أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثاني - السنة 10 - صـ 666

جلسة 23 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل المستشار, وبحضور السادة: محمود محمد مجاهد, والسيد أحمد عفيفي, وعباس حلمي سلطان, وعادل يونس المستشارين.

(148)
الطعن رقم 468 لسنة 29 القضائية

حكم. عيوب التدليل. التناقض وتخاذل الأسباب. مثال.
نقض. أوجهه. بطلان الحكم. الفرق بين الخطأ المؤدي إلى البطلان والخطأ المادي.
فهم الدعوى على غير حقيقتها وعدم معرفة من هو الفاعل ومن هو الشريك في الجريمة ومن المقصود بإدانته من المتهمين ليس خطأ ماديا. الحكم الصادر في الدعوى حكم معيب بالتناقض والتخاذل.
إذا كان ما أوردته المحكمة في أسباب حكمها يناقض بعضه بعضا, مما يبين منه أن المحكمة فهمت الدعوى على غير حقيقتها فجاء حكمها مضطربا بحيث لا يعرف منه من هو الفاعل ومن هو الشريك في الجريمة ولا ما قصدت إليه من إدانة أي المتهمين, وكان الأمر ليس مقصورا على مجرد خطأ مادي لا يؤثر في سلامة الحكم, بل تجاوزه إلى عدم فهم الواقعة على حقيقتها, فإن الحكم يكون معيبا بالتناقض والتخاذل ويتعين نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه: بدد الأشياء المبينة بمحضر الحجز والمحجوز عليها قضائيا لصالح حسن عسكر والمملوكة له وكانت قد سلمت إليه على سبيل الوديعة لحراستها فاختلسها لنفسه إضرارا بالدائن الحاجز وطلبت عقابه بالمادتين 341 و342 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح طهطا الجزئية قضت بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة 2 جنيه لوقف التنفيذ. فعارض المحكوم عليه, والمحكمة المذكورة قضت باعتبار المعارضة كأن لم تكن. فاستأنف المتهم. ومحكمة سوهاج الابتدائية منعقدة بهيئة استئنافية قضت حضوريا بتأييد الحكم المستأنف بلا مصروفات جنائية.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أن محكمة أول درجة حين قضت ببراءة المتهم الأول ومعاقبة الطاعن بالحبس - وهو الشريك في جريمة التبديد - قد تناقضت في أسبابها, فبنت حكم البراءة على أنه لا دليل على جريمة الاشتراك في التبديد في حين أن المتهم الأول المحكوم ببراءته فاعل أصلي لا شريك, مما كان يقتضي أن تحكم ببراءة الطاعن دون المتهم الأول - وقد أيد الحكم المطعون فيه حكم محكمة أول درجة لأسبابه دون أن يفطن إلى هذا التناقض أو يرفعه.
وحيث إن الدعوى العمومية أقيمت على المتهم الأول أحمد علي محمدين والطاعن بوصف أنهما في يوم 16/ 8/ 1956 بدائرة مركز طهطا الأول: بدد الأشياء المبينة بمحضر الحجز والمحجوز عليها قضائيا لصالح حسن عسكر والمسلمة إليه على سبيل الوديعة لحراستها والثاني (الطاعن) بصفته مدينا ومالكا للأشياء المحجوز عليها اشترك مع المتهم الأول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة التبديد, وقضت محكمة أول درجة غيابيا بحبس الثاني شهرين مع الشغل وبراءة الأول. فعارض الطاعن وقضى باعتبار المعارضة كأن لم تكن. واستأنف الحكم وقضى حضوريا بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف لأسبابه التي أقيم عليها, وجاء بأسباب الحكم الابتدائي الغيابي ما يفيد أنه استند في القضاء ببراءة المتهم الأول إلى قوله: "وحيث إنه بالنسبة للمتهم الأول (الحارس) فإنه يشترط للعقاب على جريمة الاشتراك في تبديد الأشياء المحجوزة أن يقوم بفعل إيجابي في جريمة التبديد, والدعوى خالية مما يقوم دليلا على ذلك, ومن ثم يتعين براءته مما أسند إليه" لما كان ذلك, وكان ما أوردته المحكمة في أسباب حكمها على الصورة المتقدمة يناقض بعضه البعض الآخر مما يبين منه أن المحكمة فهمت الدعوى على غير حقيقتها, فجاء حكمها مضطربا بحيث لا يعرف منه من هو الفاعل ومن هو الشريك ولا ما قصدت إليه من إدانة أي المتهمين. وكان الأمر ليس مقصورا على مجرد خطأ مادي لا يؤثر في سلامة الحكم, بل تجاوزه إلى عدم فهم الواقعة على حقيقتها - لما كان ذلك, فإن الحكم يكون معيبا بالتناقض والتخاذل ويتعين نقضه بالنسبة للطاعن وحده دون المتهم الآخر الذي لم تطعن النيابة بالنسبة له.