ر

أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 12 - صـ 938

جلسة 28 من نوفمبر سنة 1961

برياسة السيد محمد عطيه اسماعيل المستشار، وبحضور السادة: محمد عبد السلام، وعبد الحليم البيطاش، وأديب نصر حنين، ومختار مصطفى رضوان المستشارين.

(193)
الطعن رقم 743 لسنة 31 القضائية

تلبس. قبض. تفتيش. إثبات. نقض "حالاته". "سلطة محكمة النقض".
تلبس. مثال. لا تتوافر فيه حالته. جلوس المتهم على مقعد برصيف المحطة وبجواره حقيبتان جديدتان. ثم تردده فى القول عند سؤاله عن محتوياتهما.
قبض. ماهيته. الاعتداء على الحرية الشخصية. مثال.
تفتيش. بطلانه. متى كان مترتبا على قبض باطل.
إثبات. عدم الاعتداد بما أسفر عنه القبض والتفتيش الباطلان، ولا بشهادة من أجراهما.
نقض. حالاته. الخطأ فى تأويل القانون. سلطة محكمة النقض فى نقض الحكم وبراءة المتهم.
إذا كانت الواقعة الثابتة بالحكم هى أن مخبرين من قوة الشرطة بمحطة سكة حديد القاهرة اشتبها فى أمر المتهم الذى كان جالسا على مقعد برصيف المحطة وبجواره حقيبتان جديدتان من الجلد سألاه عن صاحبهما وعما تحويانه فتردد فى قوله، وحينئذ قويت لديهما الشبهة فى أمره، فضبطا الحقيبتين واقتاداه إلى مكتب الضابط القضائى الذى فتح الحقيبتين فوجد بإحداهما ثلاث بنادق صغيرة وبالأخرى طلقات نارية، فإن ما أتاه رجلا الشرطة - وهما ليس من مأمورى الضبط القضائى - على تلك الصورة إنما هو القبض بمعناه القانونى الذى لا تجيزه المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية إلا لرجال الضبط القضائى بالشروط المنصوص عليها فيها.
فإذا كان الحكم قد اعتبر أن ما وقع من رجلى الشرطة ليس قبضا على الرغم مما انطوى عليه من اعتداء على الحرية الشخصية، فإنه يكون قد أخطأ فى تأويل القانون على الوجه الصحيح، ويكون ما أسفر عنه تفتيش الحقيبتين من ضبط السلاح والذخيرة باطلا كذلك، وبالتالى فلا يعتد بشهادة من قاموا بهذين الإجراءين الباطلين، مما يتعين معه نقض الحكم وبراءة المتهم ومصادرة الأسلحة والذخيرة المضبوطة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطعن بأنه أولا: أحرز أسلحة نارية مششخنة "بندقيتان روسى وبندقية لى انفيلد" بغير ترخيص. وثانيا: أحرز ذخيرة "طلقات رصاص" مما تستعمل فى الأسلحة النارية فى غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت معاقبته بالمواد 1 و 2 و 26/ 2 - 4 و 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول 3 الملحق به. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بمواد الإتهام مع تطبيق المادة 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 والمادتين 17 و 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وبمصادرة الأسلحة والذخيرة والحقيبتين المستعملتين فى ارتكاب الجريمة. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ فى تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما أثبتها فى مدوناته، وفى بيان ذلك يقول الطاعن إنه دفع أمام محكمة الموضوع ببطلان القبض عليه وتفتيشه لأنه لم يكن فى حالة من حالات التلبس بالجريمة فضلا عن أن رجلى الشرطة اللذين قبضا عليه ليسا من رجال الضبط القضائى ولكن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع على خلاف ما يقضى به القانون بقولة إن ما وقع على الطاعن لم يكن قبضا إنما هو مجرد اقتياد لمكتب الضابط القضائى بعد أن اشتبه رجلا الشرطة فى أمره لوجود حقيبتين جديدتين فى حيازته وقد اضطرب فى ملكيته لهما.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى فى قوله إن أحمد سعيد محمد وفتحى الششتاوى محمد من قوة البوليسي الملكى بمحطة القاهرة كانا يمران حوالى الساعة الرابعة صباحا برصيف القطارات المتجهة إلى الوجه القبلى فوجدا المتهم يجلس على مقعد وبجواره حقيبتان من الجلد جديدتان وتبين من مظهرهما أنهما غاليتا الثمن لا يستعملهما مثله فظنا أنهما مسروقتان وسألاه عنهما فقال إنهم له وطلبا منه أن يذكر محتوياتهما ليتحققا من قوله فزعم أنهما لعطشجى يدعى "فؤاد" ألبسه معطفه وترك معه حقيبة أدواته وكلفه بانتظاره حتى يحضر بالقطار من مخزن القطارات فقويت لديهما الشبهة وقاداه والحقيبتين الجلديتين والثالثة المصلحية إلى الضابط الذى فتح الحقيبتين فوجد فى الكبيرة ثلاث بنادق وفى الصغيرة خمس طلقات نارية أم الحقيبة المصلحية فتبين أنها لسائق القطار منصور بكر حسنين. وكان الحكم قد عرض لما دفع به الطاعن من بطلان القبض عليه وما تلاه من إجراءات بقوله "وحيث إن رجلى البوليس الملكى لم يقبضا على المتهم ولكنهما اقتاداه إلى الضابط بعد أن اشتبها فى أمره لوجود الحقيبتين الجلديتين الثمينتين معه وقوله لهما أولا إنهما له ولما سألاه عن محتوياتهما قال إنهما لآخر يدعى فؤاد وقد كرر هذا القول للضابط وأصبح الضابط فى حل من فتحهما بعد أن قرر له المتهم أنهما ليستا له وبعد أن تكشفت له الجريمة قبض عليه ومن ثم فالقبض صحيح منتج لآثاره والدفع ببطلانه لم يصادف الصواب". واستند الحكم فى إدانة الطاعن إلى أقوال رجلى البوليس الملكى والضابط وما جاء بمحضر لجنة الأسلحة. لما كان ما تقدم، وكانت الواقعة الثابتة بالحكم هى أن مخبرين من قوة الشرطة بمحطة السكة الحديد بالقاهرة اشتبها فى أمر الطاعن الذى كان جالسا على مقعد برصيف المحطة وبجواره حقيبتان جديدتان من الجلد وسألاه عن صاحبهما وعما تحويانه فتردد فى قوله وحينئذ قويت لديها الشبهة فى أمره فضبطا الحقيبتين واقتاداه إلى مكتب الضابط القضائى الذى فتح الحقيبتين فوجد بإحداهما ثلاث بنادق صغيرة وبالأخرى طلقات نارية. لما كان ما تقدم، فإن ما أتاه رجلا الشرطة وهما ليسا من مأمورى الضبط القضائى على الصورة التى أورده الحكم من التصدى للطاعن وضبط الحقيبتين اللتين كانتا معه ثم اقتياده لمكتب الضابط القضائى هو القبض بمعناه القانونى الذى لا تجيزه المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية إلا لرجال الضبط القضائى بالشروط المنصوص عليها فيها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ اعتبر ما وقع من رجلى الشرطة ليس قبضا على الرغم مما انطوى عليه من اعتداء على الحرية الشخصية يكون قد أخطأ فى تأويل القانون على الوجه الصحيح ويكون ما أسفر عنه تفتيش الحقيبتين من ضبط السلاح والذخيرة باطلا كذلك وبالتالى فلا يعتد بشهادة من قاموا بهذين الإجرائين الباطلين، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن ومصادرة الأسلحة والذخيرة المضبوطة عملا بالمادة 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954.