أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثاني - السنة 10 - صـ 422

جلسة 13 من أبريل سنة 1959

برياسة السيد حسن داود نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة: مصطفى كامل, وفهيم يسى جندي, ومحمد عطيه اسماعيل, ومحمود حلمي خاطر المستشارين.

(92)
الطعن رقم 453 لسنة 29 القضائية

قتل عمد. الظروف المشددة لعقوبته. اقتران القتل بجناية. شروط توافر هذا الظرف.
يكفي لتطبيق الشطر الأول من الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات وقوع أي فعل مستقل عن الفعل المكون لجناية القتل العمد متميز عنه ومكون بذاته لجناية من أي نوع كان.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: اشتركا مع آخرين وثالث مجهول بطريق الاتفاق والمساعدة مع مجهول من بينهم في الشروع في قتل محمد حسان قاسم والأباصيري أحمد عفيفي وعبد اللطيف فراج فرج وحسن إسماعيل شحاته والبدري أبو زيد عبد الرحيم بأن أطلق عليهم هذا المجهول أعيرة نارية من بندقية كان يحملها قاصدا من ذلك قتلهم وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو عدم إحكام الرماية وقد تقدمت هذه الجناية جناية أخرى هى أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر سرقوا النقود والملابس والمصوغات المبينة بالمحضر لمهنى مسعد عيسى وآخرين من مسكن عبد الله خليل بواسطة الكسر من الخارج حالة كون اثنين منهم يحملان أسلحة ظاهرة "بندقيتين" وكان ذلك بواسطة التهديد باستعمال اسلحتهم بأن صوب من يحملان البندقيتين إلى شوقي سعد عيسى مهددين إياه بإطلاق النار عليه وكان اشتراكهم في جريمة الشروع في القتل سالفة الذكر باتفاقهم مع المتهم المجهول على السرقة ومساعدتهم له بمرافقتهم إياه لمكان الحادث وقت ارتكابه لشد أزره حالة كونه يحمل سلاحا "بندقية" وكانت جناية الشروع في القتل نتيجة محتملة لذلك فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 40/ 2 - 3 و41 و43 و45 و46 و234/ 1 - 2 و313 من قانون العقوبات. فقررت بذلك. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو الخطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون ذلك أن الحكم المطعون فيه دان الطاعنين بجريمة الشروع في القتل التي تقدمتها جناية سرقة في حكم المادة 313 من قانون العقوبات ومن بين ما تشترطه هذه المادة الأخيرة لإمكان تطبيقها أن يكون ارتكاب السرقة بطريق التهديد باستعمال السلاح وقد اعتمد الحكم في القول بتوفر هذا الظرف المشدد على ما أسنده خطأ إلى الشاهد "شوقي سعد عيسى" من القول بأن اثنين من المتهمين صوب كل منهما بندقيته نحوه ونحو الآخرين الذين كانوا معه بالمنزل مع أن الثابت من أقوال هذا الشاهد في التحقيق أنه نفى حصول تهديد من الجناة باستعمال أسلحتهم.
وحيث إنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن جريمة السرقة التي ارتكبها الطاعنان مع آخرين مجهولين قد حصلت ليلا من أكثر من شخصين يحمل اثنان منهم أسلحة نارية ظاهرة - وأنه قد تلت جناية السرقة هذه جناية الشروع في القتل التي اشترك فيها الطاعنان بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخرين مجهولين, وكان الحكم قد دان الطاعنين وفقا لنص الشطر الأول من الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات, وكان كل ما يشترطه القانون لتطبيقها أن يكون ثمة جناية أخرى قد تقدمت جناية القتل أو اقترنت بها أو تلتها, فأي فعل آخر مستقل عن الفعل المكنون لجناية القتل متميز عنه ومكنون بذاته لجناية من أي نوع يكفي لتطبيق الشطر الأول من الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات. لما كان ذلك, وكان ما أثبته الحكم في حق الطاعنين بالنسبة لجريمة السرقة بعد استبعاد ظرف التهديد باستعمال السلاح يكون جناية سرقة بحمل السلاح بمقتضى المادة 316 من قانون العقوبات فإنه لا جدوى للطاعنين فيما يثيرانه بشأن عدم توفر ركن التهديد باستعمال السلاح ما دام أن العقوبة المقررة لجناية الشروع في القتل الذي تقدمته جناية السرقة المنصوص عليها في المادة 313 من قانون العقوبات هى نفس العقوبة المقررة لجناية الشروع في القتل الذي تقدمته جناية سرقة في حكم المادة 316 من قانون العقوبات, من ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون على غير أساس. وحيث إن مبنى الوجهين الثاني والثالث هو القصور وفساد الاستدلال ذلك أن أدلة الثبوت التي أوردها الحكم للتدليل على صحة الواقعة وثبوتها في حق الطاعنين لا تؤدي إلى ما انتهى إليه, فأقوال الشهود التي اعتمد عليها الحكم لم يرد بها أي اتهام للطاعنين, وهى إن صحت دليلا على وقوع الحادث لا تصلح دليلا على مقارفة الطاعنين له. كما استند الحكم أيضا في إدانة الطاعنين إلى ما قرره الخفيران عبد اللطيف فراج والبدري أبو زيد من أن الطاعنين اعترفا أمامهما بارتكاب السرقة وكان يتعين على المحكمة أن تناقش هذا الذي أسمته اعترافا وأن تبين سبب إطراحها لدفاع الطاعنين خاصة وإن الثابت من الأوراق يفيد أنهما ظلا على إنكارهما في مراحل التحقيق.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه في ليلة 20 من فبراير سنة 1955 الموافق 13 جمادي الآخرة سنة 1374 بناحية شندويل مركز المراغة بينما كان عبد الله خليل فام ينام في غرفة بمنزله وبجواره زوجته عزيزة شنودة وكان ينام معهم في نفس الغرفة زوج ابنته شوقي سعد وأخوه مهنى سعد وحوالي الساعة 3.30 صباحا شعر شوقي سعد عيسى بحركة في الغرفة ورأى خمسة جناة يحمل إثنان منهم بندقيتين يصوبانها نحوهم والثالث عتلة من حديد بينما يقوم الاثنان الآخران بسرقة الملابس والنقود والمصاغ المبين - فتظاهر بالنوم حتى أتموا السرقة وخرجوا من المنزل واستغاث فحضر على استغاثته خفير الدرك الأباصيري أحمد عفيفي وأخبره بما حدث فأطلق الخفير عيارين من بندقيته واستغاث بصفارته فحضر له وكيل شيخ الخفر محمد حسان قاسم وتوجه مع الأباصيري أحمد عفيفي إلى الطريق العام لمطاردة اللصوص والقبض عليهم قبل فرارهم إذ لا يوجد سبيل للهرب غير الطريق العام يسلكوه, وكمن في الطريق هو والخفير الأباصيري أحمد, ثم حضر بعد ذلك باقي الخفراء وهم عبد اللطيف فراج فرج والبدري أبو زيد عبد الرحيم وحسن اسماعيل شحاته وتبادلت قوة الخفراء مع اللصوص إطلاق النار وأطلق الجناة عدة أعيرة نارية من الزراعة صوب الخفراء قاصدين قتلهم وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو عدم إحكام الرماية وقد أجابهم الخفراء على هذه الأعيرة ثم عثر على المتهمين مصابين بالإصابات المبينة بالتقرير الطبي وواقعين على الأرض في الجهة الغربية من زراعة الفول القائمة هناك كما عثر على مسافة نحو خمسين مترا من مكان وجود المتهمين المصابين على طرحة سوداء تبين من عرضها على عزيزة شنودة معوض أنها من المسروقات, كما عثر بجوار المتهمين على عتلة حديد, كما وجد بحائط فناء المنزل الذي حصلت فيه السرقة ثقب يتسع لمرور شخص" ثم عرض الحكم بعد ذلك لما يثيره الطاعنان بشأن اعتراف الطاعنين لبعض الشهود فأورد ضمن أقوال الضباط فهمي عبد الغني يوسف أنه سأل الطاعنان عقب وصوله لمكان الحادث فاعترفا له بارتكاب السرقة وأنه عثر على طرحة سوداء من بين المسروقات, وكذلك على بعض مقذوفات ومطواة وقطعة من الحديد, وأن الخفيرين البدري أبو زيد عبد الرحيم وعبد اللطيف فراج فرج شهدا بأن الطاعنين اعترفا أمامهما بارتكاب السرقة وقد استند الحكم في إثبات التهمة قبل الطاعنين إلى أقوال الشهود من المجني عليهم والخفراء والضابط فهمي عبد الغني يوسف وإلى معاينة مكان الحادث والكشف الطبي الذي وقع على الطاعنين, ولما كان يبين مما تقدم أن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها, وكان ما يثيرانه بقصد التشكيك فيما شهد به الخفيران من أن الطاعنين اعترافا أمامهما لا محل له إذ أن أقوال الخفيران في هذا الصدد قد تأيدت بما شهد به الضابط ولم يعترض الطاعنان على شهادته, كما أنه لا تناقض بين ما قرره هؤلاء الشهود من سماعهم اعتراف الطاعنين وبين ما ورد بالطعن من أن باقي الخفراء لم يسمعوا الاعتراف أو أن الطاعنين ظلا على إنكارهما في جميع مراحل التحقيق. لما كان ذلك, وكان ما يثيره الطاعنان في هذين الوجهين لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا حول أدلة الدعوى ومدى كفايتها للإثبات, مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته لدى محكمة النقض, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.