أحكام النقض - المكتب الفني- جنائي
العدد الثالث - السنة 16 - صـ 844

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي، ومحمد صبري، وجمال المرصفاوي، وعبد المنعم حمزاوي.

(161)
الطعن رقم 895 لسنة 35 القضائية

طعن. دعوى مدنية.
من له حق الطعن؟ من مسه الحكم المطعون فيه وفيما يختص بحقوقه فحسب. مثال.
من المقرر أن الطعن لا يكون إلا لمن مسه الحكم المطعون فيه وفيما يختص بحقوقه فحسب. فلا يقبل من الطاعن نعيه على الحكم مساءلته وليه عن الحقوق المدنية بوصفه مسئولاً عنها على الرغم من مجاوزة الطاعن المشمول بولايته من الخمس عشرة سنة، ما دام أن الحكم المطعون فيه لم يمسه في هذا الصدد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 22/ 9/ 1961 بدائرة قسم الجمالية محافظة القاهرة: أحدث عمداً بكوثر صالح توفيق إصابة عينها اليسرى الموضحة بالتقارير الطبية الشرعية والتي نشأت عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها ويتعذر تقدير مداها هو فقد قوة إبصار هذه العين وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات فقررت الغرفة إحالته إلى هذه المحكمة لمحاكمته بالمادة سالفة الذكر. وادعى مدنياً والد المجني عليها بصفته ولياً طبيعياً عليها وطلب القضاء له بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه قبل الطاعن ووالده بصفته ولياً طبيعياً عليه ومسئولاً عن الحقوق المدنية على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا بتاريخ 27 يناير سنة 1964 عملاً بمادة الاتهام والمواد 17 و55 و56 من قانون العقوبات: (أولاً) بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم. (وثانياً) في الدعوى المدنية بإلزام مصطفى حسن الحلفاوى عن نفسه وبصفته ولياً شرعياً على ابنه القاصر المتهم ومسئولا عن الحقوق المدنية أن يدفع بريق التضامن إلى المدعي المدني بصفته وليا شرعيا ابنته المجني عليها مبلغاً قدره 300 ج ثلاثمائة جنيه مصري تعويضاً والمصاريف المدنية المناسبة ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة العاهة المستديمة وبإلزام أبيه عن نفسه وبصفته ولياً عليه ومسئولاً عن الحقوق المدنية أن يؤدى بطريق التضامن تعويضاً إلى المدعى بهذه الحقوق، قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه قد آخذ الطاعن بأقوال المجني عليها وشقيقها ووالديهما على الرغم من عدم إبصار الأخيرين الواقعة وما يتخلل أقوال الأولين وأمهما من اضطراب يتمثل في عدم تحديد المجني عليها أداة الحادث وفي تردد والدتها في ماهية هذه الأداة - نبلة أم بندقية رش - وفي قول الشقيق بأن الطاعن كان يلهو ببندقية رش صوبها إلى المجني عليها، وأن الحكم صدف عما أثاره الدفاع من استحالة حدوث الإصابة عمدا لأن حالة البندقية المضبوطة والظلام المخيم وقت الحادث ما كانا يسمحان بإحكام الرماية والتفت عن طلب تجربة البندقية للتحقق من ذلك. ودان الطاعن عن تلك الجريمة العمدية على الرغم من انتفاء القصد الجنائي، وساءل والد الطاعن عن الحقوق المدنية مع أن الأخير قد أربى على خمس عشرة سنة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى في قوله إنه "في عصر يوم الحادث كان مصطفى صالح توفيق شقيق المجني عليها - يطل من نافذة مسكنه وبجواره والدته زهيرة حسن على وتصادف وجود المتهم "الطاعن" في الشارع ثم حصل حديث بينه وبين مصطفى صالح أعقبه أن سكب هذا الأخير كمية من المياه سقطت على الأرض بجواره فتوعده المتهم بالاعتداء عليه ببندقية وبعد ذلك وفي وقت الغروب صعدت المجني عليها ومعها شقيقها مصطفى ليلعبا في السطوح وأثناء وقوف المجني عليها صوب المتهم من شرفة منزله بندقية رش كان يحملها نحوها فانطلقت منها رشه أصابتها في عينها فصرخت ونزلت إلى والدتها وأخبرتها بما حصل فاستصحبتها إلى القسم وأبلغت بالحادث" وأورد الحكم على ثبوتها في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال المجني عليها وأخيها وأمها والتقرير الطبي الشرعي. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من منازعة في القوة التدليلية لشهادة الشهود لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها المحكمة عقيدتها بما لا تناقض فيه كالحال في الدعوى المطروحة مما لا يقبل معاودة التصدي له أمام محكمة النقض لما هو مقرر من حق محكمة الموضوع في وزن أقوال الشهود وتقديرها ولأن أخذها بشهادتهم يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك، وكان الدفاع عن الطاعن وفي مجال طلبه القضاء أصلياً ببراءته لانتفاء القصد الجنائي سواء وصفت الواقعة بأنها عمدية أو غير عمدية واحتياطياً اعتبارها إصابة غير عمدية - قد طلب تجربة البندقية للتحقق من استحالة إحكام الرماية بها في الظلام المنتشر وقت الحادث وكان الطلب بهذه المثابة لا يرمى إلى نفى وقوع الفعل المكون للجريمة أو استحالة إثبات حصوله على النحو الذي رواه الشهود وإنما مجرد إثارة الشبهة في أقوالهم. وكانت المحكمة قد نبذت دفاع الطاعن بأنه أطلق البندقية صوب حجر فتطايرت رشه من المقذوف أو شظية من الحجر وأصابت المجني عليها مستخلصة الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما أدى إليه اقتناعها من شهادة المجني عليها وشقيقها من أن الطاعن قد أثارت حفيظته سكب هذا الشقيق ماء بجواره فعمد إلى تصويب بندقيته نحو المجني عليها وهي مع شقيقها فأصابها، ويستوى أنه كان يقصده هو فأصابها هي لأن الواقعة في الحالين تعتبر عمدية. وكان ما أورده الحكم سديداً وكافياً للتدليل على توفر القصد الجنائي - ويسوغ الالتفات عن طلب تجربة البندقية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطعن لا يكون إلا لمن مسه الحكم المطعون فيه وفيما يختص بحقوقه فحسب. فلا يقبل من الطاعن نعيه على الحكم مساءلته وليه عن الحقوق المدنية بوصفه مسئولاً عنها على الرغم من مجاوزة الطاعن المشمول بولايته سن الخامس عشرة سنة، ما دام أن الحكم المطعون فيه لم يمسه في هذا الصدد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون متعين الرفض موضوعاً.