أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 12 - صـ 892

جلسة 7 من نوفمبر سنة 1961

برياسة السيد محمد عطيه اسماعيل المستشار، وبحضور السادة: محمد عبد السلام، وعبد الحليم البيطاش، وأديب نصر حنين، ومختار مصطفى رضوان المستشارين.

(178)
الطعن رقم 533 لسنة 31 القضائية

إثبات. قضاة. حكم "تسبيبه".
استخلاص النتائج من المقدمات هو من صميم عمل القاضى، القول بأن القاضى قضى بعلمه. غير صحيح.
استخلاص النتائج من المقدمات هو من صميم عمل القاضى، فلا يصح معه أن يقال عنه إنه قضى بعلمه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولا - تسبب بغير قصد ولا تعمد فى قتل المجنى عليها وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه وعدم مراعاته اللوائح بأن قاد سيارة بسرعة كبيرة ولم يستعمل آلة التنبيه فصدم المجنى عليها فحدثت بها الإصابة التى أودت بحياتها. وثانيا - قاد سيارته بسرعة كبيرة ينجم عنها الخطر على حياة الجمهور وممتلكاته. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات وبالمواد 1 و 81 و 88 من القانون رقم 449 لسنة 1955. والمحكمة الجزئية قضت حضوريا عملا بالمادة 238 من قانون العقوبات بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ. استأنف المتهم هذا الحكم والمحكمة الاستئنافية قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.. الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الطعن هو الفساد فى الاستدلال والخطأ فى الإسناد، وفى بيان ذلك يقول الطاعن بأن الحكم إذ دانه بتهمة القتل خطأ قرر أن المجنى عليها بدأت تعبر الطريق أمامه من الجانب الأيسر وقطعت منه نحو عشرة أمتار بما يدل على أنه لم يباغت بها وأنه رآها من مسافة بعيدة كانت تسمح له بالوقوف قبل المصادمة لو أنه كان متلفتا للمارة فى الطريق، وقد استند الحكم فى ذلك إلى المعاينة وإلى شهادة مصطفى محمد طنطاوى وإلى أقوال محامى الطاعن فى الجلسة عل الرغم من أن الشاهد عدل فى التحقيق عن أقواله وعلى الرغم من أن المحامى قرر أن المجنى عليها عند إصابتها كانت فى منتصف الطريق البالغ عرضه نحو سبعة أمتار بما يفيد أنها لم تكن قد قطعت منه سوى ثلاثة أمتار ونصف المتر. ويستطرد الطاعن قائلا إنه بفرض أن المجنى عليها قطعت من الطريق عشرة أمتار على ما يقول الحكم فإن هذا لا ينفى عنصر المباغتة الذى دفع به عنصر الخطأ. ويضيف الطاعن أن الحكم ذهب إلى أن سرعة السيارة تعادل فى القليل سبعة أمثال سرعة المجنى عليها، واستخلص من ذلك أن الطاعن رأى المجنى عليها وهى تبدأ فى عبور الطريق عندما كان هو على مسافة نحو سبعين مترا منها بما ينفى عنصر المباغتة، وما قاله الحكم من ذلك لا سند له فى الأوراق.
وحيث إنه لما كان يبين من مطالعة الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه استخلص واقعة الدعوى فيما مجمله أن الطاعن كان يقود سيارة فى طريق يتكون من جزء مرصوف فى الوسط يبلغ عرضه نحو سبعة أمتار وجزء غير مرصوف على اليمين يبلغ عرضه نحو أربعة أمتار وجزء مماثل على اليسار يبلغ عرضه نحو ثلاثة أمتار وأن المجنى عليها عبرت الطريق من أقصى جانبه الأيسر غير المرصوف حتى صدمتها السيارة عند الطرف الأيمن للجزء المرصوف بما مفاده أنها قطعت من الطريق حتى اصطدمت بالسيارة نحو عشرة أمتار، وقال الحكم إن سرعة السيارة تعادل فى القليل سبعة أمثال سرعة المجنى عليها وأنه عند ما تقطع هذه الأخير من الطريق نحو عشرة أمتار عرضا يكون قائد السيارة الطاعن قد قطع منه نحو سبعين مترا طولا الأمر الذى يدل على أنه لم يكن ملتفتا إلى الطريق وإلى من يسيرون عليه وإلا لما واصل سيره حتى صدم المجنى عليها بعد أن رآها على مسافة سبعين مترا وهى تندفع أمامه فى الطريق. ودلل الحكم على ثبوت الواقعة فى حق الطاعن بما قرره شهود الحادث ومن بينهم مصطفى محمد طنطاوى من أن المجنى عليها عبرت الطريق فى أعقاب أمها من اليسار إلى اليمين وبما أثبتته المعاينة عن أبعاد الطريق ومكان المصادمة على النحو سابق البيان وبالتقرير الطبى الذى أثبت إصابات المجنى عليها المسببة لوفاتها، وأضاف الحكم أن الطاعن قرر أمام المحكمة بلسان محاميه أن السيارة صدمت المجنى عليها بعد أن عبرت نصف الطريق بما يؤيد الوقائع السابقة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استخلص واقعة الدعوى بما تتوافر به عناصر جريمة القتل الخطأ التى دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة المفردات التى أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لأوجه الطعن، أن هذه الأدلة تستند إلى أصل صحيح ثابت فى الأوراق وأن ما قاله محامى الطاعن فى الجلسة على النحو سابق البيان كان ترديد لما قرره الطاعن نفسه فى محضر ضبط الواقعة فلا تثريب على المحكمة إن هى استندت إلى قوله هذا. لما كان ذلك، وكان من إطلاقات محكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد فى موضع من التحقيق وأن تطرح أقواله فى موضع آخر منه. وكان ما قرره الحكم عن النسبة بين سرعة المجنى عليها وسرعة السيارة مستخلصا استخلاصا سائغا من الأدلة المعروضة عليه، وكان استخلاص النتائج من المقدمات هو صميم عمل القاضى فلا يصح معه أن يقال إنه قضى بعلمه. لما كان كل ما تقدم، فإن الطعن يكون قائما على غير أساس متعين الرفض.