجر قد آلت إليه بطريق الملك لما في عمله من مخالفة صريحة للقانون والعبث بتلك المحاجر أو المناجم, لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الحصول على الأحجار دون الحصول على ترخيص وأورد الأدلة التي اعتمد عليها في ذلك فإن قضاءه يكون صحيحا مطابقا للقانون, ولا يشفع له اعتقاده بأنه هو المالك للأرض وما يوجد بها إذ لا يسوغ للطاعن أن يدفع بالجهل بما أدخل على القانون من تعديل إذ أن ذلك مما يعده القانون داخلا في علم كافة الناس, لما كان ذلك, وكان مجال تطبيق حكم المادة (65) من القانون المذكور مقصور على الحالات التي لا يعاقب فيها القانون بعقوبة أخرى أشد فإن الطعن برمته لا يكون له محل.
وحيث أنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.