أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 10 - صـ 344

جلسة 23 من مارس سنة 1959

برياسة السيد حسن داود نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة: مصطفى كامل, ومحمد عطيه اسماعيل, ومحمود حلمي خاطر, وعادل يونس المستشارين.

(77)
الطعن رقم 192 لسنة 29 القضائية [(1)]

(أ) إجراءات المحاكمة. طرح الدليل بالجلسة.
وجوب ضم الأوراق التي تكون جسم الجريمة. مثال في جريمة عدم أداء رسم الدمغة المقرر على المحررات المضبوطة.
دفاع. طلب ضم الأوراق. متى يكون هاما؟
عند تعلقه بجسم الجريمة واستجلاء عناصرها الواقعية والقانونية.
أثر إغفال الرد عليه في هذه الحالة.
القصور. مثال في تعليل الرفض تعليلا يعد تسليما بنتيجة دليل لم يطرح بالجلسة.
(ب) نقص. الحكم في الطعن. أثر انطواء الحكم على عيبي البطلان والخطأ في القانون.
القصور في التسبيب له الصدارة على الخطأ في القانون.
1 - إن الطلب الذي تقدم به الدفاع عن المتهم بشأن ضم المحررات المضبوطة موضوع جريمة - عدم أداء رسم الدمغة المقرر عليها - يعد طلبا هاما لتعلقه بجسم الجريمة ذاتها واستجلاء عناصرها الواقعية والقانونية, فكان يتعين على المحكمة إجابته لإظهار وجه الحق في الدعوى, ولا يقبل من المحكمة تعليل رفض إجابته تعليلا يعد تسليما مقدما بنتيجة دليل لم يطرح عليها وقضاء في أمر لم يعرض لنظرها مما يعيب الحكم بالقصور ويعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة والتقرير برأي في شأن ما أثاره المتهم في طعنه من خطأ في تطبيق القانون وفي تأويله.
2 - القصور في التسبيب له الصدارة على وجوه الطعن الأخرى المتعلقة بمخالفة القانون, فلا تملك محكمة النقض إزاء قبوله التعرض لما انساق إليه الحكم من تقريرات قانونية خاطئة وهو بسبيل رده على ما تمسك به المتهم من دفوع قانونية.


الوقائع

اتهمت النيابة العمومية هذا الطاعن بأنه: بدائرة قسم عابدين قبل وتسلم عدد 1187 توكيلا متضمنا عقود فتح اعتماد دون سداد الرسم وقدره 43 جنيه, 810 مليم وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 224 سنة 1951 ومحكمة ضرائب القاهرة سمعت الدعوى وقضت حضوريا بتغريم المتهم عشرة قروش عن كل عقد وبزيادة ما لم يسدد من الرسم وقدره 25 جنيه, 450 مليم بما يعادل ثلاثة أمثاله كتعويض فاستأنف, ومحكمة مصر الابتدائية نظرت هذا الاستئناف وقضت حضوريا بقبوله شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة عدم أداء رسم الدمغة المقرر على المحررات المضبوطة بفرع البنك العربي بالقاهرة قد شابه قصور واخلال بحق الدفاع وانطوى على خطأ في تطبيق القانون ذلك أن المدافع عنه تمسك بطلب ضم المحررات المضبوطه كي تطلع عليها المحكمة لمراقبة صحة تقدير مفتش الضرائب للرسوم المطلوبة وللتحقق من تاريخ الواقعة والوصول إلى معرفة الفاعل الحقيقي المسئول عن عدم استيفاء تلك الرسوم نظرا إلى انقطاع صلة الطاعن بتلك المحررات بدعوى أن حقيقة مهمته بوصفه رئيسا لمجلس إدارة البنك بمركزه الرئيسي بمدينة عمان هى مجرد الإشراف الرياسي على كافة فروع البنك دون الاضطلاع بنفسه بأعمال تلك الفروع, ولم تجبه المحكمة إلى طلب واكتفت بالإحالة إلى ما قرره الشاهدين من أنه تحقق له أن رسم الدمغة لم يسدد وإلى ما تضمنه تقرير التفتيش على فرع البنك بالقاهرة من بيان لهذه الأوراق وهو ما لا يصلح ردا لهذا الطلب الجوهري مما يعيب إجراءات المحاكمة ويبطل الحكم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة عليها عرض لدفاع الطاعن الذي يقوم حول عدم ضم الأوراق المقول بمخالفتها لقانون الدمغة فقال...... "وحيث إنه بالنسبة للوجه الثاني من دفاع المتهم بشأن عدم تقديم الأوراق المستحق عنها رسم الدمغة فمردود بأن الثابت من الاطلاع على محضر ضبط الجنحة ومحضر التحقيق سالفي الذكر أن السيد سكرتير البنك قد أقر بضبط الأوراق الواردة بالمحضر عددا ونوعا, كما ثبت على لسان الشاهد وهو محرر المحضر أنه قام بنفسه بضبط هذه الأوراق وتبين أنه لم يسدد عنها رسم الدمغة المستحق عنها قانونا وأنه سلمها لمدير البنك إذ أن قانون الدمغة يقضي بتسليم الأوراق المضبوطة لصاحبها إذا سدد الرسم المطلوب واعترف بالمخالفة, يضاف إلى ما تقدم أنه يبين من الاطلاع على ملف التفتيش سالف الذكر أن تقرير التفتيش الذي أشار إليه سكرتير البنك عند سؤاله بمحضر التحقيق قد تناول بالتفصيل بيان جميع الأوراق المضبوطة عددا ونوعا كما أرفق به بيان تفصيلي بحصيلة التفتيش ونماذج مطبوعة من أوراق البنك المضبوطة وهى نماذج طبعت بمعرفة البنك فلا محل للشك في أنها تطابق الأصل ومن ثم يتعين إطراح هذا الشطر من دفاع المتهم.
وحيث إنه عن الوجه الثالث من دفاع المتهم بشأن عدم تحري الدقة في بيان تاريخ الأوراق المضبوطة فمردود بما سبق الرد عليه على الوجه الثاني من أن البيان التفصيلي بحصيلة التفتيش وهو بلا شك مكمل لمحضر الضبط قد ورد به بيان الأوراق المضبوطة بالتفصيل من حيث نوعها وعددها وتاريخها". وانتهى الحكم إلى إدانة الطاعن ملتفتا عما أثاره من دفع بعدم جواز مساءلته عما يقع من جرائم ممثلي البنك بفرع القاهرة عملا بقاعدة شخصية العقوبة وعدم تقرير مسئولية الأشخاص الاعتبارية إلا بنص وقال في هذه الصدد: "إن فرع القاهرة يعتبر جزءا من البنك العربي المؤسس بالقدس وأن هذا الفرع يسير في إدارته ونظمه وفقا لأوامر المركز الرئيسي بالقدس, ولما كان السيد عبد الحميد شومان هو رئيس مجلس إدارة البنك بالمركز الرئيسي وكان فرع القاهرة يسير تحت لواء إدارته ومن ثم تصح مساءلته عما يقع في هذا الفرع من مخالفات الإهمال في تنفيذ قانون الدمغة بغض النظر عما أثاره المتهم من أن الحكم المستأنف قد خالف قاعدة شخصية العقوبة...".
لما كان ذلك, وكان الطلب الذي تقدم به الدفاع عن الطاعن بشأن ضم المحررات موضوع الجريمة يعد طلبا هاما لتعلقه بجسم الجريمة ذاتها واستجلاء عناصرها الواقعية والقانونية, فإنه كان يتعين على المحكمة إجابته لإظهار وجه الحق في الدعوى, ولا يقبل من المحكمة ما أوردته من تعليل لرفض إجابته لأن هذا التعليل يعد تسليما مقدما بنتيجة دليل لم يطرح عليها وقضاء في أمر لم يعرض لنظرها مما يعيب الحكم بالقصور ويعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة والتقرير برأي في شأن ما أثاره الطاعن في طعنه من خطأ في تطبيق القانون وفي تأويله, ذلك أن هذا القصور في التسبيب له الصدارة على وجوه الطعن الأخرى المتعلقه بمخالفة القانون فلا تملك المحكمة إزاء قبوله التعرض لما انساق إليه الحكم من تقريرات قانونية خاطئة وهو بسبيل رده على ما تمسك به الطاعن من دفوع قانونية.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والإحالة.


[(1)] قررت محكمة النقض بجلسة 23/ 3/ 1959 المبدأ ذاته في الطعون 181, 182, 185, 186, 191, 193 لسنة 29 القضائية.