أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 10 - صـ 386

جلسة 30 من مارس سنة 1959

برياسة السيد مصطفى فاضل رئيس المحكمة, وبحضور السادة: فهيم يسى جندي, ومحمد عطيه اسماعيل, وعباس حلمي سلطان, وعادل يونس المستشارين.

(86)
الطعن رقم 225 لسنة 29 القضائية

(أ) متشردون ومشتبه فيهم. المق 98/ 45. الاشتباه. ماهيته.
إحراز سلاح. القانون 394/ 54 المعدل بالقانون 546 لسنة 1954. العقوبة المغلظة. المادة 26/ 3. حالاتها. الفقرة "و" من المادة 7. مجال العمل بها.
سبق الحكم على المتهم لجريمة اشتباه وعدم رد اعتباره عنها وقت ارتكابه جريمة إحراز السلاح.
(ب) سلاح. إحراز الذخيرة. عقوبة الغرامة المقررة بالمادة 26/ 4. طبيعتها الخاصة. هى تكميلية ذات صبغة عقابية بحتة. أثر ذلك. إندماجها في العقوبة الأشد المقررة لجريمة إحراز السلاح المرتبطة بجريمة إحراز الذخيرة. المادة 32/ 2 ع.
1 - الاشتباه في حكم المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 الخاص بالمتشردين والمشتبه فيهم وصف يقوم بذات المشتبه فيه عند تحقق شروطه القانونية, وهذا الوصف بطبيعته ليس فعلا مما يحس في الخارج ولا واقعة مادية يدفعها نشاط الجاني إلى الوجود - كما هو الحال في ارتكاب الجرائم الأخرى - وإنما افترض الشارع بهذا الوصف كمون خطر في شخص المتصف به ورتب عليه إذا بدر من المشتبه فيه ما يؤكد هذا الخطر, وجوب إنذاره أو معاقبته على تجدد حالة هذا الاشتباه واتصال فعله الحاضر بماضيه الذي انتزع منه هذا الوصف, وتظل صفة الاشتباه لاصقة بالمشتبه فيه حتى يرد اعتباره عنها - فإذا كان الحكم قد أثبت في حق المتهم أنه سبق الحكم عليه لجريمة الاشتباه ولم يكن هذا الجزاء قد محى عنه في تاريخ ارتكاب جريمة إحراز السلاح التي دين بها, فإنه يعد من المشتبه فيهم الذين عنتهم الفقرة "و" من المادة السابعة من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 الأمر الذي يتحقق معه تغليظ العقوبة إلى الأشغال الشاقة المؤبدة عملا بالفقرة الثالثة من المادة 26 من القانون سالف الذكر.
2 - عقوبة الغرامة المقررة بالمادة 26/ 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 بالإضافة إلى العقوبة المقيدة للحرية لجريمة أحراز الذخيرة ذات طبيعة عقابية بحتة, فلا يجوز القضاء بها مع عقوبة جريمة إحراز السلاح وهى الجريمة الأشد التي دين المتهم بها طبقا للمادة 32 من قانون العقوبات التي أعملها الحكم في حقه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: أولا - أحرز سلاحا ناريا غير مششخن (فرد كبسول) بغير ترخيص حالة سبق الحكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية في سرقة واشتباه. وثانيا - أحرز ذخيرة مما تستعمل في السلاح المذكور (طلقة) بغير ترخيص, وقررت بتاريخ 11 من نوفمبر سنة 1957 إحالته على محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و6 و7 جـ و26/ 1 و3 و4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 والمعدل بقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول 3 المرفق. ومحكمة جنايات قنا قضت حضوريا عملا بالمواد 1 و6 و26/ 1 و4 و30 من القانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول 3 المرفق مع تطبيق المواد 32 و17 و55 و56 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم موسى خليل حسن بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وبتغريمه عشرة جنيهات ومصادرة المضبوطات, وأمرت بوقف تنفيذ عقوبتي الحبس والغرامة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم بغير مصروفات جنائية. فطعنت النيابة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون, إذ قضى بمعاقبة المطعون ضده بالحبس ستة أشهر في جريمتي إحراز السلاح الناري والذخيرة بدون ترخيص اللتين دانه بهما بقولة إن الفقرة "و" من المادة السابعة من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 لا تسري في حقه استنادا إلى أنه لم يكن في إحدى الحالات المبينة بها وقت وقوع الجريمة, وأنه لا يكفي أن يكون قد سبق الحكم عليه بشئ مما ذكر بها, وهذا الذي ذهب إليه الحكم يجافي التطبيق الصحيح للقانون, لأن حالة الاشتباه ليست حالة ظاهرة للحس والعيان وإنما هى صفة خلقية تقوم بنفس الموصوف يستظهرها القاضي مما وقع في الماضي من أمور تدل عليها وتصم المتهم بها, الأمر الذي ثبت في حق المطعون ضده الذي وصف بهذه الحالة وحكم عليه لذلك في 22 من فبراير سنة 1953 بوضعه تحت المراقبة, مما كان يستتبع إعمال نص الفقرة الثالثة من المادة 26 من القانون المذكور ومعاقبة المطعون ضده بالأشغال الشاقة المؤبدة والتي ما كان يستطيع الحكم - حتى مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات - أن ينزل بها إلى ما دون عقوبة السجن.
وحيث إن الدعوى الجنائية رفعت على المطعون ضده بأنه في يوم 16 من مايو سنة 1957. (1) أحرز سلاحا ناريا غير مششخن "فرد كبسول" بغير ترخيص حالة سبق الحكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية في سرقة واشتباه. (2) أحرز ذخيرة مما تستعمل في السلاح المذكور "طلقة" بغير ترخيص, وطلبت عقابه بالمواد 1 و6 و7/ جـ و, 26/ 1 و3 و4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول 3 المرفق, فقضت المحكمة بحبسه ستة أشهر مع الشغل وبتغريمه عشرة جنيهات والمصادرة وأمرت بوقف تنفيذ عقوبتي الحبس والغرامة وذلك تطبيقا للمواد 1 و6 و26/ 1 و4 و30 من القانون المذكور والمواد 17 و32 و55 و56 من قانون العقوبات.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة على ثبوتها في حق المطعون ضده عرض إلى ما دون بصحيفة سوابقه خاصا بسابقة الحكم عليه بتاريخ 22 من فبراير سنة 1953 بستة شهور مراقبة لاشتباه فقال "... كذلك لا محل لتطبيق الفقرة (و) من المادة ذاتها (المادة السابعة من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954) لأن هذه الفقرة قد تحدثت عن "المتشردين والمشتبه فيهم والموضوعين تحت مراقبة البوليس" ولم تذكر من (حكم عليه) في هذه الحالات على غرار الفقرات السابقة للمادة نفسها, فإذا كانت المادة 26/ 3 من القانون سالف الذكر قد أحالت إلى هذه الفقرة فإنها تكون قد غلظت العقاب في حالة قيام التشرد والاشتباه والمراقبة. ولما كان المتهم في الدعوى الحالية في تاريخ ارتكابه للجريمة - 16 من مايو سنة 1957 - لم يكن في حالة من الحالات المنصوص عليها بالفقرة (و) من المادة السابعة آنفة الذكر, فلا يكون هناك محل لتطبيقها, وما يقال في هذا المقام بالنسبة إلى السلاح المضبوط يقال أيضا بالنسبة إلى الذخيرة المضبوطة" لما كان ذلك, وكان الاشتباه في حكم المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 الخاص بالمتشردين والمشتبه فيهم هو وصف يقوم بذات المشتبه فيه عند تحقق شروطه القانونية, وهذا الوصف بطبيعته ليس فعلا مما يحس في الخارج ولا واقعة مادية يدفعها نشاط الجاني إلى الوجود - كما هو الحال في ارتكاب الجرائم الأخرى - وإنما افترض الشارع بهذا الوصف كمون خطر في شخص المتصف به ورتب عليه - إذا بدر من المشتبه فيه ما يؤكد هذا الخطر وجوب إنذاره, أو معاقبته على تجدد حالة هذا الاشتباه واتصال فعله الحاضر بماضيه الذي انتزع منه هذا الوصف, ولما كان وصف الاشتباه بهذا المعنى رهنا بثبوت مقدمات خاصة جعلها الشارع أمارة على ميل المشتبه فيه لنوع من الاجرام, فقد خول القاضي أن يصدر حكما واجب التنفيذ فورا إما بإنذار المشتبه فيه بأن يسلك سلوكا مستقيما أو أن يوقع عليه عقوبة المراقبة, وتظل هذه الصفة لاصقة بالمشتبه فيه حتى يرد اعتباره عنها - لما كان ما تقدم, وكان الحكم قد أثبت في حق المطعون ضده أنه سبق الحكم عليه بتاريخ 22 من فبراير سنة 1953 لجريمة الاشتباه ولم يكن هذا الجزاء قد محى عنه في تاريخ ارتكاب جريمة إحراز السلاح التي دين بها, فانه يعد من المشتبه فيهم الذين عنتهم الفقرة (و) من المادة السابعة من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 الأمر الذي يتحقق معه تغليظ العقوبة إلى الأشغال الشاقة المؤبدة عملا بالفقرة الثالثة من المادة 26 من القانون سالف الذكر, ومن ثم فلا يجوز المساس بالحد الأدنى الذي يمكن أن تنزل إليه هذه العقوبة عند تبديلها عملا بالمادة 17 من قانون العقوبات وهو السجن, فيكون الحكم المطعون فيه إذ نزل عن هذا الحد الأدنى وقضى بالحبس مدة ستة شهور تطبيقا للمادة 17 المذكورة قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لذلك تصحيح هذا الخطأ, كما أخطأ الحكم كذلك حين قضى بتغريم المطعون ضده عشرة جنيهات - وهى العقوبة المقررة بالمادة 26/ 4 من القانون آنف الذكر بالإضافة إلى العقوبة المقيدة للحرية لجريمة إحراز الذخيرة وهى الجريمة الأخف - ذلك أن عقوبة الغرامة تعد في هذه الحالة ذات طبيعة عقابية بحتة فلا يجوز القضاء بها مع عقوبة جريمة إحراز السلاح وهى الجريمة الأشد التي دانه الحكم بها طبقا للمادة 32 من قانون العقوبات التي أعملها في حقه, وترى المحكمة عملا بالمادة 425 فقرة ثانية من قانون الإجراءات الجنائية نقض الحكم لمصلحة المطعون ضده فيما قضى به من توقيع عقوبة الغرامة ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه ومعاقبة المطعون ضده بالسجن ثلاث سنوات عن التهمتين والمصادرة بدلا من العقوبات المقضي بها.