أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 12 - صـ 880

جلسة 6 من نوفمبر سنة 1961

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: عادل يونس، وتوفيق أحمد الخشن، ومحمود اسماعيل، وحسين صفوت السركى المستشارين.

(175)
الطعن رقم 669 لسنة 31 القضائية

(أ) نقض "إجراءاته".
إيداع الكفالة. المادة 36 من القانون 57 لسنة 1959. وجوب تعدد الكفالة بتعدد الطاعنين. استثناء: عند وحدة المصلحة بين الطاعنين لا تودع سوى كفالة واحدة.
(ب) إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه".
وجوب إيراد الأدلة التى استند إليها الحكم فى الإدانة. وبيان مؤداها. مخالفة ذلك. قصور. مثال. تقرير الخبير.
1 - جرى قضاء محكمة النقض على أن الأصل هو أن تتعدد الكفالة الواجب إيداعها عند الطعن بالنقض عملا بنص المادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 - بتعدد الطاعنين، أما إذا جمعتهم مصلحة واحدة فلا تودع سوى كفالة واحدة.
2 - من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التى تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها فى الحكم بيانا ولا تكفى مجرد الإشارة إليها، بل ينبغى سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع باقى الأدلة التى أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها - فإذا كان الحكم قد استند إلى تقرير الخبير دون أن يعرض إلى الأسانيد التى أقيم عليها هذا التقرير ودون أن يعنى بذكر حاصل المناقشة التى دارت حوله بالجلسة أو يناقش أوجه الإعتراض التى أثارها المتهمان فى خصوص مضمون ذلك التقرير ودون أن يورد مؤدى التحقيقات التى أشارت إليها، فإنه لا يكون كافيا فى بيان أسباب الحكم الصادر بالعقوبة لخلوه مما يكشف عن وجه استشهاد المحكمة بالأدلة المذكورة التى استنبط منها معتقده فى الدعوى مما يصم الحكم المطعون فيه بالقصور ويعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما لم يقوما بصرف إعانات علاوة الغلاء لعمال محلهما. وطلبت عقابهما طبقا للأمر العسكرى رقم 99 لسنة 1950. وقد ادعى العمال المجنى عليهم بحق مدنى قبل المتهمين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة الجزئية قضت حضوريا عملا بمواد الإتهام برفض الدعوى المدنية بالنسبة إلى بعض المدعين مع إلزامهم بمصاريفها المدنية، وإلزام المتهمين بأن يدفعا لباقى المدعين بالحق المدنى مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع إلزام المتهمين بمصاريف الدعوى المدنية المناسبة. وتغريم كل من المتهمين ألف قرش صاغ مع إلزامهما بصرف فوق أجور وعلاوات العمال المقررة أسماؤهم بالفقرة الثانية من تقرير الخبير. استأنف المتهمان هذا الحكم. والمحكمة الاستئنافية قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحامى والوكيل عن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض... ألخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين - وهما محكوم عليهما بعقوبة غير مقيدة للحرية - وإن لم يودعا بوساطة وكيلهما المصرح له منهما بالتقرير بالطعن سوى مبلغ خمسة وعشرين جنيها على سبيل الكفالة عنهما معا - إلا أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الأصل هو أن تعدد الكفالة بتعدد الطاعنين، أما إذا جمعتهم مصلحة واحدة - كما هو واقع الحال فى الدعوى - فلا تودع سوى كفالة واحدة.
وحيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة عدم قيامهما بصرف إعانات علاوة الغلاء لعمال محلهما طبقا للأمر العسكرى رقم 99 لسنة 1950 قد شابه قصور فى التسبيب، ذلك بأنه عول فى الإدانة على تقرير الخبير المقدم فى الدعوى دون الإشارة إلى فحواه مكتفيا بإيراد النتيجة العامة التى انتهى إليها من أنهما لم ينفذا أحكام الأمر العسكرى سالف الذكر على كل العمال الذين يعملون لديهما دون أن يناقش اعتراضات الطاعنين على هذا التقرير من حيث خروجه على الوقائع المادية ومجافاته أحكام القانون - تلك الإعتراضات التى أصر عليها الطاعنان أمام المحكمة الاستئنافية ولم تلق بالا إليها، هذا فضلا عن استناد الحكم إلى التحقيقات دون أن يورد مضمونها مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى أثبت أن المحكمة ارتأت إحالة الدعوى إلى مكتب خبراء وزارة العدل لفحص موضوع الشكوى التى قدمت من المطعون ضدهم "المدعين بالحقوق المدنية" ضد الطاعنين إلى مكتب عمال شمال القاهرة ولتقديم تقريره الفنى فيها ثم عرض إلى تقرير الخبير فى قوله "وحيث إن الخبير قدم تقريره فى 2/ 11/ 1956 انتهى معه إلى أن المتهمين "الطاعنين" لم ينفذا الأمر العسكرى رقم 99 لسنة 1950على كل العمال حسب التفصيل الوارد بالجدول المرفق بالتقرير والمودع بملف الدعوى. وحيث إن المتهمين طلبا مناقشة الخبير فأجابتهم المحكمة إلى طلبهم وتمت المناقشة بجلسة 6/ 11/ 1958 فأيد الخبير تقريره وصمم على ما جاء فيه". وتناول الحكم أوجه اعتراض الطاعنين على تقرير الخبير من حيث تفسيره حكم المادة الثالثة من القانون رقم 358 لسنة 1942 تفسيرا خاطئا وعدم إجرائه أية مقارنة بين أجور عمالها وبين أجور من يعملون فى مثل أعمالهم وعدم رجوعه إلى كراسات مصلحة الإحصاء والتعداد فى شأن تحديد متوسط الأجور عامة بالنسبة إلى كل صناعة، ثم عرض الحكم إلى دفاع الطاعنين وحصله فى أن العمال المدعين بالحقوق المدنية هم عمال مقاولات تعتبر أجورهم إجمالية شاملة علاوة غلاء المعيشة وفقا للنسب المحددة بالأمر العسكرى سالف الذكر وأنه روعى فى تقدير أجورهم وتدرجها بين الآونة والأخرى حالة غلاء المعيشة. ثم خلص إلى قوله "وحيث إن المحكمة ترى أن اعتراضات المتهمين "الطاعنين" الموجهة إلى تقرير الخبير فى مذكرة وكيلهم غير سليمة ولا تجدى فى دفع التهمة عنهم أو إهدار ما جاء بهذا التقرير. وحيث إن المحكمة بعد اطلاعها على تقرير الخبير وبعد اطلاعها على المناقشات التى دارت حوله بالجلسات ترى أنه تقرير سليم ولا ترى المحكمة أى مانع من الأخذ بما جاء فيه". وانتهى الحكم إلى الأخذ بما أوضحه الخبير فى الكشوفات المرفقة بتقريره من أن الطاعنين لم ينفذا أحكام الأمر العسكرى رقم 99 لسنة 1950 بالنسبة إلى المطعون ضدهم وخلص إلى قوله "وحيث إن التهمة ثابتة ثبوتا كافيا ضد المتهمين مما هو ثابت فى التحقيقات وما انتهى إليه الخبير فى تقريره فمن ثم يتعين عقابهما طبقا للمادة السابعة من الأمر العسكرى رقم 99 لسنة 1950". وانتهى إلى إدانة الطاعنين وإجابة المدعين بالحقوق المدنية إلى الحكم لهم بالتعويض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التى تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها فى الحكم بيانا كافيا فلا تكفى مجرد الإشارة إليها بل ينبغى سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع باقى الأدلة التى أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها. وكان استناد الحكم إلى تقرير الخبير دون أن يعرض إلى الأسانيد التى أقيم عليها هذا التقرير ودون أن يعنى بذكر حاصل المناقشة التى دارت حوله بالجلسة أو يناقش أوجه الإعتراض التى أثارها الطاعنان فى خصوص مضمون التقرير المذكور ودون أن يورد مؤدى التحقيقات التى أشار إليها - لا يكفى فى بيان أسباب الحكم الصادر بالعقوبة لخلوه مما يكشف عن وجه استشهاد المحكمة بالأدلة المذكورة التى استنبط منها معتقده فى الدعوى مما يصم الحكم المطعون فيه بالقصور ويعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة والتقرير برأيها فيما خاض فيه الطاعنان فى طعنهما من خطأ فى تطبيق القانون وفى تأويله، ومن ثم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعنان فى أوجه طعنهما.