أحكام النقض - المكتب الفني - جنائى
العدد الثالث - السنة 10 - صـ 786

جلسة 12 من أكتوبر سنة 1959

برياسة السيد محمود ابراهيم اسماعيل المستشار, وبحضور السادة: فهيم يسى جندي, وأحمد زكي كامل, ومحمود حلمي خاطر, وعادل يونس المستشارين.

(167)
الطعن رقم 972 لسنة 29 القضائية

إثبات. إعتراف. حكم. ما لا يعيب تسبيبه. الخطأ في تسمية أقوال المتهم اعترافا. متى لا يعيب التسبيب؟
عند عدم اكتفاء المحكمة به والحكم على المتهم دون سماع الشهود.
لا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهم اعترافا طالما أن المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للإعتراف وهو الاكتفاء به والحكم على الطاعن بغير سماع الشهود.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز سلاحا ناريا مششخنا "مسدس" بغير ترخيص. وطلبت إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1/ 1 و26/ 2 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 456 لسنة 1954 والقسم الأول من الجدول (3). ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المواد 17 و55 و56 من قانون العقوبات. بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وأمرت بوقف تنفيذ هذه العقوبة لمدة ثلاث سنوات من يوم صدور الحكم على أن يكون الإيقاف شاملا لجميع الآثار الجنائية المرتبة على هذا الحكم وبمصادرة السلاح المضبوط.
فطعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه بطلان في الإجراءات وإخلال بحق الدفاع, ذلك أنه اعتمد في قضائه بإدانة الطاعن على ما أدلى به رجل البوليس أحمد أحمد المليجي من شهادة مبتسرة دون أن تمكن المحكمة الشاهد أو الدفاع من متابعة أقواله ومناقشتها ودون أن تسمع شهادة الشاهد الآخر اسماعيل خطاب أو أن تتلو شهادته بالجلسة مما يعيب الحكم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله إنه بينما كان البوليس الملكي أحمد أحمد المليجي يمر مع زميله اسماعيل خطاب بشارع السيوفية يوم 22/ 11/ 1957 مساء إذ شاهد المتهم حسن محمد عابدين (الطاعن) جالسا بمقهى فتحي أحمد ويحمل في يده مسدسا فضبطه وما معه وأثناء إحضاره للقسم أخبرهما بأنه عثر عليه بالطريق وكان يريد الإبلاغ, وقد سئل المتهم فأقر بهذه الواقعة وصمم على إقراره هذا بجميع هذا بجميع أدوار التحقيق وأمام المحكمة بجلسة اليوم بأنه وجد المسدس وضبطه معه وادعى بأنه كان يريد الإبلاغ عنه وتسليمه, وتبين أن المسدس من ماركة برتا وصالح للاستعمال وهو مششخن" ثم أورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال رجلي البوليس أحمد أحمد المليجي واسماعيل خطاب ومن اعتراف المتهم (الطاعن) وتقرير الفحص وهى أدلة سائغة مقبولة وتؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك وكان الظاهر من محضر جلسة المحكمة أن المحكمة استمعت إلى شهادة الشاهد أحمد أحمد المليجي في مواجهة الطاعن والمدافع عنه, وأنها أمرت بتلاوة أقوال الشاهد الغائب فتليت, وكان لا يبين من محضر الجلسة أن الطاعن أو المدافع عنه طلب مناقشة الشاهد الذي سمعته المحكمة أو أنها حالت دون ذلك فلا يقبل من الطاعن النعي على المحكمة في هذا الشأن, ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا محل له.
وحيث إن مبنى الوجهين الثاني والثالث من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه انطوى على فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب, ذلك أنه اعتمد في إدانة الطاعن على اعتراف مزعوم له, وواقع الأمر أن محاضر التحقيق والمحاكمة جاءت خلوا من هذا الاعتراف لأن الطاعن لم يقر إلا بواقعة التقاط المسدس المضبوط في الظلام وهو ما لا يعد في ذاته جريمة, وقد دلت ظروف الدعوى على تعذر إدراك الطاعن كنه هذا المسدس وأن نيته قد اتجهت إلى تسليمه إلى البوليس وأيده في ذلك رجلا البوليس وبذلك يكون استدلال الحكم غير سائغ. كما أن الحكم قصر في التدليل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن الذي تمسك في كافة مراحل التحقيق بأن نيته كانت منصرفة إلى تسليم المسدس إلى قسم البوليس ولم يبين الحكم كيف استخلص عناصر هذا القصد والوقائع التي استقرت في وجدان المحكمة للقول بقيامه, كما أنه رد على دفاع الطاعن بما لا يصلح لتفنيده.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أشار في معرض تحصيله لواقعة الدعوى إلى ما دفع به الطاعن من عثوره على المسدس بالطريق وقال "إن المتهم قد قرر بالتحقيقات بأنه يعمل أمينا لمخازن سجن القاهرة, وادعى أنه كان سائرا في الطريق فعثرت رجله بالمسدس فأمسكه ودخل البوفيه ليفحصه وإذ ذاك دخل رجلا البوليس الملكي وأمسكا به وصمم على دفاعه هذا بمحضر جلسة اليوم, وادعى أنه بعد أن وجده دخل المقهى وجلس على الكرسي ليفحصه ثم يبلغ عنه, وتبين من تقرير الفحص أن المسدس ماركة برتا عيار 9 مللي وهو من الأسلحة المششخنة وبحالة جيدة وصالح للاستعمال" ثم رد على هذا الدفاع بقوله: "وحيث إن دفاع المتهم من أنه وجد المسدس في الطريق أمر غير مقبول لأن شخصا ما لا يلقي بمثل المسدس المضبوط وهو بحالة جيدة في عرض الطريق ليجده المتهم ليلا ويظهر أن المتهم لأمر ما في نفسه كان موجودا في المقهى ومعه المسدس وضبطه رجال المباحث, وليس بطبيعي أنه وهو أمين مخازن السجن وعلى صلة بمثل هذه المسائل أن يجد مسدسا فلا يحاول أن يعود لبيته ويضعه فيه حتى يبلغ عنه أو يخفيه أو يذهب فورا للإبلاغ عنه, ولم يكن بحاجة للذهاب إلى المقهى والجلوس فيه حتى يضبط به بما ترى معه المحكمة أن إحرازه للسلاح الناري أمر ثابت قبله..." لما كان ذلك, وكان إقرار الطاعن بالعثور على المسدس المضبوط واتجاه قصده إلى تسليمه إلى البوليس وإن كان لا يعد إعترافا بالجريمة التي دين بها كما هى معرفة به قانونا, إلا أنه يتضمن في ذاته إقرارا بواقعة حمل السلاح وإحرازه, ولا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية هذا الإقرار اعترافا طالما أن المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف وهو الإكتفاء به والحكم على الطاعن بغير سماع الشهود, ولما كان الحكم المطعون فيه قد فند دفاع الطاعن على ما سبق بيانه وأطرحه للأسباب السائغة التي أوردها والتي تؤدي إلى ما رتبه عليها, وكان يكفي لتوافر جريمة إحراز الأسلحة بغير ترخيص مجرد الاستيلاء على السلاح وحيازته عن علم وإدراك. وكان الحكم قد استظهر قيام هذين العنصرين بما تتحقق به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها, وكان لا يشترط التحدث عن القصد الجنائي في هذه الجريمة استقلالا ما دام أنه مستفاد من الحكم. لما كان ذلك فإن الحكم يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.