أحكام النقض - المكتب الفني- جنائي
العدد الثالث - السنة 16 - صـ 885

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين صفوت السركي، ومحمد صبري، وجمال صادق المرصفاوي، وعبد المنعم حمزاوي.

(170)
الطعن رقم 1636 لسنة 35 القضائية

(1) تحقيق. نيابة عامة. مأمورو الضبط القضائي. أمر حفظ . أمر بألا وجه.
مجرد إحالة الأوراق من النيابة العامة إلى أحد مأموري الضبط القضائي لا يعتبر انتداباً له لإجراء التحقيق. المحضر الذي يحرره مأمور الضبط بناء على هذه الإحالة هو مجرد محضر جمع استدلالات. للنيابة العامة بعد حفظه رفع الدعوى الجنائية دون صدور أمر من النائب العام بإلغائه.
(ب) محكمة استئنافية. إجراءات المحاكمة. دفاع . "الإخلال بحق الدفاع . "ما يوفره".
المحكمة الاستئنافية تقضى على مقتضى الأوراق. عدم التزامها بسماع الشهود إلا إذا كان القصد تحقيق دفاع جوهري أغفلته محكمة الدرجة الأولى. مثال.
(جـ) إجراءات المحاكمة.
المحاكمات الجنائية تبنى على التحقيقات الشفوية التي تجريها المحكمة بالجلسة في حضور المتهم وتسمع فيها الشهود ما دام سماعهم ممكناً.
1- مجرد إحالة الأوراق من النيابة العامة إلى أحد رجال الضبط القضائي لا يعد انتداباً لإجراء التحقيق إذ أنه يجب لاعتباره كذلك أن ينصب الندب على عمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق - فيما عدا استجواب المتهم - لا على تحقيق قضية برمتها. ومن ثم كان المحضر الذي يحرره مأمور الضبط القضائي بناء على هذه الإحالة هو مجرد محضر جمع استدلالات لا محضر تحقيق فإذا ما قررت النيابة حفظه جاز لها رفع الدعوى الجنائية دون صدور أمر من النائب العام بإلغاء هذا القرار، إذ أن أمر الحفظ المانع من العود إلى إقامة الدعوى الجنائية إنما هو الأمر الذي يسبقه تحقيق تجريه النيابة بنفسها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناء على انتداب منها في الحدود المشار إليها. ولما كان الحكم المطعون فيه إذ اعتبر قرار الحفظ الصادر من النيابة العامة في الدعوى الماثلة قراراً إدارياً - يجوز لها العدول عنه ورفع الدعوى الجنائية دون حاجة إلى صدور أمر من النائب العام بإلغائه، لم يخطئ صحيح القانون.
2- من المقرر أن المحكمة الاستئنافية تقضى على مقتضى الأوراق المطروحة عليها دون أن تكون ملزمة بسماع الشهود، إلا أنه يتعين عليها سماعهم إذا كان القصد من ذلك تحقيق دفاع جوهري أغفلته محكمة الدرجة الأولى. ولما كان الثابت أن الطاعن تمسك لدى محكمة أول درجة بسماع أقوال شهود الإثبات في مرحلة المعارضة أمامها، ثم أصر أمام المحكمة الابتدائية على هذا الطلب، وكان ذلك بقصد مناقشتهم في واقعة تسلمه السند بحالته من المحيل تسديداً لدين له عليه، فسمعت المحكمة بعض هؤلاء الشهود دون البعض الآخر بعد أن كشف الطاعن عن أهمية سماعهم في تحقيق ذلك الدفاع الذي يتغير به وجه الرأي في الدعوى ومن ثم يكون الحكم معيباً بما يبطله ويتعين معه نقضه والإحالة.
3- الأصل أن المحاكمات الجنائية تبنى على التحقيقات الشفوية التي تجريها المحكمة بالجلسة في حضور المتهم وتسمع فيها الشهود ما دام سماعهم ممكناً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 7 من يونيه سنة 1961 بدائرة قسم العطارين: (أولاً) اشترك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير في محرر عرفي هو الكمبيالة المبينة بالمحضر بأن وقع عليها لآخر بتوقيع مزور نسبه إلى أحمد علي أحمد وتمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة - (ثانياً) استعمل المحرر المزور سالف الذكر بأن قدمه إلى بنك الاستيراد والتصدير لتحصيل قيمته مع علمه بتزويره (ثالثاً) شرع في الاستيلاء مع آخر مجهول على جزء من ثروة أحمد علي بأن اصطنعا كمبيالة نسبا صدورها له ووقع عليها المجهول بتوقيع مزور وقام هو بتقديمها للبنك لتحصيل قيمتها وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو فطنة المجني عليه وإبلاغه الشرطة، وطلبت عقابه بالمواد 40/ 1 و2 و3 و41 و45 و47 و215 و336/ 2 من قانون العقوبات. وقد ادعى أحمد علي أحمد مدنياً قبل المتهم وطلب القضاء له بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة العطارين الجزئية قضت غيابياً بتاريخ 11 مارس سنة 1963 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لإيقاف التنفيذ بلا مصاريف جنائية، وإلزامه أن يدفع للمدعي بالحق المدني قرشا صاغاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف. فعارض المتهم، وقضى في معارضته بتاريخ 17 يونيه سنة 1963 بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة الاسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 7 يونيه سنة 1965 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم المصاريف المدنية الاستئنافية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعي - في تقرير الأسباب الأول المقدم في 13 يونيه سنة 1965 على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تزوير محرر عرفي واستعماله والشروع في نصب، قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية استناداً إلى أن القرار الصادر من النيابة العامة بحفظ شكوى المدعي بالحقوق المدنية في خصوص الكمبيالة المطعون عليها بالتزوير هو قرار إداري، في حين أنه في حقيقته قرار قضائي صدر من النيابة العامة بعد ندب أحد رجال الضبط القضائي لتحقيق تلك الشكوى بما يمتنع معه العود إلى رفع الدعوى الجنائية إلا إذ ألغاه النائب العام.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضهما تحقيقا لهذا الوجه من الطعن أن المدعي بالحقوق المدنية قدم شكوى إلى وكيل نيابة المنشية نسب فيها إلى الطاعن وقائع معينة، فأحالها إلى "السيد الرائد سعد الألفي لفحص الشكوى وعرض النتيجة" وبعد أن سأل الضابط الشاكي، أحالها بدوره إلى قسم العطارين لاستيفاء الشكوى للاختصاص - وبعد أن تم فحصها قيدتها النيابة العامة ضد الطاعن جنحة بالمواد 40/ 1 ، 2، 3 و41 و45 و47 و 215 و236/ 2 من قانون العقوبات وأمرت بحفظها إدارياً. ثم عادت وباشرت تحقيقها من جديد وقدمت الطاعن إلى المحاكمة بتهم الاشتراك في تزوير محرر عرفي واستعماله والشروع في النصب. لما كان ذلك، وكان مجرد إحالة الأوراق من النيابة العامة إلى أحد رجال الضبط القضائي لا يعد انتداباً له لإجراء التحقيق إذ أنه يجب لاعتباره كذلك أن ينصب الندب على عمل معين أو أكثر من أعمال التحقيق - فيما عدا استجواب المتهم - لا على تحقيق قضية برمتها، ومن ثم كان المحضر الذي يحرره مأمور الضبط القضائي بناء على هذه الإحالة هو مجرد محضر جمع استدلالات لا محضر تحقيق فإذا ما قررت النيابة العامة حفظه جاز لها رفع الدعوى الجنائية دون صدور أمر من النائب العام بإلغاء هذا القرار، إذ أن أمر الحفظ المانع من العود إلى إقامة الدعوى الجنائية إنما هو الأمر الذي يسبقه تحقيق تجريه النيابة بنفسها أو يقوم به أحد رجال الضبط القضائي بناء على انتداب منها في الحدود المشار إليها. لما كان الحكم المطعون فيه إذ اعتبر قرار الحفظ الصادر من النيابة العامة في الدعوى الماثلة قراراً إدارياً - يجوز لها العدول عنه ورفع الدعوى الجنائية دون حاجة إلى صدور أمر من النائب العام بإلغائه، لم يخطئ صحيح القانون، فإن هذا الوجه من أوجه الطعن يكون غير سديد.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن في تقريري أسباب الطعن الإخلال بحق الدفاع والقصور، ذلك بأنه طلب أمام درجتي التقاضي - سماع شهود الإثبات فاستجابت محكمة ثاني درجة لهذا الطلب وأجلت الدعوى غير مرة لهذا السبب، بيد أنها قضت فيها دون تنفيذ هذا القرار أو تبرير سبب عدولها عنه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مراجعة الأوراق أن دفاع الطاعن قام على أن السند المنسوب إليه الاشتراك في تزويره قد سلم إليه بحالته من المحيل تسديداً لدين له عليه، كما يتضح من مراجعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن طلب بجلسة 17 يونيو سنة 1963 المحددة لنظر معارضته أمام محكمة أول درجة مناقشة شهود الإثبات تحقيقاً لدفاعه - غير أن المحكمة أغفلت هذا الطلب وقضت في الجلسة ذاتها بتأييد الحكم المعارض فيه، وإذ استأنف الطاعن هذا الحكم عاد فتمسك بجلسة 18 مايو سنة 1964 أمام محكمة الدرجة الثانية بمناقشة شهود إثبات عينهم بأسمائهم، فاستجابت المحكمة لهذا الطلب وأجلت الدعوى غير مرة لتنفيذه وبجلسة 15 فبراير سنة 1965 سمعت المحكمة بعض الشهود وأصر الطاعن على مناقشة باقيهم ممن لم يحضروا، غير أن المحكمة قضت في الدعوى دون سماعهم. لما كان ذلك، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية تبنى على التحقيقات الشفوية التي تجريها المحكمة بالجلسة في حضور المتهم وتسمع فيها الشهود ما دام سماعهم ممكناً، كما أنه وإن كان من المقرر أن المحكمة الاستئنافية تقضى على مقتضى الأوراق المطروحة عليها دون أن تكون ملزمة بسماع الشهود، إلا أنه يتعين عليها سماعهم إذا كان القصد من ذلك تحقيق دفاع جوهري أغفلته محكمة الدرجة الأولى. ولما كان الثابت مما سلف بيانه، أن الطاعن تمسك لدى محكمة أول درجة بسماع أقوال شهود الإثبات في مرحلة المعارضة أمامها، ثم أصر أمام المحكمة الاستئنافية على هذا الطلب، وكان ذلك بقصد مناقشتهم في واقعة تسلمه السند بحالته من المحيل تسديداً لدين له عليه، فسمعت المحكمة بعض هؤلاء الشهود دون البعض الآخر بعد أن كشف الطاعن عن أهمية سماعهم في تحقيق ذلك الدفاع الذي قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، ومن ثم يكون الحكم معيباً بما يبطله، ويتعين معه نقضه والإحالة وذلك بغير حاجة بحث سائر ما يثيره الطاعن في أوجه طعنه مع إلزام المطعون ضده المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.