أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 12 - صـ 788

جلسة 10 من أكتوبر سنة 1961

برياسة السيد السيد أحمد عفيفى المستشار، وبحضور السادة: محمد عبد السلام، وعبد الحليم البيطاش، وأديب نصر حنين، ومختار مصطفى رضوان المستشارين.

(153)
الطعن رقم 561 لسنة 31 القضائية

فاعل أصلى. شريك. سرقة. عقوبة. نقض "المصلحة فى الطعن".
(أ) سرقة تيار كهربائى. التفرقة بين الفاعل الأصلى والشريك. استعانة المتهم بآخر لتعطيل العداد. اعتبار المتهم فاعلا أصليا مادام هو الذى يختلس التيار.
(ب) نقض. المصلحة فى الطعن. إدانة المتهم باعتباره فاعلا أصليا فى السرقة. نعيه على الحكم أنه اعتبره فاعلا لا شريكا. لا جدوى منه: مادامت العقوبة المقضى بها عليه مقررة لجريمة الاشتراك فى السرقة.
1 - تعطيل العداد ليس بذاته الفعل المكون لجريمة سرقة التيار الكهربائى بل هو مؤد إليها حتما بمجرد مرور التيار به بعد توقفه، فلا يغير من موقف المتهم أن يستعين فى إتلافه بمن له خبرة فى ذلك أو أن يقوم به بنفسه، وما دام هو الذى يختلس التيار فهو السارق له.
2 - لا جدوى مما يثيره الطاعن من جدل حول خطأ الحكم فى اعتباره فاعلا أصليا لا شريكا فى جريمة السرقة التى دانه بها مادامت عقوبة الحبس التى قضى بها عليه مقررة فى القانون للاشتراك فى الجريمة المذكورة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه سرق التيار الكهربائى وطلبت عقابه بالمادة 318 من قانون العقوبات. وقد ادعى وزير الشئون البلدية والقروية بصفته الرئيس الأعلى لمجلس بلدى إخميم بمبلغ 452 و 442 مليما على سبيل التعويض. والمحكمة الجزئية قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام (أولا ): بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل والنفاذ بلا مصاريف جنائية. (ثانيا) بإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحقوق المدنية بصفته مبلغ 452 جنيها و 442 مليما والمصروفات المدنية. فاستأنف المتهم فى هذا الحكم. والمحكمة الاستئنافية قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم مصروفات الدعوى المدنية. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجه الأول من أوجه الطعن هو الخطأ فى تطبيق القانون، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إدانة الطاعن باعتباره فاعلا أصليا فى جريمة سرقة التيار الكهربائى لا شريكا فيها واستدل على قيام ركن الإختلاس فى حقه بوجود مصلحة له فى إتلاف عداد الإنارة الموضوع فى منزله سواء أكان الإتلاف ناتجا عن عمله أو من عمل من هم تحت رعايته مع أن أحدا لم يشهده وهو يتلف العداد أو يرتكب الفعل المادى المؤدى إليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى فى قوله: "إنه أثناء تفتيش محمود مدحت الخولى مهندس الكهرباء والمياه بالبلدية على العداد موضوع الحادث، لاحظ أن هذا العداد محاط بصندوق خشبى من أربع جوانب ووجهه مغطى بقطع من الأبلكاش مما دعاه إلى نزع الجزء الأسفل من غطاء الصندوق المسمر ليتحقق من نمرة الإشتراك فأبصر بقطعة من السلك المعزول المستعمل فى توصيل الكهرباء وأن طرفه منزوع منه العازل وأصبح السلك النحاسى ظاهرا ولاحظ وجود ثقب فى غطاء العداد المغطى للأجهزة الدقيقة وأن هذا السلك واصل إلى القرص الداخلى الذى تتأثر بدورانه الميناء التى تسجل الاستهلاك للتيار الكهربائى بحيث جعل القرص متوقفا عن السير إلى أن العداد لا يحصر الاستهلاك، فأبلغ بالحادث وأضاف أنه استبان له من معاينة مسكن المتهم ومن يسكنون عنده أن بهذه المساكن جميعها الأسلاك التى توصل الأنوار موجودة واستطرد قائلا إن المتهم هو المسئول عن العداد أمام المجلس لأن العمل الذى قام به يؤدى إلى أن يحصل على التيار الكهربائى دون أن يرصده العداد". ثم أورد الحكم أقوال الشهود من موظفى البلدية والسكان الذين قرروا أن المتهم أوصل التيار إلى مساكنهم وتقاضى منهم قيمة استهلاكهم للتيار. وأضاف الحكم "أنه استبان من معاينة مهندس الكهرباء أن المتهم يحوز عدادا آخر خلاف عداد البلدية وأنه حين سئل عنه قرر أنه اشتراه من مدة كانت البلدية فيها خالية من حيازة العدادات لاستعماله فى المبنى الجديد إذ لزم ذلك وأنه غير مركب على التيار إطلاقا". ثم قال الحكم ردا على دفاع المتهم من أن من السهل إتلاف العداد دون علمه "أن المحكمة رأت تحقيقا للعدالة أن تجرى معاينة لمكان الحادث وقد استبان من هذه المعاينة بوضوح أن العداد موضوع ومثبت على حائط مرتفع عن سطح الأرض بحوالى مترين ويغلق عليه وعلى الممر الموجود به باب خشبى كبير ويستحيل على كائن من كان أن يحدث بالعداد ما وجده به دون أن يشعر به المتهم إن كان حاضرا أو أحد أهليته أثناء غيابه فهو بوضعه الذى ضبط عليه يحتاج إلى وقت وآلات ليست فى مكنة أحد أن يجرى هذا دون إذن أو علم منه لأنه موضوع داخل ملكه وفى حوزته وتحت إشراقه ورعايته". ثم أضاف الحكم "أنه يبين من كل ما تقدم أن المتهم حين سوّلت له نفسه استغلال التيار الكهربائى والاتجار فيه لجأ إلى تلك الطريقة التى اصطنعها بالعداد حتى يتمكن من استهلاك أية كمية بالغة ما بلغت دون أن يسجل العداد إلا تسجيلا صوريا وبذا يستفيد من التيار شخصيا ويوزعه على سكانه بالثمن، وحتى يضبط قيمة استهلاك السكان للتيار فقد اشترى عدادا خاصا يسجل له ما يستهلكه السكان ومن ثم يتقاضى منهم ثمن هذا الاستهلاك وأن هذه الواقعة ثابتة مما قرره مساعد رئيس مجموعة المياه من أنه شاهد التوصيلات التى كانت تربط هذا العداد الخاص بعداد البلدية الأصلى وأن الأسلاك كانت ممتدة من العداد الخاص لتوزيع التيار على بقية الشقق". ثم رد الحكم على دفاع الطاعن بعد استخدامه العداد الخاص بأنه تخبط فى تعليل شرائه. وتحدث عن الدعوى المدنية وتبعيتها للدعوى الجنائية والصلة المباشرة بين الضرر والجريمة المعروضة بقوله "إن وزارة الشئون البلدية والقروية تدخلت فى الدعوى وادعت مدنيا قبل المتهم بمبلغ 526 مليما و 372 جنيها عدلت إلى مبلغ 442 مليما و 452 جنيها وأنه وقد ثبتت إدانة المتهم ولحق مجلس بلدى أخميم تلك الأضرار المادية التى نشأت مباشرة عن جريمة سرقة التيار الكهربائى تعين الحكم بالتعويض المناسب.
وحيث إن قلم قضايا الحكومة قدم مستنداته شاملة كشوف استهلاك المتهم للتيار طوال المدة التى اختلس فيها هذا التيار وقد ثبت منها أن المتهم استهلك ما يوازى المبلغ المطالب به ومن ثم كانت هذه الدعوى ثابتة ويتعين لذلك الحكم بالتعويض المطلوب". لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة تؤدى إلى ما رتبه عليها، وكان لا جدوى مما يثيره الطاعن من جدول حول خطأ الحكم فى اعتباره فاعلا أصليا لا شريكا فى جريمة سرقة التيار الكهربائى التى دانه بها مادامت عقوبة الحبس التى قضى بها عليه مقررة فى القانون للاشتراك فى الجريمة المذكورة، على أنه إن كان تعطيل العداد ليس بذاته الفعل المكون لجريمة السرقة بل هو مؤد إليها حتما بمجرد مرور التيار به بعد توقفه فلا يغير من موقف الطاعن أن يستعين فى إتلافه بمن له خبرة فى ذلك أو أن يقوم به بنفسه، ومادام هو الذى يختلس التيار فهو السارق له. ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المتهم استمر فى سحب التيار لإضاءة منزله واشترى عدادا خاصا غير المملوك للبلدية ليوزع التيار به على المستأجرين وأنه حاسبهم على استهلاكهم وفقا لما سجله هذا العداد مدللا على حصول العبث بأسلاك العداد بفعل الطاعن أو بعلمه فإن ما أثبته الحكم من ذلك ما يجعل الطاعن فاعلا أصليا للجريمة لا شريكا فيها.
وحيث إن باقى أوجه الطعن تتحصل فى خطأ الحكم فى الإسناد ومخالفة الثابت بالأوراق وبالمعاينة فى بيان موضع العداد وإمكان العبث به وبصندوقه ثم فى خطئه فى تطبيق القانون لاستناده على دليل لا يؤدى إلى النتيجة التى انتهى إليها، وقضائه فى الدعوى المدنية دون أن تتهيأ ظروفها وتستوفى مستنداتها.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد الوقائع السابق بيانها مستخلصة من المعاينة وأقوال الشهود، ودلل على أن العداد كان موضوعا فى ممر مملوك للمتهم ومغطى بصندوق مقفل مما اضطر مهندس البلدية إلى كسره، ثم تكلم عن تبعية الدعوى المدنية للدعوى الجنائية وعن الصلة المباشرة بين الضرر الناتج والجريمة المنسوبة إلى الطاعن وأثبت الضرر الذى لحق بالمجلس البلدى من جراء ارتكابها وأن قلم قضايا الحكومة قدم مستندات شاملة لكشوف استهلاك المتهم للتيار الكهربائى طوال المدة التى اختلس فيها التيار وأنه استهلك ما يوازى المبلغ المطالب به. لما كان ذلك، فإنه يكون قد أقام قضاءه فى كلتا الدعويين الجنائية والمدنية على عناصر لها سندها من الأوراق وقد حصلها الحكم تحصيلا سائغا فيكون ما أثير فى هذا الخصوص هو مجرد جدل موضوعى ومحاولة لمصادرة المحكمة فى اعتقادها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.