أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثاني - السنة 10 - صـ 681

جلسة 23 من يونيه سنة 1959

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل المستشار, وبحضور السادة: محمود محمد مجاهد, وفهيم يسى جندي, وعادل يونس, ورشاد القدسي المستشارين.

(151)
الطعن رقم 668 لسنة 29 القضائية

(أ) نقض. أوجهه. حكم. التوقيع عليه. ما لا يبطل الحكم في هذا الخصوص. المادة 312 أ. ج.
التوقيع على الحكم من العضو الذي يلي الرئيس في الأقدمية إذا عرض لهذا الأخير مانع قهري بعد صدور الحكم وقبل التوقيع على أسبابه. اختصاص الرئيس بالتوقيع على الحكم مجرد إجراء تنظيمي.
(ب) إثبات. شهادة. تقديرها. محكمة الموضوع.
سلطة محكمة الموضوع في ترجيح أقوال الشاهد بالتحقيق الذي أجرته - وهو عماد الاثبات - على أقواله في التحقيق الابتدائي.
(جـ) تحقيق. تعرف الشهود على المتهم.
عدم استلزام القانون شكلا خاصا له.
1 - دل الشارع بنص المادة "312" من قانون الاجراءات الجنائية أن التوقيع على الحكم من رئيس المحكمة هو بمثابة شهادة بما حصل, فيكفي فيه أن يكون من أي واحد ممن حضروا المداولة - وليس النص على اختصاص الرئيس بالتوقيع إلا بقصد تنظيم العمل وتوحيده - إذ الرئيس كزملائه في ذلك, فإن عرض له مانع قهري - بعد صدور الحكم وقبل توقيع الأسباب - التي كانت محل مداولتهم جميعا - فوقع الحكم بدلا منه زميله - وهو العضو الذي يليه في الأقدمية فلا يصح أن ينعي عليه بالبطلان.
2 - عماد الاثبات في المواد الجنائية هو التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بنفسها وتوجهه الوجهة التي تراها موصلة للحقيقة, أما التحقيق الابتدائي فليس إلا تمهيدا لذلك التحقيق الشفوي, ولا يعدو أن يكون من عناصر الدعوى التي يتزود منها القاضي في تكوين عقيدته - فلا حرج على المحكمة إذا هى أخذت بشهادة الشهود في الجلسة دون أن تأخذ بأقوالهم في التحقيقات الأولى.
3 - تعرف الشهود على المتهم ليس من إجراءات التحقيق الذي يوجب القانون لها شكلا خاصا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: ضرب أبو الوفا عبه الله اسحق عمدا فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي نشأت عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى فقد بالطرف السفلي الأيسر للفخذ الأيسر مع تغيير محور النقل به مما يقلل من كفاءته على العمل بما يقدر بنحو خمسة عشر في المائة (15%) وطلبت عقابه بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات. وقررت الغرفة إحالة الدعوى إلى محكمة الجنح المختصة للفصل فيها على أساس عقوبة الجنحة. ومحكمة جنح نجع حمادي الجزئية قضت حضوريا عملا بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم بلا مصاريف جنائية ورفض الدعوى المدنية مع إلزام رافعها بالمصروفات. فاستأنفت النيابة هذا الحكم ومحكمة قنا الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضوريا عملا بالمادتين 240/ 1 و17 من قانون العقوبات بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل بلا مصروفات.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجه الأول من أوجه الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة العاهة المستديمة قد شابه البطلان, ذلك أن الدعوى سمعت أمام محكمة ثاني درجة تحت رئاسة الأستاذ صلاح الدين الشمسي ولم يوقع على الحكم بل وقع عليه أحد القضاة الذين اشتركوا في إصداره دون أن يذكر أن مانعا منع رئيس الجلسة عن التوقيع.
وحيث إنه يبين من الإطلاع على المفردات التي قررت المحكمة ضمها تحقيقا لهذا الطعن أن القضية نظرت بجلسة 17 من ديسمبر سنة 1958 تحت رئاسة السيد/ صلاح الدين الشمسي وبحضور السيدين: عبد المجيد أبو طالب وجمال الدين لبيب, وتأجلت القضية للحكم بجلسة 30/ 1/ 1959 وفيها صدر الحكم المطعون فيه وقد وقع الرئيس على محضر الجلسة, ثم عرض لرئيس الجلسة مانع قهري بسبب مرضه وقام بأجازة مرضية في المدة من 3 فبراير إلى 13/ 2/ 1959 قبل أن يوقع على أسباب الحكم فوقع الأسباب بتاريخ 12 فبراير سنة 1959 أقدم العضوين الآخرين اللذين سمعا المرافعة معه وتداولا معه في الحكم - لما كان ذلك وكانت المادة 312 من قانون الإجراءات قد نصت على أنه "يجوز أن يحرر الحكم بأسبابه كاملا في ثمانية أيام من تاريخ صدوره بقدر الإمكان ويوقع عليه رئيس المحكمة وكاتبها, وإذا حصل مانع للرئيس يوقعه أحد القضاة اللذين اشتركوا معه في إصداره, وإذا كان الحكم صادرا من محكمة جزئية وكان القاضي الذي أصدره, وضع أسبابه بخطه يجوز لرئيس المحكمة الابتدائية أن يوقع بنفسه على نسخة الحكم الأصلية, أو يندب أحد القضاه للتوقيع عليه بناء على تلك الأسباب, فإذا لم يكن القاضي قد كتب الأسباب بخطه يبطل الحكم لخلوه من الأسباب. ولا يجوز تأخير توقيع الحكم على الثمانية أيام المقررة إلا لأسباب قوية, وعلى كل حال يبطل الحكم إذا مضى ثلاثون يوما دون حصول التوقيع" فدل الشارع بالنص أن التوقيع على الحكم من رئيس المحكمة هو بمثابة شهادة بما حصل, فيكفي فيه أن يكون من أي واحد ممن حضروا المداولة, وليس النص على اختصاص الرئيس بالتوقيع إلا بقصد تنظيم العمل وتوحيده إذ الرئيس كزملائه في ذلك وإذن فإن عرض له مانع قهري بعد صدور الحكم وقبل توقيع الأسباب التي كانت محل مداولتهم جميعا - كما هو الحال في الدعوى - فوقع الحكم بدلا عنه زميله القاضي عبد المجيد أبو طالب وهو القاضي الذي يليه في الأقدمية فلا يصح أن ينعي عليه بالبطلان.
وحيث إن مؤدي باقي وجوه الطعن هو الخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب, وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم أثبت في أسبابه أن الطاعن عرض على الشهود في الجلسة فتعرفوا عليه, مع أن ذلك لم يحصل, فضلا عن أن عملية العرض تقتضي أن يعرض المتهم بين آخرين يشبهونه, بل إن المجني عليه نفسه لم يتعرف على الطاعن عندما عرض عليه في 3 فبراير سنة 1954 و19 من مايو سنة 1954 واتهم آخر بالاعتداء عليه ولكن المحكمة لم تشر إلى ذلك كلية - كما أن رواية الشاهدين حلمي عبد الرحيم وعبد الله مسعود اقتصرت على القول بأنهما سمعا أن المعتدي على المجني عليه اسمه أحمد ولم تناقشهما المحكمة في مصدر علمهما حتى تطمئن إلى صدق أقوالهما.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن نزاعا نشب بين المجني عليه وبين سائق قاطرة القصب وتدخل بعض الأهالي فيه, فاستغاث الأخير بالمتهم وزميله على فض النزاع وبإرشاده من السائق إلى المجني عليه باعتباره المسئول عن تجمع الأهالي, وجه المتهم (الطاعن) ضربة إليه بدبشك البندقية فأحدثت بفخذه الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف عنها العاهة المستديمة" وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه وشهادة كل من حلمي أحمد عبد الحليم وشعبان محمد عبد الرحيم وعبد الله مسعود رضا وتعرفهم على الطاعن بالجلسة ثم عرض لدفاع الطاعن في قوله "إنه وإن كان المجني عليه لم يتعرف على المتهم في 19/ 5/ 1954 عند عرضه عليه إلا أنه ذكر عن الشاهد ما يحدد شخصيته تحديدا كافيا فذكر أن اسمه أحمد وأنه أصيب في الحادث وعولج بالمستشفى, وتبين فعلا من أقوال المتهم أنه أصيب بتسلخ في ذراعه وعولج بالمستشفى حتى شفى, ثم قال في موضع آخر أن المحكمة لا ترى في عجز المجني عليه عن الاستعراف عن المتهم فوز خروجه من المستشفى ما ينال من ثبوت التهمة, ذلك أنه لم يكن قد استرد صحته ووعيه بالكامل بعد خروجه من المستشفى على اثر العلاج الطويل" لما كان ذلك وكان عماد الإثبات في المواد الجنائية هو التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بنفسها وتوجهه الوجهة التي تراها موصلة للحقيقة, أما التحقيق الابتدائي فليس إلا تمهيدا لذلك التحقيق الشفوي, ولا يعدو أن يكون من عناصر الدعوى التي يتزود منها القاضي في تكوين عقيدته, فلا حرج على المحكمة إذ هى أخذت بشهادة الشهود في الجلسة دون أن تأخذ بأقوالهم في التحقيقات الأولى, وكان تعرف الشهود على المتهم ليس من إجراءات التحقيق الذي يوجب القانون لها شكلا خاصا, وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن عرضا بوشر بتاريخ 19 من مايو سنة 1954 ولا يعدوا ما ذكره الحكم من أن الاستعراف تم بالجلسة أمام محكمة أول درجة أن يكون خطأ ماديا لا يؤثر في سلامة الحكم, لما كان ذلك وكانت المحكمة قد أخذت بأقوال المجني عليه مع علمها بكل الظروف التي أحاطت به, فلا يجوز مطالبتها ببيان سبب أخذها بها, ما دام تقدير قوة الدليل في الإثبات من سلطتها وحدها, لما كان ذلك فإن الطعن على الصورة الواردة به لا يخرج في حقيقته عن كونه جدلا في واقعة الدعوى وتقدير أدلة الثبوت فيها, مما لا شأن لمحكمة النقض به.
وحيث أنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.