أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 12 - صـ 996

جلسة 25 من ديسمبر سنة 1961

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل نائب رئيس المحكمة ، وبحضور السادة : محمد عطيه اسماعيل ، ومحمد عبد السلام ، وعبد الحليم البيطاش ، وأديب نصر حنين المستشارين .

(209)
الطعن رقم 829 لسنة 31 القضائية

أسباب الإباحة . الدفاع الشرعى . حكم "تسبيبه" .
حق الدفاع الشرعى . تجاوز حدوده . تقدير هذا التجاوز . وجوب الموازنة بين الاعتداء الواقع على المتهم والذى يخوله حق الدفاع - وبين ما أتاه فى سبيل هذا الدفاع . إغفال ذلك . قصور .
إذا كان الحكم لم يوازن بين الاعتداء الذى وقع على المتهمة - والذى خوّل لها حق الدفاع الشرعى - وبين ما أتته هى فى سبيل هذا الدفاع ، فإنه إذ دانها بتهمة إحداث العاهة المستديمة واعتبرها متجاوزة حدود حق الدفاع الشرعى دون أن يقوم بهذه الموازنة على ضوء ما تكشف له من ظروف الدعوى وملابساتها والتقارير الطبية ، فإنه يكون قاصرا قصورا يعيبه بما يستوجب نقضه .


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من الطاعنة وآخرين بأنهم المتهمة الأولى "الطاعنة" : أحدثت بالمتهم الثالث عمدا الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى فقد بحركة وسط الأصبع الوسطى لليد اليسرى وفى نهاية حركة ثنيه وتقليل من كفاءته على العمل بنحو 2% . والمتهم الثانى : أحدث بالمتهم الثالث عمدا الإصابات الأخرى الموصوفة بالتقرير الطبى والتى أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة تزيد على العشرين يوما . والمتهمان الثالث والرابعة : أحدث بالمتهمة الأولى عمدا الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى والتى أعجزتها عن أشغالها الشخصية مدة لا تزيد على العشرين يوما . وطلبت إلى غرفة الإتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمادتين 240/1 و 241/1 من قانون العقوبات . فقررت الغرفة إحالة الدعوى إلى محكمة الجنح . وادعى المتهم الثالث مدنيا طالبا الحكم له بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهمين الأولى والثانى متضامنين . والمحكمة الجزئية قضت حضوريا عملا بمادتى الإتهام بالنسبة للمتهمين الثانى والثالث وبالمادة 240/1 من قانون العقوبات مع تطبيق المواد 17 و 55 و 56 من ذات القانون والمادة 340/2 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للمتهمة الأولى وبالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للمتهمة الرابعة - أولا : بحبس المتهمة الأولى ثلاثة شهور مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من صيرورة الحكم نهائيا . ثانيا : بتغريم المتهم الثانى خمسمائة قرش . ثالثا : بتغريم المتهم الثالث مائتى قرش . رابعا : ببراءة المتهمة الرابعة مما أسند إليها . خامسا : بإلزام المتهمين الأولى والثانى بأن يدفعا متضامنين للمتهم الثالث مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات المدنية . استأنف المتهمان الأولى والثانى هذا الحكم . والمحكمة الاستئنافية قضت حضوريا عملا بالمادة 402/2-3 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 61 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم الثانى - أولا : بعدم جواز استئناف المتهم الثانى . ثانيا : بقبول استئناف المتهمة الأولى "الطاعنة" شكل وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف . فطعنت المحكوم عليها الأولى فى هذا الحكم بطريق النقض ... الخ .


المحكمة

... وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ فى تطبيق القانون وشابه قصور فى البيان ، ذلك أنها دفعت التهمة المسندة إليها بأنه على فرض صحتها فإنها كانت فى حالة دفاع شرعى عن النفس تبيح لها رد الاعتداء الواقع عليها الأمر الذى يجعلها بمنجى من العقاب . وقد سلم الحكم فيما أثبته من وقائع بأن المتهم الثالث محمد على شاهين اقتحم منزل الطاعنة واعتدى عليها وقال إن ذلك يجعلها معذورة فى اعتدائها عليه إلا أنه اعتبر ما وقع منها تجاوزا لحق الدفاع الشرعى عن النفس ، مع أن الثابت من التقارير الطبية الشرعية أن الإصابة التى وجدت بإصبع المجنى عليه تقلل من كفاءته بنسبة 2% وأنها تحدث من لى أصبع المصاب وليس فى هذا كله تجاوز من الطاعنة لحق الدفاع الشرعى .
وحيث إن الحكم الإبتدائى المؤبد بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أنه بتاريخ 9/4/1958 أثبت محقق البوليس فى محضره أن بوليس النجدة أحضر المتهمة الأولى سيدة عبد الباسط ابراهيم وزوجها المتهم الثانى مصطفى ابراهيم دياب والمتهم الثالث محمد على شاهين إلى قسم بوليس الخليفة وكان المتهمان الأولى والثالث مصابين وقرر الأخير أن المتهمة الأولى وزوجها المتهم الثانى قابلاه قبل غروب الشمس فى الطريق وضرباه وأحدثا إصابته وذكر بعد ذلك أن المتهمة الأولى أصابته فى يده اليسرى وهى تحاول انتزاع خاتمين من يده كما أصابه زوجها فى رأسه وأنكر المتهمان المذكوران ما أسند إليهما قالت المتهمة الأولى إن المتهم الثالث ضربها وأصابها فى رأسها وذراعها وساقها لأنها كانت قد حررت له مذكرة بقسم البوليس بسبب تشاجر أولادهما ، وتقدم زوجها المتهم الثانى ببلاغ قال فيه إنه عاد إلى منزله ووجد صياحا ينبعث من داخله وشاهد المتهم الثالث وزوجته المتهمة الرابعة يضربان زوجته المتهمة الأولى وفرت المتهمة الرابعة بينما تمكن من إغلاق الباب على المتهم الثالث حتى جاء بوليس النجدة . وبعد أن أورد الحكم الأدلة على أن المتهمة الأولى وزوجها ضربا المتهم الثلث وأن الأولى أصابته فى أصبعه الوسطى لليد اليسرى وأن زوجها أحدث باقى إصاباته قال "أنه بصدد تقدير العقوبة على المتهمة الأولى ( الطاعنة ) فقد ثبت من شهادة عوض سيد عبد العال ومحمد وهبة أن المتهم الثالث اقتحم منزلها وضبط بداخله مما يجعل المتهمة معذورة فى اعتدائها عليه وإن تجاوزت فى ذلك حق الدفاع عن النفس الشرعى يقضى بوجوب الاكتفاء برد الاعتداء بمثله" . ولما كان يبين مما أورده الحكم على الوجه المتقدم أنه اعتبر الطاعنة متجاوزة حدود حق الدفاع الشرعى عن النفس لمجرد اقتحام المتهم الثالث المصاب بالعاهة المستديمة منزلها وضبطه بداخله ، وهو تسبيب قاصر لا كفى لحمل ما انتهى إليه الحكم من أن الطاعنة تجاوزت حقها فى الدفاع . إذ لم يوازن بين الاعتداء الواقع عليها والذى خول لها حق الدفاع الشرعى وبين ما أتته فى سبيل هذا الدفاع ورأى أنها قد تجاوزن فيه حدود ذلك الحق - لما كان ذلك ، فإن الحكم إذ دان الطاعنة دون قيامه بهذه الموازنة على ضوء ما تكشف له من ظروف الدعوى وملابساتها والتقارير الطبية المرفقة بالملف فإنه يكون قاصرا قصورا يعيبه بما يستوجب نقضه .
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن مع إلزام المطعون ضده المصاريف .