أحكام النقض - المكتب الفني- جنائي
العدد الأول - لسنة 16 - صـ 739

جلسة 25 من أكتوبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمد محمد محفوظ، ومحمود عزيز الدين سالم، وحسين سامح.

(140)
الطعن رقم 914 لسنة 35 القضائية

اثبات. "اعتراف". حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". اكراه.
الاعتراف الذى يعول عليه. وجوب أن يكون اختياريا. حصوله تحت تأثير الاكراه أو التهديد أو الخوف الناشئين عن أمر غير مشروع ولو كان صادقا. عدم اعتباره اعترافا. على المحكمة بحث الصلة بين اعتراف المتهم والاصابات المقول بحصولها لا كراهه عليه ونفى قيامها فى استدلال سائغ إن هى رأت التعويل على الدليل المستمد منه. مثال.
من المقرر أن الاعتراف الذى يعول عليه يجب أن يكون اختياريا ولا يعتبر كذلك إذ حصل تحت تأثير الاكراه أو التهديد أو الخوف الناشئين عن أمر غير مشروع ولو كان صادقاً كائنا ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الاكراه. والأصل أنه يتعين على المحكمة أن تبحث الصلة بين اعتراف المتهم والاصابات المقول بحصولها لا كراهه عليه ونفى قيامها فى استدلال سائغ إن هى رأت التعويل على الدليل المستمد منه. ولما كانت المحكمة قد سلمت فى حكمها المطعون فيه بتخلف اصابات بالطاعنين نتيجة وثوب "الكلب البوليسي" عليهما واعتراف الطاعن الأول عقب تلك الواقعة وعلى الفور منها وأطرحت الدفع ببطلان اعترافه استناد إلى تفاهة الإصابة المتخلفة به وأن اعترافه جاء صادقا ومطابقا لماديات الدعوى دون أن تعرض للصلة بين اعترافه هو والطاعن الآخر وبين اصاباتهما، فإن حكمها يكون عندئذ قاصر متعينا نقضه. ولا يغنى فى ذلك ما ذكرته المحكمة من أدلة أخرى إذ أن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذى كان لهذا الدليل الباطل فى الرأى الذى انتهت إليه المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين - بأنهما فى يوم 23 مارس سنة 1962 بدائرة مركز شربين محافظة الدقهلية: ( أولا) قتلا رزقة أحمد بدر عمدا مع سبق الاصرار والترصد بأن بيتا النية على قتلها وصمما عليه وأعدا لذلك حجرا وانتظراها بالطريق الذى أيقنا مرورها فيه وما أن ظفرا بها حتى انهالا عليها ضربا بالحجر وكتم المتهم الثانى أنفاسها قاصدين من ذلك قتلها فأحدثا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها. (ثانيا) سرق المبلغ المبين القدر بالمحضر للمجنى عليها سالفة الذكر. وطلبت إلى مستشار الاحالة احالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 230 و231 و232 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. ومحكمة الجنايات المنصورة قضت فيها حضوريا بتاريخ 23 فبراير سنة 1964 عملا بالمواد 230 و231 و232 و317/ 5 و17 و32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة. فطعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض .. الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب، ذلك بأنهما دفعا بأن الإعتراف المنسوب صدوره اليهما فى التحقيقات والذى دانهما الحكم اعتمادا عليه قد صدر نتيجة إكراه وقع عليهما من وثوب الكلب (البوليسى) عليهما واستدلا على ذلك بما تخلف بهما من إصابات من جراء ذلك، إلا أن الحكم استند فى رده على هذا الدفع إلى ما قاله من أن أقوال الطاعنين جاءت مطابقة فى خصوص تطوير الحادث وكيفية إرتكابه وهو ما لا يصلح ردا على هذا الدفاع الجوهرى ولا يسوغ به إطراحه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين دفع ببطلان الإعتراف المسند إليهما لصدوره منهما تحت تأثير إكراه وقع عليهما من رجال الشرطة وهو وثوب "الكلب البوليسى" عليهما وإحداث إصابات بهما نتيجة لذلك، وقد أصدرت المحكمة حكمها بعد ذلك فى الدعوى مستندة فيما استندت إليه إلى اعتراف الطاعنين فى التحقيقات وردت على هذا الدفاع بما مؤداه أنه ثبت وجود إصابات بالطاعنين تحدث من أظافر أو عقر حيوان إلا أن ما أدلى به كل منهما من اعتراف مفصل فى خصوص تصوير الحادث وكيفية ارتكابه والآلة المستعملة فيه جاء مطابقا لما أدلى به الآخر ومؤيدا بتقرير الصفة التشريحية .. الأمر الذى لا يمكن معه القول بأن اعتراف الطاعنين كان نتيجة تعرف الكلب عليهما وخاصة أن إصابات الطاعن الأول كانت من التفاهة بحيث لم يتقرر لها علاج وهو الذى بدأ باظهار استعداده للاعتراف بعد أن تعرف عليه الكلب .. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف الذى يعول عليه يجب أن يكون اختياريا ولا يعتبر كذلك إذ حصل تحت تأثير الاكراه أو التهديد أو الخوف الناشئين عن أمر غير مشروع ولو كان صادقاً كائنا ما كان قدر هذا التهديد أو ذلك الاكراه. والأصل أنه يتعين على المحكمة أن تبحث الصلة بين اعتراف المتهم والاصابات المقول بحصولها لإكراهه عليه ونفى قيامها فى استدلال سائغ إن هى رأت التعويل على الدليل المستمد منه. ولما كانت المحكمة قد سلمت فى حكمها المطعون فيه بتخلف إصابات بالطاعنين نتيجة وثوب "الكلب البوليسي" عليهما واعتراف الطاعن الأول عقب تلك الواقعة وعلى الفور منها وأطرحت الدفع ببطلان اعترافه استناد إلى تفاهة الإصابة المتخلفة به وأن اعترافه جاء صادقا ومطابقا لماديات الدعوى دون أن تعرض للصلة بين اعترافه هو والطاعن الآخر وبين إصاباتهما، فإن حكمها يكون عندئذ قاصر متعينا نقضه. ولا يغنى فى ذلك ما ذكرته المحكمة من أدلة أخرى إذ أن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذى كان لهذا الدليل الباطل فى الرأى الذى انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، فانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن.