أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الأول - السنة 10 - صـ 397

جلسة 31 من مارس سنة 1959

برياسة السيد حسن داود نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة: محمود محمد مجاهد, وأحمد زكي كامل, والسيد أحمد عفيفي, وعباس حلمي سلطان المستشارين.

(88)
الطعن رقم 219 سنة 29 القضائية

(أ) سرقة. عناصر الواقعة الإجرامية. ملكية المنقول للغير. أسباب كسب الملكية. المادة 976 مدني. الحيازة في المنقول قرينة على الملكية.
(ب) دعوى جنائية. حق المدعي المدني في تحريكها بالطريق المباشر. شرط ذلك.
وجوب صدور الادعاء من صاحب الحق فيه.
دعوى مدنية. الشروط التي ينبغي توافرها في الفعل الذي يبيح الادعاء المدني للمضرور. المادة 251 أ. ج.
الضرر الشخصي المباشر عن الجريمة.
مباشرة الدعوى المدنية أمام القضاء الجنائي. قاعدة التبعية. تطبيقاتها.
عدم قبول الدعوى الجنائية يستلزم عدم قبول الدعوى المدنية التابعة لها.
1 - إذا كان ما يؤخذ من مجموع أسباب الحكم المطعون فيه أنه اتجه إلى إسناد حيازة المنقولات للزوجة, ثم اتخذ من ذلك بحق قرينة على ملكيتها لها معززة بما ساقه من قرائن أخرى فلا مخالفة في ذلك للقانون.
2 - لا تقضي المحكمة الجنائية في الدعوى المدنية إلا إذا كانت تابعة للدعوى الجنائية ومتفرعة عن ذات الفعل الذي رفعت به الدعوى العمومية, وما دامت ملكية المسروقات لم تثبت للمدعي بالحقوق المدنية, فهو إذن لم يكن الشخص الذي أصابه ضرر شخصي ومباشر من الجريمة, وإذ كانت الدعوى العمومية قد قضى فيها بعدم القبول فقد صح ما قضت به المحكمة من عدم قبول الدعوى المدنية التابعة لها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده المذكور بأنه: بدد المنقولات الموضحة بالمحضر للقمص بطرس حنين بطرس وكانت لم تسلم إليه إلا على سبيل عارية الاستعمال فاختلسها لنفسه أضرارا بالمجني عليه, وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات وتوقيع أقصى العقوبة. وادعى القمص بطرس حنين بطرس بحق مدني قبل المتهم بمبلغ 51 جنيها تعويضا مؤقتا. وأمام محكمة جنح شبرا الجزئية دفع الحاضر مع المدعي بالحق المدني بعدم جواز الإثبات بالبينة لأن المنقولات المدعي تبديدها قيمتها أكثر من عشرة جنيهات والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بمادة الإتهام مع تطبيق المادتين 55 و56/ 1 من قانون العقوبات برفض الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية وبقبولها وفي الموضوع بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من صيرورة هذا الحكم نهائيا وألزمته بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ 51 جنيها مصريا مؤقتا والمصروفات المدنية ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة بلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضوريا بإلغاء الحكم المستأنف بجميع مشتملاته وبعدم قبول الدعوى الجنائية وفي الدعوى المدنية بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة وألزمت المدعي بالحق المدني بالمصاريف المدنية و300 قرش مقابل أتعاب المحاماه.
فطعن الوكيل عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في القانون والقصور, ذلك بأن الحكم المطعون فيه أخطأ حين نفي ملكية الطاعن للمنقولات المتنازع عليها وأثبتها لزوجة المتهم بناء على قرينة جرى بها العرف مؤداها أن منقولات الزوجية تكون ملكا للزوجة مع أن القرائن القانونية - وهذه ليست منها - لا تعتبر من الأدلة التي تثبت بها الدعوى وإنما هى قواعد يعفي بها المدعي من عبء الإثبات كله أو بعضه باعتباره مدعيا بأمر ظاهر فرضا, ولعل القرائن القضائية تكون أولى بهذا الحكم, ويضيف الطاعن أنه أورد في مذكرته المقدمة لمحكمة ثاني درجة أن ما وقعت عليه الجريمة لا يقتصر على المنقولات التي اشتراها من دمياط بل يتناول أشياء أخرى لم يدع المتهم أنها له أو لزوجته, فلم يرد الحكم على ذلك, هذا إلى أن الحكم استنادا إلى ما أثبته من ملكية الزوجة للمنقولات - قد أجرى على الواقعة حكم المادة 3 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 312 من قانون العقوبات فقضى بعدم قبول الدعوى لعدم وجود شكوى من الزوجة ضد زوجها المتهم, وفاته أن الزوجة وجهت إتهامها للزوج منذ البداية بسرقة منقولات والدها, فضلا عن أن الحكم المطعون فيه اعتبر الواقعة سرقة لا تبديد دون أن يورد ما يفيد أن يد المتهم على المنقولات كانت يدا عارضة, وأخيرا فقد أخذ الحكم بما ذكره المتهم من أن محضر الخطبة تضمن أن كلا من الزوجين تكفل بتجهيز نفسه, وأنه لذلك قد اشترى الأثاث. سلم الحكم بذلك دون أن يؤيده بدليل آخر وبغير أن يرد على الأدلة التي قامت لنفيه, فلم يثبت أن المتهم أعدّ لنفسه مسكنا بالمطرية حيث يقيم أو بالقاهرة حيث كانت زوجته تقيم, فكان استخلاص المحكمة في هذا الشأن غير سائغ.
وحيث إنه يؤخذ من مجموع أسباب الحكم المطعون فيه أنه اتجه إلى إسناد حيازة المنقولات للزوجة ثم اتخذ من ذلك بحق قرينة على ملكيتها لها معززة بما ساقه من قرائن أخرى فلا مخالفة في ذلك للقانون - لما كان ذلك, وكان ما أورده الحكم في هذا الشأن من قرائن مؤد إلى ما رتبه عليه, فإن مجادلة الطاعن في ذلك تعتبر عودا إلى مناقشة الأدلة مما لا يقبل منه أمام محكمة النقض - لما كان ذلك, وكان الحكم قد اثبت ملكية الزوجة للمنقولات جميعا بحيث لم يفرق بين ما اشترى منها من دمياط وغيره فإن في هذا ما يتضمن الرد على دفاع الطاعن, ولما كانت ملكية المنقولات قد ثبتت للزوجة وكانت الأوراق قد خلت - كما قال الحكم - مما يدل على أن الزوجة طلبت محاكمة زوجها عن جريمة السرقة, فإن الحكم لم يخطئ فيما انتهى إليه من القضاء بعدم قبول الدعوى الجنائية إعمالا لحكم المادتين 3 من قانون الإجراءات الجنائية, و312 من قانون العقوبات, ولا يغير من الأمر إدعاء الطاعن بأن الزوجة طلبت محاكمة زوجها عن سرقة منقولات والدها - بفرض صحة ذلك - ولما كانت المحكمة الجنائية لا تقضي في الدعوى المدنية إلا إذا كانت تابعة لدعوى جنائية ومتفرعة عن ذات الفعل الذي رفعت به الدعوى العمومية, وما دامت ملكية المسروقات لم تثبت للمدعي بالحقوق المدنية فهو إذن لم يكن الشخص الذي أصابه ضرر شخصي ومباشر من الجريمة, وإذا كانت الدعوى العمومية قد قضى فيها بعدم القبول فقد صح ما قضت به المحكمة من عدم قبول الدعوى المدنية التابعة لها. هذا ولما كان الحكم قد دلل تدليلا سائغا على أن يد المتهم على المنقولات كانت يدا عارضة, وكان باقي ما أورده الطاعن في طعنه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا, فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.