أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثاني - السنة 10 - صـ 564

جلسة 25 من مايو سنة 1959

برياسة السيد حسن داود نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة: مصطفى كامل, وفهيم يسى جندي, ومحمد عطيه اسماعيل, وعادل يونس المستشارين.

(125)
الطعن رقم 2026 لسنة 28 القضائية

دعوى مدنية. الشروط التي ينبغي توافرها في الفعل الذي يبيح الادعاء المدني للمضرور. المادة 251. أ. ج.
أن يكون الفعل جريمة.
الأثر المترتب على تخلف هذا الشرط.
عدم اختصاص المحكمة بالفصل في الدعوى المدنية. مثال.
انتهاء الحكم إلى أن إخلال المتهم بالتعاقد لا يكوّن جريمة الغش. القضاء في الدعوى المدنية بالرفض. هو قضاء من المحكمة في أمر خارج عن اختصاصها.
الأصل في دعاوي الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية, وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية وكان الحق المدعي به ناشئا عن ضرر وقع للمدعي من الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية, فإذا لم يكن الضرر الذي لحق به ناشئا عن هذه الجريمة, سقطت تلك الإباحة وسقط معها اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية, فمتى كان الواضح مما أثبته الحكم المطعون فيه أن إخلال المتهم بالتعاقد الذي يدعيه الطاعن لا تتكوّن به جريمة الغش المرفوعة بها الدعوى, فإن قضاءه بالبراءة إعتمادا على هذا السبب يترتب عليه عدم اختصاص المحكمة بالفصل في الدعوى المدنية, أما وقد تعرضت لها وفصلت في موضوعها فإنه تكون قد قضت في أمر هو من اختصاص المحاكم المدنية ولا شأن للمحاكم الجنائية به, مما يقتضي نقض الحكم المطعون فيه والحكم بعدم اختصاص المحاكم الجنائية بنظر الدعوى المدنية.


الوقائع

رفع الطاعن هذه الدعوى مباشرة أمام محكمة امبابة الجزئية ضد محمد سعيد المرشدي اتهمه فيها بأنه: قام بالغش والتدليس في أعمال النجارة التي وردها لعمارة المدعي من حيث النوع والصنف والمقاس ومطابقتها وذاتيتها وحقيقتها وصفاتها الجوهرية مما ترتب عليه ضرر جسيم بالمدعي سالف الذكر. وطلب محاكمته طبقا للمواد 1 و2 و3 و4 من القانون رقم 48 لسنة 1941 والحكم له عليه بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف وأتعاب المحاماة. وأمام المحكمة المذكورة - التي سمعت دفاع طرفي الخصومة في الدعوى - دفع المتهم بعدم قبول الدعوى الجنائية المدنية لرفعها قبل الأوان إذ لم يثبت بعد حدوث الغش والتدليس, كما عدل المدعي طلباته إلى الحكم له بتعويض قدره واحد وخمسون جنيها مع باقي طلباته السالف بيانها. والمحكمة المذكورة رفضت الدفع ثم أنهت سماع الدعوى وقضت حضوريا عملا بمواد الاتهام المذكورة آنفا بتغريم المتهم خمسة وعشرين جنيها وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض مع المصاريف المدنية ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. استأنف المحكوم عليه, ومحكمة الجيزة الابتدائية قضت حضوريا بتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم المصروفات المدنية الاستئنافية ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض, وقضى فيه بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة الجيزة الابتدائية لتقضي فيها من جديد دائرة استئنافية أخرى. أعيدت الدعوى ثانية إلى المحكمة المشار إليها وقضت حضوريا بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما نسب إليه بلا مصروفات جنائية ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها مصروفاتها عن الدرجتين.
فطعن المدعي بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه وقد أسس قضاءه ببراءة المتهم, على عدم وجود جريمة لانعدام ركن الخداع وانتفاء القصد الجنائي, أصبح النزاع بين الطرفين مدنيا بحتا ليس للمحكمة الجنائية ولاية الفصل فيه, مما كان يتعين معه عليها أن تحكم بعدم اختصاصها بنظر الدعوى المدنية, أما وهى لم تفعل وفصلت في موضوع هذه الدعوى, فإنها تكون قد أخطأت.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن الطاعن أقام دعواه مباشرة على المتهم (المطعون ضده) بأنه قام بالغش والتدليس في أعمال النجارة التي وردها لعمارته من حيث النوع والصنف والمقاس وذاتيتها وصفاتها الجوهرية, وطلب عقابه بالمواد 1 و2 و3 و4 من القانون رقم 48 لسنة 1941 مع إلزامه بأن يدفع له مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. وبجلسة 14 مارس سنة 1953 قضت محكمة امبابة الجزئية حضوريا بتغريم المتهم 25 جنيه وإلزامه بأن يدفع للطاعن مبلغ التعويض المطالب به. واستأنف المتهم هذا الحكم وقضى حضوريا بتأييده, فقرر الطعن فيه بالنقض. وقضت محكمة النقض بجلسة 29 مارس سنة 1955 نقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة الجيزة الابتدائية للفصل فيها من جديد, وبتاريخ 9 ديسمبر سنة 1957 حكمت المحكمة المذكورة ببراءة المتهم وبرفض الدعوى المدنية والزام الطاعن بمصاريفها عن الدرجتين, واستندت في قضائها هذا إلى القول بانتفاء جريمة الغش لفقدان العناصر المكونة لها ورتبت على ذلك رفض الدعوى المدنية.
ولما كان الأصل في دعاوي الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية, وإنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية, وكان الحق المدعي به ناشئا عن ضرر وقع للمدعي من الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية, فإذا لم يكن الضرر الذي لحق به ناشئا عن هذه الجريمة, سقطت تلك الإباحة وسقط معها اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية. ولما كان الواضح مما أثبته الحكم المطعون فيه أن إخلال المتهم بالتعاقد الذي يدعيه الطاعن لا تتكوّن به جريمة الغش المرفوعة بها الدعوى, فإن قضاءه بالبراءة إعتمادا على هذا السبب يترتب عليه عدم اختصاص المحكمة بالفصل في الدعوى المدنية, أما وقد تعرضت لها وفصلت في موضوعها, فإنها تكون قد قضت في أمر هو من اختصاص المحاكم المدنية وحدها ولا شأن للمحاكم الجنائية به.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والحكم بعدم اختصاص المحاكم الجنائية بنظر الدعوى المدنية دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.