أحكام النقض - المكتب الفني- جنائي
العدد الثالث - السنة 16 - صـ 756

جلسة 26 من أكتوبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمد محمد محفوظ، ومحمود عزيز الدين سالم، وحسين سامح.

(142)
الطعن رقم 47 لسنة 35 القضائية

(ا) دعوى مدنية. نقض. "أسباب الطعن". " ما لا يقبل منها".
اشتراط المادة 261 إجراءات لاعتبار الدعوى متروكة أن يكون غياب المدعى بالحقوق المدنية بعد إعلانه لشخصه ودون قيام عذر تقبله المحكمة.
ترك المرافعة من المسائل التى تستلزم تحقيقا موضوعيا. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ب) تقليد. تزوير. إثبات.
إثبات التقليد أو التزوير ليس له طريقا خاصا.
(ج) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". إثبات. "خبرة".
لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها.
(د) حكم. تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم إلتزام المحكمة بالرد استقلالا على الدفاع الموضوعى. كفاية الرد الضمنى.
1 - إن المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على أنه يعتبر تركا للدعوى عدم حضور المدعى أمام المحكمة بغير عذر مقبول بعد إعلانه لشخصه أو عدم إرساله وكيلا عنه وكذلك عدم إبدائه طلبات بالجلسة. فقد اشترطت أن يكون غياب المدعى بالحقوق المدنية بعد إعلانه لشخصه ودون قيام عذر تقبله المحكمة، ولذا فإن ترك المرافعة بالصورة المنصوص عليها فى المادة 261 المذكورة هو من المسائل التى تستلزم تحقيقا موضوعيا. ولما كان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يتمسك بما يثيره فى وجه طعنه أمام محكمة الموضوع، فليس له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض.[(1)]
2 - لم يجعل القانون لإثبات التقليد أو التزوير طريقا خاصا.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها، ما دامت قد اطمأنت إلي ما جاء به فلا تجوز مجادلتها فى ذلك.
4 - لا تلتزم المحكمة بالرد استقلالا على كل ما يثيره الطاعن فى مناحى دفاعه الموضوعى اكتفاء بأخذها بأدلة الثبوت القائمة فى الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 10/ 11/ 1956 بدائرة قسم الدرب الأحمر: (أولا) ارتكب تزويرا فى سند دين نسبه إلى حسين السيد شرف المواردى وذلك بأن قلد إمضاءه. (ثانيا) استعمل السند المزور سالف الذكر مع علمه بتزويره. وطلبت عقابه بالمادة 215 من قانون العقوبات. وقد ادعى حسين شرف المواردى الذى توفى أثناء نظر الطعن بحق مدنى قبل المتهم بمبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة الدرب الأحمر الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 7 مارس سنة 1960 عملا بمادة الاتهام مع تطبيق المادة 32/ 1 من قانون العقوبات (أولا) فى الدعوى الجنائية: بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة 300 قرش لوقف التنفيذ وذلك عن التهمتين المسندتين إليه (ثانيا) وفى الدعوى المدنية: بالزامه أن يدفع للمدعى بالحق المدنى ثلاثين جنيها على سبيل التعويض النهائى مع إلزامه المصاريف المدنية. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية. بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 8 ديسمبر سنة 1960 بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض .. وبتاريخ 7 من نوفمبر سنة 1961 قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة القاهرة الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية جديدة - قضت حضوريا بتاريخ 21 ديسمبر سنة 1963 عملا بمادة الاتهام بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية فى 29 يناير سنة 1964 .. الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتى تزوير محرر عرفى واستعماله وألزمه بالتعويض قد أخطأ فى تطبيق القانون ذلك أن الدعوى أجلت مرارا أمام محكمة ثانى درجة عند إعادة نظرها بعد نقض الحكم الاستئنافى الأول وكان التأجيل لاعلان المدعى بالحقوق المدنية الذى تخلف عن الحضور. مما كان يقتضى اعتباره تاركا لدعواه المدنية عملا بالمادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن المادة 261 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على أنه "يعتبر تركا للدعوى عدم حضور المدعى أمام المحكمة بغير عذر مقبول بعد إعلانه لشخصه أو عدم إرساله وكيلا عنه وكذلك عدم إبدائه طلبات بالجلسة" فقد اشترطت أن يكون غياب المدعى بالحقوق المدنية بعد إعلانه لشخصه ودون قيام عذر تقبله المحكمة. ولذا فان ترك المرافعة بالصورة المنصوص عليها فى المادة 261 المذكورة هو من المسائل التى تستلزم تحقيقا موضوعيا. ولما كان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يتمسك بما يثيره فى وجه طعنه أمام محكمة الموضوع، فليس له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل الوجه الثانى من الطعن هو القصور والاخلال بحق الدفاع ذلك بأن الطاعن تمسك فى المذكرة التى قدمها لمحكمة ثانى درجة - عند إعادة المحاكمة - بوجوب إجراء المضاهاة على الأوراق الرسمية التى كان قد قدمها قبل نقض الحكم الاستئنافى الأول والتى تحمل توقيع المدعى بالحقوق المدنية فى ظروف معاصرة لتحرير السند المطعون عليه بالتزوير أى قبل قطع إبهام يد المدعى المشار إليه طبقا للشهادة الطبية الدالة على ذلك - وهى غير الأوراق العرفية التى سبق أن أجريت المضاهاة عليها، إلا أن المحكمة الاستئنافية لم تجب هذا الطلب والتفتت عما أبداه الطاعن عن دفاع هذا الصدد مغفلة دلالة الشهادة سالفة البيان الصادرة من مستشفى القصر العيني والتى تفيد أن المطعون ضده قد دخل هذا المستشفى بتاريخ 2 من فبراير سنة 1957 حيث أجريت له جراحة بتر إبهام يده اليمنى وفى التفات الحكم عن تحقيق دفاع الطاعن ما يعييه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دين الطاعن بهما. وأورد على ثبوتهما فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها ومن بينها ما أثبته تقرير قسم بحوث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى من أن التوقيع المنسوب إلى المجنى عليه والمطعون ضده المحرر موضوع الدعوى مزور عليه بطريق التقليد. لما كان ذلك، وكان يبن من الاطلاع على المفردات التى أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن، أن ما أثاره الطاعن فى مذكرته التى قدمها للمحكمة الاستئنافية بعتد نقض الحكم الاستئنافى الأول فى شأن طلبه إجراء المضاهاة على أوراق صادرة من المجنى عليه قبل بتر إبهام يده اليمنى فى التاريخ المحدد بشهادة المستشفى المقدمة، قد تعرض له تقرير قسم بحوث التزييف والتزوير الذى استندت إليه المحكمة فى إدانة الطاعن، والذى تضمن أن المضاهاة لم تقتصر على أوراق استكتاب المجنى عليه بل شملت أوراقا أخرى صادرة منه فى تواريخ تبين أن بعضها سابق على تاريخ إجراءا عملية البتر والبعض الآخر لا حق عليه. لما كان ذلك، وكان التقرير المشار إليه قد انتهى إلى أن توقيعات المجنى عليه بالأوراق التى اجريت المضاهاة عليها تتفق وتوقيعاته بأوراق الاستكتاب وأنها جميعا تختلف عن التوقيع المنسوب إليه بالمحرر موضوع الدعوى الذى ثبت أنه مزور عليه بطريق التقليد. ولما كان الطاعن لم ينازع فى صحة الأوراق التى تمت المضاهاه عليها. وكان القانون لا يجعل لإثبات التقليد أو التزوير طريقا خاصا. وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها، وما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء به فلا تجوز مجادلتها فى ذلك. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بتقرير قسم بحوث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى واستند إليه فى قضائه بادانة الطاعن، فان هذا يفيد أنه اطرح ما أثاره الطاعن فى دفاعه الموضوعى سالف البيان، دون أن تلتزم المحكمة بالرد عليه استقلالا، اكتفاء بأخذها بأدلة الثبوت القائمة فى الدعوى.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.


[(1)] مثل هذا المبدأ مقرر في الطعن رقم 1191 لسنة 35 ق جلسة 22/ 11/ 1965.