أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 12 - صـ 965

جلسة 5 من ديسمبر سنة 1961

برياسة السيد السيد أحمد عفيفى المستشار، وبحضور السادة: محمد عطية اسماعيل، ومحمد عبد السلام، وعبد الحليم البيطاش، وأديب نصر حنين المستشارين.

(200)
الطعن رقم 718 لسنة 31 القضائية

إجراءات المحاكمة. دفاع: تقدير سن المتهم. اثبات. عقوبة. نقض "أسبابه".
عمر المتهم. أثره على نوع العقوبة التى يمكن الحكم بها عليه ومدتها. حرمات المادة 72 عقوبات.
تقدير سن المتهم. المادة 73 عقوبات. هو فى الأصل أمر موضوعى. أسس تقديره الجدل فيه أمام محكمة النقض. لا يجوز. متى يجوز هذا الجدل استثناء.
دفع المتهم فى مرافعته بصغر سنه. واجب المحكمة فى ذلك. وجوب تناوله والتنبيه إليه بالجلسة. وإتاحة الفرصة للمتهم والنيابة لإبداء ملاحظاتهما بشأنه. مخالفة ذلك: اقتصار المحكمة على تقدير سن المتهم فى الحكم الصادر بإعدامه. إخلال بحق الدفاع.
مؤدى ما تنص عليه المادتان 72 و 73 من قانون العقوبات أن يكون تقدير سن المتهم على أساس ما يقدم للقاضى من أوراق رسمية أو ما يبديه له أهل الفن أو ما يراه بنفسه. والأصل أن تقدير السن على هذا الأساس هو أمر متعلق بموضوع الدعوى لا يجوز الجدل فيه أمام محكمة النقض، إلا أن محل ذلك أن تكون محكمة الموضوع قد تناولت مسألة السن بالبحث والتقدير، وأتاحت للمتهم والنيابة فرصة إبداء ملاحظاتهما فى هذا الشأن - وإذن فإذا كان ما أبداه وردده الدفاع عن المتهم من أنه لم يزل حدثا مؤداه التذرع بحكم المادة 72 سالفة الذكر، وكانت المحكمة لم تشر إلى تقديرها لسن المتهم على الوجه الذى ارتأته إلا فى الحكم الصادر منها بإعدامه، رغم ما رتبه القانون على تحديد السن من أثر فى تعيين نوع العقوبة التى يمكن توقيعها عليه وتقدير مدتها - ولو أنها أتاحت الفرصة لمناقشة هذا التقدير لأمكن أن يكون لحكم المادة 72 المذكورة أثره فى النتيجة - فإن المحكمة إذا استقلت بتقدير سن المتهم على الوجه الذى تم دون سبق التنبيه إليه بالجلسة، فإن حكمها يكون معيبا متعينا نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولا: قتل المجنى عليه الأول وشرع فى قتل المجنى عليه الثانى عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية على قتل الثانى وأعد لذلك سلاحا ناريا "بندقية إيطالى" وتربص به فى المكان الذى أيقن بمروره فيه حتى إذا ما ظفر به أطلق عليه عيارين ناريين قاصدا من ذلك قتله أصابه أحدهما وأخطأه الآخر وأصاب الأول فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته وقد خاب أثر الجريمة بالنسبة للمجنى عليه الثانى لتداركه بالعلاج. ثانيا: أحرز سلاحا ناريا مششخنا "البندقية الإيطالى" المبينة بالمحضر بغير ترخيص. ثالثا: أحرز ذخيرة مما تستعمل فى السلاح سالف الذكر "طلقتين" دون أن يكون مرخصا له بإحراز أو حيازة أو حمل سلاح. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 230 و 231 و 232 و 234/ 2 من قانون العقوبات والمود 1 و 26/ 2 - 4 و 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3 المرافق. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بمواد الإتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقا وبمصادرة البندقية المضبوطة. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن فى الميعاد إلا أن أسباب طعنه موقع عليها من محامين غير مقبولين أمام محكمة النقض فيكون هذا الطعن غير مقبول شكلا عملا بالمادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
وحيث إن النيابة العامة - تنفيذا لما أمرت به المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 المشار إليه - قامت بعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة طلبت فيها إقرار حكم الإعدام.
وحيث إنه لما كان الثابت من الإطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن قام على أساس أنه حدث صغير السن وقد طلب الحاضر معه إلى المحكمة تقدير سنه ولكنها أغفلت ذلك وقررت فى ذات الجلسة إرسال أوراق القضية إلى المفتى عملا بالفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية ثم أصدرت حكمها فيما بعد بإعدام المحكوم عليه شنقا. منوهة فى أسباب حكمها بأنها تقدر سن المحكوم عليه بحوالى خمس وعشرين سنة. لما كان ذلك، وكانت المادة 72 من قانون العقوبات تنص على أنه "لا يحكم بالإعدام ولا بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة على المتهم الذى زاد عمره على خمسة عشرة سنة ولم يبلغ سبع عشرة سنة كاملة. وفى هذه الحالة يجب على القاضى أن يبين أولا العقوبة الواجب تطبيقها بقطع النظر عن هذا النص مع ملاحظة موجبات الرأفة إن وجدت، فإن كانت تلك العقوبة هى الإعدام... يحكم بالسجن مدة لا تنقص عن عشر سنين.." كما تنص المادة 73 من قانون العقوبات على أنه "إذا كان سن المتهم غير محقق قدره القاضى من نفسه"، مما مؤداه أن يكون تقديره على أساس ما يقدم للقاضى من أوراق رسمية أو ما يبديه له أهل الفن أو ما يراه هو بنفسه. لما كان ما تقدم، وكان من المقرر أن الأصل فى تقدير القاضى لسن المتهم على هذا الأساس هو أمر متعلق بموضوع الدعوى لا يجوز الجدل فيه أمام محكمة النقض، إلا أن محل ذلك أن تكون محكمة الموضوع قد تناولت مسألة السن بالبحث والتقدير وأتاحت للمتهم وللنيابة فرصة إبداء ملاحظاتهما فى هذا الشأن. لما كان ما تقدم، وكان ما أبداه الدفاع وردده من أن الطاعن لم يزل حدثا مؤداه التذرع بحكم المادة 72 سالفة الذكر وكانت المحكمة لم تشر إلى تقديرها لسن المتهم على الوجه الذى ارتأته إلا فى الحكم الصادر منها باعدامه - رغم ما رتبه القانون على تحديد السن من أثر فى تعيين نوع العقوبة التى يمكن توقيعها عليه وتقدير مدتها. ولو أنها أتاحت الفرصة لمناقشة هذا التقدير لأمكن أن يكون لحكم المادة 72 سالفة الذكر أثره فى النتيجة، وهى إذ تنكبت الطريق السوى فاستقلت بتقدير سن المتهم على الوجه الذى تم دون سبق التنبيه إليه بالجلسة فإن حكمها يكون معيبا متعينا نقضه وإحالة الدعوى إلى المحكمة التى أصدرته لتحكم فيها من جديد هيئة مشكلة من قضاة آخرين.