أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 12 - صـ 837

جلسة 23 من أكتوبر سنة 1961

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد عبد السلام، وعبد الحليم البيطاش، وأديب نصر حنين، ومختار مصطفى رضوان المستشارين.

(164)
الطعن رقم 609 لسنة 31 القضائية

(أ) جريمة الاستحالة النسبية. سرقة. الشروع فيها.
الشروع فى السرقة. لا يشترط لتوافر أركانها أن يكون المال المراد سرقته موجودا بالفعل، متى كانت نية الجانى قد اتجهت للسرقة.
(ب) إثبات "اعتراف". حكم "تسبيبه".
اعتراف. الخطأ فى الإسناد؟ إذا كان لا ينصرف إلا إلى واقعة فرعية دون جوهر الإعتراف. مثال.
1 - ليس بشرط فى جريمة الشروع فى السرقة أن يوجد المال فعلا مادام أن نية الجانى قد اتجهت إلى ارتكاب السرقة.
2 - إذا كان الخطأ فى الاسناد - بفرض وقوعه - لا ينصب على جوهر اعتراف الطاعن وزميله بالاتفاق على السرقة والبدء فى تنفيذها، ولا ينصرف إلا إلى واقعة فرعية هى واقعة إشهار الخنجر التى اطمأنت المحكمة فى خصوصها إلى شهادة الشهود، فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد لا يكون له محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من آخر والطاعن بأنهما شرعا فى سرقة النقود المبينة بالمحضر للمجنى عليه بطريق الإكراه الواقع عليه بأن أمسك به الأول وهدده بخنجر كان يحمله وأحدث به الإصابة المبينة بالتقرير الطبى بقصد تعطيل مقاومته ولم تتم الجريمة لسبب خارج عن إرادتيهما هو ضبطهما متلبسين وقد ترك الإكراه بالمجنى عليه الإصابة سالفة الذكر. وطلبت من غرفة الإتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 45 و 46 و 314/ 1 - 2 عقوبات. فقررت بذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بمواد الإتهام بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات. فطعن المتهم الثانى فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن الخطأ فى القانون والبطلان فى إجراءات التحقيق والقصور فى التسبيب والخطأ فى الإسناد، ويقول الطاعن فى ذلك إن ما أسند إليه هو وجوده على سلم منزل المجنى عليه عند ضبطه وهو فعل لا يعدو أن يكون عملا تحضيريا ولا يصل إلى مرتبة البدء فى التنفيذ الذى يوصف شروعا فى السرقة بالإكراه الذى دين به ولا يجعله فاعلا أصليا أو شريكا فى هذه الجريمة، ولم يدلل الحكم على اتفاقه مع المتهم الثانى على ارتكاب السرقة وبذا جاء خلوا من التدليل تدليلا صحيحا على الجريمة بركنيها المادى والمعنوى. ويضيف الطاعن أن التحقيقات خلت من معاينة المبلغ المقال بمحاولة سرقته ولا يكفى فى هذا الشأن إدعاء المجنى عليه بأنه كان يحتفظ بمبلغ 600 جنيه فى خزانة بمنزله، كذلك لم يقل الحكم كلمته فى التناقض بيد الدليل القولى المستند إلى ما قرره المجنى عليه من أن زميل الطاعن ضربه بخنجر أسفل عينه اليسرى والدليل الفنى المستند إلى التقرير الطبى والذى جاء فيه أن المجنى عليه أصيب بمجرد سحج فى هذا الموضع - هذا إلى أن الحكم استند فيما استند إليه إلى اعتراف زميل الطاعن فى محضر جمع الإستدلالات وفى تحقيق النيابة وإلى أنه قرر فيهما أنه كان يشهر خنجرا فى يده وهو يصعد السلم مع زميله مع أنه قرر فى تحقيق النيابة أنه كان يخفى الخنجر على ساقه ولم يكن يمسكه بيده.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فيما مجمله أن الطاعن وزميله المحكوم عليه الآخر تعرفا بمرشد لرجال المباحث وعرضا عليه أن يسهم معهما فى سرقة نقود للمجنى عليه يودعها خزانة منزله فتظاهر المرشد بالموافقة وأبلغ رجال المباحث الذين أعدوا كمينا بداخل منزل المجنى عليه وحدد الطاعن وزميله والمرشد موعد التنفيذ بعد منتصف ليلة الحادث وتقابلوا فى أحد المشارب واتفقوا على الدور الذى يقوم به كل منهم وأن يصعد يصعد الطاعن مع زميله الذى كان يحمل فى يده خنجرا سلم المنزل إلى شقة المجنى عليه ويبقى المرشد على السلم للمراقبة وأن يطرق زميل الطاعن باب الشقة ويوهم المجنى عليه أنه من رجال البوليس وأن محله التجارى قد سرق وعندما يفتح له الباب يشهر الخنجر فى يده ويقتحم الشقة مع الطاعن ويهدده بالخنجر ويطالبه بمفاتيح الخزانة ثم يفتحها ويسرق ما فيها من نقود واتجه الثلاثة إلى المنزل ونفذوا ما اتفقوا عليه حتى إذا فتح المجنى عليه باب شقته اقتحمها الطاعن خلف زميله الذى كان يشهر خنجره وأصاب به عين المجنى عليه اليسرى وخشى رجال المباحث على حياة المجنى عليه فخرجوا من مكمنهم وأحاطوا بالطاعن وزميله الذى قاومهم مقاومة أسفرت عن إصابته وإصابتهم. ودلل الحكم على ثبوت هذه الواقعة فى حق الطاعن وزميله بشهادة المجنى عليه والمرشد ورجال المباحث والتقارير الطبية وباعتراف الطاعن وزميله فى محضر جمع الإستدلالات وفى تحقيق النيابة، وتحدث الحكم عن ركن بدء التنفيذ فقال إنه يتكون من اقتحام الطاعن وزميله شقة المجنى عليه بعد فتح بابها ومن شهر هذا الأخير خنجره على المجنى عليه وضربه به، كما تحدث عن قصد السرقة فقال إنه ثابت من شهادة المرشد ورجال المباحث واعتراف الطاعن وزميله بأنهما إنما ذهبا إلى شقة المجنى عليه لسرقة ما فى خزانتها من نقود. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استخلص واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر جناية الشروع فى السرقة بالإكراه والذى ترك بالمجنى عليه أثر جرح والمنطبقة على المواد 45 و 46 و 314 فقرة 1 و 2 من قانون العقوبات ودلل على ثبوتها فى حق الطاعن وزميله بأدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه عليها وتستند إلى أصل ثابت فى الأوراق كما دلل على قصد السرقة واتفاق الطاعن وزميله مع المرشد على السرقة بأدلة سائغة. ولما كان وجود الطاعن فى مسرح الجريمة وفى شقة المجنى عليه بالذات فى الظروف السابقة يجعله فاعلا أصليا فيها. ولما كانت المحكمة قد اطمأنت فى حدود سلطتها التقديرية إلى صحة ما قرره المجنى عليه من أنه كان يحتفظ بنقود فى خزانة مسكنه فليس للطاعن أن ينعى على التحقيقات بطلانها لعدم معاينة الخزانة، فضلا عن أن الطاعن لم يضمن دفاعه أمام المحكمة شيئا فى هذا الصدد، كما أنه ليس بشرط فى جريمة الشروع فى السرقة أن يوجد المال فعلا مادام أن نية الجانى اتجهت إلى إرتكاب السرقة كما هو الحال فى واقعة الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لا ينطوى على أى تخاذل فى خصوص إصابة عين المجنى عليه اليسرى إذ سجل أن المجنى عليه شهد أن زميل الطاعن ضربه بالخنجر فى هذا الموضع وأن التقرير الطبى أثبت وجود سحج فيه من آلة حادة بما يجعل الدليل القولى والدليل الفنى متساندين غير متضامنين كما يقول الطاعن. ولما كان الطاعن لا يعيب على الحكم ما سجله فى خصوص اعترافه هو وكل ما نعاه على الحكم فى خصوص اعتراف زميل الطاعن إثباته أن المذكور اعترف بأنه كان يشهر الخنجر مع أن واقع الأمر أنه قرر أنه كان يحمله فى ساقه - لما كان ذلك، وكان هذا الخطأ فى الإسناد، بفرض وقوعه، لا ينصب على جوهر اعتراف الطاعن وزميله بالاتفاق على السرقة والبدء فى تنفيذها ولا ينصرف إلا إلى واقعة فرعية هى واقعة إشهار الخنجر، وقد اطمأنت المحكمة فى خصوصها إلى شهادة الشهود، فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان كل ما تقدم فإن الطعن يكون قائما على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.