أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 10 - صـ 364

جلسة 30 من مارس سنة 1959

برياسة السيد حسن داود نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة: أحمد زكي كامل, والسيد أحمد عفيفي, ومحمود حلمي خاطر, وعباس حلمي سلطان المستشارين.

(81)
الطعن رقم 205 لسنة 29 القضائية

(أ, ب) رشوة. الرشوة في محيط الوظائف العامة. صفة الجاني. المراد بالموظف ومن في حكمه. المادة 109 مكرر, 111 ع.
دخول رجال البوليس والجيش وموظفي الوزارات والمصالح ومستخدميها على اختلاف طبقاتهم في حكم الموظفين والمأمورين والمستخدمين.
(جـ) رشوة. بيانات أحكام الإدانة. ما لا يعيبها. إغفالها الإشارة إلى المادة 111 ع. علة ذلك. المادة 310 أ. ج.
(د) دفاع. ما لا يعتبر إخلالا بحق الدفاع.
إغفال الحكم الرد على طلب ضم أوراق لم تنعقد له الخصائص التي تستلزم التعرض له.
1 - يراد بالموظف العمومي - بحسب قصد الشارع في المادة 109 - مكررا من قانون العقوبات - كل شخص من رجال الحكومة بيده نصيب من السلطة العامة, فلا يدخل في هذا المعنى سوى رجال السلطة القضائية وكبار رجال السلطة التنفيذية والإدارية.
2 - نصت المادة 111 من قانون العقوبات على أن المأمورين والمستخدمين أيا كانت وظيفتهم يعتبرون كالموظفين وبذلك تنطبق أحكام الرشوة على كل شخص له نصيب من الاشتراك في إدارة أعمال الحكومة مهما كان نصيبه في ذلك صغيرا, وإنما يشترط فيه بجانب ذلك أن يكون ممن تجرى عليهم أحكام الأنظمة واللوائح الخاصة بخدمة الحكومة, وقانون الموظفين رقم 210 لسنة 1951 أحد هذه الأنظمة, وهناك أنظمة أخرى خاصة برجال الجيش والبوليس, وعلى هذا يدخل في حكم الموظفين العموميين والمأمورين والمستخدمين بمقتضى المادتين 109 مكررا, 111 من قانون العقوبات رجال الجيش والبوليس وموظفي الوزارات والمصالح ومستخدميها على اختلاف طبقاتهم.
3 - لا يوجب القانون على المحكمة أن تشير في حكمها إلا إلى مادة القانون الذي حكمت بموجبه بعقاب المتهم, فلا يعيب الحكم عدم إشارته إلى المادة 111 من قانون العقوبات التي أدخلت في حكم الموظفين العموميين طوائف أخرى.
4 - ليس للمتهم أن ينعي على المحكمة أنها أخلت بحقه في الدفاع إذا كانت عبارة المدافع عنه فضلا عن كونها غير صريحة في طلب ضم محاضر معينة ولم يبين ماهيتها ومدى صلتها بالواقعة التي يحاكم عنها المتهم, فإنه ترافع في الدعوى دون أن يعقب عليها بشئ.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من: 1 - أحمد حسان محمد الشهير بالكومي (الطاعن) و2 - خليفه حسين خليفه بأنهما: عرضا مبلغ خمسة جنيهات رشوة على موظف عمومي هو صابر محمد عبد الحميد الصول بسلاح المهمات بالجيش والمعين على البوابة الرئيسية, وذلك للإخلال بواجبات وظيفته بالسماح للأول بإخراج حاجيات من السلاح لا تخصه, وإنما تخص مصلحة الأشغال العسكرية, ولكن الرشوة لم تقبل منه. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 109 مكرر و 110 و111 من قانون العقوبات, وقد قررت الغرفة إحالتهما إلى هذه المحكمة لمعاقبتهما بالمواد سالفة الذكر. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمادة 109 مكرر و 110 من قانون العقوبات المعدل بمعاقبة أحمد حسان محمد الشهير بالكومي وخليفة حسن خليفة بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريم كل منهما خمسمائة جنيه وبمصادرة مبلغ الرشوة المضبوطة.
وقد قرر الطاعن الطعن في الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع, ذلك أن الحكم المطعون فيه قد اعتبر الصول الذي عرضت عليه الرشوة موظفا عموميا يدخل في عداد الذين تنطبق عليهم المادة 109 مكرر من قانون العقوبات, مع أنه ورد بالمادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بالموظفين عدم سريان أحكامه على رجال الجيش والسلاح الجوي والطيران, ولا يشفع لهذا الحكم أن المادة 111 من قانون العقوبات عددت طوائف من رجال الحكومة وغيرهم يمكن أن يكون من بينهم رجال الجيش قالت أنهم يعدون في حكم الموظفين في خصوص تطبيق مواد الرشوة, ذك لأن الحكم لم يشر إلى هذه المادة رغم طلب تطبيقها من النيابة العامة مما قد يدل على أن الحكم أعرض عن هذا الطلب, وفي إهمال الإشارة إليها ما يبطل الحكم استنادا إلى نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية. يضاف إلى ذلك أن المدافع عن الطاعن استهل مرافعته أمام المحكمة بقوله "قبل أن أبدأ مرافعتي فإني أطعن بالتزوير بمحضر تحقيق النيابة, إذ أنني عندما اطلعت على ملف الجناية, إذ أن خمس محاضر غير موجودة بالدوسيه الأصلي أو الدوسيه المطبوع..." ولم تلتفت المحكمة إلى هذا الدفع الذي سمي خطأ تزويرا ولم تشر إليه في حكمها, وكان من الواجب عليها بحث الأمر والتحقيق من وجود محاضر التحقيق الخمسة أو عدم وجودها فقد تتضمن هذه المحاضر ما يبعد التهمة عن الطاعن.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جميع العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها - لما كان ذلك, وكان يراد بالموظف العمومي - بحسب قصد الشارع في المادة 109 مكرر من قانون العقوبات - كل شخص من رجال الحكومة بيده نصيب من السلطة العامة, فلا يدخل في ذلك سوى رجال السلطة القضائية وكبار رجال السلطة التنفيذية والإدارية, ولكن الشارع لم يرد أن يقصر أحكام الرشوة على هذه الطائفة, فنص في المادة 111 عقوبات على أن المأمورين والمستخدمين أيا كانت وظيفتهم يعتبرون كالموظفين, وبذلك تنطبق أحكام الرشوة على كل شخص له نصيب من الاشتراك في إدارة أعمال الحكومة مهما كان نصيبه في ذلك صغيرا, وإنما يشترط فيه بجانب ذلك أن يكون ممن تجري عليهم أحكام الأنظمة واللوائح الخاصة بخدمة الحكومة. وقانون الموظفين رقم 210 لسنة 1951 أحد هذه الأنظمة, وهناك أنظمة أخرى خاصة برجال الجيش والبوليس, وعلى هذا يدخل في حكم الموظفين العموميين والمأمورين والمستخدمين بمقتضى المادتين 109 مكرر و 111 من قانون العقوبات رجال الجيش والبوليس وموظفو الوزارات والمصالح العمومية ومستخدموها على اختلاف طبقاتهم, ومن ثم فالواقعة التي دين الطاعن بها تتوافر بشأنها أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة 109 مكرر, ولا محل لما ينعاه الطاعن في هذا الشأن على الحكم, ولما كان القانون لا يوجب على المحكمة أن تشير في حكمها إلا إلى مادة القانون الذي حكمت بموجبه بعقاب المتهم وهو ما فعلته في حكمها المطعون فيه, فعدم الإشارة إلى المادة 111 من قانون العقوبات التي أدخلت في حكم الموظفين العموميين طوائف أخرى لا يعيب الحكم. لما كان ذلك, وكان المدافع عن الطاعن قد اقتصر على القول "قبل أن أبدأ مرافعتي فإني أطعن بالتزوير بمحضر تحقيق النيابة, إذ أنني عندما اطلعت على ملف الجناية إذ أن خمس محاضر غير موجودة بالدوسيه الأصلي أو الدوسيه المطبوع" ثم ترافع المدافع فعلا في الدعوى من غير تحفظ ما بقوله "سأترافع في القضية بحالتها", فلا يكون له أن ينعي على المحكمة أنها أخلت بحقه في الدفاع, إذ أن عبارته فضلا عن كونها غير صريحة في طلب ضم محاضر معينة ولم يبين ماهيتها ومدى صلتها بالواقعة التي يحاكم عنها, فإنه ترافع في الدعوى دون أن يعقب عليها بشئ - لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.