أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 12 - صـ 826

جلسة 16 من أكتوبر سنة 1961

برياسة السيد محمد عطيه اسماعيل المستشار، وبحضور السادة: محمد عبد السلام، وعبد الحليم البيطاش، وأديب نصر حنين، ومختار مصطفى رضوان المستشارين.

(160)
الطعن رقم 585 لسنة 31 القضائية

اشتباه. "العود إليه". تعدد الجرائم. عقوبة.
العود للاشتباه. جريمة مستقلة عن فعل السرقة الذى أنشأ حالة العود. علة ذلك.
تطبيق المادة 32 عقوبات على الجريمتين. خطأ فى القانون.
إنه وإن كان فعل السرقة قد دخل على نوع ما فى تكوين أركان جريمة العود للاشتباه، إلا أن هذه الجريمة لا تزال فى باقى أركانها مستقلة عن جريمة السرقة، مما يتعذر معه اعتبارهما فعلا واحدا يكوّن جريمتين أو عدة جرائم صدرت عن غرض إجرامى واحد، حتى يصح القول بتطبيق حكم المادة 32 من قانون العقوبات - يؤكد هذا النظر ما ورد فى المادتين 5 و 6/ 1 - 2 من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 من وجوب توقيع عقوبة الحبس والمراقبة على العائد للاشتباه علاوة على العقوبة التى سبق أن حكم بها عليه لارتكابه جريمة من الجرائم التى نص عليها المرسوم بقانون المشار إليه، مما يدل على الشارع لم يرد الأخذ فى الجريمتين بحكم المادة 32 سالفة الذكر.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون صده بأنه عاد لحالة الإشتباه بأن حكم عليه بالمراقبة للاشتباه فى الجنحة رقم 1184/ 4828 لسنة 1955 المنصورة ثم حكم عليه بعد ذلك بالحبس فى جرائم الاعتداء على المال آخرها الجنحة 1605 سنة 1958 المنصورة. وطلبت عقابه بالمواد 5 و 6/ 1 و 8 و 9 من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 والحكم بأقصى العقوبة. والمحكمة الجزئية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل ووضعه تحت مراقبة البوليس لمدة سنة فى المكان الذى يحدده وزير الداخلية وذلك مع النفاذ. فعارض المحكوم عليه فى هذا الحكم وقضى فى معارضته بقبولها شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه فيما قضى به من عقوبة الحبس والاكتفاء بحبس المتهم شهرا واحدا مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك. استأنف المتهم هذا الحكم الأخير والمحكمة الاستئنافية قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء عقوبة الحبس وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك بلا مصاريف، وذلك عملا بنصوص المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات. فطعنت النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو الخطأ فى تطبيق القانون وتأويله، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد ألغى عقوبة الحبس المقضى بها ابتدائيا على المطعون ضده - باعتباره عائدا لحالة الاشتباه - مكتفيا بتأييد عقوبة وضعه تحت المراقبة لمدة سنة قولا منه بأنه وقد سبق الحكم عليه بالحبس فى جنحة السرقة التى نشأت عنها حالة الاشتباه، فإنه لا تجوز معاقبته بالحبس مرة أخرى على ما تقتضيه طبيعة جريمة الاشتباه الاستثنائية وإعمالا لحكم المادة 32/ 1 من قانون العقوبات. ووجه الخطأ فى ذلك أنه وإن كان فعل السرقة يدخل فى تكوين أركان جريمة العود للاشتباه، إلا أن هذه الجريمة مستقلة عن جريمة السرقة ويتعذر اعتبارها فعلا واحدا فى حدود ما تقضى به المادة 32/ 1 من قانون العقوبات بل يتعين توقيع جزاء لكل من الجريمتين.
وحيث إن النيابة العامة أقامت الدعوى على المتهم بأنه فى 28/ 5/ 1959 بدائرة قسم أول المنصورة عاد لحالة الإشتباه بأن حكم عليه بالمراقبة للاشتباه فى الجنحه رقم 1184 سنة 1955 المنصورة ثم حكم عليه بعد ذلك بالحبس فى جرائم الإعتداء على المال آخرها الجنحة رقم 1605 لسنة 1958 المنصورة. وطلبت معاقبته بالمواد 5 و 6/ 1 و 8 و 9 من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 فقضت محكمة أول درجة غيابيا بمعاقبته بالحبس ستة شهور مع الشغل ووضعه تحت مراقبة البوليس لمدة سنة فى المكان الذى يعينه وزير الداخلية، فعارض وقضى فى المعارضة بتعديل الحكم المعارض فيه والإكتفاء بحبس المتهم شهرا مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك. فاستأنف المتهم وقضت المحكمة الاستئنافية بحكمها المطعون فيه بإلغاء عقوبة الحبس وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك - وقد استند الحكم فى إلغاء عقوبة الحبس إلى القول بأنه "طالما أن العود للاشتباه قد نشأ عن فعل كون جريمة أخرى سبق الحكم على فاعلها بالحبس فلا يجوز توقيع عقوبة الحبس مرة أخرى وذلك ما تقتضيه طبيعة جريمة الاشتباه الاستثنائية والتى يعتبر التجريم فيها خروجا على القواعد العامة فى القانون الجنائى إذ يعاقب فيها المتهم عن أفعال سبق أن حوكم عنها وأفعال لا يمكن محاكمته عنها ولكن المشرع رتب على توافرها قيام جريمة الإشتباه الأمر الذى يتعين معه تطبيق نصوص المرسوم بقانون 98 لسنة 1945 فى أضيق نطاق وفى حدود القواعد العامة لقانون العقوبات وبناء على ذلك فإن المحكمة ترى تطبيقا لحكم الفقرة الأولى من المادة 32 عقوبات إلغاء عقوبة الحبس المقضى بها...".
وحيث إن هذا الذى أسس عليه الحكم المطعون فيه قضاءه غير صحيح فى القانون، ذلك بأنه وإن كان فعل السرقة قد دخل على نوع ما فى تكوين أركان جريمة العود للاشتباه، إلا أن هذه الجريمة لا تزال فى باقى أركانها مستقلة عن جريمة السرقة مما يتعذر معه اعتبارهما فعلا واحدا يكون جريمتين أو عدة جرائم صدرت عن غرض إجرامى واحد حتى يصح القول بتطبيق حكم المادة 32 من قانون العقوبات. يؤكد هذا النظر ما ورد فى المادتين 5 و 6/ 1 ـ 2 من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 من وجوب توقيع عقوبة الحبس والمراقبة على العائد للاشتباه علاوة على العقوبة التى سبق أن حكم بها عليه لارتكابه جريمة من الجرائم التى نص عليها المرسوم بقانون المشار إليه مما يدل على أن الشارع لم يرد الأخذ فى الجريمتين بحكم المادة 32 من قانون العقوبات. لما كان ما تقدم، فإن حكم محكمة أول درجة الذى دان المطعون ضده بعقوبتى الحبس والمراقبة يكون حكما صحيحا فى القانون ويكون الحكم الاستئنافى المطعون فيه إذ قضى بإلغاء عقوبة الحبس قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله بما يتعين معه نقضه وتأييد الحكم الإبتدائى.