أحكام النقض - المكتب الفني- جنائي
العدد الثالث - السنة 16 - صـ 861

جلسة 15 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد محمد محفوظ، ومحمود عزيز الدين سالم، وحسين سامح، ومحمد أبو الفضل.

(165)
الطعن رقم 1717 لسنة 35 القضائية

قبض بدون وجه حق. نقض. "المصلحة في الطعن".
التهديد بالقتل والتعذيب قسيمان بمنزلة واحدة من جهة توافر الموجب لتغليظ العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من المادة 282 عقوبات.
لا مصلحة للطاعن في المنازعة في توافر أحد الظرفين متى توافر الآخر.
إذ نص الشارع في الفقرة الأخيرة من المادة 282 من قانون العقوبات على أن يحكم في جميع الأحوال بالأشغال الشاقة المؤقتة على من قبض على شخص بدون وجه حق وهدده بالقتل أو عذبه بالتعذيبات البدنية - فقد جعل التهديد بالقتل والتعذيب قسيمين بمنزلة واحدة من جهة توافر الموجب لتغليظ العقوبة. ومن ثم فلا مصلحة للطاعنين في المنازعة في توافر أحد الظرفين متى توافر الآخر.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في 23 يوليه سنة 1961 بدائرة قسم الأربعين محافظة السويس: قبضا مع آخرين مجهولين على راضي عودة عواد وحبساه دون وجه حق وكان هذا القبض والحجز مصحوبين بتهديده بالقتل وبالتعذيبات البدنية بأن انتظراه مع المجهولين في طريق جانبي وما أن شاهداه حتى صفعه أولهما وجذبه من ملفحته بعد أن وضعها حول رقبته وساقاه عنوه لمنزليهما واحتجزاه فيهما وفي منازل أخرى ووضعا حارسين عليه يتناوبان الحراسة ليلاً ونهاراً وهدداه بالقتل إن حاول الاستغاثة. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقاً لنص المادتين 280 و282/ 2 من قانون العقوبات. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات السويس قضت حضورياً في 17 نوفمبر سنة 1964 عملاً بمادتي الاتهام بمعاقبة كل من الطاعنين بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه شابه الخطأ في تطبيق القانون، والخطأ في الإسناد، والفساد في الاستدلال إذ دان الطاعنين بجريمة القبض على المجني عليه معملاً في حقهما المادة 282 من قانون العقوبات في فقرتها الأخيرة التي تشترط لتوافر الظرف المشدد الذي يرفع الجريمة من جنحة إلى جناية أن يقع من المتهم بها تهديد المجني عليه بالقتل، أو تعذيب له بالتعذيبات البدنية، والمجني عليه لم يذكر سواء في جلسة المحاكمة أو في تحقيقات النيابة أن المتهمين هدداه بالقتل أو عذباه في فترة احتجازه، ولا يكفي في صحيح القانون لتوافر الظرف المشدد أن يكون المجني عليه قد خشى القتل ولو كانت ظروف الحال تبرر اعتقاده بل العبرة هي بما يصدر عن الجاني من قول أو فعل يصحح وصفه بأنه تهديد بالقتل، كما أرجع الحكم المطعون فيه الحادث بباعثه إلى مديونية أحد الأعراب من أقارب المجني عليه للطاعن الأول، مع أن الدين انقضى، أما السند المقدم في الدعوى فلدين آخر لا شأن له بالقبض المزعوم، وقد دفع الطاعنان التهمة بالتلفيق مدعين عليه بشواهد منها أن الشهود - وهم من الأعراب - تناقضوا في مكان تحرير ذلك السند، وأن المجني عليه سئل بمحضر الشرطة في ذات اليوم الذي أبلغ فيه شقيقه بغيابه، مما يدل على أنه كان مطلقاً غير مقيد وأنه لا يعقل أن يتعرض المجني عليه للقبض في شارع آهل مضاء بالكهرباء وأن يقتاد عنوة على ملأ مسافة كبيرة ومع ذلك فإن شقيقة يتراخى في الإبلاغ بالواقعة، وأن الباعث على تلفيق التهمة تنافس الطاعن الأول والمجني عليه على فتاة بعينها من الأعراب، ولكن المحكمة التفتت عن دلالة هذه الشواهد مع أهميتها مما يعيب حكمها بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن لدين للطاعن الأول - وهو من أهل الصعيد - على شخص من قرابة المجني عليه - وهو من الأعراب - كمن الطاعنان مع آخرين مجهولين عند بيت امرأة تدعى سويلمه سالم حيث اعتاد المجني عليه أن يتردد، حتى إذا خرج من لدنها في الساعة التاسعة والنصف مساء يوم الحادث فقبضوا عليه، وضربه الطاعن الأول بقبضة يده خلف أذنه اليسرى، وانتزع ملفحته ولفها حول رقبته، واقتاده المتهمون قسرا مهددين إياه بالقتل إلى دار الطاعن الأول ومنها نقل إلى دار الطاعن الثاني وأبى الطاعنان أن يخليا سبيله حتى يدفع أهله مبلغ الدين، فتدخل من يدعى حسن إسماعيل نصير واستكتب الطاعن الأول سنداً بمديونية المجني عليه له - أي للشاهد في مبلغ مائة جنيه يدفعه إليه متى قبضه منه، وعند ذلك أخلى سبيله، وأبلغ شقيقه. ودلل الحكم على هذه الواقعة بما ينتجها من وجوه الأدلة ومنها شهادة الشهود، ودلالة المجني عليه على منزلي الطاعنين بعد وصفها وصفاً مطابقاً لحالهما، والتقرير الطبي في شأن إصابته، وإقرار الطاعن الأول بتحرير سند الدين، وخلص من ذلك إلى مساءلة الطاعنين عن جناية القبض المصحوب بالتعذيبات البدنية وبالتهديد بالقتل وأعمل في حقهما المادتين 280 و282 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الشارع إذ نص في الفقرة الأخيرة من المادة 282 من قانون العقوبات على أنه يحكم في جميع الأحوال بالأشغال الشاقة المؤقتة على من قبض على شخص دون وجه حق وهدده بالقتل أو عذبه بالتعذيبات البدنية - إذ نص على ذلك، فقد جعل التهديد بالقتل والتعذيب قسيمين بمنزلة واحدة من جهة توافر الموجب لتغليظ العقوبة، فلا مصلحة للطاعنين في المنازعة في توافر أحد الظرفين متى توافر الآخر، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن أن المجني عليه إذ سئل في محضر تحقيق النيابة المؤرخ في 7/ 8/ 1961 - قال بتهديد المتهمين له بالقتل غير مرة في أكثر من معرض وبذلك تنتفي عن الحكم دعوى الخطأ في الإسناد، كما تنتفي قالة الخطأ في تطبيق القانون. لما كان ما تقدم، وكان سائر الطعن جدلاً موضوعياً في أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته لدى محكمة النقض، فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.